تفسير القرآن العظيم - ج ٣

عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم

تفسير القرآن العظيم - ج ٣

المؤلف:

عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم


المحقق: أسعد محمّد الطيّب
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٢

١
٢

قوله تعالى : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ) آية ٩٢

[٣٨٠٨] أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد قراءة ، أخبرنى محمد بن شعيب ، أخبرنى شيبان ، حدثني إسحاق السبيعي ، عن أبيه ، عن أبى عبيدة ، عن أبيه عبد الله (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ) قال : البر : الجنة.

[٣٨٠٩] حدثنا أبى ، ثنا دحيم ، ثنا الوليد ، عن شيبان ، عن عاصم عن زر ، عن عبد الله فذكر مثله. قال أبو محمد : وروى عن عمرو بن ميمون ، والسدى نحو ذلك.

[٣٨١٠] قرأت علي محمد بن الفضل ، ثنا محمد بن علي ، أنبأ محمد بن مزاحم ، عن بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان في قوله : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ) التقوى.

الوجه الثالث :

[٣٨١١] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبى نجيح ، عن مجاهد : قوله : (الْبِرَّ) قال : ما ثبت في القلوب من طاعة الله.

قوله تعالى : (حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)

[٣٨١٢] أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة ، أنبأ وهب أن مالكا أخبره ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة سمع أنس بن مالك يقول : كان أبو طلحة أكثر أنصارى بالمدينة مالا من نخل ، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء ، وكانت مستقبلة المسجد ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب.

قال أنس : فلما نزلت هذه الآية : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : إن الله يقول في كتابه : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وإن أحب أموالي إليّ بيرحاء وإنها صدقه لله أرجو برها وذخرها عند الله ، فضعها يا رسول الله حيث شئت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بخ ذلك مال (رابح) (١) ، وقد سمعت ما قلت فيها ، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين ـ قال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله ، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه.

__________________

(١) في الأصل (رابح) وعند مسلم (رابح) أنظر كتاب الزكاة رقم ٩٨٨.

٣

[٣٨١٣] حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان ، ثنا عثمان ابن عمر ، ثنا مالك يعني : ابن مغول ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، أن ابن عمر كان يصلي فقال : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) فأعتق جارية كان أراد أن يتزوجها

[٣٨١٤] حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، ثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر قال : لما نزلت : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) جاء زيد بفرس له يقال له : سبل ، فقال : هذا يا رسول الله في سبيل الله ، فقال لأسامة : خذها. قال : فكأنه وجد في نفسه ، فقال : قد قبلها الله منك (١).

قوله تعالى : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ)

[٣٨١٥] أخبرنا موسى بن هارون الطوسي فيما كتب إليّ ، ثنا الحسين بن محمد المروذي ، ثنا شيبان بن عبد الرحمن ، عن قتادة قوله : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) يقول محفوظ ذلك لكم والله به عليم شاكر له.

قوله تعالى : (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ)

[٣٨١٦] حدثنا يونس بن حبيب الأصبهاني ، ثنا أبو داود ، ثنا عبد الحميد ابن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، حدثني ابن عباس قال : لما حضرت عصابة من اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ، فقالوا : يا أبا القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنها لا يعلمها إلا نبي ، قال سلوني عم شئتم؟ ولكن اجعلوا ذمة الله وما أخذه يعقوب على بنيه إن أنا حدثتكم بشيء فعرفتموه لتبايعني على الإسلام. فقالوا : فلك ذلك. قال : فسلوني عم شئتم؟ قالوا : أخبرنا عن الطعام الذي (حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ). قال : فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب مرض مرضا شديدا طال سقمه منه ، فنذر لله نذرا لئن شفاه من سقمه ليحرمن من أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه وكان أحب الطعام

__________________

(١) انظر تفسير عبد الرزاق ١ / ١٣١.

٤

إليه لحمان الإبل وأحب الشراب إليه ألبان الإبل ، فقالوا : اللهم نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم أشهد عليهم (١).

الوجه الثاني :

[٣٨١٧] حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان ، ثنا أبو أحمد ثنا عبد الله بن الوليد ، حدثني بكير بن شهاب ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أقبلت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا أبا القاسم إنا نسألك عن خمسة أشياء إن أنبأتنا بهن عرفنا إنك نبي واتبعناك قال : فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه أن قال : (اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ). فقالوا : هاتوا ، فقالوا : أخبرنا (ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ) قال : كان يشتكي عرق النسا ، فلم يجد له شيئا يلائمه إلا ألبان (الأتن) (٢) فحرم لحومها. قالوا : صدقت

والوجه الثالث :

[٣٨١٨] حدثنا أبو الأشج ، ثنا ابن نمير ، عن الأعمش وسفيان عن حبيب بن أبى ثابت ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ) قال :اشتكى عرق النسا ، فبات وبه زقا (٣) حتى أصبح فقال : لئن شفاني الله لا آكل عرقا.

والوجه الرابع :

[٣٨١٩] ذكر عن محمد بن عمرو زنيج ، ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق ، حدثني محمد بن أبى محمد ، عن عكرمة مولى ابن عباس ، أنه كان يقول : الذي (حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ) زائد في الكبد والكليتين والشحم إلا ما كان على الظهر فإن ذلك كان يقرب للقربان فتأكله النار (٤).

والوجه الخامس :

[٣٨٢٠] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن مجاهد : (إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ) قال : حرم الأنعام.

__________________

(١) مسند الإمام أحمد ١ / ٢٤٧.

(٢) كذا في الأصل ولعل الصواب (الإبل) كما في الحديث السابق.

(٣) صياح ـ انظر تفسير عبد الرزاق ١ / ١٣٢.

(٤) الدر ٢ / ٢٦٤.

٥

قوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ)

[٣٨٢١] أخبرنا موسى بن هارون الطوسي فيما كتب إليّ ، ثنا الحسين بن محمد المروذي ، ثنا شيبان ، عن عبد الرحمن ، عن قتادة قوله : (مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) فلما أنزل الله التوراة حرم عليهم فيها ما شاء وحل لهم ما شاء.

قوله تعالى : (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ)

[٣٨٢٢] أخبرنا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إليّ ، حدثني أبى ، حدثني الحسين عمي ، حدثني أبى ، عن جدي عن ابن عباس قال : سأل محمد صلى الله عليه وسلم نفرا من أهل الكتاب فقالوا : ما شأن هذا حرام؟ يعني : العرق فقالوا :علينا حرام من قبل الكتاب فقال الله تعالى : (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)

[٣٨٢٣] أخبرنا علي بن المبارك فيما كتب إليّ ، ثنا زيد بن المبارك ، ثنا ابن ثور ، عن ابن جريج قال : قال ابن عباس : قالت اليهود لمحمد صلى الله عليه وسلم :كان موسى عليه السلام يهوديا على ديننا وجاءنا في التوراة تحريم الشحوم وذي الظفر والسبت. فقال محمد : كذبتم ، لم يكن موسى يهوديا وليس في التوراة إلا الإسلام ويقول الله : (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها) (١) أفيه ذلك وما جاءهم بها أنبياؤهم بعد موسى؟

[٣٨٢٤] حدثنا أبى ، ثنا سليمان بن حرب ، ثنا حماد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : جاء اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهوديين فقالوا : إنهما زنيا فقال : ما تجدون في كتابكم؟ قالوا : نفضحهما. قال : (فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فجاءوا بالتوراة (٢).

قوله تعالى : (فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)

[٣٨٢٥] حدثنا أبى ، ثنا عبد العزيز بن منيب ، ثنا أبو معاذ النحوي ، ثنا عبيد بن

__________________

(١) في الدر (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ٢ / ٢٦٤.

(٢) ذكره البخاري في كتاب التفسير وفيه زيادة عن ما ذكره المصنف.

٦

سليمان ، عن الضحاك في قوله : (فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) قال : وكذبوا وافتروا ولم ينزل التوراة بذلك. قال أبو محمد : يعني بتحريم العروق.

قوله تعالى : (قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ)

[٣٨٢٦] حدثنا أسيد بن عاصم ، ثنا الحسين يعني : ابن حفص ، ثنا سفيان عن ابن أبى ليلى ، عن عبد الله بن أبى مليكة ، عن عبد الله بن عمرو قال : أفاض جبريل بإبراهيم صلى الله عليهما ، فصلى به بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، ثم غدا من منى إلى عرفة فصلى به الصلاتين : الظهر والعصر ، ثم وقف له حتى غابت الشمس ، ثم دفع حتى أتى المزدلفة ، فنزل بها ، فبات وصلى ، ثم صلى كأعجل ما يصلى أحد من المسلمين ، ثم وقف به كأبطأ ما يصلي أحد من المسلمين ، ثم دفع منه إلى منى ، فرمى وذبح ، ثم أوحى الله تعالى إلى محمد (أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).

قوله تعالى : (حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)

قد تقدم تفسيره (١).

قوله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ)

[٣٨٢٧] حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، ثنا سعيد بن سليمان ، ثنا شريك عن مجالد ، عن عامر الشعبي ، عن علي في قوله : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً) قال : كانت البيوت قبله ، ولكن كان أول بيت وضع لعبادة الله (٢).

الوجه الثاني :

[٣٨٢٨] حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم ، ثنا أحمد بن المفضل ، ثنا أسباط ، عن السدى (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) أما أول بيت فإنه يوم كانت الأرض زبدة على البحر ، فلما خلق الله الأرض خلق البيت معها ، فهو أول بيت وضع في الأرض.

__________________

(١) الآية رقم ٦٧.

(٢) قال ابن كثير : الصحيح قول (علي) ٢ / ٦٤.

٧

[٣٨٢٩] حدثنا أبى ، ثنا الحسين بن الربيع ، ثنا أبو الأحوص ، عن سماك بن حرب ، عن خالد بن عرعرة قال : قام رجل إلى علي فقال : ألا تحدثني عن البيت؟أهو أول (بَيْتٍ وُضِعَ)؟ فقال : لا ولكن أول بيت وضع فيه البركة (مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) ، وإن شئت أنبأتك كيف بنى؟ إن الله أوحى إلى إبراهيم عليه السلام ، أن ابن لي بيتا في الأرض فضاق إبراهيم بذلك ذرعا ، فأرسل إليه السكينة وهي ريح خجوج (١) ، لها رأسان ، فاتبع أحدهما صاحبه حتى انتهت الى مكة فتطوقت علي موضع البيت تطوف الحجفة ، وأمر إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة ، وكان يبني هو وابنه ، حتى إذا بلغ مكان الحجر ، قال إبراهيم لابنه : ابغني كما آمرك. قال :فانطلق الغلام يلتمس له حجرا ، فأتاه به فوجده قد ركب الحجر الأسود في مكانه فقال له : يا إبراهيم من أتاك بهذا الحجر؟ قال أتاني من لم يتكل على بنائك ، جاء به جبريل من السماء. قال فبنياه فأتماه (٢).

قوله تعالى : (لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً)

[٣٨٣٠] حدثنا أبو سعيد الأشج وعمرو الأودي قالا : ثنا وكيع ، عن سفيان عن الأسود بن قيس ، عن أخيه ، عن عبد الله بن الزبير قال : إنما سميت بكة لأن الناس يجيئون من كل جانب حجاجا والسياق للأشج. قال أبو محمد : وروى عن مقاتل بن حيان نحو ذلك.

والوجه الثاني :

[٣٨٣١] حدثنا أبو زرعة ، ثنا إبراهيم بن موسى ، أنبأ ابن أبى زائدة أنبأ مسعر قال : سمعت عتبة بن قيس يقول : بكة بكت بكا ، الذكر فيها كالأنثى قلت : عمن تروى هذا؟ فذكر ابن عمر

والوجه الثالث :

[٣٨٣٢] حدثنا محمد بن عمار بن الحارث ، ثنا عبد الرحمن يعني : الدشتكي ، أنبأ عمرو بن أبى قيس ، عن عطاء بن السائب ، عن أبى جعفر محمد ابن علي بن حسين قال : مرت امرأة بين يدي رجل وهو يصلي وهي تطوف بالبيت ، فدفعها ، فقال أبو جعفر : إنها بكة يبك بعضهم بعضا.

__________________

(١) شديدة.

(٢) الحاكم ٢ / ٢٩٣.

٨

[٣٨٣٣] حدثنا جعفر بن منير المدائني ، ثنا عبد الوهاب يعني : ابن عطاء أنبأ سعيد ، عن قتادة في قوله : (لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً) قال : إن الله بكّ به الناس جميعا ، فيصلى النساء أمام الرجال ، ولا يفعل ذلك ببلد غيره. قال أبو محمد وروى عن مجاهد وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، وقتادة ، وعمرو بن شعيب ، ومقاتل بن حيان نحو ذلك.

والوجه الرابع :

[٣٨٣٤] قرئ على بحر بن نصر الخولاني ، ثنا ابن وهب ، حدثني يعقوب الإسكندراني أنه سأل محمد بن زيد بن مهاجر يكتب له في منزل في داره بمكة فكتب إليّ ابن فروخ : إياك أن تكريها ، أو تأكل من خراجها شيئا ، فإنها إنما سميت بكة لأنها كانت تبك الظلمة.

والوجه الخامس :

[٣٨٣٥] ذكر عن حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : مكة من الفج إلى التنعيم ، وبكة من البيت إلى البطحاء.

والوجه السادس :

[٣٨٣٦] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا ابن فضيل ، عن حصين ، عن أبى مالك قال : موضع البيت بكة وما سوى ذلك مكة. قال أبو محمد : وروى عن عطية وإبراهيم النخعي وأبى صالح ، ومقاتل بن حيان نحو ذلك.

والوجه السابع :

[٣٨٣٧] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا خالد بن حيان ، عن جعفر بن برقان عن عكرمة قال : البيت وما حوله بكة ، وما وراء ذلك مكة. قال أبو محمد : وروى عن ميمون بن مهران نحو ذلك.

[٣٨٣٨] حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، ثنا أبو قطن ، ثنا شعبة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم قال : بكة : البيت والمسجد. قال أبو محمد ، وروى عن ابن شهاب مثل ذلك.

٩

قوله تعالى : (مُبارَكاً)

[٣٨٣٩] أخبرنا عمرو بن ثور القيساري فيما كتب إليّ ، ثنا محمد بن يوسف الفريابي ، ثنا إسرائيل ، عن سماك بن حرب ، عن خالد بن عرعرة قال : سأل رجل عليا عن (أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً) قال : هو أول بيت وضع فيه البركة والهدى و (مَقامُ إِبْراهِيمَ).

[٣٨٤٠] قرأت على محمد بن الفضل ، ثنا محمد بن علي ، أنبأ محمد بن مزاحم ، ثنا بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان قوله : (مُبارَكاً) جعلناه آمنا وجعل فيه الخير والبركة.

[٣٨٤١] وبه عن مقاتل بن حيان (وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) يعني بالهدى قبلتهم.

قوله تعالى : (لِلْعالَمِينَ)

[٣٨٤٢] حدثنا أبى ، ثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأ أبو جعفر يعني الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبى العالية العالمين قال : الإنس عالم ، والجن عالم ، وما سوى ذلك ثمانية عشر ألف عالم ، أو أربعة عشر ألف عالم من الملائكة على الأرض ، والأرض أربع زوايا في كل زاوية ثلاثة آلاف عالم وخمسمائة عالم خلقهم لعبادته (١).

الوجه الثاني :

[٣٨٤٣] حدثنا أبى ، ثنا هشام بن خالد ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا الفرات يعني ابن الوليد عن مغيث بن سمي ، عن تبيع في قوله : (لِلْعالَمِينَ) قال : العالمين ألف أمة ستمائة في البحر ، وأربعمائة في البر.

قوله تعالى : (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ)

[٣٨٤٤] أخبرنا محمد بن سعد فيما كتب إليّ ، حدثني أبى ، حدثني عمي الحسين ، حدثني أبى ، عن جدي ، عن ابن عباس في قوله : (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ) والمشعر.

__________________

(١) قال ابن كثير : كلام غريب يحتاج مثله إلى دليل صحيح ١ / ٢٣.

١٠

[٣٨٤٥] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبى نجيح قوله :(فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ) قال : كان مجاهد (١) يقول : أثر قدميه في المقام آية بينة. قال أبو محمد : وروى عن الحسن ، وعمر بن عبد العزيز ، وقتادة ، والسدى ، ومقاتل نحو ذلك.

قوله تعالى : (مَقامُ إِبْراهِيمَ)

[٣٨٤٦] حدثنا محمد بن عبادة بن البختري ، ثنا إسحاق ، ثنا شريك ، عن الحجاج بن أرطأة ، عن مصعب بن شيبة ، عن المغيرة بن خالد قال : سمعت عبد الله بن عمر يقول : أن المقام ياقوتة من ياقوت الجنة محى نوره ، لولا ذلك لأضاء ما بين السماء والأرض ، والركن مثل ذلك.

[٣٨٤٧] حدثنا أبى ، ثنا إبراهيم بن موسى ، أنبأ هشام بن يوسف ، عن ابن جريح ، أخبرنى عطاء بن أبى رباح ، عن ابن عباس قال : فيه آية بينة الآية البينة التي ذكرها هنا فمقامه هذا الذي في المسجد ومقام إبراهيم يعد كبير مقامه الحج كله.

والوجه الثاني :

[٣٨٤٨] حدثنا أبو سعيد الأشج وعمرو الأودي قالا : ثنا وكيع ، عن سفيان عن ابن جريج ، عن عطاء عن ابن عباس في قوله : (مَقامُ إِبْراهِيمَ) قال : مقام إبراهيم : الحرم كله والسياق للأشج ، وفي حديث عمرو : الحج كله مقام إبراهيم ، قال أبو محمد : وروى عن مجاهد نحو ذلك.

والوجه الثالث :

[٣٨٤٩] حدثنا أبى ، ثنا قبيصة ، ثنا سفيان ، عن عبد الله بن مسلم ، عن سعيد بن جبير (مَقامُ إِبْراهِيمَ) قال : الحج مقام إبراهيم.

قوله تعالى : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)

[٣٨٥٠] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو يحيي التيمي ، عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس يعني قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) قال : من عاذ

__________________

(١) التفسير ١ / ١٣٢.

١١

بالبيت أعاذه البيت ، ولكن لا يؤذي ، ولا يطعم ، ولا يسقى ، ولا يدع ، فإذا خرج أخذ بذنبه. قال : وروى عن الحسن نحو ذلك.

والوجه الثاني :

[٣٨٥١] حدثنا الحسن بن أبى الربيع ، أنبأ عبد الرزاق (١) ، أنبأ معمر عن قتادة (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) قال : كان ذلك في الجاهلية فأما اليوم إن سرق فيه أحد قطع ، وإن قتل فيه أحد قتل ، ولو قدر على المشركين فيه قتلوا.

[٣٨٥٢] حدثنا أبى ، ثنا عبيد الله بن معاذ ، ثنا أبى ، ثنا أشعث عن الحسن في قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) قال : كان الرجل في الجاهلية يقتل الرجل فيعلق في رقبته الصوفه ، ثم يدخل الحرم ، فيلقاه ابن المقتول أو أبوه فلا يحركه. قال أبو محمد : وروى عن الربيع بن أنس نحو ذلك.

والوجه الثالث :

[٣٨٥٣] حدثنا الحسين بن الحسن ، ثنا إبراهيم بن عبد الله يعني : الهروي أنبأ حجاج ، عن ابن جريح ، عن مجاهد (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) إلا من : الجوار.

[٣٨٥٤] حدثنا أبى ، ثنا يحيي الحماني ، ثنا خالد بن عبد الله ، عن حميد الأعرج عن مجاهد (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) قال : هو قول الرجل : ادخل وأنت آمن.

والوجه الرابع :

[٣٨٥٥] حدثنا أبى ، ثنا أبو نعيم ، ثنا شريك ، عن جابر ، عن عطاء (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) قال : لا يقام عليه حد أصابه في غيره ، وإن أصاب فيه حدا أقيم عليه.

قال أبو محمد : وروى عن مقاتل بن حيان نحو ذلك.

والوجه الخامس :

[٣٨٥٦] حدثنا أبى ، ثنا بشر بن آدم بن بنت الأزهر السمان ، ثنا أبو بكر عاصم عن زريق بن مسلم الأعمى مولى بني مخزوم ، وحدثني زياد بن أبى عياش عن يحيى بن جعدة بن هبيرة في قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) قال : آمنا من النار.

__________________

(١) التفسير ١ / ١٣٢.

١٢

قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)

[٣٨٥٧] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا منصور بن وردان أمام مسجد الأنصار ثنا على بن عبد الأعلى ، عن أبيه ، عن أبى البختري ، عن علي لما نزلت : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) قال المؤمنون : يا رسول الله : أفي كل عام مرتين؟ قال : لا ولو قلت : نعم لوجبت ، فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) (١)

قوله تعالى : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)

[٣٨٥٨] حدثنا الحسن بن أحمد ، ثنا موسى بن محكم ، ثنا أبو بكر الحنفي ثنا عباد بن منصور قال : سألت الحسن عن قوله : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) قال : ومن وجد شيئا يبلغه فقد (اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً).

قوله تعالى : (إِلَيْهِ سَبِيلاً)

من فسره على الزاد والراحلة :

[٣٨٥٩] حدثنا أبو زرعة الرازي ، ثنا هلال بن عبد الله مولى ربيعة بن مسلم الباهلي ، ثنا أبو إسحاق ، عن الحارث ، عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من ملك زادا ، راحلة فلم يحج بيت الله ، فلا يضره يهوديا مات أو نصرانيا ، وذلك أن الله قال في كتابه : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (٢)

[٣٨٦٠] حدثنا أبى ، ثنا عبد العزيز بن عبد الله العامري ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبيد الله ابن عمير الليثي ، عن محمد بن عباد بن جعفر قال : جلسنا إلى عبد الله بن عمر فقال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : ما السبيل؟ قال : الزاد والراحلة (٣). قال أبو محمد : وروى عن ابن عباس ، وأنس والحسن ومجاهد ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، (٤) والربيع بن أنس ، وقتادة (٥) نحو ذلك.

__________________

(١) سورة المائدة : آية ١٠١.

(٢) الترمذي كتاب الحج رقم ٢ / ٨ قال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

(٣) الترمذي كتاب رقم ٨١٣ قال هذا حديث حسن ٣ / ١٧٧.

(٤) انظر تفسير الثوري ص ٧٩.

(٥) تفسير عبد الرزاق ١ / ١٣٣.

١٣

من فسره أن السبيل : صحة البدن وهو الوجه الثاني :

[٣٨٦١] حدثنا يحيي بن عبدك القزويني ، ثنا المقرئ ، ثنا حيوة وابن لهيعة قالا : ثنا شرحبيل بن شريك أنه سمع عكرمة يقول في هذه الآية (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) قال : السبيل : الصحة.

[٣٨٦٢] حدثنا عبد الملك بن أبى عبد الرحمن ، ثنا عبد الرحمن يعني : ابن الحكم بن بشير بن مهران ، عن سفيان ، عن عثمان بن المغيرة الثقفي ، عن سعيد بن جبير قال : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) وإن مشى إليه أربعة أشهر. قال سفيان : هذا الشاذ من الحديث.

[٣٨٦٣] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا عائذ بن حبيب ، عن جويبر ، عن الضحاك قال : إن كان فقيرا وهو صحيح شاب فليؤاجر نفسه بالأكلة والعقبة حتى يحج.

والوجه الثالث :

[٣٨٦٤] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا سعيد بن خثيم الهلالي ، أخبرني أخي معمر بن خثيم قال : قلت لأبي جعفر قول الله تعالى : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) قال : يا معمر أن تكون لك راحلة أو يمشي عقبة ويركب عقبة.

[٣٨٦٥] حدثنا أبى ، ثنا ابن نفيل الحراني ، ثنا النضر بن عربي ، عن ميمون بن مهران (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ماشيا وراكبا.

والوجه الرابع :

[٣٨٦٦] حدثنا أبو عمرو الأودي ، ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ليث ، عن أبى هبيرة أن امرأة كتبت إلى إبراهيم من الري تسأله عن المرأة تحج مع غير ذي محرم ، فكتب إليها : إن المحرم من السبيل.

قوله تعالى : (وَمَنْ كَفَرَ)

[٣٨٦٧] حدثنا محمد بن أبى داود السمناني ، ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان (١) عن إبراهيم يعني الخوزي ، عن محمد بن عباد ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وَمَنْ كَفَرَ) بالله واليوم الآخر.

__________________

(١) التفسير ص ٧٩.

١٤

[٣٨٦٨] حدثنا أحمد بن سنان ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان عن منصور عن مجاهد (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) قال : من كفر بالله واليوم الآخر.

[٣٨٦٩] حدثنا أبى ، ثنا أبو نعيم ، ثنا إسرائيل ، ثنا نذير عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : من كان يجد وهو موسر صحيح لم يحج كان سيماه بين عينيه كافر ، ثم تلا هذه الآية : (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)

والوجه الثاني :

[٣٨٧٠] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو بكر النخعي ، عن العلاء ابن المسيب ، عن عاصم ، عن ابن عباس (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ) من زعم أنه لم ينزل.

[٣٨٧١] حدثنا أبى ، ثنا سهل بن عثمان ، ثنا يحيى بن أبى زائدة ، حدثني العلاء بن المسيب ، عن عاصم بن أبى النجود قال : قال ابن عباس (وَمَنْ كَفَرَ) قال : من زعم أنه ليس بواجب فذلك الكفر به.

والوجه الثالث : هو أحد قولي ابن عباس.

[٣٨٧٢] حدثني أبى ، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبى طلحة ، عن ابن عباس (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) يقول : من كفر بالحج فلم يرجحه برا ولا تركه مأثما.

قال أبو محمد : وروى عن مجاهد (١) في إحدى الروايات ، والحسن وسعيد بن جبير نحو ذلك.

الوجه الرابع :

[٣٨٧٣] حدثنا أبو عبد الله محمد بن حماد الطهراني ، أنبأ حفص بن عمر ، ثنا الحكم بن ابان ، عن عكرمة في قوله : (وَمَنْ كَفَرَ) قال ليس عليّ حج. قال أبو محمد : وروى عن عطية العوفي نحو ذلك.

__________________

(١) انظر تفسير عبد الرزاق ١ / ١٣٣.

١٥

الوجه الخامس :

[٣٨٧٤] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو خالد ، عن جويبر ، عن الضحاك (وَمَنْ كَفَرَ) كفر بالبيت.

والوجه السادس :

[٣٨٧٥] حدثنا ابن المقرئ ويونس بن عبد الأعلى قالا : ثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن جريح ، عن عكرمة (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) قال : من أهل الملل.

[٣٨٧٦] حدثني أبى ، ثنا أبو هارون البكائي ، حدثني ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبى حبيب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قول الله تعالى (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) قال : إنما أنزل الله على أهل الكتاب الكفار ، يقول الله : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) لا نرى ذلك على من يراه.

قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌ)

[٣٨٧٧] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا وكيع ، عن إسماعيل بن أبى خالد ، عن أبى صالح قال : فرض الله الحج على الناس ، (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)

قوله تعالى : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ)

[٣٨٧٨] حدثنا محمد بن يحيي ، أنبأ أبو غسان ، ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق : وحدثني الثقة ، عن زيد بن أسلم قال : وأنزل الله في شاس بن قيس وما صنع : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ)

قوله تعالى : (لِمَ تَكْفُرُونَ)

[٣٨٧٩] حدثنا أحمد بن عثمان ، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدى (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) يقول : لما تكفرون بالحج.

قوله تعالى : (وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ)

[٣٨٨٠] حدثنا الحسن بن أحمد ، ثنا موسى بن محكم ، ثنا أبو بكر الحنفي ثنا عباد بن منصور قال : سألت الحسن عن قوله : (وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ) قال : هم اليهود والنصارى.

١٦

قوله تعالى : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ)

[٣٨٨١] وبه ثنا عباد قال : سألت الحسن عن قوله : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) قال : هم اليهود والنصارى.

[٣٨٨٢] حدثنا أبو زرعة ، ثنا منجاب بن الحارث ، أنبأ بشر بن عمارة ، عن أبى روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس قوله : (تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) قال : عن دين الله.

[٣٨٨٣] حدثنا أبى ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن ، ثنا عبد الله بن أبى جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قوله : (لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) يقول : لم تصدون عن الإسلام وعن نبي الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو محمد : وروى عن قتادة مثل ذلك.

قوله تعالى : (مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً)

[٣٨٨٤] حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم ، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط عن السدى (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً) وكانوا إذا سألهم أحد : هل تجدون محمدا؟ قالوا : لا. فصدوا الناس عنه وبغوا محمدا عوجا : هلاكا.

الوجه الثاني :

[٣٨٨٥] حدثنا أبو بكر بن أبى موسى الكوفي ، ثنا هارون بن حاتم ، ثنا عبد الرحمن بن أبى حماد ، عن أسباط عن السدى عن أبى مالك قوله : (تَبْغُونَها عِوَجاً) قال : يعني ترجون بمكة غير الإسلام.

قوله تعالى : (عِوَجاً)

[٣٨٨٦] حدثنا أحمد بن عثمان ، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط عن السدى : (عِوَجاً) قال : هلاكا.

١٧

قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ شُهَداءُ)

[٣٨٨٧] حدثنا أبى ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ، ثنا عبد الله بن أبى جعفر ، عن أبيه قوله : (وَأَنْتُمْ شُهَداءُ) على ذلك فيما تقرأون من كتاب الله أن محمدا رسول الله وأن الإسلام دين الله تجدون ذلك في التوراة والإنجيل. قال أبو محمد : وروى عن قتادة مثل ذلك.

قوله تعالى : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)

[٣٨٨٨] حدثنا أبو زرعة ، ثنا عمرو بن حماد ، ثنا أسباط عن السدى قال : ثم أنزل الله في اليهود (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)

[٣٨٨٩] حدثنا زيد بن إسماعيل الصائغ ، حدثني معاوية بن هشام ، حدثني عيسى بن راشد ، عن علي بن بذيمة عن عكرمة عن ابن عباس قال : ما في القرآن آية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إلا أن عليا شريفها وأميرها وسيدها ، وما من أصحاب محمد إلا قد عوتب في القرآن إلا علي بن أبى طالب فإنه لم يعاتب في شيء منه.

[٣٨٩٠] حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا عبدة بن سليمان ، عن الأعمش عن خيثمة قال ما تقرأون من القرآن (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فإن في التوراة يا أيها المساكين.

[٣٨٩١] حدثنا أبى ، ثنا نعيم بن حماد ، ثنا عبد الله بن المبارك ، أنبأ مسعر ، حدثني معن وعون ، أو أحدهما أن رجلا أتى عبد الله ابن مسعود فقال : اعهد إلى ، فقال : إذا سمعت الله تعالى يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فارعها سمعك ، فإنه خير يأمر به ، أو شر ينهي عنه.

[٣٨٩٢] حدثنا أحمد بن عثمان بن حكم ، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط عن السدى قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) قال : نزلت في ثعلبة ابن غنمه الأنصاري.

الوجه الثاني :

[٣٨٩٣] حدثنا محمد بن يحيى ، أنبأ أبو غسان ، ثنا سلمة قال محمد ابن إسحاق حدثني الثقة ، عن زيد بن أسلم قال : وأنزل في أويس ابن قيظى وجبار بن صخر ، ومن كان معهما من قومهما الذين صنعوا مما أدخل عليهم شاس بن قيس من أمر الجاهلية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ).

١٨

قوله تعالى : (إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ)

[٣٨٩٤] حدثنا الحسن بن أبى الربيع ، أنبأ عبد الرزاق ، أنبأ جعفر بن سليمان عن حميد الأعرج ، عن مجاهد (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) قال : كان جماع قبائل الأنصار بطنين : الأوس والخزرج ، وكان بينهما في الجاهلية حرب ودماء وشنآن ، حتى منّ الله عليهم ، وألف بينهم بالإسلام قال : فبينا رجل من الأوس ورجل من الخزرج قاعدان يتحدثان ومعهما يهودي جالس ، فلم يزل يذكرهما بأيامهما والعداوة التي كانت بينهم حتى استبا ثم اقتتلا. قال : فنادى هذا قومه وهذا قومه ، وخرجوا بالسلاح ، وصفّ بعضهم لبعض. قال : ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ شاهد بالمدينة ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يزل يمشي بينهم إلى هؤلاء وهؤلاء ليسكنهم حتى رجعوا ووضعوا السلاح ، فأنزل الله تعالى في ذلك القرآن : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ)

[٣٨٩٥] حدثنا أبى ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن ، ثنا عبد الله بن أبى جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ) فقد تقدم فيهم كما تسمعون ، وقد حذركموهم ، وأنبأكم بضلالتكم ، فلا تأتمنوهم علي دينكم ، ولا تنتصحوهم على أنفسكم ، فإنهم الأعداء والحسدة والضلال ، كيف تأتمنون قوما كفروا بكتابهم وقتلوا رسلهم؟ أولئك هم أهل التهمة والعداوة.

[٣٨٩٦] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله ، ثنا ابن لهيعة ، حدثني عطاء ، عن سعيد بن جبير (فَرِيقاً) يعني طائفة.

قوله تعالى : (يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ)

[٣٨٩٧] حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، ثنا أحمد بن المفضل ، ثنا أسباط عن السدى (يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ) يقول : إن حملتم السلاح فاقتتلتم كفرتم.

١٩

قوله تعالى : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ)

[٣٨٩٨] حدثنا الحسين بن السكن ، ثنا أبو زيد النحوي ، أنبأ قيس بن الربيع ، عن الأغر بن الصباح ، عن خليفة بن حصين ، عن أبى نصر ، عن ابن عباس قال : كانت بين الأوس والخزرج حرب في الجاهلية كل شيء ، فبينما هم يوما جلوس إذ ذكروا ما بينهم حتى غضبوا ، فقام بعضهم إلى بعض بالسلاح فنزلت : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ) الآية كلها.

قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ)

[٣٨٩٩] أخبرنا موسى بن هارون الطوسي فيما كتب إليّ ، ثنا الحسين بن محمد المروذي ثنا شيبان بن عبد الرحمن ، عن قتادة قوله : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ) قال : علمان بينان : نبي الله وكتاب الله ، فأما نبي الله فمضى عليه الصلاة والسلام ، وأما كتاب الله فأبقاه الله بين أظهركم رحمة من الله ، ونعمة فيه حلاله وحرامه ، وطاعته ومعصيته.

قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ)

[٣٩٠٠] حدثنا أبى ، ثنا عمرو بن رافع ، ثنا سليمان يعني : ابن عامر ، عن الربيع بن أنس في قوله : (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ) والاعتصام هو : الثقة بالله.

[٣٩٠١] أخبرنا علي بن المبارك فيما كتب إليّ ، ثنا زيد بن المبارك ، ثنا ابن ثور ، عن (ابن) (١) جريج (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ) قال : يؤمن بالله.

قوله تعالى : (فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)

[٣٩٠٢] ذكره أبي ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن ، ثنا عبد الله بن أبى جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله قضى على نفسه أنه من آمن به هداه ، ومن وثق به أنجاه. قال الربيع : وتصديق ذلك في كتاب الله : (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)

__________________

(١) تأتي في بعض الأحيان (أبو) ولعله خطأ من الناسخ.

٢٠