يتكلّمون في الشّكر.
فقال : يا غلام ما الشّكر.
فقال : أن لا يعص الله بنعمه.
فقال : أخشى أن يكون حظّك من الله لسانك.
قال الجنيد : فلا أزال أبكي على هذه الكلمة الّتي قالها لي (١).
وقال السّلميّ : سمعت جدّي إسماعيل بن نجيد يقول : كان الجنيد ـ يجيء فيفتح حانوته ، ويسبل السّتر ، ويصلّي أربعمائة ركعة (٢).
وعن الجنيد قال : أعلى درجة الكبر أن ترى نفسك ، وأدناها أن تخطر ببالك (٣) ، يعني نفسك.
وقال الجريريّ (٤) : سمعته يقول : ما أخذنا التّصوّف عن القال والقيل ، لكن عن الجوع ، وترك الدّنيا ، وقطع المألوفات (٥).
وذكر أبو جعفر الفرغانيّ أنّه سمع الجنيد يقول : أقلّ ما في الكلام سقوط هيبة الرّبّ جلّ جلاله من القلب ، والقلب إذا عري من الهيبة عري من الإيمان.
ويقال : كان نقش خاتمه : إن كنت تأمله فلا تأمنه.
وقال : من خالفت إشارته معاملته فهو مدّع كذّاب.
وقال أبو عليّ الرّوذباريّ : قال الجنيد : سألت الله أن لا يعذّبني بكلامي ،
__________________
(١) تاريخ بغداد ٧ / ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، صفة الصفوة ٢ / ٤١٧ ، طبقات الأولياء ١٢٧ ، طبقات الشافعية للسبكي ٢ / ٣١ ، ٣٢.
(٢) تاريخ بغداد ٧ / ٢٤٥ ، صفة الصفوة ٢ / ٤١٧ ، ٤١٨ ، الرسالة القشيرية ١٩ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢ / ٢٩.
(٣) حلية الأولياء ١٠ / ٢٧٣ ، تاريخ بغداد ٧ / ٢٤٥.
(٤) في الأصل : الجوهري ، وفي تاريخ بغداد : «الحريري» ، والمثبت عن طبقات الصوفية للسلمي ، وحلية الأولياء.
(٥) وتتمّة قوله : «والمستحسنات ، لأنّ التصوّف هو صفاء المعاملة مع الله ، وأصله التعزّف عن الدنيا ، كما قال حارثة : عزفت نفسي عن الدنيا ، فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري».
(طبقات الصوفية للسلمي ١٥٨ رقم ٧ ، حلية الأولياء ١٠ / ٢٧٧ ، ٢٧٨ ، تاريخ بغداد ٧ / ٢٤٦ ، الرسالة القشيرية ١٩).