سورة يوسف
١٢
أول السورة التي يذكر فيها يوسف عليه الصلاة والسلام
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
قوله عز وجل : (الر) آية ١
[١١٣١٢] حدثنا أبى ، ثنا أبو غسان ، ثنا شريك ، ثنا عطاء بن السائب ، قال شريك : لا أراه إلا ، عن أبى الضحى يعني : مسلم بن صبيح ، عن ابن عباس (الر) قال : أنا الله أرى وروى ، عن الضحاك مثله.
الوجه الثاني :
[١١٣١٣] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا هدبة بن عبد الوهاب ، ثنا علي بن الحسين بن واقد ، عن أبيه ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس (الر) : حروف الرحمن مفرقة ، فحدثت به الأعمش فقال : عندك مثل هذا ولا تخبرناه؟
[١١٣١٤] حدثنا الحجاج بن حمزة ، ثنا يحيي بن آدم ، ثنا مندل العنزي ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير أنه قال : (الر) و (حم) و (ن) هو الرحمن مقطع ـ وروى عن سالم بن عبد الله مثله.
والوجه الثالث :
[١١٣١٥] حدثنا أبي ، ثنا محمد بن عبد الأعلى ، ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال : (الر) اسم من أسماء القرآن.
والوجه الرابع :
[١١٣١٦] حدثنا أبي ، ثنا عثمان ، ثنا يحيي بن أبى زائدة ، قال ابن جريج : قال مجاهد : (الر) قال : هذا فواتح يفتتح الله بها القرآن ، قال : قلت : ألم تكن تقول هي أسماء؟ قال : لا
قوله تعالى : (تِلْكَ آياتُ)
[١١٣١٧] حدثنا أبو بكر بن أبي موسى ، ثنا هارون بن حاتم ، ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد ، ثنا أسباط ، عن السدى ، عن أبى مالك ، قوله : (تِلْكَ) يعني : هذه.
قوله تعالى : (الْكِتابِ)
[١١٣١٨] حدثنا الحسن بن محمد الصباح ، ثنا أسباط بن محمد ، عن أبى بكر الهذلي ، عن الحسن في قول الله : (الْكِتابِ) قال : القرآن ـ وروى عن عطية ، عن ابن عباس ، نحو ذلك.
قوله تعالى : (الْمُبِينِ)
[١١٣١٩] حدثنا علي بن الحسن الهسنجاني ، ثنا أبو الجماهر ، ثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، قوله : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) أي : والله المبين بركته وهداه ، ورشده.
قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ)
[١١٣٢٠] حدثنا أبي ، ثنا عبد الله بن رجاء ، أنا عمران أبو العوام القطان ، عن قتادة ، عن أبى المليح ، عن واثلة بن الأسقع : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان (١).
قوله تعالى : (قُرْآناً عَرَبِيًّا) آية ٢
[١١٣٢١] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا عبد الرحيم الرزيقي ، ثنا زيد بن الحباب ، حدثني سيف بن سليمان قال : سمعت مجاهدا يقول : نزل القرآن بلسان قريش ، وهو كلامهم.
قوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
[١١٣٢٢] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيي بن عبد الله بن بكير ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قوله : (لَعَلَّكُمْ) يعني : لكي.
قوله تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) الآية ٣
[١١٣٢٣] حدثنا أبو يحيي : محمد بن سعيد بن غالب العطار ، ثنا عمرو بن محمد العنقزي ، ثنا خلاد وهو ابن مسلم الصفار ، عن عمرو بن قيس الملائي ، عن عمرو بن مرة ، عن مصعب بن سعد ، عن سعد قال : نزل على رسول الله صلى الله عليه
__________________
(١) مسند الإمام أحمد ٤ / ١٠٧
وسلم القرآن ، فتلاه عليهم زمانا فقالوا : يا رسول الله ، لو قصصت علينا ، فأنزل الله : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) إلى قوله : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) فتلاه عليهم زمانا (١).
[١١٣٢٤] حدثنا أبي ، ثنا إسماعيل بن الخليل ، ثنا علي بن مسهر ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن خليفة بن قيس ، عن خالد بن عرفطة قال : كنت عند عمر ابن الخطاب إذ أتى برجل من عبد القيس ، مسكنه بالسوس ، فقال له عمر : أنت فلان ابن فلان العبدي؟ قال : نعم ، قال : وأنت النازل بالسوس ، فضربه بقناة معه فقال العبدي : مالي؟ فقرأ عليه : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) إلى قوله : (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) فقرأها عليه ثلاث مرات فضربه ثلاث مرات ، ثم قال له عمر : أنت الذي انتسخت كتاب دانيال؟ قال : نعم. قال : اذهب فامحه بالحميم والصوف الأبيض ، ولا تقرأه ولا تقرئه أحدا من الناس (٢).
[١١٣٢٥] حدثنا أبى ، ثنا محمد بن أبى عمر العدني ، ثنا سفيان ، عن المسعودي ، عن القاسم قال : مل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا : حدثنا يا رسول الله ، فأنزل الله : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) (٣) ثم ملوا ملة. فقالوا : يا رسول الله : حدثنا فنزلت : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) ثم ملوا ملة ، فقالوا : حدثنا يا رسول الله فأنزل الله : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) (٤).
[١١٣٢٦] حدثنا علي بن الحسن ، ثنا أبو الجماهر ، أنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، قوله : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) قال : في الكتب الماضية وأمور الله السالفة في الأمم (بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ).
قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ)
[١١٣٢٧] وبه ، عن قتادة : (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) أي : من قبل هذا القرآن.
__________________
(١) الحاكم ٢ / ٣٤٥ هذا حديث الاسناد.
(٢) قال ابن كثير : حديث غريب ٤ / ٢٩٧.
(٣) سورة الزمر آية ٢٣.
(٤) سورة الحديد آية ١٦.
قوله تعالى : (إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) (١)
[١١٣٢٨] حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، ثنا أبو أحمد الزبيري ، ثنا سفيان ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قوله : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) قال : كانت رؤيا الأنبياء وحيا.
قوله تعالى : (أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً)
[١١٣٢٩] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا أبو الجماهر ، أنا سعيد بن بشير ، عن قتادة : قوله : (إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) أي : إخوته ، وروى عن السدى ، مثل ذلك.
[١١٣٣٠] حدثنا أبو يزيد القراطيسي ، فيما كتب إلى ، ثنا أصبغ بن الفرج قال : سمعت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) قال : أبواه وإخوته فبغاه إخوته ، وكانوا أنبياء (١) ، فقالوا : ما رضى أن يسجد له إخوته ، حتى سجد له أبواه ، حين بلغهم.
قوله تعالى : (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ)
[١١٣٣١] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا أبو الجماهر ، ثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، قوله : (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) قال : والشمس : يعقوب ، والقمر ، أم يوسف ، راحيل (رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) وروى ، عن السدى مثل ذلك.
[١١٣٣٢] قال الحسن بن عرفة ، ثنا الحكم بن ظهير ، عن السدى ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن جابر بن عبد الله قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، رجل من اليهود ، يقال له : بستاني ، فقال : يا محمد أخبرني ، عن الكواكب التي رآها يوسف أنها ساجدة له ما أسماؤها؟ فلم يجبه نبي الله صلى الله عليه وسلم بشيء ، ونزل جبريل عليه السلام فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأسمائها ، قال : فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى بستاني ، فلما جاء ، قال له : هل أنت مؤمن إن أخبرتك بأسمائها؟ قال : نعم. قال : جربان وطارق والذيال وذو الكتفين وقابس
__________________
(١) قال ابن كثير : ذهب طائفة من العلماء إلى أنه لم يكن فيهم نبي غيره وباقي إخوته لم يوح إليهم ـ انظر قصص الأنبياء ١ / ٢٧٠
ودثاب وعمودان والفليق والمصبح والضروح وذو الفرع والضياء والنور رآها ساجدة له في أفق السماء ، فلما قصها يوسف على يعقوب. قال يعقوب : هذا أمر مشتت يجمعه الله من بعد. قال : يقول بستاني : إي والله هذه لأسماؤها (١).
قوله تعالى : (قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً)
[١١٣٣٣] حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، ثنا الحسين بن علي بن مهران ، ثنا عامر بن الفرات ، ثنا أسباط ، عن السدى ، قال : فكان الغلامان يوسف وبنيامين في حجر يعقوب ، أحبهما وعطف عليهما ليتمهما من أمهما ، وكان أحب الخلق إليه يوسف ، فلما قدموا نحو الشام قال يعقوب لرعاته وغلمانه : إن أتاكم أحد يسألكم : من أنتم فقولوا : نحن ليعقوب عبد عيصا فلقيهم عيصا فقال : من أنتم؟ فقالوا نحن ليعقوب عبد عيصا ، قال : فكف ، عن يعقوب ، فذلك حين قال : وإذ غلبتني على الدعوة فلا تغلبني على القبر ، فنزل يعقوب الشام فكان ليس له هم إلا يوسف وأخوه فحسده إخوته مما رأوا ، من حب أبيه له ورأى يوسف في النوم رؤيا أن : (أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) فحدث أباه بها فقال له يعقوب (يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً) فبلغ إخوة يوسف الرؤيا فحسدوه (٢).
[١٠٣٣٤] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ، ثنا عبد الرحمن بن سلمة ، ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق : يقول الله عز وجل في كتابه ، لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وهو يذكر له خبر يوسف وإخوته : (إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) الآية ، فعرف يعقوب تأويلها ، وخشي عليه بغي إخوته فيما عرف من التأويل أن الشمس والقمر والأحد عشر كوكبا أبوه وأمه وإخوته ، فقال : (يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ).
[١١٣٣٥] حدثنا محمد بن يحيي ، أنا العباس بن الوليد النرسي ، ثنا يزيد بن
__________________
(١) الحاكم ٤ / ٣٩٦.
(٢) الحاكم ٢ / ٥٧٠.
زريع ، عن سعيد ، عن قتادة قوله : (إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) قال : عادوه ، فإنه يحق على كل مسلم عداوته ، وعداوته ، أن تعاديه بطاعة الله.
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ) آية ٦
[١١٣٣٦] حدثنا أبو بكر بن أبى موسى ، ثنا هارون بن حاتم ، ثنا عبد الرحمن بن أبى حماد ، ثنا أسباط ، عن السدى ، عن أبى مالك ، قوله : (وَكَذلِكَ) يعني : هكذا.
قوله تعالى : (يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ)
[١١٣٣٧] حدثنا أبو زرعة ، ثنا صفوان ، ثنا الوليد ، ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : (وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ) قال : يصطفيك بتأويل الأحاديث. قال أبو محمد : ليس عند أبى الجماهر.
[١١٣٣٨] حدثنا أبى ، ثنا هشام بن خالد ، عن شعيب بن إسحاق ، عن ابن أبى عروبة ، عن قتادة : (اجْتَباهُ) : اصطفاه.
قوله تعالى : (وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ)
[١١٣٣٩] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبى نجيح ، عن مجاهد (١) ، قوله : (مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) قال : عبارة الرؤيا.
[١١٣٤٠] حدثنا أبى ، ثنا هشام بن خالد ، ثنا شعيب ، ثنا ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، قوله : (وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) ففعل وعلمه من عبر الأحاديث ، وهي : تأويل الأحاديث.
[١١٣٤١] أخبرنا أبو يزيد القراطيسي ، فيما كتب إلى ، أنا أصبغ بن الفرج قال : سمعت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يقول في قوله تعالى : (وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) قال : تأويل الكلام : العلم والحكم ، وكان يوسف أعبر الناس ، وقرأ : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً).
__________________
(١) التفسير ١ / ٣١٣.
قوله تعالى : (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ)
[١١٣٤٢] حدثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا حماد ، عن داود بن أبى هند عن سعيد بن جبير في قوله : (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) قال : من تمام النعمة ، دخول الجنة أن الله لم يتم على أحد نعمه فيدخله النار.
قوله تعالى : (كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
[١١٣٤٣] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا زنيج ، ثنا سلمة ، ثنا محمد بن إسحاق ، قوله : (عَلِيمٌ) أي : عليم بما تخفون.
[١١٣٤٤] حدثنا عصام بن رواد ، ثنا آدم أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبى العالية في قوله : (حَكِيمٌ) قال : حكيم في أمره.
[١١٣٤٥] حدثنا محمد بن يحيي ، أنا أبو غسان ، ثنا سلمة ، ثنا محمد بن إسحاق ، قوله : (حَكِيمٌ) ، في عذره وحجته إلى عباده.
قوله تعالى : (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ) آية ٧
[١١٣٤٦] ذكر ، عن يحيي بن راشد ، ثنا صفوان بن عيسى ، ثنا عثمان بن سعد ، عن الحسن : (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ) قال : عبر.
قوله تعالى : (لِلسَّائِلِينَ)
[١١٣٤٧] حدثنا أبي ، ثنا هشام بن خالد ، ثنا شعيب بن إسحاق ، ثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة قوله : (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ) يقول : من سأل ، عن ذلك فهو هكذا ما قص الله عليكم وأنبأكم به.
قوله تعالى : (إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا) آية ٨
[١١٣٤٨] حدثنا عبد الله بن سليمان ، ثنا الحسين بن علي ، ثنا عامر بن الفرات ، ثنا أسباط ، عن السدى ، قوله : (إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا) وأخوه : بنيامين.
[١١٣٤٩] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا محمد بن عيسى الدامغاني ، ثنا عمرو بن
حمران ، عن سعيد ، عن قتادة : (إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ) يعني : بنيامين ، وهو أخو يوسف لأبيه وأمه.
قوله تعالى : (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ)
[١١٣٥٠] حدثنا أبى ، ثنا هشام بن خالد ، ثنا شعيب بن إسحاق ، ثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة قوله : (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) قال : العصبة ، ما بين العشرة إلى الأربعين ، وروى ، عن أبي المليح مثل ذلك.
[١١٣٥١] حدثنا عبد الله بن سليمان ، ثنا الحسين بن علي ، ثنا عامر بن الفرات ، عن أسباط ، عن السدى (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) قال : كانوا عشرة.
والوجه الثاني :
[١١٣٥٢] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا سلمة بن الفضل ، ثنا حجاج ، عن الحكم قال : العصبة : أربعون رجلا.
والوجه الثالث :
[١١٣٥٣] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا سعيد بن الربيع ، ثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير قال : قلت : كم العصبة؟ قال : ستة أو سبعة.
[١١٣٥٤] أخبرنا أبو يزيد القراطيسي فيما كتب إلى ، ثنا أصبغ بن الفرج قال : سمعت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قول الله تعالى : (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) قال : العصبة : الجماعة.
قوله تعالى : (إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)
[١١٣٥٥] حدثنا عبد الله ، ثنا الحسين ، ثنا عامر ، ثنا أسباط ، عن السدى (إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) قالوا في ضلال من أمرنا.
قوله تعالى : (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ) الآية ٩
[١١٣٥٦] حدثنا عبد الله ، ثنا الحسين ، ثنا عامر ، ثنا أسباط ، عن السدى في قوله : (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ) يقول : تتوبون مما صنعتم به.
قوله تعالى : (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ) آية ١٠
[١١٣٥٧] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا أبو الجماهر ، ثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، قوله : (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ) قال : كنا نحدث أنه روبيل ، وهو أكبر إخوته وهو ابن خالة يوسف.
والوجه الثاني :
[١١٣٥٨] حدثنا عبد الله ، ثنا الحسين ، أنا عامر ، عن أسباط ، عن السدى (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ) وهو : يهوذا.
والوجه الثالث :
[١١٣٥٩] حدثنا أبى ، ثنا ابن أبى عمر ، ثنا سفيان ، عن رجل ، عن مجاهد قال أبى : وفي كتاب غيري ، عن ابن جريج ، عن مجاهد (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ) قال : هو شمعون.
[١١٣٦٠] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا عبد الرحمن بن سلمة ، ثنا سلمة بن الفضل ، قال قال محمد بن إسحاق : (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ) فذكروا والله أعلم أن الذي قال ذلك منهم روبيل الأكبر من بني يعقوب ، وكان أقصدهم فيه رأيا. وكل قد عظم فيه جرمه ، وكان أيسرهم جرما ، وكفى بجرمه جرما لما اجتمعوا عليه من قطيعة الرحم ، وعقوق الوالد وقلة الرأفة بالصغير الضرع ، الذي لا ذنب له وبالكبير الفاني ذي الحق والحرمة والفضل عليهم ، وخطره عند الله مع حق الوالد على ولده ـ ليفرقوا بينه وبين ولده وحبيبه على كبر سنه ، ورقة عظمه ، مع مكانه من الله وبين من أحبه طفلا صغيرا على ضعف قوته ، وصغر سنه وحاجته إلى لطف والده ، وسكونه إليه يغفر الله لهم ، (وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ، فقد احتملوا أمرا عظيما.
قوله تعالى : (وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ)
[١١٣٦١] أخبرنا محمد بن سعد فيما كتب إلي ، حدثنا أبى ، حدثني عمي ، حدثني أبى ، عن أبيه ، عن ابن عباس في قوله : (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ) يعني : الركية.
[١١٣٦٢] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا أبو الجماهر ، أنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، قوله : (وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ) : في بعض نواحيه أسفله.
[١١٣٦٣] حدثنا أبى ، ثنا محمد بن عبد الأعلى ، ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة في قوله : (فِي غَيابَتِ الْجُبِ) قال : بئر ببيت المقدس.
[١١٣٦٤] حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أنا ابن وهب ، أخبرنى ابن زيد قال : الجب الذي جعل فيه يوسف بحذاء طبرية بينه وبينها أميال.
[١١٣٦٥] حدثنا أبى ، ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، ثنا أبو بكر بن عياش ، قال : كان يوسف في الجب ثلاثة أيام.
قوله تعالى : (يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ)
قوله تعالى : (قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ) آية ١١
[١١٣٦٦] حدثنا عبد الله بن سليمان ، ثنا الحسين بن علي ، ثنا عامر بن الفرات ، عن أسباط ، عن السدى : فلما أجمعوا أمرهم على ذلك ، أتوا أباهم فقالوا : (يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ).
قوله تعالى : (أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً) آية ١٢
[١١٣٦٧] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا شيبان ، ثنا قزعة بن سويد ، عن مطرف الشقري أن يعقوب لما أرسل ابنه مع بنيه قال : اللهم صافحهم بيمين الرحمة.
[١١٣٦٨] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا محمد بن عيسى ، ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، فلم يزالوا يأتونه حتى أرسله معهم على وجل وتخوف ، فذكر لي أنه لما أرسله معهم دعاه حين أرادوا الذهاب به ، فضمه إليه ثم دعا له ، وقال : اللهم اجعل دعائي جنة مما أتخوف عليه.
قوله تعالى : (يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)
[١١٣٦٩] حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري ، ثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن مجاهد في قوله : نرتع ونلعب قال : نتحارس ونتكالأ ، يحفظ بعضنا بعضا وربما قال : يكلأ بعضنا بعضا.
[١١٣٧٠] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن أبي يحيي ، عن مجاهد نرتع ونلعب قال : ننشط ونلعب.
[١١٣٧١] حدثنا أبى ، ثنا محمد بن عبد الأعلى ، ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : (يَرْتَعْ) قال : يسعى ويلهو ـ وروى ، عن مقاتل بن حيان ، قال : يلهو ويلعب.
[١١٣٧٢] أخبرنا أبو يزيد القراطيسي فيما كتب إلى ، أنا أصبغ بن الفرج قال : سمعت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قول الله : (أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ) قال : يرعى غنمه ، وينظر ، ويعقل ، ويعرف ما يعرف الرجال.
قوله تعالى : (قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ) إلى قوله : (غافِلُونَ) آية ١٣
[١١٣٧٣] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ، ثنا عبد الرحمن بن سلمة ، ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق : (قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ) فلم يزالوا يأتونه حتى أرسله معهم دعاه حين أرادوا الذهاب به فضمه إليه ودعا له.
[١١٣٧٤] حدثنا أبى ، ثنا أبو ذر محمد بن ثابت بن مهران ، ثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن عمران بن حدير ، عن أبى مجلز قال : لا ينبغي لأحد أن يلقن ابنه الشر ، فإن بني يعقوب لم يدروا أن الذئب يأكل الناس ، حتى قال لهم أبوهم : إني (أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ).
قوله تعالى : (قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) آية ١٤
[١١٣٧٥] حدثنا عبد الله بن سليمان ، ثنا الحسين بن علي ، ثنا عامر بن الفرات ، ثنا أسباط ، عن السدى : قال : لن أرسله معكم ، (أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) (... قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ) ، فأرسله معهم.
قوله تعالى : (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا)
[١١٣٧٦] وبه ، عن السدى قوله : (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ) ، أخرجوه وبه عليهم كرامة ،
فلما خرجوا به إلى البرية أظهروا به ، فلما أخرجوه ، وبه عليهم كرامة ، فلما خرجوا به إلى البرية ، أظهروا له العداوة ، فجعل يضربه أحدهم فيستغيث بالآخر فيضربه ، فجعل لا يرى منهم رحيما فضربوه حتى كادوا يقتلونه ، فجعل يصيح ، يا أبتاه يا يعقوب ، لو تعلم ما صنع بابنك بنو الإماء ، فلما كادوا أن يقتلوه قال يهوذا : أليس قد أعطيتموني موثقا ألا تقتلوه ، فانطلقوا به إلى الجب ليطرحوا فيه فجعلوا يدلونه في البئر فيتعلق بشفة البئر فربطوا يديه ونزعوا قميصه فقال : يا إخوتاه ، ذروا على قميصي أتوارى به في الجب ، قالوا له : ادع الأحد عشر كوكبا والشمس والقمر يؤنسوك ، قال : فإني لم أر شيئا فدلوه في البئر ، حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إرادة أن يموت فكان في البئر ماء فسقط فيه فلم يضره ، ثم أوى إلى صخرة في البئر فقام عليها فجعل يبكي فناداه إخوته فظن أنها رحمة أدركتهم ، فأجابهم فأرادوا أن يرضخوه ، بصخرة فقام يهوذا فمنعهم وقال : قد أعطيتموني موثقا ألا تقتلوه ، فكان يهوذا يأتيه بالطعام.
قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) آية ١٥
[١١٣٧٧] حدثنا علي بن الحسن ، ثنا أبو الجماهر ، ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا) قال : أوحى الله إليه وحيا وهو في الجب ، فهون ذلك الوحي عليه ما صنع به.
[١١٣٧٨] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا يحيي بن خلف ، ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ابن ميمون ، عن ابن أبى نجيح ، عن مجاهد (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ) قال : إلى يوسف.
[١١٣٧٩] حدثنا أبى ، ثنا هشام بن خالد ، ثنا شعيب بن إسحاق ، ثنا ابن أبى عروبة ، عن قتادة (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا) أتاه الوحي من الله ، وهو في البئر بما يريدوا أن يفعلوا به ، (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بما أطلع الله عليه رسوله من أمرهم.
[١١٣٨٠] ذكره أبى ، عن أبى حذيفة ، عن شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ) إلى يوسف : لتنبئن إخوتك.
قوله تعالى : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)
[١١٣٨١] حدثنا علي بن الحين ، ثنا محمد بن أبى حماد ، ثنا كنانة ، ثنا إبراهيم
ابن طهمان ، عن عياد بن إسحاق ، عن ابن الحويرث وهو ابو الحويرث ، عن ابن عباس (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) قال : فلم يعلموا بوحي الله إليه.
[١١٨٢] حدثنا علي بن الحسن ، ثنا أبو الجماهر ، ثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أي إخوته.
قوله (وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ)
[١١٣٨٤] ذكر ، عن أبى سعيد الأشج قال : سمعت أبا بكر بن عياش يذكر ، عن جراد الضبي قال : انتهيت إلى الحسن وهو يقص وهو يقول : آتوا أباهم كذبة آثمة.
[١١٣٨٥] حدثنا عبد الله بن سليمان ، ثنا الحسين بن علي ، ثنا عامر ، عن أسباط ، عن السدى قال : ثم إنهم رجعوا إلى أبيهم فأخذوا جديا من الغنم فذبحوه ، ونضحوا دمه على القميص ، ثم أقبلوا على أبيهم (عِشاءً يَبْكُونَ).
[١١٣٨٦] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا عبد الرحمن بن سلمة ، ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق : فلما انطلقت به العير ، وعرف إخوته أن قد ذهب به ، (جاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ).
قوله تعالى : (قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ)
[١١٣٨٧] حدثنا عبد الله بن سليمان ، ثنا الحسين بن علي ، ثنا عامر بن الفرات ، عن أسباط ، عن السدى قال : ثم أقبلوا إلى أبيهم (عِشاءً يَبْكُونَ) ، فلما سمع أصواتهم فزع وقال : يا بني ما لكم؟ هل أصابكم في غنمكم شيء؟ قالوا : لا ، قال : فما فعل يوسف؟ (قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ).
قوله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا)
[١١٣٨٨] وبه ، عن السدى قوله : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) قال : وما أنت بمصدق لنا ، (وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ).
[١١٣٨٩] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا عبد الرحمن بن سلمة ، ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) أي : ما أنت بمصدقنا (وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) وإن كنا قد صدقنا.
قوله تعالى : (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ) آية ١٨
[١١٣٩٠] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو أحمد الزبيري ، عن سفيان ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ) قال : لو كان أكله السبع لخرق قميصه.
[١١٣٩١] حدثنا الحسن بن أبى الربيع ، أنا عبد الرزاق ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : (بِدَمٍ كَذِبٍ) قال : كان دم سخلة ـ وروى ، عن مجاهد أنه قال : سخلة شاة
[١١٣٩٢] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو أسامة أحسبه ، عن سماك ، عن الشعبي قال : كانت في قميص يوسف ثلاث آيات ، حيث جاءوا بقميصه إلى أبيه ، فقالوا : أكله الذئب فقال أبوه : لو أكله الذئب لشق قميصه.
[١١٣٩٣] حدثنا علي بن الحسن ، ثنا أبو الجماهر ، ثنا سعيد ، عن قتادة : قوله : (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ) قال : صادوا ظبيا فذبحوه فلطخوا به القميص ، فجعل يقلب القميص فيقول : ما أرى به أثر ناب ولا ظفر ، إن هذا لسبع رحيم.
[١١٣٩٤] حدثنا عبد الله بن سليمان ، ثنا الحسين بن علي ، ثنا عامر ، عن أسباط ، عن السدى قال : فبكى الشيخ وصاح بأعلى صوته ، ثم قال : أين القميص؟ فجاءوا بقميصه عليه دم كذب فأخذ القميص ، فطرحه على وجهه ، ثم بكى حتى خضب وجهه من دم القميص. ثم قال : إن هذا الذئب يا بني لرحيم ، فكيف أكل لحمه ولم يخرق قميصه؟
قوله تعالى : (قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً)
[١١٣٩٥] حدثنا أبو زرعة ، ثنا منجاب بن الحارث ، أنا بشر بن عمارة ، عن أبى روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قوله : (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) قال : أمرتكم أنفسكم.
[١١٣٩٦] حدثنا علي بن الحسن ، ثنا أبو الجماهر أنا سعيد بن بشير ، عن قتادة قوله : (قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) أي : زينت لكم أنفسكم أمرا (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)
قوله تعالى : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)
[١١٣٩٧] حدثنا أبى ، ثنا ابن الطباع ، ثنا هشيم ، عن عبد الرحمن بن يحيي ، عن حبان بن أبى جبلة قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم ، عن قوله : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) قال : لا شكوى فيه.
[١١٣٩٨] حدثنا عمار بن خالد ، ثنا محمد بن زيد ، عن ورقاء ، عن ابن أبى نجيح ، عن مجاهد (١) في قوله : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) قال : ليس فيه جزع.
[١١٣٩٩] حدثنا أبى ، ثنا ابن الطباع ، ثنا أبو خلف الخزاز ، عن يونس ، عن الحسن ، قال : الصبر الجميل : الذي ليس فوقه جزع إلا إلى الله.
قوله تعالى : (وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ)
[١١٤٠٠] حدثنا علي بن الحسن ، ثنا أبو الجماهر ، ثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، قوله : (وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) أي : تكذبون.
[١١٤٠١] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ، ثنا عبد الرحمن بن سلمة ، ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، قوله : (وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) فعرف ، يعني : يعقوب أن قد كادوه واستعان الله على ما يسمع من قولهم لما بلغ كرب ذلك منه ، فنزل البلاء بيعقوب على كبره بفراق حبيبه ، قد وله (٢) عنه ، لا يدري أحي هو أم ميت؟ ويوسف على صغره وضعفه بلا ذنب أجرمه إلى من صنع ذلك به أكب على يعقوب حزنه ، وانطلق بيوسف في رقه قد أنزله البلاء عبدا ، وهو حر ابن أحرار ، قد أسلمه بغي إخوته عليه إلى ما هو فيه ، وبعين الله ذلك كله يرى ويسمع ، ولو شاء أن يكف ذلك من بغيهم ، عن يوسف في صغره فعل ، وعن يعقوب في كبره فعل ، ولكنه أراد أن يبتليه لينظر كيف عزمه.
قوله تعالى : (وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ) آية ١٩
[١١٤٠٢] حدثنا أبى ، ثنا عبد العزيز بن منيب ، ثنا أبو معاذ النحوي ، عن عبيد بن سليمان ، عن الضحاك ، قوله : (وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ) فنزلوا على الجب والجب : البئر.
__________________
(١) التفسير ١ / ٣١٢.
(٢) آي : تحير.
[١١٤٠٣] حدثنا محمد العباس ، ثنا عبد الرحمن بن سلمة ، ثنا سلمة ، عن محمد ابن إسحاق قال : فلما انتهوا به إلى المكان الذي أرادوا به ما أرادوا ، جردوه من قميصه ، وهو يناشدهم الله ورحمه وقلة ذنبه فيما بينه وبينهم ، فلم تعطفهم عليه عاطفة ، وقذفوه في الجب بغلظة وفظاظة ، وقلة رأفة ، ثم قعدوا فيما بلغني ينظرون بقية يومهم ذلك ما هو صانع في الجب ، أو مصنوع به ، إذ أقبلت سيارة من العرب (فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ).
قوله تعالى : (فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ)
[١١٤٠٤] حدثنا أبي ، ثنا هشام ، ثنا شعيب بن إسحاق ، ثنا ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، قوله : (فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ) يقول : أرسلوا رسولهم.
قوله تعالى : (فَأَدْلى دَلْوَهُ)
[١١٤٠٥] وبه ، عن قتادة قوله : (فَأَدْلى دَلْوَهُ) فلما أدلى دلوه تشبث به الغلام.
[١١٤٠٦] حدثنا أبى ، ثنا عبد العزيز بن منيب ، ثنا أبو معاذ النحوي ، عن عبيد بن سليمان ، عن الضحاك ، قوله : (فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ) فاستقى من الماء ، فاستخرج يوسف.
قوله تعالى : (قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ)
[١١٤٠٧] حدثنا أبو زرعة ، ثنا منجاب ، أنا بشر بن عمارة ، عن أبى روق في قوله : (يا بُشْرى) فيقول : يا بشارة.
[١١٤٠٨] حدثنا أبي ، ثنا هشام بن خالد ، ثنا شعيب بن إسحاق : ثنا ابن أبى عروبة ، عن قتادة ، قوله : (يا بُشْرى هذا غُلامٌ) فلما أدلى دلوه تشبث به الغلام ، فـ (قالَ : يا بُشْرى هذا غُلامٌ) ، تباشروا به حين استخرجوه ، وهي بئر ببيت المقدس ، معلوم مكانها.
الوجه الثاني :
[١١٤٠٩] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا يحيي بن آدم ، ثنا قيس ، عن السدى ، قال : كان اسم صاحبه : يعني قوله : (يا بُشْرى)
[١١٤١٠] حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، ثنا الحسين بن علي ، ثنا عامر ابن الفرات ، ثنا أسباط ، عن السدي قال : (فَأَدْلى دَلْوَهُ) فتعلق يوسف بالحبل ، فخرج فلما رآه صاحب الدلو ، دعا رجلا من أصحابه ، يقال له بشرى ، فـ (قالَ : يا بُشْرى هذا غُلامٌ) فسمع به إخوة يوسف ، فجاءوا فقالوا : هذا عبد لنا أبق ورطنوا له بلسانهم فقالوا : لئن أنكرت أنك عبد لنا لنقتلنك ، أترانا نرجع بك إلى يعقوب وقد أخبرناه أن الذئب قد أكلك؟ قال : يا إخوتاه : ارجعوا بي إلى يعقوب فأنا أضمن لكم رضاه ولا أذكركم هذا أبدا. فأبوا.
فقال الغلام : أنا عبد لهم.
قوله تعالى : (وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً)
[١١٤١١] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابه ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبى نجيح ، عن مجاهد ، (١) قوله : (وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً) صاحب الدلو ومن معه فقالوا لأصحابهم : إنا استبضعناه خيفة أن يستشركوهم فيه ، أن علموا به ، واتبعهم إخوته يقولون للمدلى وأصحابه : استوثقوا منه ، لا يأبقن حتى وافوه بمصر ، فقال : من يبتاعني ويبشر ، فاشتراه الملك ، والملك مسلم.
[١١٤١٢] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو أحمد الزبيري ، عن سفيان ، عن رجل ، عن مجاهد (وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً) قال : أسروه التجار بعضهم ، عن بعض ، قالوا : هو بضاعة (٢).
[١١٤١٣] حدثنا أبى ، ثنا عبيد بن آدم ، حدثنا أبى ، ثنا شيبان ، عن جابر ، عن مجاهد ، قوله : (وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً) يقول : استبضعوه أهل الماء ، وقد باعوه سرا.
[١١٤١٤] أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد قراءة أخبرنى محمد بن شعيب ، أخبرنى عثمان بن عطاء ، عن أبيه عطاء : وأما قوله : (وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً) فدسوه بينهم بيعا سرا.
[١١٤١٥] حدثنا عبد الله بن سليمان ، ثنا الحسين بن علي ، ثنا عامر بن الفرات ، عن أسباط ، عن السدى ، فلما اشتراه الرجلان فرقا من الرفقة أن يقولا : اشتريناه
__________________
(١) التفسير ١ / ٣١٢.
(٢) ابن كثير ٤ / ٣٠٤