من المعدودين في الحديث ، ولا دلالة لها على كراهة الاغتسال في مطلق الماء المستعمل في الغسل.
هذا على أن الرواية على تقدير تمامية الاستدلال بها مختصة بكراهة الاغتسال من المستعمل في الغسل ، ولا دلالة لها على كراهة الغسل من المستعمل في الوضوء ، وقال : إن الاستدلال بصدر الرواية من دون ملاحظة أن ذيلها قرينة على صدرها من أحد المفاسد المترتبة على تقطيع الحديث ، وفصل بعضه عن بعض ، فما ذكره المفيد قدسسره مما لا دليل عليه.
ولكن الإنصاف أن ذيل الرواية أجنبي عن صدرها ، وهما أمران لا قرينية في أحدهما على الآخر ، وبما أن صدرها مطلق فلا مانع من أن يعتمد عليه ، ويكون هو المدرك لقول المفيد قدسسره كما ذكره البهائي قدسسره.
نعم ، يمكن المناقشة في دلالة الرواية على استحباب التنزه من الماء المستعمل بوجه آخر ، وهو أن هذه الرواية ونظائرها إنما وردت لإرشاد الناس إلى الأخذ بمصالحهم والتجنب عما يضرهم ، ومن جملته الاحتفاظ على صحة أبدانهم بالاجتناب عن استعمال ما اجتمعت فيه الأوساخ التي قد تؤدي إلى سراية الأمراض ، والقرآن كما أنه متكفل بإرشاد البشر إلى المصالح الأُخروية والدنيوية ، ومكمّل لنظامهما على وجه أتم كذلك الأئمة عليهمالسلام فإنّهم أقران الكتاب ينظرون إلى جهات المصالح والمفاسد كلّها ، ومن أهمها جهة التحفظ على الصحة ، ونظير هذه الرواية ما ورد : من أن شرب الماء في الليل قاعداً كذا وقائماً كذا (١).
ولكنه لا دلالة في شيء منها على استحباب تلك الأُمور ولا على كراهة خلافها لأنها كما عرفت في مقام الإرشاد ولم ترد لبيان الحكم المولوي ، ومن هنا نتعدّى من
__________________
(١) ففي المحاسن عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « لا تشربوا الماء قائماً ». وفي رواية السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : « شرب الماء من قيام بالنهار أقوى وأصح للبدن ». وفي مرسلة الصدوق : « أنه أدرّ للعروق وأقوى للبدن ». راجع الوسائل ٢٥ : ٢٤٢ / أبواب الأشربة المباحة ب ٧ ح ١٢ ، ١ ، ٧.