(سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) (١٠)

(سَواءٌ مِنْكُمْ) مرفوع ينوى به التأخير. قال أبو إسحاق : والتقدير : ذو سواء ، كما يقال : رجل عدل ، وقيل : سواء بمعنى مستو وهو مرفوع بالابتداء. قال أبو إسحاق : ولا يجوز عند سيبويه هذا لأنه لا يبتدأ بنكرة. قال أبو جعفر : والمعنى أنه يستوي عند الله جلّ وعزّ هؤلاء وعلمه بهم واحد ، وقال حسان : [الوافر]

٢٤٣ ـ فمن يهجو رسول الله منكم

ويمدحه وينصره سواء (١)

أي بمنزلته عند الله جلّ وعزّ.

(لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وال) (١١)

(لَهُ مُعَقِّباتٌ) جمع معقّبة والهاء للمبالغة ولهذا جاز (يَحْفَظُونَهُ) على التذكير (مِنْ أَمْرِ اللهِ) أي حفظهم إياه من أمر الله جلّ وعزّ ؛ أمرهم أن يحفظوه مما لم يقدر عليه وقيل المعنى أن المعقبات من أمر الله جلّ وعزّ وهذان الجوابان على قول من قال : أنّ المعقّبات الملائكة وأما من قال : أن المعقّبات الشّرط فالمعنى عنده : يحفظونه من أمر الله على قولهم. (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) فيه قولان : أحدهما أن المعنى : إن الله لا يغيّر ما بإنسان من نعمة وكرامة ابتدأ بها بأن يعاقبه أو يعذبه إلا أن يغيّر ما بنفسه ، والقول الآخر : إن الله جلّ وعزّ لا يغيّر ما بقوم مؤمنين صالحين فيسميهم كافرين فاسقين إلا أن يفعلوا ما يوجب ذلك ولا يأمر بإذلالهم إلّا أن يغيّروا ما بأنفسهم : (وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ) فحذّرهم الله جلّ وعزّ بعد أن أعلم أنّه يعلم سرائرهم وما يخفون. (وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) أي من وليّ ينصرهم ويمنع منهم.

(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) (١٢)

(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ) ابتداء وخبر. (خَوْفاً وَطَمَعاً) على المصدر. وقول أهل التفسير خوفا للمسافر وطمعا للحاضر على الأكثر. وحقيقته على العموم لكلّ من خاف أو طمع (وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) جمع سحابة فلهذا نعت بالثقال.

(وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) (١٣)

(وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ) أهل التفسير يقولون : الرّعد اسم ملك فهذا حقيقة ،

__________________

(١) الشاهد لحسان بن ثابت في ديوانه ٧٦ ، وتذكرة النحاة ص ٧٠ ، والدرر ١ / ٢٩٦ ، ومغني اللبيب ٦٢٥ ، والمقتضب ٢ / ١٣٧ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ص ٨٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٨.