حيدر والشدياق ، والمطران الدبس ، ولعله غلط مطبعي ، وهو ما نحمل عليه صديقنا البحاثة صاحب الدواني ، الذي يأبى له تحقيقه مثل هذه المخالفة) ـ وسببها كما جاء في تاريخي الدبس (١) والأمير حيدر (٢) وفي أخبار الأعيان (٣) ، والدواني (٤) : أن متاولة جبل عامل لما تطاولوا على أطراف بلاد الأمير ملحم ، وعصوا على سعد الدين باشا العظم والي صيدا ، في تأدية المال السلطاني ، استنفر لتأديبهم الأمير ملحم ، فصادف ذلك هوى في نفسه للانتقام منهم ، فجمع عسكرا جرارا وزحف به حتى بلغ جسر الأولي.
فتدارك المتاولة خطر هذا الزحف باستمالة الوزير بهداياهم الفاخرة ، وبوعده بدفع المال السلطاني وغيره على أن يكف عنهم الأمير ملحما. فكتب إليه يخبره وأمره بالكف عنهم ، فلم يرقه ذلك ، وأغضبه رضاه عنهم بدون علمه ، وأثار حفيظته تركهم استرضاءه ، فخالفه ونهض إلى قتالهم بجيشه ، فأدرك قرية انصار ، وفيها المناكرة والصعبية وأحزابهم ، فخرجوا برجالهم لحربه ، فدحرهم وقتل منهم ألف وستمائة قتيل ، وقبض على أربعة من مشايخهم ، ونهب القرية وأحرقها ، وعاد إلى دير القمر بعز تام ، ومعه المشايخ الأربع الأسرى ، فزجهم في السجن ، وكتب إلى وزير صيدا بخبر ظفره ، فأجابه جواب الرضى والثناء ، وأرسل إليه مصرف عسكره ، وتوسط بعد ذلك الشيخ على جنبلاط في أمر المشايخ المسجونين ، فقبل الأمير وساطته ، وأطلقهم من السجن على أن يدفعوا له كل سنة ستة آلاف قرش وفرسين من جياد الخيل».
أما مؤرخو هذه النكبة من العامليين فقد قال بعضهم : «هاجم في هذه
__________________
(١) يوسف الدبس : تاريخ سورية. الجزء الرابع من المجلد السابع ص ٣٧٦ ـ ٣٧٧.
(٢) الأمير حيدر شهاب : الغرر الحسان ٢ : ٧٦٩.
(٣) الشدياق : اخبار الأعيان ٢ : ٣١٨.
(٤) عيسى اسكندر المعلوف : دواني القطوف ص ٢٠٤ ـ ٢٠٥.