• الفهرس
  • عدد النتائج:

مستحسنا عند الناس مرضيا (فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً) أي حال السر والجهر (هَلْ يَسْتَوُونَ) أي هل يستوي العبيد والأحرار الموصوفون بتلك الصفات مع أن الفريقين سيان في البشرية والمخلوقية لله تعالى ، وأن ما ينفقه الأحرار ليس مما لهم دخل في إيجاده بل هو مما أعطاه الله تعالى إياهم فحيث لم يستو الفريقان فما ظنكم برب العالمين حيث تشركون به ما لا ذليل أذل منه وهو الأصنام. والمعنى لو فرضنا عبدا مملوكا لا يقدر على التصرف ، وحرا غنيا كريما كثير الإنفاق في كل وقت ، فصريح العقل يشهد بأنه لا تجوز التسوية بينهما في التعظيم والإجلال فلما لم تجز التسوية بينهما مع استوائهما في الصورة البشرية ، فكيف يجوز للعاقل أن يسوي بين الله القادر على الرزق وبين الأصنام التي لا تقدر ألبتة. (الْحَمْدُ لِلَّهِ) أي كل الحمد له تعالى لأنه معطي جميع النعم لا يستحقه أحد غيره فضلا عن استحقاق العبادة (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٧٥) إن كل الحمد لله وحده فيسندون نعمه تعالى إلى غيره ويعبدونه لأجلها ، وبعض الكفار يعلمون ذلك وإنما لا يعلمون سبب الحمد عنادا كقوله تعالى : يعرفون نعمة الله ، ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون. (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ) أي الذي لا يحسن الكلام ولا يعقل (لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) للعجز التام وللنقصان الكامل (وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ) أي هذا الأبكم ثقيل على من يعوله (أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ) أي أينما يرسله من يلي أمره في وجه معين لا يأت بمطلوب لأنه عاجز لا يحسن شيئا ولا يفهم (هَلْ يَسْتَوِي هُوَ) أي هذا الموصوف بهذه الصفات الأربع (وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) أي من هو منطيق فهم ينفع الناس بحثهم على العدل (وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٧٦) أي وهو عادل مبرأ عن العبث وإذا ثبت في بديهة العقل أن الأبكم العاجز لا يساوي الناطق القادر الكامل في الفضل والشرف مع استوائهما في البشرية ، فلأن نحكم بأن الجماد لا يكون مساويا لرب العالمين في المعبودية أولى. (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي ولله تعالى خاصة الأمور الغائبة عن علوم المخلوقين قاطبة ، فإن علمه تعالى حضوري وتحقق الغيب في أنفسها علم بالنسبة إليه تعالى. وهذا بيان كمال العلم. (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ) أي وما أمر إقامة الساعة وهي إماتة الأحياء وإحياء الأموات من الأولين والآخرين ، وتبديل صور الأكوان أجمعين إلا كرجع الطرف من أعلى الحدقة إلى أسفلها في سهولته! (أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) أي بل أمر إقامة الساعة أقرب من طرف العين في السرعة بأن يكون في زمان نصف تلك الحركة فالله تعالى يحيي الخلق دفعة ، وهي في جزء غير منقسم ، وهذا بيان كمال القدرة (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٧٧) فإن الله تعالى متى أراد شيئا إيجاده أو إعدامه حصل في أسرع ما كان (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) أي غير عارفين شيئا أصلا (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) أي جعل لكم هذه الأشياء آلات تحصلون بها المعرفة (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٧٨) أي لكي تستعملوها في شكر ما أنعم الله به عليكم طورا غبّ