تفسير القرآن العظيم - ج ٢

عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم

تفسير القرآن العظيم - ج ٢

المؤلف:

عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم


المحقق: أسعد محمّد الطيّب
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٢

١
٢

قوله : (مِنْ عَرَفاتٍ)

[١٨٥٤] حدثنا محمد بن داود السمناني ، ثنا أبو حذيفة ، ثنا سفيان عن ثابت بن هرمز ، يعني : أبا المقدام

قوله : (فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ)

[١٨٥٥] حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي ، ثنا وكيع ، عن أبيه وإسرائيل عن أبى إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، قال : سألت عبد الله بن عمرو عن المشعر الحرام ، فسكت حتى إذا هبطت أيدى رواحلنا بالمزدلفة قال : أين السائل عن المشعر الحرام؟ هذا المشعر الحرام.

[١٨٥٦] حدثنا إسماعيل بن نحيى بن كيسان رفيق أبى مسعود بن الفرات ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، قال : قال ابن عمر : المشعر الحرام : المزدلفة كلها.

وروى عن ابن عباس وابن عمر وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والحسن والسدى وقتادة والربيع بن أنس ، أنه : بين الجبلين.

[١٨٥٧] حدثنا الحسن بن أحمد ، ثنا إبراهيم بن عبد الله بن بشار الواسطي ثنا سرور بن المغيرة ، عن عباد بن منصور ، عن الحسن في قوله : (فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) قال : المشعر الحرام : جمع أمرهم أن يذكروه عند المشعر الحرام إذا ما هم أفاضوا من عرفات كما هداهم.

قوله : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ)

[١٨٥٨] وذكر عن أبي أسامة ، عن أبى سعد البقال ، عن محمد بن عبيد الله بن الزبير : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) قال : ليس هذا بعام هذا لأهل البلد.

قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ)

ذكر عن قبيصة ، عن سفيان : (وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ) قال : من قبل القرآن.

[١٨٥٩] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبى نجيح ، عن مجاهد ، قوله : (لَمِنَ الضَّالِّينَ) قال : لمن الجاهلين.

٣

قوله : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) آية ١٩٩

[١٨٦٠] أخبرنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أحمد بن بشير ، ثنا هشام بن عروة حدثني أبى عن عائشة ، قالت : الحمس (١) هم الذين أنزل الله فيهم ما أنزل : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) قالت : وكان الناس يفيضون من عرفات ، وكان الحمس يفيضون من المزدلفة ، يقولون : لا نفيض إلا من الحرم ، فلما نزلت : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) رفعوا إلى عرفات.

قوله : (مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ)

[١٨٦١] حدثنا أبى ، ثنا على بن هاشم بن مرزوق ثنا مروان ، عن أبى بسطام ، يعني : نحيى بن عبد الرحمن السعدي عن الضحاك ، في قوله : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) قال : الناس : هو إبراهيم.

والوجه الثاني :

[١٨٦٢] حدثنا أبى ، ثنا محمد بن يحي بن حسان التنيسي ، ومحمد بن سعيد بن الوليد الخزاعي ، قالا : ثنا إبراهيم بن عيينة ، أنبأ حسين بن عقيل العقيلي ، عن الضحاك ، في قوله : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) قال : الإمام.

والوجه الثالث :

[١٨٦٣] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ، ثنا محمد بن عمرو زنيج ثنا سلمة ، حدثني محمد بن إسحاق : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) يعني : قريشا والناس والعرب.

قوله : (وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ)

[١٨٦٤] حدثنا أبى ، ثنا عمران بن موسى الطرسوسي ، ثنا عبد الصمد بن يزيد ، قال : سمعت الفضيل يقول : قول العبد : (استغفر الله) قال : تفسيرها : أقلني.

__________________

(١) هم قريش وأسلافها ـ انظر تفسير عبد الرزاق ١ / ٩٥.

٤

وقوله : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

[١٨٦٥] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا محمد بن عمرو زنيج ، ثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) أي : يغفر الذنب.

قوله : (رَحِيمٌ)

[١٨٦٦] وبه في قوله : (رَحِيمٌ) قال : يرحم العباد على ما فيهم.

قوله : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ) آية ٢٠٠

[١٨٦٧] حدثنا الحجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبى نجيح عن مجاهد ، قوله : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ) قال : إهراقة الدماء.

والوجه الثاني :

[١٨٦٨] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا وكيع ، عن إبراهيم بن يزيد ، عن عطاء : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ) قال : حجكم.

قوله : (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ)

اختلف في تفسيرها ، فأحدها :

[١٨٦٩] حدثنا أبى ثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة ، ثنا معاذ بن هشام حدثني أبى ، عن عمرو بن مالك ، عن أبى الجوزاء ، قال : قلت لابن عباس : قول الله : (كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) قال : إن الرجل ليأتي عليه اليوم وما يذكر أباه. قال : إنه ليس بذلك. ولكن يقول تغضب لله إذا عصى ، أشد من غضبك إذا ذكر والدك بسوء ، أو أشد.

والوجه الثاني :

[١٨٧٠] حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي حدثني أبى ، ثنا الأشعث بن إسحاق ، عن جعفر بن أبى المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : كان أهل الجاهلية يقفون في المواسم ، فيقول الرجل منهم : كان أبى يطعم ويحمل الحمالات (١) ويحمل الديات ، ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم ، فأنزل

__________________

(١) هي ما يتحمله الإنسان من غيره من دية أو غرامة ـ هامش ابن كثير ١ / ٣٥٥.

٥

الله تعالى على نبيه محمد صلّى الله عليه وسلم (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) يعني : ذكر آبائهم في الجاهلية ، (أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً). وروى عن أنس بن مالك وأبى وائل وعطاء بن أبى رباح في أحد قوليه وسعيد بن جبير وعكرمة في إحدى رواياته ومجاهد والسدى وعطاء الخراساني والربيع بن أنس والحسن وقتادة (١) ومحمد بن كعب ومقاتل بن حيان ، نحو ذلك.

والوجه الثالث :

[١٨٧١] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو أسامة ، عن عبد الملك عن عطاء : (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) قال : هو الصبي أول ما يلهج من الكلام : يا أبه ، يا أمه.

والوجه الرابع :

[١٨٧٢] حدثنا أبى ، ثنا محمد بن منصور بن ثابت الخزاعي ، ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، ثنا سعيد بن مسلم بن بانك قال : سألت عكرمة عن قول الله : (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) أهو ذكرى أبى؟ قال : لا ، ولكن ذكر أبيك إياك ، إن الوالد موكل بالولد. وروى عن الضحاك نحو ذلك.

الوجه الخامس :

ذكر عن أبى أسامة ، عن أبى سعد البقال عن محمد بن عبيد الله الثقفي ، عن ابن الزبير (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) قال الثقفي ، عن ابن الزبير : (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) قال : كانوا إذا فرغوا من حجهم ، تفاخروا بآبائهم. فقال الله (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) وروى عن محمد بن كعب ، نحو ذلك.

قوله : (أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً)

[١٨٧٣] قرأت على محمد بن الفضل ، ثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق أنبأ محمد بن مزاحم ، ثنا بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان قوله : (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) فإنى إن فعلت الخير بكم وبآبائكم ، ثم أمرهم أن يكونوا لله أشد ذكرا من آبائهم.

__________________

(١) انظر تفسير عبد الرزاق ١ / ٩٦.

٦

قوله : (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا) آية ٢٠١

[١٨٧٤] حدثنا أبو بكر بن القاسم ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ، حدثني أبى ، حدثني أبى ، ثنا الأشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبى المغيرة عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون : اللهم اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن ، لا يذكرون من أمر الآخرة شيئا ، فأنزل الله فيهم : (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) وروى عن أبى وائل ومجاهد والسدي ومقاتل بن حيان ، نحو ذلك.

[١٨٧٥] أخبرنا موسى بن هارون الطوسي فيما كتب إلى ، ثنا الحسين بن محمد المروذي ، ثنا شيبان ، عن قتادة ، قوله : (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) قال : هذا عبد نوى الدنيا ، لها أنفق ولها شخص ، ولها عمل ولها نصب ، فيها همه ونيته وسدمه (١) وطلبته.

قوله : (وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ)

قد تقدم تفسيره.

قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً)

[١٨٧٦] حدثنا أبو بكر بن القاسم ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي حدثني أبى ، حدثنا أبى ، ثنا الأشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبى المغيرة عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : كان يجيئ بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ) ، فأنزل الله فيهم : (أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ)

والوجه الثاني :

[١٨٧٧] ذكر عن أبى أسامة ، عن أبى سعد ، عن أبى عون ، عن ابن الزبير : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) قال : يعملون في دنياهم لآخرتهم ودنياهم.

__________________

(١) الولوع بالشيء.

٧

[١٨٧٨] حدثنا أبي ، ثنا دحيم ، ثنا محمد بن شعيب ، قال : سألت نحيى بن الحارث : ما أتى (فِي الدُّنْيا حَسَنَةً)؟ قال : عمل صالح.

الوجه الثالث :

[١٨٧٩] حدثنا أبو زرعة ، ثنا أبو الأحوص محمد بن حيان ، أخبرنى عباد بن العوام ، أخبرنى هشام ، عن الحسن في قوله : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) قال : الحسنة في الدنيا : العلم والعبادة.

[١٨٨٠] حدثنا أسيد بن عاصم ، ثنا الحسين بن حفص ، ثنا سفيان (١) عن رجل عن الحسن ، في قوله (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) قال : الرزق الطيب والعلم النافع في الدنيا.

والوجه الرابع :

[١٨٨١] حدثنا الحسن بن أبى الربيع ، أنباء عبد الرازق (٢) أنبأ معمر ، عن قتادة ، في قوله : (وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) قال : في الآخرة عافية. (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) قال : في الدنيا عافية.

الوجه الخامس :

[١٨٨٢] حدثنا أبو زرعة ، ثنا صفوان ، ثنا الوليد ، أخبرنى عبد الله بن لهيعة ، عن يزيد بن أبى حبيب ، عن محمد بن كعب القرظي ، في هذه الآية : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) قال : المرأة الصالحة من الحسنات. وروى عن يزيد بن مالك ، نحو ذلك.

والوجه السادس :

[١٨٨٣] أخبرنا موسى بن هارون الطوسي ، فيما كتب إلى ، ثنا الحسين بن محمد المروذي ، ثنا شيبان بن عبد الرحمن التميمي ، عن قتادة ، قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ) قال : هذا عبد نوى الآخرة لها شخص ولها أنفق ولها عمل وكانت الآخرة ، هي سدمه وطلبته ونيته.

__________________

(١) الثوري ص ٦٥.

(٢) التفسير ١ / ٩٦.

٨

قوله : (وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً)

اختلف في تفسيرها على أوجه فأحدها :

[١٨٨٤] حدثنا أبو زرعة ، ثنا أبو الأحوص محمد بن حيان ، أخبرني عباد بن العوام ، أخبرني هشام ، عن الحسن : (١) (وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) قال : الحسنة في الآخرة : الجنة. وروى عن مجاهد والسدى ومقاتل بن حيان وإسماعيل بن أبى خالد ، نحو ذلك.

والوجه الثاني :

[١٨٨٥] حدثنا الحسن بن أبى الربيع ، ابنا عبد الرزاق (٢) أنبأ معمر ، عن قتادة ، في قوله : (وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) قال : في الآخرة عافية.

قوله : (وَقِنا عَذابَ النَّارِ)

[١٨٨٦] حدثنا أبى ، ثنا أبو نعيم ، ثنا عبد السلام يعني : ابن شداد أبا طالوت قال : كنت عند أنس ، فقال له ثابت : إن إخوانك يحبون أن تدعو لهم. فقال : اللهم (آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ). وتحدثوا ساعة حتى إذا هم أرادوا القيام قالوا : يا أبا حمزة : إن إخوانك يريدون القيام ، فادع الله لهم ، قال : تريدون أن أشق لكم الأمور ، إذا آتاكم الله (فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) ووقاكم عذاب النار ، فقد آتاكم الخير كله.

[١٨٨٧] حدثنا أبى ، ثنا دحيم ، ثنا محمد بن شعيب أخبرني نحيى بن الحارث ، حدثني القاسم يعني أبا عبد الرحمن ، قال : من أعطى قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وجسدا صابرا ، فقد أوتى (فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) ووقى عذاب النار.

قوله : (أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا) آية ٢٠٢

[١٨٨٨] حدثنا أحمد بن سنان ، ثنا أبو معاوية ، ثنا الأعمش ، عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : أتاه رجل : فقال إنى أجرت نفسي من

__________________

(١) تفسير سفيان الثوري ص ٦٥.

(٢) التفسير ١ / ٩٦.

٩

قوم ، على أن أخدمهم ، ويحجوا بي. فقال ابن عباس : هذا من الدين ، قال الله : (أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) (١)

[١٨٨٩] حدثنا الحسين بن الحسن ، ثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي ، أنبأ حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال عطاء : (أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا) قال : مما عملوا من الخير. وروى عن قتادة ، قال : حظ من أعمالهم.

قوله : (وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ)

[١٨٩٠] حدثنا أبي ، ثنا أبو حذيفة ، ثنا شبل ، عن ابن أبى نجيح ، عن مجاهد (سَرِيعُ الْحِسابِ) سريع الإحصاء.

قوله : (وَاذْكُرُوا اللهَ) آية ٢٠٣

[١٨٩١] حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي ، ثنا وكيع ، عن عبد الله بن نافع عن أبيه ، عن ابن عمر ، أنه كان يكبر تلك الأيام بمني ، ويقول : التكبير واجب ، ويتأول هذه الآية : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ)

[١٨٩٢] حدثنا أبى ، ثنا علي بن المديني ، ثنا يحي بن سعيد ، ثنا ابن جريج ، حدثني عمرو بن دينار ، قال : سمعت ابن عباس في المسجد : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) يوم الصدر ، بعد ما صدر يكبر في المسجد ، ويذكر.

قوله : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ)

[١٨٩٣] حدثنا محمد بن حماد الطهراني ، ثنا حفص بن عمر ، ثنا الحكم بن إبان ، عن عكرمة ، في قوله (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) قال : التكبير أيام التشريق ، يقول في دبر كل صلاة : الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر.

قوله : (فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ)

[١٨٩٤] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا حفص بن عمر بن راشد ، عن ابن أبى ليلى ، عن المنهال بن عمرو ، عن زر بن حبيش ، عن علي (أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) قال : ثلاثة أيام. يوم الأضحى ، ويومان بعده. اذبح في أيهن شئت ، وأفضلها أولها.

__________________

(١) أخرجه الحاكم ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ٢ / ٢٧٧.

١٠

الوجه الثاني : أنها أيام التشريق.

[١٨٩٥] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا حفص بن عمر بن راشد المكتب ، عن ابن أبى ليلى ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : أربعة أيام يوم النحر ، وثلاثة أيام بعده يعني قوله : (أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) وروى عن ابن عمر وابن الزبير وأبى موسى ومجاهد (١) وعطاء والحسن وإبراهيم والضحاك وأبى مالك وعكرمة وسعيد بن جبير والسدى والزهري وقتادة (٢) والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان وعطاء الخراساني ونحيى بن أبى كثير ، نحو ذلك.

قوله : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ)

[١٨٩٦] حدثنا أبى ، ثنا أبو صالح كاتب الليث ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبى طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) قال : فلا ذنب له.

[١٨٩٧] حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن موسى ، ثنا معاوية ، عن قيس ، عن عطاء في التعجل في يومين : اي في النهار يخرج ، قال : إذا زالت الشمس إلى الليل.

[١٨٩٨] حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن معمر بن أشكاب الصفار ، ثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن عبد الملك بن سعيد بن أبجر عن حماد ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود ، أنه قال : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) قد غفرت له ذنوبه. وروى عن علي بإسناد مرسل وابن عمر وأبي ذر وسالم بن عبد الله وأبى العالية ومجاهد والشعبي ومعاوية بن قرة وإبراهيم والضحاك ومطرف بن الشخير وأبي مالك وحماد بن أبى سليمان والربيع بن أنس والسدى ، نحو ذلك

والوجه الثاني :

[١٨٩٩] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا وكيع ، عن إسحاق بن يحيى ، قال : سمعت مجاهدا : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) قال : إلى قابل.

__________________

(١) تفسير سفيان الثوري ص ٦٥.

(٢) تفسير عبد الرزاق ١ / ٩٦.

١١

قوله : (وَمَنْ تَأَخَّرَ)

[١٩٠٠] حدثنا أبى ، ثنا القعنبي ، ثنا عبد الله يعني ابن عمر عن نافع ، أن ابن عمر قال : من غابت له الشمس في اليوم الذي قال الله فيه : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) وهو بمنى ، فلا ينفر حتى يرمي الجمار من الغد. وروي عن عمر بن الخطاب وعطاء وطاوس والحسن وعمر بن عبد العزيز وإبراهيم النخعي وجابر بن زيد ، قالوا : من لم ينفر في اليوم الثاني حتي تغيب الشمس فلا ينفر حتي يرمي الجمار من الغد.

[١٩٠١] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا زيد بن حباب ، عن كثير بن عبد الله المزني ، قال : سمعت محمد بن كعب يقول : ومن تأخر في اليوم الثالث. وروى عن الحسن وعطاء عكرمة والسدى وقتادة ، نحو ذلك.

قوله : (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)

[١٩٠٢] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا وكيع ، ثنا ابن أبى ليلى ، عن الحكم عن مقسم ، عن ابن عباس : (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) قال : في تأخيره.

[١٩٠٣] حدثنا أبى ، ثنا أحمد بن معمر بن أشكاب الصفار الكوفي بمصر ثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن عبد الملك بن سعيد بن أبجر ، عن حماد عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود ، أنه قال : (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) قال : قد غفر الله له ذنوبه. وروى عن ابن عمر وأبى ذر ومجاهد والشعبي ومعاوية بن قرة وإبراهيم ومطرف بن الشخير وحماد بن أبى سليمان ، نحو ذلك.

[١٩٠٤] حدثنا أبى ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن ابى طلحة ، عن ابن طلحة ، عن ابن عباس (وَمَنْ تَأَخَّرَ) فلا جناح عليه.

والوجه الثاني :

[١٩٠٥] حدثنا أبو سعيد الأشج وعمرو بن عبد الله الأودي ، قالا : ثنا وكيع عن إسحاق بن نحيى ، يعني : ابن طلحة ، قال : سمعت مجاهدا يقول : (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) إلى قابل.

١٢

قوله : (لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللهَ)

[١٩٠٦] حدثنا أبى ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبى طلحة ، عن ابن عباس ، في قوله (لِمَنِ اتَّقى) يقول : لمن اتقى معاصي الله.

والوجه الثاني :

[١٩٠٧] حدثنا أبى ثنا ابن أبى حزم القطعي ، ثنا عبد الأعلى ، ثنا سعيد عن قتادة ، قال : كان ابن مسعود يقول : إنما جعلت المغفرة (لِمَنِ اتَّقى) على حجه.

الوجه الثالث :

[١٩٠٨] حدثنا عصام بن رواد ، ثنا آدم بن أبى إياس ، ثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبى العالية ، أما قوله : (لِمَنِ اتَّقى) فيقول : لما اتقى فيما بقي.

وروى عن الربيع بن أنس ، قال : ذهب إثمه كله ، أن اتقى فيما بقي.

الوجه الرابع :

[١٩٠٩] حدثنا أبى ، ثنا محمد بن أبى عمر العدني ، ثنا سفيان ، عن رجل قد سماه ، عن ابي صالح ، عن ابن عباس في قوله : (لِمَنِ اتَّقى) قال : لمن اتقى الصيد يعني : وهو محرم.

قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) آية ٢٠٤

[١٩١٠] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ، ثنا محمد بن عمرو زنيج أنبأ سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني محمد بن أبى محمد مولى آل زيد بن ثابت ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما أصيبت السرية التي كان فيها عاصم ومرثد بالرجيع ، قال رجل من المنافقين : يا ويح هؤلاء المفتونين الذين هلكوا هكذا ، لاهم قعدوا في أهليهم ولا هم أدوا رسالة صاحبهم ، فأنزل الله تعالي ، من قول المنافقين ، وما أصاب أولئك النفر من الخير الذي أصابهم ، فقال : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) أي : لما يظهر من الإسلام بلسانه. قال أبو محمد : وروى عن مجاهد وعطاء ، أنهما قالا : علانيته في الدنيا.

[١٩١١] حدثنا عصام بن رواد ، ثنا آدم ، ثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبى

١٣

العالية : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) قال : كان هذا عبد حسن القول ، سىء الفعل ، يأتي النبي صلّى الله عليه وسلم فيحسن القول.

[١٩١٢] حدثنا أبى ثنا حمزة بن جميل الربذي ، ثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : إن لله عبادا ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر ، لبسوا للعباد مسك الضأن في اللين ، يختلون الدنيا بالدين ، فيقول الله تعالى : أعلي تجترئون ، وبي تغترون؟ وعزتي لأبعثن عليهم فتنة تدع الحليم فيهم حيرانا ، قلنا : يا أبا حمزة : هل لهؤلاء في كتاب الله وصف؟ قال : نعم ، قول الله عز وجل (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) إلى قوله (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) (١)

[١٩١٣] حدثنا أبو زرعة ، ثنا عمرو بن حماد بن طلحة ، ثنا أسباط ، عن السدى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) قال : نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي ، وهو حليف لبني زهرة.

قوله : (وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ)

[١٩١٤] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ، ثنا محمد بن عمرو زنيج ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني محمد مولى لآل زيد بن ثابت عن عكرمة ، أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قوله : (وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ) إنه لمخالف لما يقول بلسانه.

[١٩١٥] حدثنا الحجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء عن ابن أبى نجيح عن مجاهد ، (وَيُشْهِدُ اللهَ) في الخصومة ، إنما يريد للحق.

[١٩١٦] حدثنا الحسن بن أبى الربيع ، أنبأ عبد الرزاق (٢) ابنا معمر ، عن قتادة : (وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ) قال : هو المنافق.

[١٩١٧] حدثنا أبو زرعة ، ثنا عمرو بن حماد بن طلحة ، ثنا أسباط ، عن السدى ، قوله : (وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ) قال : أقبل الأخنس بن شريق إلى النبي صلّى الله عليه وسلم

__________________

(١) قال ابن كثير ما قاله القرظي حسن صحيح ١ / ٣٥٩.

(٢) التفسير ١ / ٩٧.

١٤

ذلك منه ، وقال : إنما جئت أريد الإسلام ، والله يعلم اني صادق فذلك قوله : (وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ)

قوله : (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ)

[١٩١٨] حدثنا محمد بن العباس ثنا محمد بن عمرو زنيج ، ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني محمد مولى لآل زيد بن ثابت ، عن عكرمة أو سعيد ابن جبير ، عن ابن عباس (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) اي : ذو جدال إذا كلمك وراجعك.

[١٩١٩] حدثنا أبو زرعة ، ثنا منجاب ، أنبأ بشر بن عمارة ، عن أبى روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، يقول : شديد الخصومة.

والوجه الثاني :

[١٩٢٠] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا حفص بن غياث ، عن عاصم ، عن الحسن : (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) قال : كاذب القول.

وروى عن محمد بن كعب ، نحو قول الحسن.

الوجه الثالث :

[١٩٢١] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبى نجيح عن مجاهد قوله : (أَلَدُّ الْخِصامِ) ظالم لا يستقيم. وروى عن عطاء الخراساني ، نحو قول مجاهد.

الوجه الرابع :

[١٩٢٢] حدثنا موسى بن هارون الطوسي فيما كتب إلى ، ثنا الحسين بن محمد المروذي ، ثنا شيبان ، عن قتادة (١) : (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) قال : شديد القسوة في معصيته لله ، جدل بالباطل.

الوجه الخامس :

[١٩٢٣] حدثنا أبو زرعة ، ثنا عمرو بن حماد ، ثنا أسباط ، عن السدى : (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) فأعوج الخصام.

__________________

(١) تفسير عبد الرزاق ١ / ٩٧.

١٥

قوله تعالى : (وَإِذا تَوَلَّى) آية ٢٠٥

[١٩٢٤] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ، ثنا زنيج ، ثنا سلمة ثنا محمد بن إسحاق ، عن محمد مولى لآل زيد بن ثابت ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : (وَإِذا تَوَلَّى) أي : خرج من عندك. وروى عن السدى نحو ذلك.

[١٩٢٥] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو أسامة ، عن النضر ، يعني : ابن العربي ، عن مجاهد ، قال : قيل يا أبا الحجاج : كيف توليه فيها؟ قال : يلي في الأرض ، فيعمل فيها بالعدوان والظلم.

قوله : (سَعى فِي الْأَرْضِ)

[١٩٢٦] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبى نجيح عن مجاهد ، قوله : (سَعى) عمل في الأرض.

قوله : (لِيُفْسِدَ فِيها)

[١٩٢٧] حدثنا الحسين بن الحسن ، ثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي ، ثنا حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قلت لعطاء : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها) قال : الحرث : الزرع ، يقطعه : يفسده.

أخبرنا موسى بن هارون الطوسي فيما كتب إلي ، ثنا الحسين بن محمد المروذي ، ثنا شيبان ، عن قتادة : (لِيُفْسِدَ فِيها) قال : يفسد في أرض ، مهلك لعباد الله.

[١٩٢٨] قرئ على يونس ، أنبأ ابن وهب ، قال : قال لي مالك : قال الله عز وجل : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها) فرأى مالك ، أن الفساد في الأرض ، مثل القتل.

قوله : (وَيُهْلِكَ)

[١٩٢٩] حدثنا عصام بن رواد ، ثنا آدم ، ثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع عن أبى العالية : (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ) قال : يحرق الحرث الذي يحرثه الناس ، نبات الأرض. وروى عن السدى نحو ذلك.

١٦

قوله : (الْحَرْثَ)

[١٩٣٠] حدثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا شعبة ، عن أبى إسحاق عن التميمي ، قال : سألت ابن عباس ، عن قول الله : (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) قال : الحرث : الزرع.

وروى عن أبى العالية ومجاهد وعطاء وعكرمة والربيع بن أنس وقتادة ومكحول والسدى.

[١٩٣١] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو أسامة ، عن النضر بن عربي ، عن مجاهد ، قيل له : يا أبا الحجاج : وكيف هلاك الحرث والنسل؟ قال : يلي في الأرض فيعمل فيها بالعدوان والظلم ، فيحبس بذلك القطر من السماء ، فيهلك بحبس القطر الحرث والنسل.

[١٩٣٢] أخبرنا أحمد بن الأزهر فيما كتب إلى ، ثنا وهب بن جرير ، ثنا أبى ، عن علي بن الحكم ، عن الضحاك في قوله : (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ) قال : أما الحرث ، فهو الحنان ، والأصل الثابت.

قوله : (وَالنَّسْلَ)

[١٩٣٣] حدثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا شعبة ، عن أبى إسحاق عن التميمي ، قال : سألت ابن عباس ، عن قول الله : (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) قال : نسل كل دابة. وروى عن عكرمة وأبى العالية ومكحول والربيع بن أنس ، نحو ذلك

الوجه الثاني :

[١٩٣٤] أخبرنا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إلى ، حدثني أبى ، حدثني عمي الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، عن عبد الله بن عباس ، قوله : (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) فنسل كل دابة والناس أيضا. وروى عن مجاهد وعطاء وقتادة نحو ذلك.

قوله تعالي : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ)

[١٩٣٥] حدثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم ، ثنا محمد بن عمرو زنيج ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني مولى لآل زيد بن ثابت ، عن عكرمة ، أو

١٧

سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) أي : لا يحب عمله ولا يرضى به

والوجه الثاني :

[١٩٣٦] أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرنى مالك عن نحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول : قطع الورق والذهب من الفساد في الأرض.

وروى عن عمر بن عبد العزيز ، نحو ذلك

قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) آية ٢٠٦

[١٩٣٧] حدثنا أبي ، ثنا سيدان بن مضارب ، ثنا عبد الرحمن بن العريان ثنا عبد الحميد بن دينار عن أبي رجاء العطاردي ، أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، تلا هذه الآية (وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) إلى قوله : (رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) اقتتل هذان.

قوله : (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ)

[١٩٣٨] حدثنا أبى ، ثنا عيسى بن جعفر قاضي الري ، ثنا مسلم بن خالد عن ابن أبى نجيح ، عن مجاهد في قول الله : (وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) قال : بئس ما مهدوا لأنفسهم.

قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) آية ٢٠٧

[الوجه الأول]

[١٩٣٩] حدثنا أبى ، ثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، ان صهيبا أقبل مهاجرا نحو النبي صلّى الله عليه وسلم ، فتبعه نفر من قريش مشركون ، فنزل وانتثل (١) كنانته ، فقال : يا معشر قريش ، قد علمتم أني أرماكم رجلا بسهم ، وأيم الله لا تصلون إلى حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي ، ثم أضربكم بسيفي ، ما بقي في يدي منه شيء ، ثم شأنكم بعد. وقال : إن شئتم دللتكم علي مالي بمكة ، وتخلون سبيلي؟ قالوا : فدلنا علي مالك بمكة ونخلى عنك ، فتعاهدوا على ذلك ، فدلهم ، وأنزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم القرآن : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) فلما رأى رسول الله صهيبا ، قال له رسول

__________________

(١) أي استخرج ما فيها من السهام.

١٨

الله صلّى الله عليه وسلم : ربح البيع يا أبا نحيى ـ ربح البيع يا أبا نحيى ربح البيع يا أبا يحي. وقرأ عليه القرآن ، يعني قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) وروى عن أبى العالية والربيع بن أنس ، نحو ذلك

[١٩٤٠] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير عن إسرائيل عن طارق بن عبد الرحمن ، عن قيس بن أبى حازم ، عن المغيرة بن شعبة قال كنا في غزاة ، فتقدم رجل فقاتل حتى قتل ، فقالوا : ألقى هذا بيديه إلى التهلكة ، فكتب فيه إلي عمر رضى الله عنه ، فكتب عمر : ليس كما قالوا ، هو من الذين قال الله فيهم : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ)

الوجه الثاني :

[١٩٤١] حدثنا محمد بن العباس ، ثنا زنيج ، ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق عن محمد مولى لآل زيد بن ثابت ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) أي : قد شروا أنفسهم من الله بالجهاد في سبيله ، والقيام بحقه ، حتى هلكوا على ذلك ، يعني : السرية

الوجه الثالث :

[١٩٤٢] حدثنا الحسن بن أبى الربيع ، ثنا عبد الرزاق (١) أنبأ معمر ، عن قتادة ، في قول : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) قال : هم المهاجرون والأنصار.

قوله : (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ)

[١٩٤٣] حدثنا أبو زرعة ، ثنا نحيى ابن لهيعة ، حدثني عطاء ، عن سعيد بن جبير ، في قول الله : (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) يعني : يرأف بكم.

قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) آية ٢٠٨

[١٩٤٤] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا أحمد بن الصباح بن أبى سريج ، أخبرنى الهيثم بن يمان ، ثنا إسماعيل بن زكريا ، حدثني محمد بن عون ، عن عكرمة عن ابن عباس ، قوله : يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة كذا قرأها بالنصب ،

__________________

(١) التفسير ١ / ٩٧.

١٩

يعني : مؤمني أهل الكتاب ، فإنهم كانوا مع الإيمان بالله مستمسكين ببعض أمر التوراة والشرائع التي نزلت فيهم. وروى عن مقاتل بن حيان ، أنه قال : عبد الله بن سلام ومؤمنو اهل الكتاب.

قوله : (ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ)

[١٩٤٥] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا أحمد بن الصباح ، أخبرنى الهيثم بن يمان ، ثنا إسماعيل بن زكريا ، حدثني محمد بن عون ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال الله تبارك وتعالى : (ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) يقول : ادخلوا في شرائع دين محمد صلّى الله عليه وسلم ، ولا تدعوا منها شيئا ، وحسبكم الإيمان بالتوراة وما فيها.

[١٩٤٦] حدثنا أبو زرعة ، ثنا منجاب ، أنبأ بشر بن عمارة ، عن أبى روق عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قوله : (ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) قال : السلم : الطاعة. وروى عن أبى العالية والربيع بن أنس ، نحو ذلك.

[١٩٤٧] أخبرنا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إلى ، حدثني أبى ، ثنا عمي الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) والسلم : الإسلام. وروى عن عكرمة ، وأحد قولي مجاهد والسدى والضحاك وطاوس : وأحد قولي قتادة نحو ذلك.

[١٩٤٨] حدثنا أبى ، ثنا عيسى بن أبي فاطمة ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبى نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : (ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) قال : في أنواع البر كلها.

والوجه الثاني :

[١٩٤٩] حدثنا عبيد الله بن إسماعيل البغدادي ، ثنا خلف بن هشام المقرئ ، ثنا الخفاف ، قال : قال سعيد : قال قال قتادة : (فِي السِّلْمِ) يعني : الموادعة.

قوله (كَافَّةً)

[١٩٥٠] حدثنا أبو زرعة ، ثنا منجاب ، أنبأ بشر بن عمارة ، عن أبى روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، في قوله : (ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) يقول : جميعا. وروى عن الضحاك وأبي العاليه والربيع وعكرمة وقتادة والسدى ومقاتل بن حيان ، نحو ذلك.

٢٠