• الفهرس
  • عدد النتائج:

بعض ، وعلى هذا نقطع بأن المياه الموجودة في الأرض كلّها مسبوقة بالقلة لا محالة لوضوح أن الكر والبحار لم تنزل من السماء كرّاً وبحاراً وإنما تنزل منه القطرات وتتشكل الأنهار والكر وغيرهما من تلك القطرات الواقعة على وجه الأرض ، فالمياه بأجمعها مسبوقة بعدم الكرية فحينئذٍ نشير إلى الماء المشكوك ونقول : إنه كان في زمان ولم يكن كرّاً ونشك في اتصافه بالكر وعدمه فالأصل أنه باق على اتصافه بعدم الكرية ، ومجرى هذا الأصل كما ترى هو عدم الكرية على وجه النعت ومعه لا يتوقف الحكم بعدم كرية المشكوك في المقام على جريان الاستصحاب في الأعدام الأزلية.

ودعوى : أن لازم هذا البيان القطع بأن المياه الكائنة في الأرض بأجمعها مسبوقة بالاعتصام لأن أصلها المطر وهو معتصم كما يأتي عن قريب ، فعند الشك في عصمة ماء وعدمها نستصحب اعتصامه.

مدفوعة بأنها تبتني على جريان الاستصحاب في القسم الثالث من الكلي ، لأن العصمة عند نزول المياه تتحقق في ضمن فرد وهو المطر وهي قد انعدمت قطعاً لنزولها على الأرض ، ونشك في تبدلها إلى العصمة في ضمن فرد آخر وهو الكر فالاستصحاب فيه من القسم الثالث من الكلي ولا نقول بجريانه.

ثم لو تنزلنا وبنينا على عدم جريان الاستصحاب في عدم الكرية على وجه النعت بدعوى أنه من التدقيقات العقلية والأخبار لا تشمل مثلها ، ولا في عدمها المحمولي بدعوى أن الكرية من عوارض الماهية ، فهل نلتزم بما أفتى به في المتن من الحكم بطهارة الماء ونجاسة المغسول به كل بحسب الأصل الجاري فيه بخصوصه؟ الالتزام بما أفاده في المتن هو المتعيّن.

وتحقيق هذا الكلام وتأسيس الأصل فيه إنما ينفع على غير مسلكنا من عدم جريان الأصل في العدم الأزلي ، وينفع على مسلكنا أيضاً في غير هذه المسألة ، لأن الشك في كرية الماء قد يفرض فيما إذا كان الماء مسبوقاً بحالتين متضادتين بأن علمنا بكريته في زمان وقلته في زمان آخر واشتبه المتقدم منهما بالمتأخر ، إذ لا مجال في مثله لاستصحاب العدم الأزلي للقطع بانقطاع العدم وانقلابه إلى الوجود ، ولا لاستصحاب العدم النعتي لأن القلة السابقة فيه تبدلت بالكرية قطعاً.