• الفهرس
  • عدد النتائج:

الأمر وقالا : هي بلاد طيبة كثيرة النعم وقلوب القوم الذين فيها ضعيفة ، وإن كانت أجسامهم عظيمة ، وأما العشرة من النقباء فقد أوقعوا الجبن في قلوب الناس حتى أظهروا الامتناع من غزوهم ورفعوا أصواتهم بالبكاء. (قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها) أي في الطور ، أو أريحا أو دمشق وفلسطين كما روى كل واحد من هذه الثلاثة عن ابن عباس (قَوْماً جَبَّارِينَ) أي طوالا عظماء أقوياء فلا تصل أيدي قوم موسى إليهم فسموهم جبارين لهذا المعنى (وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها) من غير صنع منافاته لا طاقة لنا بإخراجهم منها (فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها) بسبب ليس منا (فَإِنَّا داخِلُونَ) (٢٢) قالوا هذا على سبيل الاستبعاد (قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ) أي يخافون الله تعالى في مخالفة أمره ونهيه (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا) بالهداية والثقة بعون الله والاعتماد على نصرة الله وهما يوشع بن نون وهو الذي نبىء بعد موسى وهو ابن أخت موسى وكالب بن يوقنا ، ختن موسى وهو بفتح اللام وكسرها. وقيل : هما رجلان من الجبابرة أسلما واجتمعا مع موسى والموصول عبارة عن الجبابرة وإليهم يعود العائد المحذوف. والتقدير : قال رجلان من الجبابرة الذين يخافهم بنو إسرائيل وهما رجلان منهم أنعم الله عليهما بالإيمان فآمنا ويشهد لهذا الوجه قراءة من قرأ «يخافون» على صيغة المبني للمفعول. (ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ) أي باب بلدهم. أي باغتوهم وضاغطوهم في المضيق وامنعوهم من البروز إلى الصحراء لئلا يجدوا للحرب مجالا (فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ) أي باب بلدهم (فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ) من غير حاجة إلى القتال فإنا شاهدنا أن قلوبهم ضعيفة وإن كانت أجسامهم عظيمة وإنما جزم هذان الرجلان بالغلبة لأنهما كانا جازمين بنبوة موسى ، فلما أخبرهم موسى بأن الله تعالى أمرهم بالدخول في تلك الأرض قطعا بأن النصرة لهم والغلبة حاصلة في جهتهم (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا) في حصول هذا النصر لكم بعد ترتيب الأسباب ولا تعتمدوا عليها فإنها غير مؤثرة (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٢٣) بصحة نبوة موسى ومقرين بوجود الإله القادر مصدقين لوعده (قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها) أي أرض الجبارين (أَبَداً ما دامُوا فِيها) أي أرضهم (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ) إنما قالوا هذه المقالة على وجه التمرد عن الطاعة أي على وجه مخالفة أمر الله فهم فسقة (فَقاتِلا) هم (إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) (٢٤) عن القتال. (قالَ) عليه‌السلام لما رأى منهم عنادا على طريق الحزن والشكوى إلى الله تعالى : (رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي) هارون أي لا أملك التصرف. ولا ينفذ أمري إلا في نفسي وأخي. وإنما قال ذلك تقليلا لمن يوافقه ويجوز أن يكون المعنى إلا نفسي ومن يواخيني في الدين (فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) (٢٥) أي احكم لنا بما نستحقه واحكم على القوم الخارجين عن طاعتك بما يستحقونه وهو في معنى الدعاء عليهم. (قالَ) الله : يا موسى (فَإِنَّها) أي الأرض المقدسة (مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ) أي ممنوع عليهم الدخول فيها (أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ) أي يتحيرون في البرية. وكان طول البرية تسعين فرسخا وقد تاهوا في تسعة فراسخ عرضا في ثلاثين