فعل. قال أبو جعفر : إلّا أن الجازم عند الجميع لم ولذلك حذفت النون. (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ومن أسكن الهاء قال : الضمة ثقيلة وقد اتصل الكلام بما قبله.

(ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (٤)

(ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) أي ذلك الذي أعطيه هؤلاء تفضل من الله جلّ وعزّ يؤتيه من يشاء. (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) أي لا يذمّ في صرف من صرفه عنه ، لأنه لم يمنعه حقّا له قبله ولا ظلمه بمنعه إياه ولكنه علم أن غيره أولى به منه فصرفه إليه.

(مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٥)

(مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ) أي حملوا القيام بها والانتهاء إلى ما فيها. (ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها) أي لم يفعلوا ذلك (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) «يحمل» في موضع نصب على الحال أي حاملا فإن قيل : فكيف جاز هذا ولا يقال : جاءني غلام هند مسرعة؟ فالجواب أنّ المعنى مثلهم مثل الّذين حملوا التوراة ، وزعم الكوفيون أنّ يحمل صلة للحمار ، لأنه بمنزلة النكرة وهم يسمون نعت النكرة صلة ثمّ نقضوا هذا فقالوا : المعنى كمثل الحمار حاملا أسفارا. (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ) أي هذا المثل ثم حذف هذا ، لأنه قد تقدم ذكره. (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) المعنى لا يوفقّهم ولا يرشدهم إذ كان في علمه أنّهم لا يؤمنون ، وقيل : لا يهديهم إلى الثواب.

(قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٦)

(قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا) يقال : هاد يهود إذا تاب وإذا رجع. (إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ) أي سواكم (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي إن كنتم صادقين أنكم أولياء فإنه لا يعذّب أولياءه فتمنّوه لتستريحوا من كرب الدنيا وهمّها وغمّها وتصيروا إلى روح الجنة.

(وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (٧)

(وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً) فكان حقا كما قال جلّ وعزّ وكفّوا عن ذلك. (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) أي من الآثام. (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) أي ذو علم بمن ظلم نفسه فأوبقها وأهلكها بالكفر.

(قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٨)