القبر أي جعلت فيه لحدا وألحدت الميّت ألزمته اللحد. (وَهذا لِسانٌ) قيل : يعني القرآن ، سمّاه لسانا اتّساعا ، كما يقال : فلان يتكلّم بلسان العرب أي بلغتها وكذا اللسان الذي يلحدون إليه أي كلامه وعلى هذا تسمّى الرسالة لسانا ، كما قال : [الوافر]

٢٦٥ ـ لسان السّوء تهديها إلينا (١)

(مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١٠٦)

(مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ مَنْ) في موضع رفع على البدل من «الكاذبين». (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ) في موضع نصب على الاستثناء. والمعنى ـ والله أعلم ـ إلّا من أكره. فله أن يقول ما ظاهره الكذب والكفر ولا يعتقده ، ولا يجوز له أن يكذب كذبا صراحا بوجه ، وإنما يقول : فلان كذّاب على قولهم أو يعني به غير النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ممن هو كاذب لأن الكذب قبيح فلا يجوز أن يأذن الله فيه بحال ، والدليل على قبحه أن قائله لا يوثق بخبره (وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) ابتداء وخبر ، وهو تبيين ما تقدّم. (مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ) مبتدأ. (فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ) في موضع الخبر.

(ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (١٠٧)

(اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ) قال الخليل رحمه‌الله (لا جَرَمَ) لا تكون إلّا جوابا. قال أبو جعفر : وقد ذكرناه (٢).

(ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (١١٠)

(مِنْ بَعْدِها) أي من بعد الفتنة.

(يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (١١١)

(يَوْمَ تَأْتِي) في موضع نصب أي غفور رحيم يوم تأتي كلّ نفس ، ويجوز أن يكون بمعنى : واذكر يوم تأتي كلّ نفس.

__________________

(١) الشاهد بلا نسبة في جواهر الأدب ١٢٥ ، والجنى الداني ٩٤ ، والدرر ١ / ٢٤٠ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٥٠٦ ، ومغني اللبيب ١ / ١٨٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٧٧ ، وعجزه :

«وحنت وما حسبتك أن تحينا»

(٢) مرّ في إعراب الآية ٢٢ ـ هود.