ومن هنا نشاهد سعياً من البلاط ، إلى العمل على إبعاد الشيخ من جواره. لقد أدرك ناصر الدين شاه أنّ قتل المعارضين من أمثال أمير النظام ليس هو الخيار الأمثل دائماً لمكافحة الأفكار المخالفة والتيّارات المعارضة. وأنّ إعادة سيناريو حمّام فين كاشان(١) بحقّ (شيخ العراقَين) رحمه‌الله وأمثاله ، لم يكن ليحمل أيّ فائدة لبلاط متداع مثل البلاط القاجاري. لأنّ الدعامة الشعبية التي يتمتّع بها العلماء الربّانيّون ، تعدّ من الحصون العظيمة التي لا قبل لأيّ طاغية على الاقتراب منها. ومن هنا صار البلاط إلى خطّة بديلة يضرب بها عصفورين بحجر واحد. حيث عمد ناصر الدين شاه إلى إبقاء (شيخ العراقَين) [الذي كان قد ذهب إلى العراق لأسباب سنأتي على ذكرها] في العتبات المقدّسة ، للإشراف على بعض أعمال عمارة العتبات والقباب والمنارات لمراقد الأئمّة المعصومين عليهم‌السلام التي تعرّضت للتخريب والتدنيس إثر هجمات الوهّابيّين ، فضمن للشيخ بذلك نفياً محترماً إلى العراق الذي كان في حينها خاضعاً للسيطرة العثمانية.

أسباب هجرة (شيخ العراقَين) إلى العتبات المقدّسة :

بعد أن رسّخ الميرزا آقا خان النوري ـ الصدر الأعظم في سلطة ناصر الدين شاه ، إثر عزل أمير كبير من هذا المنصب ، وكان له تأثير كبير في إقالة أمير كبير وقتله ظلماً ـ دعائم سلطته ، أخذ يستهدف أنصار أمير كبير ، ولم يترك فرصة إلاّ واغتنمها في مطاردتهم والتنكيل بهم والإجهاز عليهم. وكان الشيخ عبد الحسين

__________________

(١) الحمّام الذي قتل فيه أمير كبير بقطع وريديه.