هذا بنصه إذ قال :
« وَقالَ الَّذيْنَ كَفرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَليْهِ الْقُرانُ جُمْلةً واحِدَةً ».
ثم قال تعالى ردّاً على إعتراضهم هذا : « كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بهِ فُؤادَكَ » (١).
إن القرآن يهتم بهذا الإعتراض ، ويوضح مسألة « النزول التدريجي » للقرآن الكريم ويقطع الطريق على المستشرقين المغرضين ومن حذى حذوهم ، بمنطقه المحكم ، وبيانه القويّ.
وها نحن نعمد هنا إلى إعطاء شيء من التوضيح لهذه المسألة ايضاً :
القُران والنُزُولُ التدريجيّ :
إن التاريخ القطعيّ لنزول القرآن وكذا مضامين آيات سوره تشهد بأن آيات القرآن الكريم وسوره نزلت تدريجاً.
فبمراجعة فاحصة لأوضاع مكة ، والمدينة يمكن تمييز المكيّ من هذه الآيات عن مدنيّها.
فالآيات الّتي تتحدثُ عن مكافحة الشرك والوثنية ودعوة الناس إلى اللّه الواحد ، والإيمان باليوم الآخر مكيّة ، بينما تكون الآيات الّتي تدور حول الأحكام وتحثُّ على الجهاد والقتال مدنيّة ، ذلك لأنّ الخطاب في البيئة المكيّة كان موجَّهاً إلى المشركين عَبدة الاوثان الذين كانوا ينكرون توحيدَ اللّه ، واليوم الآخر ، فهنا تكونُ الآيات الّتي تتحدث حول هذا الموضوع قد نزلت في هذه البيئة.
في حين كان الخطاب في المدينة المنورة موجّها إلى المؤمنين باللّه ، وإلى جماعة اليهود والنصارى ، وكان الجهاد والقتال في سبيل إعلاء كلمة اللّه هو الأعمال المهمّة الّتي بدأها رسولُ اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وواصلها في هذه البيئة ، من هنا تكون الآيات الّتي تتضمن الحديث حول الاحكام والفروع والقوانين ، ويدور
__________________
١ ـ الفرقان : ٣٢.