• الفهرس
  • عدد النتائج:

من عند الله تعالى فيه بيان ما يأتون وما يذرون ، فلما هلك فرعون سأل موسى ربه الكتاب ، فأمره أن يجيء إلى الطور ويصوم فيه ذا القعدة وعشر ذي الحجة ، فذهب إليه واستخلف هارون على بني إسرائيل ومكث في الطور أربعين ليلة ، وأنزلت عليه التوراة في ألواح من زبرجد ، فلما ذهب موسى إلى الطور وكان قد بقي مع بني إسرائيل الثياب والحلي الذي استعاروه من القبط لعمل عرس. قال لهم هارون : إن هذه الثياب والحلي لا تحل لكم فاحرقوها ، فجمعوا نارا وأحرقوها ، وكان موسى السامري في مسيره مع موسى عليه‌السلام في البحر نظر إلى حافر دابة جبريل عليه‌السلام حين تقدّم على فرعون في دخول البحر ، فقبض قبضة من تراب حافر تلك الدابة ، ثم إن السامري أخذ ما كان معه من الذهب والفضة وصوّر منه عجلا في ثلاثة أيام مرصعا بالجواهر كأحسن ما يكون وألقى فيه ذلك التراب فخرج منه صوت ومشى. فقال للقوم : هذا إلهكم وإله موسى فتركه هاهنا وخرج يطلبه ، وكانت بنو إسرائيل قد أخلفوا الوعد ، فعدوا اليوم مع الليلة يومين ، فلما مضى عشرون يوما ولم يرجع موسى عليه‌السلام وقعوا في الفتنة ، فعبدوا كلهم العجل إلا هارون مع اثني عشر ألف رجل وكان موسى السامري رجلا صائغا من جماعة يقال لها : سامرة ، وكان منافقا يظهر الإسلام ، وكان من بني إسرائيل من قوم يعبدون البقر. (ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ) أي محونا ذنوبكم حين تبتم (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) أي من بعد عبادتكم العجل (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٥٢) أي لكي تشكروا نعمة عفوي وتستمروا بعد ذلك على طاعتي. (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ) أي واذكروا إذ أعطينا موسى التوراة وبيّنا فيها الحلال والحرام. والأمر والنهي وغير ذلك. (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (٥٣) لكي تهتدوا بتدبر الكتاب من الضلال (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) الذين عبدوا العجل (يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) أي إنكم نقصتم أنفسكم الثواب الواجب بالإقامة على عهد موسى عليه‌السلام (بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ) أي بعبادتكم العجل. فقالوا لموسى : فماذا تأمرنا؟ فقال لهم : (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ) أي إلى خالقكم ولو أظهرتم التوبة بالبدن دون القلب فأنتم ما تبتم إلى الله وإنما تبتم إلى الناس. قالوا : كيف نتوب؟ فقال لهم : (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) أي سلموا أنفسكم للقتل وارضوا به ، فأجابوا. فأخذ عليهم المواثيق ليصبروا على القتل فأصبحوا مجتمعين. فكل قبيلة على حدة ، وأتاهم بالاثني عشر ألفا الذين لم يعبدوا العجل ألبتة وبأيديهم السيوف. فقال التائبون : إن هؤلاء إخوانكم قد أتوكم شاهرين السيوف فاتقوا الله واصبروا. فلعن الله رجلا قام من مجلسه أو مدّ طرفه إليهم ، أو اتقاهم بيد أو رجل فيقولون : آمين. فجعلوا يقتلون من الصبح إلى المساء ، وقام موسى وهارون عليهما‌السلام يدعوان الله تعالى ويقولان : البقية البقية يا إلهنا ، فأوحى الله إليهما : «إني قد غفرت لمن قتل وتبت على من بقي» وكان القتلى سبعين ألفا. (ذلِكُمْ) أي القتل في التوبة (خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ) لما فيه طهارة عن الشرك (فَتابَ عَلَيْكُمْ) أي قبل توبة من قتل منكم وغفر لمن لم يقتل من بقية المجرمين ، وعفا عنم من غير قتل (إِنَّهُ هُوَ