الباحث الانجليزي المعروف الكابتن سادلير (Sadleir) (١) الذي درس شبه جزيرة العرب من الصلصال الخالص أو من الصلصال المختلط بالحصباء باستثناء المناطق التي تسود فيها الرمال أو الأحجار. وربما استطاعت تربة الحسا الصلصالية، بوجود الارواء الجيد، أن تؤمن للمزارع، مثل العراق العربي، ليس فقط محصولاً شتوياً فحسب وإنما صيفياً أيضاً لو بذل العرب اهتماماً أكبر للمحافظة على المياه الثمينة التي تكون الآن مستنقعات في شمال مدينة الهفوف وشرقها.

ومناخ الهفوف يشبه نظيره في بغداد مع اختلاف واحد هو أن حرارة الصيف هناك أعلى بكثير والليالي التي لا تختلف عن النهار بشدة حرارتها لا تنعش الأحياء التي أعياها القيظ كما هي الحالة في مدينة الخلفاء. أما القطيف بمناخها الخانق المشبع بالأبخرة المتصاعدة من المستنقعات والخليج فيمكن اعتبارها مشابهة للبصرة، وتزيد من شبهها بهذه الأخيرة الحميات التي تجتاح القطيف والتي تذهب سنوياً بالكثير من الضحايا من بين أفراد الحامية التركية المرابطة في المدينة التي اعتاد ضباطها ومراتبها الدنيا النظر إلى وجودهم هناك على أنّه نفي لهم. وينعكس مناخ القطيف غير الصحي بشكل مضر أيضاً على الأهالي الذين يتميزون حتى بالقياس على سكان ضفاف الخليج المرضى المنهكين، بضعف بناء أجسامهم وصفرة امتقاع وجوههم.

ويتفوق سنجق نجد على العراق الجنوبي في قلة أمطاره ذلك إن فصل الأمطار الذي يأتي متوافقاً مع الرياح الجنوبية الشرقية والذي يمتد من شهر كانون الأول لغاية آذار يكون فيه أقصر بكثير منه في العراق

______________________

(١) R. R. Chesney: Cit Vol. II. P. ٥٨٠ FF.