
تراثنا
|
صاحب
الامتیاز
مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام
لإحياء التراث
المدير المسؤول :
السيّد جواد
الشهرستاني
|
العدد
الرابع [١٤٠]
|
السنـة الخامسة
والثلاثون
|
محتـويات العـدد
* السيّاري وكتاب (القراءات) المثير للجدل.
........................................................ علي
عبد الزهرة الفحّام ٧
* الوجود العلمي
الأحسائي في الهند.
...................................................... الشيخ
محمّد علي الحرز ٥٨
* من أعلام النجف
الأشرف المولى الإسترآبادي (ت٨٣٧هـ) (إجازاته وإنهاءاته).
.................................................. ميثم
سويدان الحميري الحلّي ٩٨
* شيخ العراقَين (الشيخ
عبد الحسين بن علي الطهراني) (١٢٢٥ ـ ١٢٨٦هـ).
..................................................... السيّد
حسن علي مطر ١٦٦
شوّال
ـ ذو الحجّة
|
١٤٤٠ هـ
|
* (الفَوائِدُ الحِسانُ الغَرائِبُ)
روايةُ (ابنِ الجندي) (٣٠٥ ـ ٣٩٦هـ) (٢).
................................................... الشيخ
أمين حسين پوري ٢٢٠
* المنهج الموسوعي في
الفقه الإمامي (الحدائق والجواهر أنموذجاً) (٢).
...................................................... الشيخ
مهدي البرهاني ٢٤٦
* من ذخائر التراث :
* تحقيق في مسألة
الرضاع (للفاضل الهندي) (١٠٦٢ ـ ١١٣٧ هـ).
.......................................... تحقيق
: السيّد حسن جبّار الجزائري ٢٧٩
* من أنباء التراث.
.............................................................. هيـئة
التحرير ٣٠٨
* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة (تحقيق في مسألة الرضاع
للشيخ محمّد ابن الحسن الفاضل الهندي ١٠٦٢ ـ ١١٣٧ هـ) والمنشورة في هذا العدد.

السيّاري وكتاب (القراءات) المثير للجدل
د. علي عبد الزهرة الفحام
بسم الله الرحمن الرحیم
يعدّ أحمد بن
محمّد السيّاري من الرواة الذين أكثر نقّاد الرجال القول فيهم ، بين قدح لروايته ،
وتضعيف لكتبه ، فصار من جملة الضعفاء الذين حكم عليهم الرجاليّون بالضعف والغلوّ
والتخليط ، وهذا الحكم ربّما يجد مجالاً للنقاش والنقد ، لا سيّما وأنّ آفة
الرجاليّين تقليد من سبقهم ، والبناء على أقوال من تقدّم عليهم ، دون النظر في حال
الراوي عن قرب ، وسبر غور رواياته ، وتحقيق كلام المتقدمين من النقّاد ، فظلموا
الرواية والراوي ، وطعنوا في الحديث وأهل الحديث ، وصار النقد أسيراً لاجتهاد
المحقّقين ، وربّما يخضع في بعض الأحيان لسلطان الهوى الذي لا ينفكّ عن كثير من
الأحكام الاجتهادية في شتّى صنوف المعرفة.
إنّ من الواجب
، والحال هذه ، أنّ نزيل اللثام عن الحقيقة المختلف بشأنها ، وندلي بدلونا في بيان
حال محدّثنا الشيخ (أحمد بن محمّد السيّاري) ، والذي ثبت
عندنا وثاقته ، بل حسن حاله ، وجلالة قدره ، وعلوّ شأنه في جملة المحدّثين
الشيعة ، خلافاً للمشهور ، ووفاقاً لشيخنا المحدّث النوري صاحب المستدرك (أعلى الله مقامه).
اسمه ونسبه :
هو أحمد بن
محمّد بن سيّار ، أبو عبد الله ، السيّاري ، البصري ، وصفه الكشّي بأنّه (أصفهاني)
، ولكن البصري هو الشائع من بين ألقابه ، ولعلّ مولده ، أو أصوله العائلية
تعود إلى مدينة البصرة ، فقد سكن فيها ، وحدّث عن بعض رواتها ، أدرك عهد الإمام الرضا
عليهالسلام
، وتوفّي في
زمان الغيبة الصغرى ، وهذا يعني أنّه عاصر خمسة من أئمّة الهدى
عليهمالسلام
، وهم : الرضا
، والجواد ، والهادي ، والعسكري ، والإمام المهدي (صلوات الله عليهم أجمعين).
حياته العلمية وعلاقته بالأئمّة
عليهمالسلام :
كان أحمد بن
محمّد السيّاري من بحور العلم ، ومن أوعية الحديث ، أخذ الرواية والحديث عن طائفة
واسعة من أصحاب الأئمّة عليهمالسلام ، وتنقّل في طلب العلم بين الكوفة ، وبغداد ، وقم ،
والبصرة ، حتّى صار من كبار المحدّثين ، وكان الرواة والفقهاء يقصدونه لأخذ الحديث
، وتلقّي العلوم ، وتعدّ كتبه من الأصول التي أخذ
__________________
عنها قدماء أصحابنا وثقات مصنّفينا كالكليني والصفّار والبرقي وغيرهم ممّن
سنأتي على ذكرهم بالتفصيل.
كان السيّاري
من أصحاب الإمام الرضا عليهالسلام ، فقد عاصره وروى عنه الحديث ، كما روى عن أبي جعفر الثاني
عليهالسلام
، وكان له صلات علمية واجتماعية مع بعض وكلاء الأئمّة
عليهمالسلام
، منهم : أبو
الحسن علي بن راشد ، وأبو جعفر محمّد بن عيسى بن عبيد ، وإبراهيم بن محمّد
الهمداني ، وحفيده الحسن ابن علي بن إبراهيم الهمداني.
أدرك السيّاري
زمان الغيبة الصغرى ، وشاهد وسمع بعض معجزات وكرامات الإمام المهدي
عليهالسلام
كما في بعض
المرويّات ، وروى بعض التواقيع ، ممّا يرجّح اتّصاله بنوّاب الإمام المهدي
عليهالسلام
، ووكلائه ،
وكونه على صلة بكبار رجالات الشيعة ، ومن الروايات التي توثّق حضوره في زمان
الغيبة الصغرى ، نذكر ما يأتي :
الرواية
الأولى : الشيخ
الصدوق ، قال : «حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه ، وأحمد بن محمّد بن يحيى العطّار
رضي الله عنهما قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، قال : حدّثنا الحسين بن علي
النيسابوري ، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر
عليهماالسلام
، عن السيّاري
قال : حدّثتني نسيم ومارية قالتا : إنّه لمّا سقط صاحب الزمان
عليهالسلام
من بطن أمّه
جاثياً على ركبتيه ، رافعاً سبابتيه إلى السماء ، ثمّ عطس فقال : الحمد لله ربّ
العالمين وصلّى الله على محمّد وآله ، زعمت
__________________
الظلمة أنّ حجّة الله داحضة لو أذن لنا في الكلام لزال الشكّ».
أورد هذه
الرواية أيضاً الشيخ الطوسي ، بسنده عن علاّن الكليني ، عن محمّد بن يحيى ، عن
الحسين بن علي النيشابوري الدقّاق ، عن إبراهيم بن محمّد ابن عبد الله بن موسى بن
جعفر عليهماالسلام
، عن السيّاري
قال : «حدّثني نسيم ومارية قالت : لمّا خرج صاحب الزمان
عليهالسلام
من بطن أمّه
سقط جاثياً على ركبتيه ، رافعاً سبّابته نحو السماء ، ثمّ عطس فقال : الحمد لله
ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله عبداً داخراً لله غير مستنكف ولا مستكبر»
، ثمّ قال : «زعمت الظلمة أنّ حجّة الله داحضة ، ولو أذن لنا في الكلام لزال الشك».
وروى قطب الدين
الرواندي عن السيّاري ، عن نسيم ومارية أنّه لمّا خرج صاحب الزمان من بطن أمّه سقط
جاثياً على ركبتيه ، رافعاً سبّابتيه نحو السماء ، ثمّ عطس وقال : «الحمد لله ربّ
العالمين وصلّى الله على محمّد وآله عبداً داخراً لله ، غير مستنكف ولا مستكبر»
ثمّ ، قال : «زعمت الظلمة أنّ حجّة الله داحضة ، ولو أذن لنا في الكلام لزال
الشكّ».
أمّا الميرزا
النوري الطبرسي فقد روى عن علي بن الحسين المسعودي صاحب كتاب إثبات الوصية : قال : «روى غيلان الكلابي ، عن محمّد بن يحيى ،
__________________
عن الحسن بن علي النيشابوري الدّقاق ، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن
موسى بن جعفر عليهماالسلام
، عن أحمد بن
محمّد السيّاري ، قال : حدّثتني نسيم ومارية قالتا : لمّا خرج صاحب الزمان
عليهالسلام
من بطن أمّه ،
سقط جاثياً على ركبتيه رافعاً سبّابته نحو السماء ، ثمّ عطس فقال : الحمد لله ربّ
العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله ، عبد داخر لله ، غير مستنكف ولا مستكبر» الخبر.
والرواية
الأخيرة هي الوحيدة التي تصرّح باسم السيّاري كاملاً (أحمد بن محمّد السيّاري) ،
وبها يتّضح الإجمال الوارد في ما سبقها من نصوص ، وهو ما تنبّه له بعض المحقّقين
أيضاً ، منهم : السيّد محمّد باقر الموحد الأبطحي في تحقيق كتاب الخرائج ، والشيخان عبد الله الطهراني وعلي أحمد ناصح محقّقا
كتاب غيبة
الطوسي ، وهذا يدلّ أنّ السيّاري كان على اتّصال بالطبقة
المقرّبة من الإمام المهدي عليهالسلام ، وهم أهله ، وحاشيته ، وخدمه ، في ظرف كانت فيه أجواء
التعتيم والسرّية هي السائدة في بيت الإمام العسكري
عليهالسلام
، ولم يكن
يطّلع على أحوال الإمام ، أو يعرف أخباره إلاّ قلّة من المخلصين من فقهاء الشيعة
ورواة حديث الأئمّة.
الرواية
الثانية : عن كتاب النجوم للسيّد ابن طاووس ، نقلاً عن كتاب الدلائل للحميري ، قال : «الحسن بن علي بن إبراهيم ، عن
السيّاري قال : كتب علي
__________________
ابن محمّد [الصيمري] يسأل كفَناً فورد : (إنّك تحتاج إليه سنة ثمانين) ،
فمات في هذا الوقت الذي حدّه وبعث إليَّ بالكفن قبل موته بشهرين».
الرواية
الثالثة : روى النوري
عن صاحب الهداية
الكبرى عن الحسن بن
محمّد بن جمهور ، عن السيّاري ، عن إبراهيم بن إدريس ـ صاحب نفقة أبي محمّد
عليهالسلام
ـ قال : «وجّه
إليَّ مولانا أبو محمّد عليهالسلام بكبشين ، وقال : (عقّهما عن ابني الحسين ، وكل وأطعم
إخوانك) ، ففعلت ولقيته بعد ذلك فقال : (المولود الذي ولد لي مات) ، ثمّ وجّه إليّ
بأربعة أكبش وكتب : (بسم الله الرحمن الرحيم ، عقّ هذه الأربعة أكبش عن مولاك ،
وكل ـ هنّأك الله) ، ففعلت ولقيته بعد ذلك فقال : (إنّما استأثر الله بابني الحسين
وموسى لولادة محمّد مهدي هذه الأمّة والفرج الأعظم».
أقول : ونقطة الضعف في هذه الرواية إثبات ولادة أخوين للإمام
المهدي عليهالسلام
، وهذا مخالف
لمشهور النقل التاريخي ، وإن كان ليس ممتنعاً عقلاً أو شرعاً ، ولم يستبعد بعض
المحقّقين هذا الأمر ، قال الشيخ الكوراني : «يظهر أنّ المقصود أنّ الله تعالى ستر
ولادة المهدي عليهالسلام
بولادة مولود
قبله كان اسمه الحسين ، حيث مات وبلغ خبره السلطان فاطمأنّ أنّه لم يبق ولد حيّ
للإمام الحسن العسكري عليهالسلام
».
__________________
السيّاري ضحية الارتجال العلمي والتقليد :
اتّفقت كلمات
أغلب النقّاد والمحقّقين على تضعيف السيّاري ، والغمز فيه ، وفي مرويّاته ، وهذا
التضعيف إنّما جاء بسبب مباني الجرح عند القدماء ، وحالة التقيّد عند المتأخّرين
بمقولة المتقدّمين ، ويمكننا أن نضيف سبباً آخر وهو أنّ السيّاري روى جملة من
روايات (تحريف القرآن) ، وهو موضوع يشكّل هاجساً مخيفاً عند كثير من المحقّقين
المعاصرين ، بحيث يتوقّف الباحث عند الخوض في غماره أو مواجهة استحقاقاته ،
احترازاً من تهمة طالما ألصقها المخالفون بالشيعة ، وبغضّ النظر عن القول المختار
في موضوع التحريف ، فإنّني رأيت أنّ الرهاب الموجود في الوسط الفكري من روايات
التحريف هي التي دفعت بعض الباحثين المعاصرين إلى تأكيد ضعف السيّاري ، وعدم
الاعتناء بتراثه الروائي ، لتحييد مرويّاته عن أن تكون وثائق بيد المخالفين يتمّ
توظيفها في السجالات ، وحرب التهم المتبادلة بين الطرفين.
وسنذكر أهمّ
النصوص ـ القديمة والحديثة والمعاصرة ـ الواردة في تضعيف السيّاري ، ثمّ نذكر أهمّ
ما قرّروه في وجوه التضعيف ، ونبيّن ضعف تلك الوجوه ، وما يعارضها من مرجّحات
التوثيق ، لنخلص إلى القول المختار في بيان درجة وثاقة أحمد بن محمّد السيّاري.
أقوال النُّقاد والمحقّقين
أمّا أهمّ الأقوال في تضعيف السيّاري ، فهي كما يأتي :
* أحمد بن
الحسين الغضائري (توفّي قبل سنة ٤٥٠ هـ) ، قال : «أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّد بن سَيّار ، يُكنّى أبا عَبْد الله ، القُمّي ، المعروف
بالسَيّاري. ضَعِيْفٌ ، مُتهالِكٌ ، غال ، مُنْحَرِفٌ. اسْتَثْنى شُيُوخُ
القُمّيّين رِوايَتَهُ من كتاب نَوادِرِ
الحِكْمةِ. وحَكى عليُّ
بنُ مُحَمَّد بن مَحْبُوب عنه في كتاب النَوَادِرِ المُصَنَّف أنّهُ قالَ بِالتَناسُخِ».
* أبو العبّاس
، أحمد بن علي ، النجاشي (ت ٤٥٠ هـ) ، قال عنه : «أحمد بن محمّد بن سيّار أبو عبد
الله الكاتب ، بصري ، كان من كتاب آل طاهر في زمن أبي محمّد
عليهالسلام. ويعرف بالسيّاري ، ضعيف الحديث ، فاسد المذهب ، ذكر ذلك
لنا الحسين بن عبيد الله. مجفوّ الرواية ، كثير المراسيل ... أخبرنا الحسين بن
عبيد الله قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى ، وأخبرنا أبو عبد الله القزويني
قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه قال : حدّثنا السيّاري ، إلاّ ما
كان من غلوٍّ وتخليط».
* محمّد بن عمر
بن عبد العزيز الكشّي (توفّي بحدود ٣٥٠ هـ) ، ذكره بعنوان (في أبي عبد الله أحمد
بن محمّد السيّاري ، أصفهاني ويقال بصري) ، ثمّ نقل عن طاهر بن عيسى الورّاق ، قال
: «حدّثني جعفر بن أحمد بن أيّوب قال : حدّثني الشجاعي ، قال : «حدّثني إبراهيم بن
محمّد بن حاجب ، قال : قرأت في رقعة مع الجواد
عليهالسلام
يعلم من سأل عن
السيّاري : (أنّه ليس في المكان الذي ادّعاه
__________________
لنفسه وألاّ تدفعوا إليه شيئاً). قال نصر بن الصباح : السيّاري ، أحمد بن
محمّد ، أبو عبد الله ، من ولد سيّار ، وكان من كبار الطاهرية في وقت أبي محمّد الحسن العسكري
عليهالسلام
».
* الشيخ محمّد
بن الحسن الطوسي (ت٤٦٠ هـ) ، قال : «أحمد بن محمّد ابن سيّار ، أبو عبد الله
الكاتب ، بصري ، كان من كتاب آل طاهر في زمن أبي محمّد
عليهالسلام
، ويعرف
بالسيّاري ، ضعيف الحديث ، فاسد المذهب ، مجفوّ الرواية ، كثير المراسيل. وصنّف
كتباً كثيرة ، منها كتاب ثواب
القرآن ، كتاب الطبّ ، كتاب القراءة ، كتاب النوادر ، أخبرنا بالنوادر خاصّة الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد
بن محمّد بن يحيى ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا السيّاري ، إلاّ بما كان فيه
من غلوّ وتخليط ، وأخبرنا بالنوادر وغيرها جماعة من أصحابنا ، منهم الثلاثة الذين
ذكرناهم ، عن محمّد بن أحمد بن داود ، قال : حدّثنا سلامة بن محمّد ، قال : حدّثنا
علي بن محمّد الجبائي ، قال : حدّثنا السيّاري».
* ابن داود
الحلّي (ت ٧٤٠ هـ) : «أبو عبد الله السيّاري ، ضعيف».
* العلاّمة
الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) ، قال : «أبو عبد الله السيّاري ، ضعيف».
__________________
* حسن بن زيد
الدين العاملي (ت ١٠١١ هـ) ، قال : «إنّ ضعف المشار إليه ظاهر ثابت من غير هذا
الطريق ، فلا يعتبر ما يرويه».
* المولى محمّد
صالح المازندراني (ت ١٠٨١ هـ) ، قال : «(عن أحمد بن محمّد السيّاري) ضُعّفَ ونسب
إلى التناسخ».
* السيّد حسين
البروجردي (ت١٣٨٣ هـ) ، قال في دروسه : «أحمد بن محمّد السيّاري من كتاب (آل طاهر)
وضعف مذهبه وفساد عقيدته معلوم عند من كان مطّلعاً على أحوال الرجال».
* السيّد
الخوئي (ت١٤١٣ هـ) ، قال في تفسيره في مبحث التحريف : «أحمد بن محمّد السيّاري ،
الذي اتّفق علماء الرجال على فساد مذهبه ، وأنّه يقول بالتناسخ».
* السيّد محمّد
الشيرازي (ت١٤٢٢ هـ) ، ذكر السيّاري عرضاً في حديثه عن روايات التحريف في كتب
الشيعة ، قائلاً : «إنّ روايات التحريف الموجودة في كتب الشيعة والسنّة روايات
دخيلة أو غير ظاهرة الدلالة ، وقد تتبّعنا ذلك فوجدنا أنّ الروايات التي في كتب
الشيعة تسعين بالمائة منها عن طريق السيّاري ، وهو بإجماع الرجاليّين ، كذّاب
وضّاع ضال».
__________________
* علي أكبر
غفّاري ، قال : «أحمد بن محمّد بن سيار أبو عبد الله السيّاري ، كذّاب ، ضعيف ،
فاسد المذهب ، مجفوّ الرواية».
* السيّد محمّد
مهدي الخرسان ، قال بحقّه : «مثل هذا الإنسان كيف يعتمد على روايته؟ أو يحتجّ
بها؟».
* الشيخ ناصر
مكارم شيرازي ، قال عن السيّاري بعد أنّ تطرّق لمبحث التحريف : «السيّاري هذا
مطعون عند كثير من علماء (علم الرجال) ويقولون عليه كان : فاسد المذهب ، لا يعتمد
عليه ، وضعيف الحديث. وعلى قول بعضهم : إنّه من أهل الغلوّ ، منحرف ، معروف
بالتقوّل بالتناسخ ، وكذّاب ، ويقول عنه الكشّي (صاحب كتاب الرجال المعروف) : إنّ الإمام الجواد
عليهالسلام
وصف ادّعاءات
السيّاري في رسالته بأنّها باطلة».
* السيّد جعفر
مرتضى العاملي ، كبت به فرس التحقيق فقال عن السيّاري كلاماً غريباً : «السيّاري ،
فاسد المذهب والمنحرف ، والغالي الملعون على لسان الصادق
عليهالسلام
، والمطعون فيه
من قبل جميع الرجاليّين».
__________________
* الدكتور فتح
الله المحمّدي ، قال كلاماً غريباً أيضاً عن السيّاري بعد أن ذكر موضوعة التحريف :
«أحمد بن محمّد السيّاري حيث اتّفق علماء الفريقين على تضعيفه».
* ضياء الدين
الحسيني الأصفهاني ، قال تعليقاً على رواية أوردها الشيخ الكليني عن السيّاري :
«السيّاري من أضعف خلق الله وهذه الترّهات من مجعولات وهمه».
أهمّ موارد الطعن في السيّاري :
يمكن ممّا
تقدّم من الأقوال أن نُجمل الموارد التي طعن فيها الرجاليّون في وثاقة الراوي أحمد
بن محمّد السيّاري ، والتي تتلخّص في ما يأتي :
١ ـ الضعف :
وقد قرأنا ذلك
في كلام أغلب من تعرّض لترجمة السيّاري ، سواء في كتب الرجال والتراجم ، أم في كتب
الشرح وتخريج الأحاديث ، أم في كتب الفقه ؛
__________________
والضعف عنوان جامع لموارد الطعن والغمز على الراوي ، سواء كان الطعن في
نفسه ، أم في حديثه ، أم في مذهبه وعقيدته ، ولاسيّما مع عدم التخصيص ، وذكر
السيّد حسن الصدر «أنّه قدح مناف للعدالة» ، وقال المحقّق علي أكبر غفّاري : «قولهم : (ضعيف) ، لا
ريب في دلالته على الذمّ والقدح ، بل عدّه جمع منهم ثاني الشهيدين ـ رحمهما الله ـ
من ألفاظ الجرح ، وقال بعض الأجلّة : (إنّه لا ريب في إفادته سقوط الرواية وضعفها)
وإن لم يكن في الشدّة مثل أكثر ما سبق ، فيتميّز عند التعارض ، وأمّا إفادته القدح
في نفس الرجل فلعلّه كذلك ، حيث أطلق ولم يكن قرينة كتصريح أو غيره على الخلاف.
ولعلّه عليه يبتنى ما حكاه المولى الوحيد البهبهاني ـ رحمه الله ـ عن الأكثر ، من
أنّهم يفهمون منه القدح في نفس الرجل ، ويحكمون به بسببه. لكنّه قد تأمّل هو ـ
رحمه الله ـ في ذلك ، نظراً إلى أعمّية الضعف عند القدماء من الفسق ، لأنّ أسباب
الضعف عندهم كثيرة ، فإنّهم أطلقوه على أشخاص لمجرّد قلة الحفظ ، أو سوء الضبط ،
أو الرواية من غير إجازة ، والرواية عمّن لم يلقه أو الرواية لما ألفاظه مضطربة ،
أو الرواية عن الضعفاء والمجاهيل ، أو رواية راو فاسد العقيدة عنه ، أو أبرز
الرواية التي ظاهرها الغلوّ أو التفويض أو الجبر ، أو التشبيه ، أو نحو ذلك ممّا لا
يوجب الفسق ، فكما أنّ تصحيحهم غير مقصور على العدالة ، فكذلك تضعيفهم غير مقصور
على الفسق ، كما لا يخفى على من تتبّع وتأمّل. وقد يعترّض عليه بأنّ فهم الأكثر
منه القدح في نفس الرجل إنّما هو عند الإطلاق ، والموارد التي أشار إليها ممّا
قامت
__________________
فيه قرينة على الخلاف ، ولا مانع من استفادة الجرح منه عند الإطلاق وعدم
القرينة».
وسيتّضح بعد
قليل أنّ القول بالضعف المطلق للسيّاري ممّا لا سبيل إلى القبول به ، مع كثرة
القرائن والمرجّحات على ثبوت ظاهر العدالة ، ومقبولية رواياته عند الطائفة المحقّة
، كما أنّ إثبات مطلق الضعف يحتاج إلى شهادة حسّية معتبرة ، وليس بين أيدينا إلاّ
آراء اجتهادية ناشئة من إعمال الذوق الاجتهادي المبني على الظنّ والحدس ، قال
الشيخ علي النمازي الشاهرودي في تعليقه على تضعيف السيّاري : «وعندي أنّ تضعيفه
لما روى في كتاب القراءات من الآيات النازلة في الولاية ، وإسقاط بعض كلماته وفيها
الغلوّ والتخليط بزعمهم».
٢ ـ التخليط :
وقد جاءت هذه
التهمة عرضاً في طرق النجاشي والطوسي إلى كتب السيّاري ، قال النجاشي : «أخبرنا
الحسين بن عبيد الله قال : حدّثنا أحمد بن محمّد ابن يحيى ، وأخبرنا أبو عبد الله
القزويني قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه قال : حدّثنا السيّاري ،
إلاّ ما كان من غلوّ وتخليط» ، وقال الطوسي : «أخبرنا بالنوادر خاصّة الحسين بن عبيد
الله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، قال :
__________________
حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا السيّاري ، إلاّ بما كان فيه من غلوّ وتخليط» ، ويظهر أنّ الاستثناء في ذيل الطريق يعود لابن
الغضائري ؛ لأنّه هو مصدر التهمة ، ولوقوعه في أوّل الطريق ، والاختلاط «إذا قيل
على الإطلاق ، فيراد أنّه مخلّط في نفسه واعتقاده» ، والتخليط إمّا أن يكون في نفس الراوي ، أو في رواياته
، أو في عقيدته ، فإذا أطلق على نفس الراوي فلعلّ المراد به ما يقابل الضبط
والتثبّت ، وإذا أطلق على رواياته فالمقصود به إما خلط الأسانيد أو خلط المتون ،
وقد يطلق التخليط أيضاً على العقيدة ، عندما يتحوّل الراوي من العقيدة الصحيحة إلى
الفاسدة ، أو عندما يُظهر بعض المقالات الباطلة ، وكلّ هذه الطعون لا نجد ما يدلّ على ثبوتها في
محدّثنا السيّاري ، فأمّا قلّة ضبطه وتثبّته فليس ثمّة ما يدلّ عليه من نصوص
النقّاد أو استقراء مرويّاته ، وسنثبت إن شاء الله أنّ رواياته عالية المضامين ،
مقبولة عند قدماء الشيعة وأصحاب الأئمّة
عليهمالسلام
، وأمّا عقيدته
فسيتّضح سلامتها من أي غلوّ أو انحراف.
٣ ـ الغلوّ :
ويظهر أنّ
المصدر الأساس لهذه التهمة هو ابن الغضائري ، وكلّ من جاء بعده من النقّاد
والمحقّقين فقد أخذها منه ومن تلامذته كالطوسي والنجاشي ، فقد
__________________
ذكر ابن الغضائري في ترجمة السيّاري : «مُتهالِكٌ ، غال ، مُنْحَرِفٌ» ، وقال النجاشي : « ... فاسد المذهب ، ذكر ذلك لنا
الحسين بن عبيد الله ... أخبرنا الحسين بن عبيد الله قال : حدّثنا أحمد بن محمّد
بن يحيى ، وأخبرنا أبو عبد الله القزويني قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن
أبيه قال : حدّثنا السيّاري ، إلاّ ما كان من غلو وتخليط» ، ومع الأسف لم نجد من حقّق في ثبوت هذه التهمة ، أو
جاء بالقرائن والشواهد المؤيّدة لإثباتها ، ومعروف عند المحقّقين الأثبات أنّ
إثبات الغلوّ بالأقاويل أمر مرفوض ، ولاسيّما إذا كان مصدر التهمة شخصاً متشدّداً
في الجرح كابن الغضائري ، وسنأتي على استقراء روايات السيّاري ، ونثبت خلوّها من
شائبة الغلوّ المزعوم.
وقد تنبّه بعض
الباحثين لهذا الأمر ، وأنّ الغلوّ لم يكن إلاّ تهمة كان القمّيّون وبعض
المتشدّدين يطلقونها على الراوي حين لا تكون رواياته متوافقة مع آرائهم الاجتهادية
في مقام أهل البيت عليهمالسلام
، يقول السيّد
حسين البروجردي : «والسيّاري ممّن رموه بالضعف ، لما نسب إليه من الغلوّ. هذا ،
وقد عرفت منّا سابقاً أنّ كثيراً ممّن نسب إليهم الغلوّ كان لهم عقائد صحيحة متقنة
، غاية الأمر أنّ بعض الشيعة كانوا لقصورهم في بعض العقائد ربّما يعدّون بعض
العقائد الكاملة الصحيحة غلوّاً وإفراطاً ؛ فلا يلتفت إلى كثير ممّا ينسب إلى
الأصحاب من الغلوّ والإفراط».
__________________
٤ ـ القول بالتناسخ :
ومصدر هذه
التهمة حكاية قالها محمّد بن علي محبوب في كتاب النوادر للسيّاري ، ذكر ذلك ابن الغضائري ،
ومنه أخذ من جاء بعد من الرجاليّين ، والعجيب أنّ هذه الحكاية صارت مستنداً لعلماء الرجال
، فنجد أنّ السيّد الخوئي قال عن السيّاري : «اتّفق علماء الرجال على فساد مذهبه ،
وأنّه يقول بالتناسخ» ، وقال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي : أنّه «معروف
بالتقوّل بالتناسخ» ، وهذا غريب منهما ؛ فالأصل في التهمة حكاية مرسلة ،
ذكرها ابن الغضائري الذي يطعن السيّد الخوئي بثبوت كتابه ، أو صحّة الطرق إليه ، فكيف صار الأمر معروفاً ، وباتّفاق علماء الرجال؟
__________________
ولا شكّ أنّ
تهمة القول بالتناسخ لا تثبت بحال ؛ أوّلاً لأنّ الغضائري نقلها على أنّها (حكاية)
، دون تأكيد على ذلك ، كما أنّ النصّ مجمل وليس عليه قرائن من روايات السيّاري ،
أو من سيرته ، والأهمّ من ذلك أنّ القول بالتناسخ لو كان ثابتاً لاشتهر أمره بين
الشيعة ، ولصار السيّاري ملعوناً منبوذاً من أهل عصره ، حاله كحال الغلاة القائلين
بالتناسخ ، الذين صدرت بحقّهم تواقيع باللعن والذمّ من قبل الإمام الهادي ومن بعده
من الأئمّة عليهمالسلام
، ومن هؤلاء
الغلاة (محمّد بن نصير النميري الفهري) ، الذي تنسب إليه الطائفة العلوية النصيرية
، كان في زمان أبي الحسن الهادي عليهالسلام ، وأظهر القول بالتناسخ ، وإباحة المحارم ، والكفر
البواح ، فصدرت بحقّه التوقيعات العديدة بلعنه ، أمّا الإمام المهدي
عليهالسلام
فقد أصدر
توقيعاً شاملاً يفضح فيه جملة من الغلاة ومن بينهم النميري ، خرج التوقيع على يد
الحسن بن روح (أعلى الله مقامه) وجاء فيه : «أعلمهم تولاّك الله! أنّنا في التوقّي
والمحاذرة منه على مثل ما كنّا عليه ممّن تقدّمه من نظرائه ، من : السريعي ،
والنميري ، والهلالي ، والبلالي وغيرهم» ، فلو ظهر من السيّاري قول بالتناسخ أو الحلول ، لكان مصيره كمصير النميري
وغيره من الغلاة والمنحرفين ، والحمد لله ليس عندنا شيء من ذلك ، بل كانت كتب
الرجل متداولة ، ورواياته مبثوثة في المصادر الحديثية القديمة ، وقد احتفظ بعلاقات
جيّدة مع وكلاء الأئمّة عليهمالسلام كما ألمعنا إليه سابقاً ، ووردت بعض النصوص بقربه من
حاشية وخدم الإمام
__________________
العسكري عليهالسلام.
٥ ـ استثناء روايته من نوادر الحكمة :
والحقّ إنّ أصل
هذا الاستثناء هو محمّد بن الحسن بن الوليد القمّي ، الشيخ الصدوق ، وهو الذي
استثنى من رواية محمّد بن أحمد بن يحيى في كتابه نوادر الحكمة ما رواه عن جملة من الرواة ، ومنهم أبو عبد الله
السيّاري ، وتبعه على ذلك الصدوق ، وأبو العبّاس بن نوح ، ولذلك قال ابن الغضائري : «استثنى شيوخ القمّيّين
روايته من كتاب نوادر الحكمة».
ومثل هذه
التهمة لا تستحقّ الوقوف عندها ، فإنّ ابن الوليد ومن تبعه من القمّيّين استثنوا
من نوادر
الحكمة جملة من
الثقات ، منهم : محمّد بن عيسى بن عبيد ، وجعفر بن محمّد بن مالك ، وسهل بن زياد
الآدمي ، فكيف ـ والحال هذه ـ يمكن التعويل على هذا الاستثناء في الطعن على أحد من
الرواة ، أو في جرحه ، وترك حديثه والرواية عنه؟
٦ ـ إعراض الأصحاب عن روايته :
ذكر ذلك
النجاشي والطوسي في ترجمة السيّاري ، إذ وصفاه بأنّه «مجفوّ
__________________
الرواية» ، ويكفي في ردّ هذه التهمة ما سنذكره من نماذج
لمرويّاته ، وشهرة كتبه ومرويّاته في المصادر الشيعية الأصلية ، كالكافي والمحاسن
وبصائر الدرجات ، وفي ذلك نقض واضح لتهمة الإعراض عن مرويّاته.
٧ ـ كثرة المراسيل :
ذكر ذلك
النجاشي والطوسي أيضاً في ترجمة السيّاري ، إذ وصفاه بأنّه «كثير المراسيل» ، وكان الاعتماد على المراسيل من موارد الجرح والضعف
عند بعض القدماء ، ولاسيّما القمّيّين من أمثال أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري ،
يقول السيّد حسن الصدر : «ثمّ اعلم أنّ أكثر القدماء سيّما القمّيّين وابن
الغضائري ، يضعفون بأمور لا توجب الفسق مثل الرواية عن الضعفاء والمجاهيل ،
واعتماد المراسيل ، ويعدّون ذلك ونحوه من موجبات الضعف» ، وهذا الأمر ليس محلّ إجماع المحقّقين في علم الدراية
، بل لعلّ كثيراً منهم لا يعدّ ذلك اليوم من موارد الذمّ في الراوي ، يقول الشيخ
محمّد بن الحسن بن الشهيد الثاني (ت ١٠٣٠ هـ) : «اعتماد المراسيل أمر مرجعه إلى
الاجتهاد ، فلا وجه لكونه مضرّاً بالحال» ، ويقول الشيخ غلام رضا عرفانيان : «ومن الحقّ أنّ
الرواية عن الضعفاء وكذا
__________________
ضعف الرواية واعتماد المراسيل لا يقتضى تضعيف الراوي الثقة الذي أجمع أهل
الرجال على وثاقته ومن المعلوم أنّ الأخذ بالمراسيل أمر نظري واجتهادي والمسألة
فيه خلافية».
٨ ـ كونه من كتّاب آل طاهر :
كان السيّاري
يعمل كاتباً ، وهي من المهن المهمّة في ذلك الزمان ، وقد ورد في ترجمته أنّه كان
كاتباً لآل طاهر في زمان الإمام العسكري
عليهالسلام
، نقل ذلك
الكشّي عن النصر بن صباح ، وأورده النجاشي والطوسي ، وهذا الأمر وإن ورد على سبيل الاسترسال في بيان
أحواله ، لا على سبيل الطعن والذمّ ، ولكن ربّما استدلّ به البعض ـ ولو على سبيل
الفرض ـ في انحرافه عن أهل البيت عليهمالسلام ، واصطفافه إلى جانب أعداء أهل البيت
عليهمالسلام
، وقد ذكر بعض
المصنّفين في علم الرجال أنّ من موارد قدح الراوي «كونه كاتب الخليفة أو الوالي أو
من عماله. فإنّ ظاهره الذمّ ، كما اعترف به العلاّمة في ترجمة حذيفة بن منصور ،
حيث إنّه قيل في حقّه أنّه كان والياً من قبل بني أمية. فقال العلامة ـ رحمه الله
ـ : إنّه يبعد انفكاكه عن القبيح ... نعم يرفع اليد عن الظاهر المذكور بورود المدح
والتعديل فيه كما في علي بن
__________________
يقطين ونحوه».
أقول : يشفع للسيّاري أنّ جملة من كبار محدّثي الشيعة وأصحاب
الأئمّة كانوا مبتلين بالعمل لدى السلطان ، إمّا كوزراء أو كتّاب أو مسؤولين في
بعض مرافق الدولة العبّاسية ، والدويلات التابعة ، او المنبثقة منها ، ومن هؤلاء :
علي بن يقطين ، محمّد بن الفرج الرخجي ، عبد الله بن سنان ، محمّد بن إسماعيل بن
بزيع ، وآخرون ، فما يُذكر من عذر لهؤلاء ، يمكن أن يُذكر للسيّاري ، إلاّ أنّ
الوضع مع السيّاري مختلف قليلاً ؛ لأنّ آل طاهر كانت لهم ميول شيعية ، وكانت لهم مصاهرات مع آل زرارة ، بدءاً من جدّهم طاهر بن الحسين المشهور بـ : (ذي
اليمينين) والمتوفّى (سنة ٢٠٦ هـ) ، وحتّى أحفاده الذين شكّلوا دعائم مهمّة في
__________________
الدولة العبّاسية ، وهذا لا يعني أنّهم كانوا مستقيمي السيرة ، فعندهم
مظالم مشهورة ، ولكنّهم أفضل من غيرهم إجمالاً ، وقد يكون للسيّاري عذر في دخوله
معهم ، ربّما كان لاتّقاء شرّهم ، أو للإفادة منهم في مرونة التحرّك من أجل نشر
حديث آل محمّد (صلوات الله عليهم) ، وقد كانت سياسة الأئمّة
عليهمالسلام
تقتضي اختراق
منظومة الحكم العبّاسية ، وفتح ثغرات للتنفيس عن الحالة الشيعية ، وردّ المظالم
عنهم ، وإفساح المجال لحركة أكبر لرواة الحديث بعيداً عن العيون والجواسيس ،
وتخفيفاً من الآثار القاسية لسياسة التصفية الجسدية والفكرية التي اتّبعتها
الحكومات العبّاسية المتعاقبة ، كما إنّه من المهمّ أن نذكر أنّ روايات السيّاري
ليس فيها ما يدعو للريبة من قربه للسلطة ، كأن يكون فيها مدح للعباسيّين ، أو
التلوّن بلون مرويّاتهم ، بل العكس روايات الرجل شيعية خالصة ، وليس فيها ما يشير
إلى تأثير كتابته لآل طاهر على منظومته الحديثية.
ولعلّ ممّا
يؤيّد أنّ دخوله في عمل بني طاهر كان عن معرفة صحيحة ، وعن وعي بضرورة تسخير هذا
النفوذ في رعاية الشيعة ، وقضاء حوائجهم ، وردّ الحيف والجور الذي لحق بهم ، ما
رواه الميرزا الطبرسي عن الشيخ المفيد في الروضة : عن أحمد بن محمّد السيّاري ، عن علي بن جعفر
عليهالسلام
، قال : كتبت
إلى أبي الحسن عليهالسلام
: «إنّ قوماً
من مواليك يدخلون في عمل السلطان ، ولا يؤثرون على
__________________
إخوانهم ، وإن
نابت أحداً من مواليك نائبة قاموا ، فكتب : (أُوْلَئِكَ هُمُ
الْمُؤْمِنُوْنَ حَقّاً عَلَيْهِمْ مَغْفِرَةٌ مِن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ
وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُوْنَ) .
مرجّحات توثيق السيّاري :
عند إمعان
النظر في السيرة العلمية للمحدّث أبي عبد الله أحمد بن محمّد ابن سيّار السيّاري ،
واستقراء ما وصلنا من مرويّاته ، يتّضح لنا أنّ الرجل لا يقصر حاله عن الوثاقة ،
وإن جلّ رواياته صحيحة المتون ، قويّة المضامين ، وقد تلقّاها بالقبول علماؤنا
ومحدّثونا الأقدمون ، ولم أجد أحداً من المحقّقين تصدّى لبيان وجود الاعتبار
والاعتماد في روايات السيّاري كما فعل خاتمة المحدّثين ، الشيخ الجليل ، الميرزا
النوري الطبرسي (أعلى الله مقامه) ، فقد أجلى الغبار ببيانه الرائع عن حال
السيّاري ، وكشف ضعف ما غُمز به من ألفاظ الجرح ، جاء ذلك في توثيقه لكتاب التنزيل والتحريف أو القراءات ، وهو أحد مصادر مستدرك الوسائل ، إذ قال رحمهالله
: «كتاب القراءات للسيّاري. ويعبّر عنه أيضاً بالتنزيل والتحريف ، وقد غمز عليه مشايخ الرجال ، إلاّ أنّه يظهر من بعض
القرائن اعتبار الكتاب واعتماد الأصحاب عليه ، بل والنظر فيما ذكروا ... وقد أكثر
ثقة الإسلام في الكافي من الرواية عنه ، وقد تعهّد أن يجمع فيه الآثار الصحيحة
، عن الصادقين عليهمالسلام
، والسنن
القائمة التي عليها العمل من جملة الأخبار المختلفة ، مع قرب عهده به ، وقلّة
الواسطة بينهما. فروى عنه في باب كراهية التوقيت ، عن
__________________
محمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد ، عنه. وفي مولد أمير
المؤمنين عليهالسلام
، عن علي بن
محمّد بن عبد الله ، عنه. وفي باب الدعاء في طلب الولد ، في كتاب العقيقة ، عن
الحسين بن محمّد بن عامر الأشعري الثقة ، عنه. وكذا في كتاب العقل والجهل ، وباب
من يشتري الرقيق فيظهر به عيب. وفي باب فضل القرآن ، عن محمّد بن يحيى ، عن عبد
الله بن جعفر ، وهو الشيخ الجليل الحميري ، عنه. وكذا في باب دهن الزنبق ، وباب
صفة الشراب الحلال. وفي باب سويق الحنطة ، عن محمّد بن يحيى ، عن موسى بن الحسن ـ
وهو الأشعري الثقة الجليل ـ عنه. وكذا في باب صفة الشراب الحلال. وفي باب أنّ
الرجل إذا دخل بلدة فهو ضعيف ، عن أبي علي الأشعري ـ وهو شيخ القمّيّين ـ عنه.
ويروى عنه في الكافي سهل بن زياد ، والمعلّى بن محمّد ، وعلي بن محمّد بن
بندار في أبواب متفرّقة. وقال في باب الفيء والأنفال : علي بن محمّد بن عبد الله ،
عن بعض أصحابنا ـ أظنّه السيّاري ـ. وظاهره ـ كرواية هؤلاء الأجلّة عنه ـ عدم
الاعتناء بما قيل فيه ، بناءً على ظهور أصحابنا في مشايخ الإمامية ، أو مشايخ
أرباب الرواية والحديث ، المعتبرة رواياتهم ، وكيف يجتمع هذا مع فساد المذهب؟ إلاّ
أن يريد به بعض المسائل الأصولية الكلامية التي ساقه ـ وجماعة من الأجلّة ـ إليه
بعض الأدلّة ، ممّا لا يوجب الكفر والارتداد ، ولم يكن ضروريّاً في تلك الأعصار ،
وأظنّ أنّ مأخذ جميع ما قيل فيه استثناؤه ابن الوليد عن رواة نوادر الحكمة. ويروي عنه الصفّار في بصائر الدرجات ، منه في باب ما لا يحجب عن الأئمّة
عليهمالسلام
من علم السماء
... إلى آخره. وقال ابن إدريس في آخر السرائر (باب الزيادات) وهو آخر
أبواب هذا الكتاب : ممّا استنزعته واستطرفته من كتب المشيخة المصنّفين ،
والرواة المحصّلين ، وستقف على أسمائهم .. إلى أن قال : ومن ذلك ما استطرفته من كتاب السيّاري. وقد أكثر من الرواية عنه الثقة الجليل محمّد بن
العبّاس بن ماهيار في تفسيره بتوسّط أحمد بن القاسم. ثمّ إنّ الكتاب المذكور ليس
فيه حديث يشعر بالغلوّ ، حتّى على ما اعتقده القمّيّون نفيه فيهم ، وأكثر رواياته
موجودة في تفسير
العيّاشي ، بل لا يبعد
أخذه منه ، إلاّ أنّه لم يصل إلينا سند الأخبار المودعة في تفسيره لحذف بعض النسّاخ. ونقل عنه الشيخ الجليل الحسن بن
سليمان الحلّي في مختصر
بصائر سعد بن عبد
الله ، وعبّر عنه بالتنزيل
والتحريف. ونقل عنه
الأستاذ الأكبر في حاشية
المدارك في بحث
القراءة ، وأخرج منه حديثين. وبالجملة فبعد رواية المشايخ العظام : كالحميري ،
والصفّار ، وأبي علي الأشعري ، وموسى بن الحسن الأشعري ، والحسين بن محمّد بن عامر
، عنه ، وهم من أجلّة الثقات. واعتماد ثقة الإسلام عليه ، وخلوّ كتابه عن الغلوّ
والتخليط ، ونقل الأساطين عنه ، لا ينبغي الإصغاء إلى ما قيل فيه ، أو الريبة في
كتابه المذكور».
ولا نريد أن
نزيد كثيراً في ما أفاد شيخنا المحدّث النوري ، إلاّ شيئاً من ترتيب المطالب ،
وتنقيحها ، وبعض الزيادات المفيدة ، فنقول وبالله الاعتماد :
إن تتبّع حال
السيّاري ، والنظر في تراثه العلمي ، واستقراء مرويّاته ، يكشف للباحث المكانة
العلمية لهذا المحدّث الجليل ، وأنّ مرويّاته لا تصدر عن درجة
__________________
الاعتماد ، بل هي مرويّات معتبرة ، مع خضوع رواياته جميعاً لمنهجية (النقد
المتني) ، شأنه في ذلك ، شأن بقية الرواة الأثبات ، وأما أهمّ القرائن على وثاقته
فهي كما يأتي :
أوّلاً : قبول مرويّاته في أصولنا الحديثية :
أوّل ما يلاحظ
الباحث على مرويّات السيّاري انتشارها في مجموعة واسعة من المصادر الحديثية
والفقهية ، فقد أخرج له شيخنا الأقدم محمّد بن الحسن الصفّار (ت ٢٩٠ هـ) في غير
موضع من مصنّفه الجليل بصائر
الدرجات ، وأخرج له
أحمد بن محمّد بن خالد البرقي (ت ٢٨٠ هـ) في المحاسن ، وأورد روايته علي بن إبراهيم القمّي (ت بعد ٣٠٦ هـ)
في تفسيره ، وثقة الإسلام محمّد ابن يعقوب الكليني (ت ٢٣٩ هـ) في الكافي ، ومحمّد بن العبّاس بن ماهيار البزّاز (ت بعد سنة ٣٢٨
هـ) في كتابه ما
نزل في أهل البيت من قرآن ، كما نقل عنه الشيخ محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه
الصدوق (ت ٣٨١ هـ) في غير واحد من كتبه ـ ما عدا من لا يحضره الفقيه مثل كتاب التوحيد وكمال الدين والخصال وثواب الأعمال
وعيون أخبار الرضا وعلل الشرائع ،
وعبد الله بن سابور
الزيّات (ت٤٠١ هـ) في طبّ
الأئمّة ، وأفتى وفقاً
لحديثه الشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد (ت ٤١٣ هـ) في المقنعة كما أخرج حديثه في تفسيره وفي الاختصاص ، واستشهد بمرويّاته الشيخ محمّد بن الحسن الطوسي (ت٤٦٠
هـ) في تهذيب
الأحكام وفي مصباح المتهجد وروى عنه في الأمالي ، ونقل عنه المشهدي (ت
القرن الخامس) في مزاره ، كما روى عنه الحسن بن الفضل الطبرسي (ت ٥٤٨ هـ)
في مكارم الأخلاق ، والقطب الراوندي (ت ٥٧٣ هـ) في قصص الأنبياء ، وابن إدريس الحلّي (ت ٥٨٩ هـ) في مستطرفات السرائر ، والسيّد رضيّ الدين علي بن موسى بن طاووس (ت ٦٦٤ هـ)
في إقبال
الأعمال وفي فلاح السائل ، والحسن بن سليمان الحلّي (ت القرن التاسع) في مختصر البصائر ، والشيخ محمّد بن علي بن إبراهيم الإحسائي المعروف
بابن أبي الجمهور المتوفّى (سنة ٨٨٠ هـ) ، والسيّد شرف الدين الحسيني الإسترآبادي
(ت بحدود ٩٦٥ هـ) في تأويل
الآيات ، واعتمد عليه
الحرّ العاملي (ت ١١٠٤ هـ) في الوسائل ، والمجلسي (ت ١١١١ هـ) في البحار ، وآخرهم خاتمة المحدّثين النوري (ت ١٣٢٠ هـ) في مستدرك الوسائل.
ثانياً : شهرة رواياته :
وممّا يمكن عده
من مرجّحات توثيق السيّاري أنّ جملة من رواياته نالت درجة الشهرة في الفتوى
والرواية ، وقد تلقّاها الأصحاب بالقبول ، حتّى عمل بها الفقهاء ، وصارت عندهم من
القواعد الفقهية المسلمة ، ومثال ذلك أنّ الشهيد الأوّل في الذكرى أورد رواية عن السيّاري في باب (صلاة عيد الفطر) ، ثمّ
علّق عليها قائلاً : «والسيّاري في عداد الضعفاء إلاّ أنّ الأصحاب تلقّوها
بالقبول» ، ويظهر من كلام صاحب الجواهر (ت ١٢٦٦ هـ) موافقته للشهيد الأوّل في
__________________
ذلك ، ومن الأمثلة الأخرى مرسلة السيّاري عن محمّد بن مسلم
في باب العيب في البيع ، أوردها السيّد عبد الحسين اللاري (ت ١٣٤٢ هـ) ثمّ علّق
عليها قائلاً : «مرسلة أحمد بن محمّد السيّاري البصري الضعيف الحديث فاسد المذهب ،
مجفوّ الرواية ، كثير المراسيل ، لكنّ الظاهر انجبارها بالشهرة فتوى ورواية حتّى
جُعلت قاعدة من القواعد المسلَّمة» ، وهي بالفعل من الروايات المشهورة في باب (خيار العيب)
، واستند إليها الفقهاء محتجّين بمضمونها ، على الرغم من إرسالها وضعفها بالاصطلاح
الرجالي الحديث ، وممّن احتجّ بها : العلاّمة الحلّي في تذكرة الفقهاء ، واحتجّ بهذا الخبر أيضاً الشيخ صاحب الجواهر قائلاً : «ولا يقدح ضعف سنده بعد الانجبار بعمل الأصحاب
الذين عبّر كثير منهم بلفظه».
ثالثاً : رواية الثقات الأجلاّء عنه مباشرة :
يظهر من سيرة
المحدّث السيّاري ، وتتبّع أحواله ، أنّه كان أستاذاً لكثير من الرواة والفقهاء ،
إذ كانوا يقصدونه لأخذ العلم ورواية الحديث في مجالات معرفية متنوّعة ، وهذا الأمر
يدلّ على مكانة علمية مرموقة ، وعلى اشتهار وثاقته في الأوساط العلمية ، ولاسيّما
في المجتمع القمّي الذي كان يتحرّج من الرواية عن الضعفاء ، أمّا أهمّ تلامذته ،
وأكثرهم علماً ووثاقةً فهم :
__________________
١ ـ الحسين بن
محمّد بن عامر ، أبو عبد الله الأشعري ، القمّي : من أصحاب الرضا والجواد والهادي
والعسكري عليهمالسلام
، وهو من مشايخ
ثقة الإسلام الكليني (ت ٣٢٩ هـ) ، ومن المحدّثين الكبار الذين لهم تراث حديثي ثر ،
وحضور مهم في كتب الحديث الشيعية ، وقد وثقه جملة من كبار علماء الرجال.
٢ ـ الشيخ
محمّد بن الحسن الصفار ، أبو جعفر ، القمّي (ت ٢٩٠ هـ) ، : من أصحاب أبي محمّد
العسكري عليهالسلام. كان وجهاً في أصحابنا القمّيّين. ثقة عظيم القدر
والمنزلة ، قليل السقط في الرواية.
٣ ـ أحمد بن
إدريس بن أحمد بن إدريس بن عبد بن سعد ، أبو علي ، الأشعري ، القمّي (ت ٣٠٦ هـ) ،
كان ثقة ، فقيهاً ، في أصحابنا ، كثير الحديث ، صحيح الرواية ، له كتب منها كتاب
النوادر ، كبير ، كثير الفائدة.
٤ ـ أحمد بن
محمّد بن خالد بن عبد الرحمن بن محمّد بن علي البرقي ، أبو جعفر ، أصله كوفي ،
وكان ثقة في نفسه ، اتّهمه القمّيّون بالرواية عن الضعفاء
__________________
واعتماد المراسيل. وصنّف كتباً ، منها : المحاسن (ت٢٧٤م) ، قال الشيخ النمازي الشاهرودي : «ثقة معتمد بلا خلاف
وهو من أصحاب الجواد والهادي (صلوات الله عليهما)».
٥ ـ عبد الله
بن جعفر الحميري ، القمّي ، يكنّى أبا العبّاس ، شيخ القمّيّين ، ووجههم ، ثقة. له
كتب ، منها كتاب الدلائل ، كتاب الطبّ ، وكتاب الإمامة ، وكتاب التوحيد والاستطاعة
والأفاعيل والبداء ، وكتاب قرب
الإسناد ، وكتاب المسائل والتوقيعات ، وكتاب الغيبة ، ومسائله عن محمّد بن عثمان العمري ، له مكاتبات
ومسائل مع الإمام المهدي عليهالسلام .
٦ ـ محمّد بن
أحمد بن يحيى ، الأشعري ، القمّي ، ثقة في الحديث ، اتّهمه القمّيّون بالرواية عن
الضعفاء واعتماد المراسيل ، واستثنوا من كتابه نوادر الحكمة جملة من الرواة الثقات ، منهم السيّاري ، قال عنه الشيخ الطوسي : «جليل القدر ، كثير الرواية» ، واستثناء القمّيّين لا يضرّ بوثاقته كما قرّرناه
سابقاً.
__________________
٧ ـ موسى بن
الحسن بن عامر بن عمران بن عبد الله بن سعد الأشعري القمّي ، أبو الحسن ، ثقة ،
عين ، جليل. صنّف ثلاثين كتاباً ، منها : كتاب الطلاق ، كتاب الوصايا ، كتاب الفرائض ، كتاب الفضائل ، كتاب الحج ، كتاب الرحمة وهي كتاب الوضوء ، كتاب الصلاة ، كتاب الزكاة ، كتاب الحجّ ، كتاب الصيام ، كتاب يوم وليلة ، كتاب الطبّ.
٨ ـ إبراهيم بن
محمّد الهمداني ، الوكيل الفذّ للإمام الجواد والهادي
عليهماالسلام
، وهو من
الثقات الأثبات ، ومن العلماء الأفذاذ.
٩ ـ محمّد بن
يحيى ، أبو جعفر ، القمّي ، العطّار ، شيخ أصحابنا في زمانه ، ثقة ، عين ، كثير
الحديث. له كتب ، منها : كتاب مقتل
الحسين عليهالسلام
، وكتاب النوادر.
١٠ ـ علي بن
محمّد بن بُندار ، وكنيته أبو القاسم ، ثقة من مشايخ الكليني ، و (بُندار) : لقب
عبد الله بن عمران الجنابي البرقي ، ورجّح السيّد الخوئي كونه ابن عمّ محمّد بن
علي ماجيلويه القمّي.
__________________
١١ ـ علي بن
محمّد بن أبي القاسم عبد الله بن عمران الجنابي ، أبو الحسن البرقي ، المعروف أبوه
بـ : (ماجيلويه) ، وجدّه أبو القاسم يلقّب : (بندار). رأى علي الفقيه الكبير أحمد
بن محمّد بن خالد البرقي وهو جدّه لأُمّه وأخذ عنه العلم والأَدب ، وروى عنه. وروى
أيضاً عن : أبيه ، وإبراهيم بن إسحاق الأحمر ، ومحمّد ابن عيسى بن عبيد ،
والسيّاري أحمد بن محمّد بن السيّار ، وغيرهم. وكان فقيهاً فاضلاً ، أديباً ، كثير
الحديث. له تصانيف. وهو من مشايخ محمّد بن يعقوب الكلينىّ (ت ٣٢٩ هـ) ، وقد روى
عنه في الكافي كثيراً ، كما روى له الطوسي في التهذيب والاستبصار. وقد وقع المترجم في إسناد كثير من الروايات عن أئمّة
أهل البيت عليهمالسلام
.
رابعاً : استشهاد الشيخ الكليني بكلامه :
من موارد
القوّة التي تُحسب للسيّاري أنّ الشيخ الكليني (أعلى الله مقامه) قد استشهد بكلامه
في توضيح معاني الروايات في غير مورد من كتاب الكافي ، ومعروف أنّ ثقة الإسلام الكليني اهتمّ بنقل روايات
أهل البيت عليهمالسلام
بأسانيدها
ومتونها ، دون أن يتناولها بالشرح والتعليق ، ما خلا مواضع قليلة ، لكنّه ربّما
استدلّ بأقوال من سبقه من المحدّثين والفقهاء في بيان معاني النصوص الشريفة ، ومن
أمثلة ذلك استشهاده بأقوال يونس بن عبد الرحمن ، والفضل بن
__________________
شاذان ، وما ذلك إلاّ بسبب إيمان الكليني بفقاهة هؤلاء
المحدّثين ، وتضلّعهم في فهم كلام أهل البيت
عليهمالسلام
، ويعدّ
المحدّث أحمد بن محمّد السيّاري من أولئك القلّة الذين استشهد الكليني بأقوالهم في
بيان معاني بعض الروايات والنصوص الشريفة ، مثال ذلك ما رواه في بعض أبواب كتاب
الصوم عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن السيّاري قال : كتب محمّد بن
الفرج إلى العسكري عليهالسلام
يسأله عمّا روي
من الحساب في الصوم عن آبائك في عدّة خمسة أيّام بين أوّل السنة الماضية والسنة
الثانية التي تأتي ، فكتب : «صَحِيحٌ ولَكِنْ عُدَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِ سِنِينَ
خَمْساً ، وفِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ سِتّاً فِيمَا بَيْنَ الأُولَى والْحَادِثِ
، ومَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ خَمْسَةٌ خَمْسَةٌ» ؛ قال السيّاري : «وهذه
من جهة الكبيسة ، وقد حسبه أصحابنا فوجدوه صحيحاً» ، وكذلك ما رواه الكافي والطوسي الحسين بن محمّد ، عن السيّاري ، عن أحمد بن
الفضل ، عن يونس ، عن الرضا عليهالسلام في السمك الجلاّل أنّه سأله عنه فقال : «ينتظر به يوماً
وليلة» ، وقال السيّاري : «إنّ هذا لا يكون إلاّ بالبصرة» ، وقد عبّر عنه الشيخ الكليني في بعض أسانيده بأنّه من
(أصحابنا) ، وقال في باب الفيء والأنفال : علي بن محمّد بن عبد الله ، عن بعض
__________________
أصحابنا ـ أظنّه السيّاري ـ ، وهذا التعبير يفيد صحّة عقيدته ، وسلامتها من الغلوّ
والتخليط والتناسخ ، كما يفيد جلالة قدره عند شيخنا الكليني (رضوان الله تعالى
عليه).
مكانته في علم الحديث
أساتذته :
روى السيّاري
عن الإمامين الرضا والجواد عليهماالسلام ، كما روى عن عدد كبير من الرواة والمحدّثين من الكوفة
وقم والبصرة ، ومن أبرز هؤلاء :
إبراهيم بن
إدريس ، إبراهيم بن بسطام ، أحمد بن زكريّا الصيدلاني ، أحمد ابن عبد الله بن
قبيصة ، أحمد بن الفضل ، أحمد بن هلال ، إسحاق بن إبراهيم ، الحسن بن علي بن يقطين
، الحارث بن دلهاث ، الحكم بن سالم ، داود بن فرقد ، عبد الله بن حمّاد ، عبيد بن
أبي عبد الله الفارسي ، عبد الله بن المغيرة البجلي ، عبد الرحمن بن أبي نجران ،
العبّاس بن مجاهد ، علي بن أسبط ، العمركي ، علي بن عبد الله القمّي ، علي بن جعفر
، عمرو بن إسحاق ، العبيدي ، الفضل بن أبي قرّة ، القاسم بن يحيى ، محمّد بن
إسماعيل الأنصاري ، محمّد بن أحمد الدّقاق ، محمّد ابن علي الهمداني ، محمّد بن
عبد الله بن مهران ، محمّد بن جمهور ، محمّد بن أورمة ، محمّد بن بكر ، محمّد بن
خلف ، محمّد بن يحيى الخزّاز ، موسى بن
__________________
هارون ، النضر بن أحمد ، يحيى بن أبي رافع ، يونس بن عبد الرحمن ، أبو علي
ابن راشد ، أبو سليمان الخوّاص ، أبو يعقوب البغدادي.أبو يزيد القسمي البصري.
تلامذته :
قلنا إنّ
السيّاري كان مقصداً للرواة والمحدّثين ، وفيهم العديد من الثقات والأجلاّء ،
وجدوا فيه مجمعاً لصنوف مختلفة من المعارف والعلوم ، فأخذوا عنه في العقائد والفقه
والتفسير والتاريخ والطبّ ، وهذا التنوّع المعرفي يشير إلى جانب آخر من شخصيّته
العلمية ، ربّما سيتّضح أكثر عند الحديث عن نماذج مرويّاته ، ومن أهمّ تلامذته :
أحمد بن إدريس
الأشعري ، أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، إبراهيم بن محمّد الهمداني ، إبراهيم بن
محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر ، أحمد بن القاسم الهمداني ، الحسين بن محمّد
بن علي ، علىّ بن محمّد بن أبي القاسم عبد اللَّه بن عمران الجنابىّ ، الحسين بن
محمّد بن عامر الأشعري ، عبد الله بن جعفر الحميري ، محمّد بن يحيى العطّار ،
محمّد بن الحسن الصفار ، موسى بن الحسن الأشعري ، محمّد بن علي بن بندار ، معلّى
بن أحمد.
مؤلّفاته :
ذكر أصحاب
التراجم مجموعة من الكتب والمصنّفات التي خلّفها
المحدّث السيّاري ، وهي كالآتي :
أوّلاً : كتاب القراءات أو التنزيل والتحريف :
وهو من أشهر
مصنّفاته على الإطلاق ، وهو كتاب مثير للجدل ، ذكره النجاشي بعنوان : كتاب القراءات ، وأورده الطوسي بعنوان : كتاب القراءة ، ونقل عنه الحسن بن سليمان الحلّي بعنوان : كتاب التنزيل
والتحريف ، ونقل عنه جملة من قدماء المحدّثين في كتبهم كالصفار
والكليني ومحمّد بن العبّاس بن ماهيار ، وقد وقف الميرزا الطبرسي على نسخة الكتاب
، ونقل منها في كتاب مستدرك
الوسائل ، قال الشيخ
آقا بزرك : «كتاب القراءات ، للشيخ أبي عبد الله السيّاري ، أحمد بن محمّد ابن
سيّار ، الكاتب لآل طاهر زمن أبي محمّد العسكري
عليهالسلام
ذكره النجاشي
والشيخ في الفهرست ويعرف أيضا بـ : التنزيل والتحريف على ما عبّر به حين النقل عنه ، الشيخ حسن بن سليمان
الحلّي في مختصر البصائر لسعد بن عبد الله ، وينقل عنه الأستاذ الأكبر في حاشية
المدارك في بحث القراءة ، وكان عند شيخنا النوري ، وينقل عنه في مستدرك الوسائل اعتماداً على نقل أجلاّء الأصحاب عنه ، حيث يروى عنه
الحميري والصفّار وأبو علي الأشعري وموسى بن الحسن الأشعري والحسين بن محمّد بن
عامر ، واعتمد على رواياته ثقة الإسلام الكليني في الكافي وينقل عنه ابن إدريس في
__________________
مستطرفاته ، ومحمّد بن العبّاس بن الماهيار في تفسيره ، وكان عند مؤلّف الدمعة الساكبة ، ويوجد عند الشيخ محمّد السماوي» ، ويبدو أنّ نسخة الشيخ السماوي كانت مستنسخة عن نسخة
عتيقة عن السيّد حسن الصدر ، يقول السيّد محمّد حسين الجلالي : «كتاب القراءة ـ القراءات ـ
التنزيل والتحريف : استنسخها الشيخ شير محمّد الهمداني في شوّال (سنة ١٣٦٥ هـ) عن نسخة
الشيخ محمّد بن طاهر السماوي ، عن نسخة سقيمة جدّاً عند السيّد حسن الصدر في رمضان
(سنة ١٣٤٦ هـ) في بغداد بجانب الكرخ. ولقد استنسخت من نسخة الهمداني هذه نسخة لنفسي.
ذكره شيخنا العلاّمة بعنوان : كتاب القراءات في الذريعة ١٧ : ٥٢ ، ونقل عنه المجلسي بعنوان : التنزيل والتحريف في البحار في موارد منها ٥٣ : ١٠٧ ، وذكر شيخنا قدّس سرّه من نقل
عنه ، فراجع».
__________________
وأخيراً فقد
قام المستشرق المعاصر البروفيسور (إيتان كوهلبيرغ) بالتعاون مع الكاتب الفرنسي الإيراني الأصل (محمّد علي
أمير مُعزّي) ، بتحقيق مخطوطات كتاب التنزيل والتحريف للسيّاري ، وإخراجه للمكتبة الإسلامية في عام (٢٠٠٩) ،
باللغة الانكليزية بعنوان : التنزيل
والتحريف (RevelationandFalsification)
، عن دار بريل للطباعة والنشر.
وقد اعتمد
الباحثان بشكل رئيس على أربع مخطوطات للكتاب هي :
١ ـ مخطوطة في
مكتبة المرعشي النجفي ، تحت رقم (١٤٥٥) ، عدد أوراقها ٧٣ ورقة ، عنوانها : (تفسير أبو عبد الله
السيّاري) ، تاريخ
النسخ (١٠٧٦ هـ) ، اسم الناسخ (محمّد صالح عبد الرحيم اليزدي).
__________________
٢ ـ نسخة مكتبة
جامعة طهران ، رقمها (٨٤٢) ، عدد أوراقها ٥٤ ورقة ، عنوانها : (كتاب التنزيل
والتحريف لأحمد بن
محمّد السيّاري من القدامى) ، وهي نسخة الميرزا النوري الطبرسي ، استنسخها بخطّ
يده في عام (١٢٨٢ هـ).
٣ ـ مخطوطة في
مكتبة المرعشي النجفي ، رقمها (١٢٣٤١) ، عدد صفحاتها ٦٦ ورقة ، بعنوان : (كتاب التفسير لأحمد محمّد السيّاري على ما وجدناه) ، تاريخ النسخ
(١٣١١ هـ) ، اسم الناسخ محمّد باقر الحمداني ، يُعتقد أنّها نسخت عن نسخة
الخوانساري في المدرسة الفيضية بتاريخ (١٢٨٢ هـ).
٤ ـ مخطوطة
مركز إحياء التراث الإسلامي ، رقمها (٣٨٨٩) ، عدد أوراقها ٤٦ ورقة ، عنوان الكتاب
: (كتاب القراءات للسيّاري) ، تاريخ النسخ بحدود (١٣١٩ هـ) ، لم يُذكر
اسم الناسخ.
وقد أشار
الباحثان إلى وجود مخطوطات أخرى لم يتمكّنا من الحصول عليها ، منها نسخة في مكتبة
الحكيم في النجف الأشرف برقم (٤٢٦) ، ونسخة في المدرسة الفيضية في قم ، وأخرى في
مكتبة جامعة طهران ، وقد وجدتُ خلال سفرتي إلى مشهد المقدّسة في ذي القعدة
(سنة ١٤٣٦ هـ) نسخة من مخطوطة هذا الكتاب في مكتبة الآستانة الرضوية.
ثانياً : كتاب ثواب القرآن :
ذكره النجاشي
والطوسي ، أورده الطهراني في الذريعة مرّة بعنوان :
__________________
(ثواب
القرآن) ، ومرّة
بعنوان : (فضائل
القرآن) ، وفي ظنّي أنّ الشيخ الكليني نقل من هذا الكتاب في أصول الكافي.
ثالثاً : كتاب الطبّ :
ذكره النجاشي
والطوسي ، أورده الطهراني في الذريعة ، وقد نقل عنه البرقي في المحاسن ، وابنا بسطام في طبّ الأئمّة.
رابعاً : كتاب الغارات :
ذكره النجاشي
والطوسي ، أورده الطهراني في الذريعة.
خامساً : كتاب النوادر :
ذكره النجاشي
والطوسي وابن الغضائري ، وقد استطرف من رواياته ابن
__________________
إدريس الحلّي ، ونقل عنه في كتابه مستطرفات السرائر.
نماذج من رواياته :
تمتاز روايات
السيّاري بتنوّع معرفي كبير ، ومضامين علمية متينة ، وقد كشفت عملية استقراء هذه
الروايات عن المكانة الرفيعة التي يتمتّع بها في علم الحديث ، وهي من شواهد وثاقته
؛ لأنّ جُلَّ رواياته صحيحة المتن ، عالية المضامين ، وربّما جاء في بعضها ذكر
مقامات رفيعة ، ومناقب جليلة للأئمّة المعصومين
عليهمالسلام
، ضاقت بها
صدور الرجال ، فصوّبوا سهام التضعيف للسيّاري ، واتّهموه بالغلوّ ، وفساد المذهب ،
والحقّ إنّ أحاديث الرجل مستقيمة ، ورواياته بالجملة خالية من الغلوّ والتخليط.
__________________
المصادر
أوّلاً : الكتب :
القرآن
الكريم.
١
ـ الاحتجاج على أهل اللجاج : أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي ، (ت ٥٤٨
هـ). تحقيق : محمّد باقر الخرسان. مطبعة النعمان ، النجف الأشرف ، ١٩٦٦م.
٢
ـ اختيار معرفة الرجال (رجال الكشّي) : أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، (ت ٤٦٠ هـ). تصحيح
وتعليق : المعلّم الثالث ميرداماد الإسترآبادي ، تحقيق : مهدي الرجائي ، مؤسّسة آل
البيت عليهمالسلام
، قم ، ١٤٠٩ هـ.
٣
ـ الأعلام (قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين) : خير الدين الزركلي. دار العلم للملايين ـ بيروت ،
الطبعة الخامسة ، ١٩٨٠ م.
٤
ـ الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل : ناصر مكارم الشيرازي. مكتبة أهل البيت : الألكترونية ،
الإصدار الثاني ، ١٤٣٣ هـ ـ ٢٠١٢ م.
٥
ـ البيان في تفسير القرآن : أبو القاسم الموسوي الخوئي (ت ١٤١٣ هـ). دار الزهراء
للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت ، الطبعة الرابعة ، ١٣٩٥ هـ ـ ١٩٧٥ م.
٦
ـ بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار : محمّد باقر المجلسي ، (ت١١١١ هـ). مؤسّسة الوفاء ،
الطبعة الثانية ، بيروت ، ١٤٠٣ هـ ـ ١٩٨٣ م.
٧
ـ البدر الزّاهر في صلاة الجمعة والمسافر تقريراً لأبحاث السيّد حسين الطباطبائي
البروجردي : حسين المنتظري. الناشر مكتب الشيخ منتظري ، الطبعة الثالثة ، قم ، ١٤١٦ هـ.
٨
ـ بصائر الدرجات الكبرى : أبو جعفر محمّد بن الحسن بن فرّوخ الصفّار ، (ت٢٩٠ هـ).
الناشر : مؤسّسة الأعلمي ، المطبعة : مطبعة الأحمدي ، طهران ، ١٤٠٤ م.
٩
ـ تاريخ آل زرارة : محمّد على الموحّد الأبطحي. مطبعة ربّاني ، إصفهان ، ١٣٩٩ هـ.
١٠
ـ تاريخ بغداد أو مدينة السلام : أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي ، (ت ٤٦٣ هـ).
دراسة وتحقيق : مصطفى عبد القادر عطا ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ١٤١٧ هـ.
١١
ـ تاريخ خليفة بن خيّاط : خليفة بن خيّاط العصقري ، (ت ٢٤٠ هـ). حقّقه وقدّم له :
الأستاذ الدكتور سهيل زكار ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت ، ١٤١٤ هـ
ـ ١٩٩٣م.
١٢
ـ تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة : شرف الدين علي الغروي الحسيني الإسترآبادي النجفي ، (ت
٩٣٣ هـ). تحقيق ونشر : مدرسة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، قم
المقدّسة ، ١٤٠٧ هـ.
١٣
ـ التعليقة على المكاسب : عبد الحسين اللاري (ت ١٣٤٢ هـ). تحقيق ونشر مؤسّسة
المعارف الإسلامية ، الطبعة الأولى قم ، ١٤١٨ هـ.
١٤
ـ تعليقة على منهج المقال : محمّد باقر بن محمّد المعروف بـ : الوحيد البهبهاني ،
(ت ١٢٠٥ هـ). مكتبة أهل البيت عليهمالسلام الألكترونية ، الإصدار الثاني ، ١٤٣٣ هـ ـ ٢٠١٢ م.
١٥
ـ تفسير القرآن المجيد المستخرج من تراث الشيخ المفيد : محمّد علي أيازي. الناشر : مؤسّسة بوستان كتاب قم (مركز
النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي) ، الطبعة الأولى ، قم ، ١٤٢٤ هـ.
١٦
ـ تهذيب الأحكام في شرح المقنعة للشيخ المفيد : أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، (ت ٤٦٠ هـ). حقّقه
وعلّق عليه : حسن الموسوي الخرسان ، الناشر : دار الكتب الإسلامية ، طهران ، ١٣٩٠
هـ.
١٧
ـ الثاقب في المناقب : عماد الدين أبو جعفر محمّد بن علي الطوسي المعروف بـ : ابن حمزة ، (ت٥٦٠
هـ). تحقيق : نبيل رضا علوان ، الناشر : مؤسّسة أنصاريان ، قم المقدّسة ، الطبعة
الثانية ، إيران ، ١٤١٢ هـ.
١٨
ـ جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام : محمّد حسن النجفي ، (ت ١٢٦٦ هـ). دار الكتب الإسلامية ،
طهران ، مكتبة أهل البيت عليهمالسلام الألكترونية ، الإصدار الثاني ، ١٤٣٣ هـ ـ ٢٠١٢ م.
١٩
ـ خاتمة مستدرك الوسائل : الميرزا حسين النوري الطبرسي ، (ت ١٣٢٠ هـ). تحقيق
مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام
لإحياء التراث
، قم ، ١٤١٥ هـ.
٢٠
ـ الخرائج والجرائح : قطب الدين الراوندي ، (ت ٥٧٣ هـ). تحقيق ونشر : مؤسّسة الإمام المهدي
عليهالسلام
، الطبعة
الأولى ، قم المقدّسة ، ١٤٠٩ هـ.
٢١
ـ خلاصة الأقوال في معرفة الرجال : أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي المعروف بـ :
العلاّمة الحلّي ، (٦٤٨ ـ ٧٢٦ هـ). التحقيق : جواد القيّومي ، المطبعة : مؤسّسة
النشر الإسلامي ، الطبعة الأولى ، قم ، ١٤١٧ هـ.
٢٢
ـ دراسات في علم الدراية (تلخيص مقباس الهداية للعلاّمة المامقاني) (١٢٩٠ ـ ١٣٥١
هـ) : تلخيص وتحقيق
الأستاذ علي أكبر الغفاري. جامعة الإمام الصادق
عليهالسلام
، الطبعة
الأولى ، ١٤١٤ هـ.
٢٣
ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : آقا بزرگ الطهراني ، (ت ١٣٨٩ هـ). دار الأضواء ، الطبعة
الثالثة ، بيروت ، ١٤٠٣ هـ ـ ١٩٨٣ م.
٢٤
ـ رجال الأشعريّين من المحدّثين وأصحاب الأئمّة عليهمالسلام
: جعفر المهاجر.
مركز العلوم والثقافة الإسلامية ، قم ، ١٤٢٩ م.
٢٥
ـ رجال ابن داود : تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلّي ، (٦٤٧ هـ ـ٧٠٧ هـ). حقّقه وقدّم
له : محمّد صادق آل بحر العلوم ، منشورات المطبعة الحيدرية ، النجف ، ١٣٩٢ هـ ـ
١٩٧٢ م.
٢٦
ـ رجال الطوسي : أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، (ت ٤٦٠ هـ). المحقّق : جواد القيّومي
الأصفهاني ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، قم المقدّسة ، ١٤١٥
هـ.
٢٧
ـ رجال الكشّي : أبو عمرو محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي (القرن الرابع). تحقيق :
السيّد أحمد الحسيني ، مؤسّسة الأعلمي ، الطبعة الأولى ، بيروت ، ١٤٣٠ هـ ـ ٢٠٠٩ م.
٢٨
ـ رجال ابن الغضائري : أحمد بن الحسين الغضائري الواسطي البغدادي ، (من أعلام القرن الرابع
الهجري). تحقيق السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي. مؤسّسة دار الحديث ، قم ، ١٤٢٢
هـ.
٢٩
ـ رجال النجاشي : أبو العبّاس أحمد بن علي بن أحمد بن العبّاس النجاشي الأسدي الكوفي ، (٣٧٢
ـ ٤٥٠هـ). التحقيق : موسى الشبيري الزنجاني ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، جماعة
المدرّسين ، قم المقدّسة ، ١٤٢٩ هـ.
٣٠
ـ سلامة القرآن من التّحريف : فتح الله المحمّدي. الناشر : مؤسّسة فرهنگي وهنري مشعر
، طهران ، ١٤٢٤ هـ.
٣١
ـ سير أعلام النبلاء : شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، (ت ٧٤٨ هـ). مؤسّسة الرسالة ،
الطبعة التاسعة ، بيروت ، ١٤١٣ هـ ـ ١٩٩٣م.
٣٢
ـ شرح أصول الكافي : المولى محمّد صالح المازندراني ، (ت ١٠٨١ هـ). مع تعاليق الميرزا أبو
الحسن الشعراني. ضبط وتصحيح : السيّد علي عاشور ، دار إحياء التراث العربي ،
الطبعة الأولى ، بيروت ، ١٤٢١ هـ ـ ٢٠٠٠ م.
٣٣
ـ طبّ الأئمّة عليهمالسلام : أبو عتّاب عبد الله بن سابور الزيّات والحسين ابنا
بسطام النيسابوريّين. قدّم له السيّد محمّد مهدي السيّد حسن الخرسان. منشورات
المكتبة الحيدرية ومطبعتها في النجف ، ١٣٨٥ هـ ـ ١٩٦٥ م.
٣٤
ـ طرائف المقال في معرفة طبقات الرجال : علي أصغر بن محمّد شفيع الجابلقي البروجردي (ت ١٣١٣ هـ).
تحقيق : مهدي الرجائي ، إشراف : السيّد محمود المرعشي ، نشر : مكتبة النجفي
العامّة ، مطبعة بهمن ، الطبعة الأولى ، قم ، ١٤١٠ هـ.
٣٥
ـ ضعفاء الرواة : إبراهيم الشبّوط ، (معاصر). دار المحجّة البيضاء ، الطبعة الأولى ، بيروت
، ١٤٣١ هـ ـ ٢٠١٠ م.
٣٦
ـ الغيبة : أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، (٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ). تحقيق : عباد الله
الطهراني وعلي أحمد ناصح ، مؤسّسة المعارف الإسلامية ، الطبعة الأولى ، قم
المقدّسة ، ١٤١١ هـ.
٣٧
ـ فهرست ابن النديم : أبو الفرج محمّد بن أبي يعقوب إسحاق المعروف الورّاق ، (ت ٤٣٨ هـ). تحقيق
رضا تجدد ، مكتبة أهل البيت عليهمالسلام الألكترونية ، الإصدار الثاني ، ١٤٣٣ هـ ـ ٢٠١٢ م.
٣٨
ـ الفهرست : أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، (ت ٤٦٠ هـ). المحقّق : جواد القيومي.
طبع ونشر مؤسّسة نشر الفقاهة ، الطبعة الأولى ، قم ، ١٤١٧ هـ.
٣٩
ـ فهرس التراث : محمّد حسين الحسيني الجلالي. تحقيق محمّد جواد الحسيني الجلالي ، الناشر :
دليل ما ، الطبعة الأولى ، قم ، ١٤٢٢ هـ.
٤٠
ـ الكافي : أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي ، (ت ٣٢٩ هـ). صحّحه
وعلّق عليه : علي أكبر الغفّاري. الناشر : دار الكتب الإسلامية ، الطبعة الثالثة ،
طهران ، ١٣٨٨ م.
٤١
ـ كشف الغمّة في معرفة الأئمّة : علي بن عيسى الأربلي ، (ت ٦٨٧ هـ). دار الأضواء ،
الطبعة الثانية ، بيروت ، ١٤٠٥ هـ ـ ١٩٨٥ م.
٤٢
ـ كمال الدين وتمام النعمة : الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد علي بن الحسين بن بابويه
القمّي ، (ت٣٨١ هـ). صحّحه وعلّق عليه : علي أكبر الغفّاري ، مؤسّسة النشر
الإسلامي ، جماعة المدرّسين ، قم المقدّسة ، ١٤٠٥ هـ.
٤٣
ـ الكنى والألقاب : عبّاس القمّي ، (ت١٣٥٩ هـ). مكتبة الصدر ، طهران.
٤٤
ـ متى جمع القرآن : محمّد الحسيني الشيرازي (ت ١٤٢٢ هـ). منشورات ديوانية الشيرازي ، الطبعة
الأولى ، الكويت ، ١٤١٩ هـ ـ ١٩٩٨ م.
٤٥
ـ المجدي في أنساب الطالبيّين : نجم الدين أبو الحسن علي بن محمّد بن على بن محمّد
العلوي العمري (من أعلام القرن الخامس). تحقيق : الدكتور أحمد المهدوي الدامغاني ،
نشر : مكتبة المرعشي النجفي العامّة ، الطبعة الأولى ، قم ، ١٤٠٩ هـ.
٤٦
ـ مختصر بصائر الدرجات : الحسن بن سليمان الحلّي ، (القرن التاسع الهجري). تحقيق
مشتاق المظفّر ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، الطبعة الأولى ، قم ، ١٤٢١ هـ.
٤٧
ـ مروج الذّهب ومعادن الجوهر : أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي (ت ٣٤٦ هـ).
دار الهجرة ، الطبعة الثانية ، قم ، ١٤٠٤ هـ ـ ١٩٨٤ م.
٤٨
ـ مستدركات علم رجال الحديث : علي النمازي الشاهرودي ، (ت١٤٠٥ هـ). مطبعة شفق ،
الطبعة الأولى ، طهران ، ١٤١٢ هـ.
٤٩
ـ مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل : حسين الطبرسي النوري ، (ت ١٣٢٠ هـ). تحقيق ونشر :
مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام
لإحياء التراث
، الطبعة الأولى ، قم ، ١٤٠٨ هـ ـ ١٩٨٧ م.
٥٠
ـ مستطرفات السرائر : أبو جعفر محمّد بن منصور بن أحمد المعروف بـ : بن إدريس الحلّي ، (ت ٥٩٨
هـ). مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، الطبعة الأولى ، قم
المقدّسة ، ١٤١١ هـ.
٥١
ـ مستطرفات السرائر (باب النوادر) : أبو جعفر محمّد بن منصور بن أحمد المعروف بـ : بن إدريس
الحلي ، (ت ٥٩٨ هـ). تحقيق وتقديم السيّد محمّد مهدي السيّد حسن الموسوي الخرسان.
نشر : العتبة العلوية المقدسة ، الطبعة الأولى ، النجف الأشرف ، ١٤٢٩ هـ ـ ٢٠٠٨ م.
٥٢
ـ مستمسك العروة الوثقى : محسن الطباطبائي الحكيم ، (ت ١٣٩٠ هـ). الطبعة الرابعة
، مطبعة الآداب ، النجف الأشرف ، ١٣٩١ هـ.
٥٣
ـ مشايخ الثقات : الميرزا غلام رضا عرفانيان. طبع ونشر : مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم ،
الطبعة الأولى ، ١٤١٧ هـ.
٥٤
ـ المفيد من معجم الرجال الحديث : محمّد الجواهري ، منشورات مكتبة المحلاّتي ، الطبعة
الأولى ، قم ، ١٤٢٤ هـ.
٥٥
ـ معالم العلماء : ابن شهرآشوب المازندراني ، (ت ٥٨٨ هـ). مكتبة أهل البيت
عليهمالسلام
الألكترونية ،
الإصدار الثاني ، ١٤٣٣ هـ ـ ٢٠١٢ م.
٥٦
ـ معجم أحاديث الإمام المهدي عليهالسلام : الهيئة العلمية في مؤسّسة المعارف الإسلامية تحت إشراف
الشيخ علي الكوراني. نشر : مؤسّسة المعارف الاسلامية ، الطبعة الأولى ١٤١١ هـ.
٥٧
ـ معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة : أبو القاسم الموسوي الخوئي (ت١٤١٣ هـ). نشر الفقاهة
الإسلامية ، الطبعة الخامسة ، قم ، ١٤١٣ هـ ـ ١٩٩٢ م.
٥٨
ـ معجم المؤلّفين (تراجم مصنّفي الكتب العربية) : عمر رضا كحالة. الناشر مكتبة المثنى ، دار إحياء التراث
العربي ، بيروت.
٥٩
ـ موسوعة طبقات الفقهاء : الشيخ جعفر السبحاني ، (معاصر). مطبعة اعتماد ، قم ،
١٤٢٤ هـ.
٦٠
ـ نقد الرجال : مصطفى بن الحسين الحسيني التفرشي ، (ت ١٠١٥ هـ). تحقيق : مؤسّسة آل البيت
عليهمالسلام
لإحياء التراث
، قم ، ١٤١٨ هـ.
٦١
ـ نهاية الأصول تقرير أبحاث البروجردي : حسين المنتظري. مطبعة القدس ، الطبعة الأولى ، ١٤١٥ هـ.
٦٢
ـ نهاية الدراية : حسن الصدر ، (ت ١٣٥٤ هـ). تحقيق : ماجد الغرباوي ، الناشر : نشر المشعر ،
مطبعة اعتماد ، قم.
٦٣
ـ هداية الأمّة إلى أحكام الأئمّة عليهمالسلام : محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (١٠٣٣ ـ ١١٠٤ هـ). تحقيق
ونشر قسم الحديث في مجمع البحوث الإسلامية ، الطبعة الأولى ، مشهد ، ١٤١٢ هـ.
٦٤
ـ الهداية الكبرى : أبو عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي ، (ت ٣٣٤ هـ). مؤسّسة البلاغ
للطباعة والنشر والتوزيع ، الطبعة الرابعة ، بيروت ، ١٤١١ هـ ـ ١٩٩١ م.
٦٥
ـ الوافي : محمّد محسن المشتهر بالفيض الكاشاني. التحقيق : ضياء الدين الحسيني
الأصفهاني (ت ١٠٩١م). الناشر : مكتبة الإمام أمير المؤمنين علي
عليهالسلام
بأصفهان.
الطبعة الأولى ـ ١٤٠٦ هـ.
٦٦
ـ وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة : محمّد بن الحسن الحرّ العاملي ، (ت ١١٠٤ هـ). تحقيق
مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام
لإحياء التراث
، قم ، ١٤١٤ هـ.
ثانياً : المواقع الألكترونية :
٦٧
ـ موقع المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية التابع للعتبة العبّاسية المقدّسة :
http://www.iicss.iq/?id=٤٦٢.
ثالثاً : المصادر الأجنبية
Introduced by :
EtanRevelation and Falsification Mohhamad al-Sayyari. ـ ٦٨ Kohlberg
and Mohhamad Ali Amir Moezzi.Koninklijke Brill,LeidenNetherland, ٢٠٠٩.
الوجود العلمي الأحسائي في الهند
الشيخ محمّد علي الحرز
بسم الله الرحمن الرحیم
تاريخ العلاقة البحرانية ببلاد الهند :
تعود العلاقة
بين البحرين وبلاد الهند كنشاط إسلامي وإسهام توعوي مع الفتوحات الإسلامية ، فبعد
أن آمنت قبيلة عبد القيس صاحبة السيادة في بلاد البحرين ، وأحسنوا إسلامهم ، وهاجر
قسم منهم إلى مركز القيادة الإسلامية بالمدينة ، وهناك أسهموا إسهاماً بالغاً في
الفتوحات الإسلامية في أرض الشام وشبه القارّة الهندية وغيرها في دور تاريخي كبير
ذكره أرباب التاريخ في كتبهم ، إلاّ أنّ العلاقة بين المنطقتين تركّزت في جانبين
وبعدين هامّين هما :
العلاقة التجارية والاقتصادية :
فقد ارتبطت
بلاد البحرين بمفهومها الواسع (هجر ، الخط ، آوال) بشبه
__________________
القارّة الهندية بعلاقات تجارية واقتصادية متينة وواسعة تناولت مختلف جوانب
الحياة ، يرجع تاريخها إلى عمق التاريخ لدرجة لا يمكن تحديدها بدقّة ، وإنّما نذكر
شذرات من هنا وهناك كعيّنة وانعكاس عن مدى ومستوى هذا الارتباط ، ففي القرن الثامن
في حقبة الدولة العصفورية التي حكمت منطقة البحرين ، يقول ابن فضل الله العمري عن
تلك العلاقة في كتابه التعريف
بالمصطلح الشريف : «وأمّا عرب البحرين فهم قوم يصلون إلى باب السلطان وصول التجّار ،
ويجلبون جياد الخيل ، وكرام المهاري ، واللؤلؤ ، وأمتعة من أمتعة العراق والهند ،
ويرجعون بأنواع الحباء والأنعام والقماش والسكّر ، وغير ذلك ويكتب لهم بالمسامحة
فيردون ويصدرون».
وهذا النصّ فيه
عدّة دلالات هامّة من أبرزها «فَيرِدون ويصدرون» في إشارة إلى تكرار الرحلة وأنّ
الصفقات الاقتصادية بينهما طويلة ، وأمر آخر «من أمتعة العراق والهند» التي يحتمل
أنّ بعضها كان يرِدُهم عن طريق الحجّاج الذين يصلون الديار المقدّسة من طريق
الأحساء ، فيكون كنوع من التمويل والتجارة مبادلة البضاعة الأحسائية ببضاعة هندية
أو عراقية ، فيكون منها من الوفرة أن يُستفاد منه للتجارة مع المناطق الأخرى.
كما كان ميناء
العقير يصدّر الخيول العربية الأصيلة إلى الهند والتي عُرفت بها الأحساء ، نقل
صاحب مسالك
الأبصار ـ من أعلام
القرن الثامن ـ قال : «حدّثني
__________________
علي بن منصور العُقيلي من أمراء عرب البحرين ، وهم ممّن يجلبون من البحرين
الخيل إلى هذا السلطان ـ [من سلاطين الهند] ـ أنّ لأهل هذه البلاد علامة في الفريس
، يعرفونها بينهم ، متى ما رأوها في فرس اشتروه بما عسى يبلغ ثمنه».
ونقل عن نفس الأمير العقيلي عن كثرة تواصل العقيليّين مع
الهند قوله : «قال : إنّ أسفارنا ما تنقطع عن الهند ، وعندنا كثير من أخباره ،
وتواترت الأخبار عندنا أنّ هذا السلطان محمّد بن طغلقشاه».
هذه النصوص
تؤكّد عمق العلاقات البحرانية الهنديّة ومدى رسوخها في الأبعاد التجارية
والاقتصادية ، كما توضّح مدى الثراء والخيرات الذي تمتلكه المنطقة من الثروة
الزراعية والصناعية والحيوانية ، إضافة إلى الخبرة بوسائل وطرق التجارة.
الأحساء من طرق الحاجّ للهنود :
كان الحجّاج
الهنود يذهبون إلى الديار المقدّسة من خلال عدّة طرق ، منها عن طريق البحر من خلال
ميناء جدّة لقربه من مكّة ، وهو الغالب ، ومنها طريق اليمن ـ عدن ـ حيث يأتون ضمن
الركب اليمني ، وتارة يأتون مع حجّاج فارس عن طريق البرّ مروراً بالعراق حيث
يكونون ضمن ركب الحجّ العراقي على (درب زبيدة) ، ومن هذه الطرق التي يسلكونها طريق
العقير حيث يذهبون مع الركب
__________________
الأحسائي المنطلق إلى الحجّ ، وكان هذا حال العديد من حجّاج الهند كما
تؤكّده المصادر.
أمّا المؤرّخ
الهندي نمديهي في كنز
المعاني فقد كتب رسالة
إلى الأمير أجود على لسان وزير الدولة البهمنية في الهند بمطلع القرن العاشر
الهجري ، قال فيها : «إلى الشيخ أجود المعروف بابن جبر ... بعد حمد الله والصلاة
على نبيّه ، فتشريف التسليمات الطيّبات ونفائس التحيات الزكيات على الملك الأعظم
الأكرم الأمير الأفخم الأقدم ، مالك البرّ واليمّ ، حامي العرب والعجم ، ومبارز
معارك الشجعان ، كرّار المصافّ بالسيف والسنان ، وأعدل ملوك الأطراف والأقطار ،
وأشجع ولاة الأزمان والأعصار ، مفتخر حجّاج بيت الله الحرام».
وفي جانب آخر
من الرسالة يقول : «قدوة زوّار النبي عليه السلام ، المخصّص بعواطف العليّ الصمد ،
ملك ملوك العرب سلطان أجود».
إلى أن يختم
الرسالة بالدعاء للأمير أجود بطول العمر بحقّ محمّد(صلى الله عليه وآله)وحيدر
عليهالسلام
، بقوله : «ربّ
كما وفقته بحماية أهل المدر والوبر ، أجعل طول عمره إلى يوم الحشر ، بمحمّد وحيدر».
والإشارة جليّة
في دور الأمير أجود في حماية الحجّاج وتسهيل تنقلهم بين مكّة والمدينة ، وأنّ
الأحساء من طرق الحاجّ الهنود لذا أشار لهذه السمة التي
__________________
لَمَسها الحجّاج الهنود في مرافقتهم للحجّ العقيلي المنطلق من الأحساء إلى
الديار المقدّسة.
وكانت مسيرتهم
في قوافل كبيرة تحت حماية قويّة حفاظاً عليهم من القوافل وقطّاع الطرق ، يقول
مايكل ن. بيرسون ، وهو يتحدّث عن قوافل الحجيج من بلاد فارس والهند : «أشارت
مدوّنة تاريخية برتغالية إلى أنّ منطقة الحسا (الأحساء) التي تضمّ ميناء البحرين
والتي تبعد أربعين فرسخاً عن جزيرة البحرين ، كانت نقطة تجمّع الفرس وعرب المنطقة
للتوجّه إلى الحجّ ، ويسافر هؤلاء أيضاً كالآخرين في قوافل ، لأنّ طريقهم في هذه
الحالة يعبر صحاري اليمن ، ويتعرّضون كثيراً لهجمات الأعراب أو البدو الذين
يعيشون هناك ، لذا فإنّ هناك حاجة إلى قوافل قويّة الحماية».
وفي سنة
(٩٨٠هـ) تذكر المصادر العثمانية عن أهمّية هذا الميناء والدور الذي يؤدّيه في خدمة
الحاجّ ، حيث كان هو الميناء الرئيس في إيالة الحسا لاستقبال الحجّاج القادمين من
الهند وكافّة المناطق الواقعة إلى الجنوب الشرقي للخليج تقريباً ، إضافة إلى الدور الاقتصادي الذي كان يؤدّيه في
الاستيراد والتصدير.
أحسائيون في بلاد الهند :
هذه الأبعاد
وغيرها ساهمت بدرجة كبيرة في تكوّن علاقة وثيقة بين
__________________
الأحساء وشبه القارّة الهندية ، دعت إلى وجود نحو من الهجرات الأحسائية إلى
الهند لعدد من الأعلام الذين كان لهم دور علميّ ودينيّ في الهند سوف نذكرهم بنحو
من التفصيل والتوضيح.
اتجاهات الهجرة الأحسائية :
تركّز الوجود
العلميّ الأحسائي في عدّة مناطق في شبه القارّة وهي :
١
ـ كربلكا : وتكتب أيضاً
(كلبرجة) ، و (كربرجة) ، وهي أقليم من أقاليم (الدكن) بالهند.
٢
ـ كولكنده : جزء من
(حيدر آباد الدكن) التي هي عاصمة ولاية (أندرا براديش) الهندية وتعجّ بنشاط
اقتصاديّ كبير. وحيدر آباد مدينة إسلامية النشأة ، فقد أمر بتشييدها (السلطان
محمّد قولي قُطب شاه) أحد ملوك أسرة قُطب شاه التي استقلّت بحكم (كولكنده) بالدكن بعد
تولّي السلطان الطفل (محمود الثاني) عرش المملكة البهمنية في عام (٨٨٧ هـ) ، إذ
استقلّ أمراء قطب شاه ذوي الأصول الفارسية بحكم هذا الإقليم فيما بين (١٥١٢
و١٦٨٧م).
وشرع (محمّد
قولي قُطب شاه) في تشييدها في نقطة وسطى بين أسواق (كولكنده) الشهيرة على طريق
تجارة الحرير وبين ميناء (ماسولي باتنام) عام (٩٩٨ هـ) ، وذلك ضمن استعدادات
مملكته المزدهرة لمشاركة المسلمين الاحتفال بمقدم الألفية الهجرية الثانية في عام
(١٠٠٠هـ)في قلب (الدكن) بشمال
الهند.
٣
ـ أحمد آباد : هي أكبر مدن ولاية (غوجارات) ، وسابع أكبر مدن الهند. تقع شمال غرب
الهند ، وتبعُد عن شمال مومباي (بومباي) بحوالي (٤٤٠ كيلومتراً). تأسّست في عام
(١٤١٢م) ، بواسطة السلطان أحمد شاه على نهر (سابارماتي) كعاصمة لمملكة (غوجارات) ،
وهي مركز تجاري وثقافي وصناعي يحتوي على العديد من المساجد والمعابد والقبور. سقطت
المدينة على يد الإمبراطور أكبر في عام (١٥٧٣م) ، وكانت منذ (القرن ١٧) تحت حكم
(أباطرة موغال) .
٤
ـ حيدر آباد : (الدكن) مدينة هندية هامّة تقع جنوب الهند وهي عاصمة ولاية (أندرا
براديش) سابقاً قبل الانفصال وعاصمة ولاية (تلنقانا) حالياً ، وتعدّ سادس أكبر
مدينة في الهند ، وكانت معروفة في السابق بمدينة اللؤلؤ ، وتمّ تصنيفها على أنّها
المدينة الأولى من حيث أولوية التنمية بسبب حجمها وعدد سكّانها.
وتعتبر (حيدر
آباد) مدينة تاريخية عظيمة ، وهي من المدن التي فيها نسبة كبيرة من الشيعة الهنود
، وقد كانت مملكة إسلامية شهيرة وغنية اشتهرت بالتجارة ومن أشهر الملوك الذين
حكموا حيدر آباد (الملك نظام). ويوجد في مدينة
__________________
(حيدر آباد) العديد من ذوي الأصول العربية والفارسية اللذين هاجروا إليها.
٥
ـ كجرات : هي ولاية تقع
في شمال غرب الهند. عاصمتها (غانديناغار) التي سمّيت على اسم (المهاتما غاندي)
كونه ولد في مدينة (بوربندر) الساحلية. وهي ولاية تاريخية ، وتشمل جزءاً من
(مومباي). تجاور منطقة (كجرات) بحر العرب وباكستان والولايات التالية : راجاستان ،
وماديا ، وبراديش ، وماهاراشترا ، ودادرا وناغار هافيلي. وتستخدم فيها اللغة
الكجراتية بكثرة. كانت (كجرات) مملكة منفصلة منذ العام (١٤٠١م) حتّى احتلّها
المغول الكبار في عام (١٥٧٢م) ، و (بندر سورت) من الموانئ التابعة لها.
أسباب الهجرة الأحسائية إلى الهند :
الذي يظهر إنّ
هذا الوجود العلمائي في الهند هو من أجل الدعوة والإرشاد ونشر الفكر الإسلامي في
تلك الديار البعيدة. والشي الذي يؤسَف له عدم وجود المعلومات الكافية عن أبعاد
النشاط العلمي لهؤلاء الأعلام في الهند خصوصاً وأنّ الهند في تاريخها لم تعرف كمركز
دينيّ تستقطب العلماء ، وإنّما معظم الهجرات لها ـ أن لم يكن جميعها ـ كانت من أجل
توجيه الناس وضمّهم إلى حظيرة الإسلام ، خصوصاً وأنّ مثل هذه المناطق تعاني من
الجهل والفقر وبساطة نفوس الناس وطيبتها كأرضية خصبة للدعوة والإرشاد ، من هنا
تأتي أهمّية المعلومات ،
__________________
ولكن وللأسف الشديد حالهم كحال عشرات العلماء من بلادنا الحبيب الذي لا
نعرف عنهم سوى الاسم ، فإن زاد فاسم كتاب وهو مفقود بطبيعة الحال أو يعسر الوصول
إليه ، وهنا يمكن أن نلخّص أسباب الهجرة في عدّة نقاط :
ـ
الدعوة والإرشاد الديني : فهي مناطق ومدن تعجّ بأعراق مختلفة ، وتتمتّع بكثافة سكّانية كبيرة ،
ممّا يجعلها بحاجة إلى التوجيه والإرشاد الديني وتبيين معالم الدين.
ـ
الاتّصال بسلاطين البلاد : من الأمور التي يعمل عليها الحكّام والملوك والسلاطين
هو إضفاء الصبغة الدينية على سلطانها عبر استقطاب الأعلام ورجال العلم من مختلف
المناطق عبر ترغيبهم وحثّهم على القدوم والسكنى وتوفير وسائل الراحة لهم وإعطائهم
كافّة الخدمات لممارسة النشاط الديني والتوعوي من إمامة الجماعة والحوزات والمدارس
الدينية وغيرها من الأمور التي تساعدهم على القيام بدورهم الديني بكلّ حرية.
والأحساء من
القرن التاسع الهجري إلى القرن الثالث عشر كانت إحدى المراكز العلمية الهامّة التي
تخرّج على مدرستها عشرات الأعلام والفقهاء والفضلاء ، فكانت الهند أحد خياراتهم
الدينية.
ـ
الاستفادة من الحياة الاقتصادية : بالرغم من الكثافة السكّانية الكبيرة في الهند فهي
بلد مليئة بالخيرات والنّعم حباها الله بها ، والتي تجعلها محلّ طموح كلّ راغب في
الاستزادة المالية والتجارة وفتح أبواب الرزق ، وبحكم التواصل الهندي الأحسائي بمختلف
الطرق التجارية وتبادل البضائع أو بعد موسم الحجّ حيث
ينطلق الهنود راجعين إلى بلادهم عن طريق الأحساء فيرافقهم بعض الأحسائيين
بعد أن مهّدوا لرحلتهم هذه.
ـ
العلاج والاستشفاء : فالهند بلد ذات عراقة حضارية وطبّية قديمة ومقصد للمرضى بغرض الاستشفاء
على الطبّ الهندي القديم ، الذي هو متقدّم على العلوم الطبّية في الجزيرة العربية
بمراحل عديدة.
وممّا لا
نستبعده على الرحلات الأحسائية إلى الهند أن يكون بعض أغراضها الاستفادة من العلوم
الطبّية في الهند فيتخلّل هذه الرحلة ممارسة الدور الديني واستثمار الوقت بما هو
نافع ومفيد.
هذه مجموعة من
الأسباب التي نحتمل أنّها كانت وراء الرحلات العلمية إلى الهند من الأحسائيين.
ومع ذلك لا
يمكن الجزم بأنّ كلّ الرحلات الأحسائية إلى الهند كانت موفّقة وكانت محلّ ارتياح
لدى العلماء ، وإنّما تجد بعض ملامح التعب النفسي والتذمّر لدى بعضهم ، ممّا يجعلك
تميل إلى وجود عبئ نفسي على البعض حيث أنّه ينتظر الفرصة التي يعود فيها إلى وطنه
الأحساء محلّ أهله وأحبابه ، ومن هذه النماذج :
ما كتبه شعراً
السيّد محمّد بن عبد الحسين آل أبي شبانة في مقارنته بين الأحساء والهند ، فيقول :
مضت في حروب
الدهر غاية قوّتي
|
|
فأصبحت ذا
ضعف عن الكرِّ والفرِّ
|
__________________
إلى مَ بأرض
الهند أُذهب لذّتي
|
|
ونضرة عيشي
في محاولة النضرِ
|
وقد قنعت
نفسي بأوبة غائب
|
|
إلى أهله
يوماً ولو بيد الصفرِ
|
إذا لم تكن
في الهند أصناف نعمة
|
|
ففي هجر أحظى
بصنف من التمرِ
|
فهو ينتصر
لهَجَر على الهند مع ما تمتلكه الهند من مميّزات كبيرة ، ولكنّ القلب وما يهوى
ويحبّ.
ونجد شخصية
أخرى وهو السيّد حسن بن السيّد محمّد الحسيني وهو يتمنّى الرجوع إلى وطنه فيقول في
خاتمة مخطوطة تنزيه
الأئمة عليهمالسلام بعد أن فرغ منها :
«وقد وقع
الفراغ من كتابته يوم الخميس الثامن والعشرين من شهر محرّم الحرام المنخرط في سلك
شهور السنة (١٠٤١) الحادية والأربعين بعد الألف من هجرة سيّد المرسلين صلوات الله
عليه وآله الطاهرين على يد أقلّ الأنام علماً وعملاً وأكثرهم جرماً وزللاً ، تراب
أقدام محبّي علي بن أبي طالب وأولاده الطاهرين عليهم من الصلوات أكملها ، ومن
التحيّات أشملها وأشرفها إليه ، من الحقير كبير الجرم والتقصير عبد ربّه القدير
حسن بن محمّد الحسيني المدني أصلاً ، الأحسائي مولداً ، الخراساني التوني الجنابدي
مسكناً ، وذلك في بندر سورت ـ أحمد آباد ـ الهند ، عجّل الله تعالى الرجوع منها
إلى الوطن ووفّق لرؤية الوالدين والأهل والأحبّة بعد قضاء الحوائج ، وسرور الخواطر
، إنّه لا يخيّب الراجين ، ولا يردّ الذاكرين».
ونجده يتمنّى
الفكاك والخلاص من شرّها بعد أن لقي الأذى بها فقال في
خاتمة نسخه كتاب الآداب
الدينية للخزانة المعينية للشيخ الطبرسي :
«فرغ من كتابة
هذه الآداب المعينية في يوم الخميس الثالث عشر من شهر صفر سنة (١٠٤١) إحدى وأربعين
بعد الألف ، ختم بالخير والظفر أقلّ الأنام علماً وعملاً ، وأكثرهم جرماً وزللاً ،
راجي عفو ربّه ذي المنن بن محمّد الحسيني حسن المدني أصلاً ، الأحسائي مولداً ،
الخراساني التوني الجنابدي مسكناً ، وذلك في بندر سورت بكجرات ، خلّصه الله تعالى
من شرّها ، وسائر المؤمنين ، وبلّغه إلى أهله ورزقه رؤية والديه وأهله وأحبابه ،
إنّه لا يردّ الداعين ، ولا يخيّب الراجين ، بمنّه ولطفه ، آمين».
وهنا نجد هؤلاء
الأعلام رغم الألم والمعاناة لا يمنعهم ذلك من العطاء والعمل وبذل الوسع ، سواء
على مستوى القريض والشعر ، أو النسخ والكتابة والتأليف.
أعلام الأحساء في الهند
استطعنا
التعرّف على عدد من أعلام الأحساء الذين كان لهم إقامة في الهند ، منهم من كانت
دائمة وهي محلّ رقدته الأخيرة ، ومنهم من أقام فيها لفترة من الزمن قد تمتدّ
لسنوات عديدة ، ينزح بعدها إلى ديار أخرى ، بعد أن أدّى دوره الديني والاجتماعي
والثقافي ، نوردهم حسب الحقبة الزمنية التي كان لهم فيها تواجد في الهند ، وهي تمتدّ
بين القرن التاسع والقرن الثالث عشر الهجري :
١ ـ خلف بن حمد بن مهيوب القحطاني (بعد سنة ٨٤٥ هـ) :
الأمير خلف بن
حسن بن مهيوب بن ناصر بن مُقدَّم بن القحطاني ، ملك التجّار القائم بدولة السلطان
شهاب الدين أبي المغازي أحمد شاه ، مُتملّك (كربلكا) ، وغيرها من بلاد الهند ، ولد
حدود سنة (٧٩٠هـ) ، ببلدة (البطالية) ، بحصن القرمطي من الأحساء ـ الواقع بقرية
البطالية ـ ونشأ بها في كفالة أبيه ، وكان من شيوخها ، وقد بدأ حياته كتاجر
بالهجرة إلى بلاد هرمز على الساحل الفارسي بفرَسَين جيّدين ، واشترى معهما أربعة ،
ومنها ذهب إلى الهند واتّصل بالفقيه شمس الدين محمّد الميموني ، الذي شرى الأفراس
منه ، لتكون بذرة تجارته وسلطته ، توفّي بالهند في النصف الثاني من القرن التاسع
الهجري بعد سنة (٨٤٥ هـ) .
__________________
يقول تقيّ
الدين المقريزي (٧٦٦ ـ ٨٤٥ هـ) عن عطايا خلف : «وما زال يرسل في كُلِّ سنة إلى
أشراف بَنِي حَسَن بمكّة ، وأشراف بَنِي حُسَين بالمدينة النبوية بشيء من الميرات
، فيقع منهم الموقع الحسن لشدّت حاجتهم».
وهذا إشارة إلى
أنّ عطاياه كانت متكرّرة على مدى أعوام ، ومرتبطة في الغالب بالأطعمة والمأكولات ،
كما فيه بيان للقدرة المالية التي كانت عليها لتكون عطاياه للأشراف والتي تكون في
العادة جزيلة وكبيرة.
٢ ـ الشيخ أحمد بن محمّد السبعي (توفّي بعد ٨٥٤ هـ) :
الشيخ أحمد بن
الشيخ محمّد بن عبد الله بن علي بن حسن بن علي بن محمّد بن سبُع بن سالم بن رفاعة
الرفاعي السبعي الأحسائي ، علم أحسائي بارز ينتمي لواحدة من أكبر الأسر العلمية
في بلدة القارّة ، هاجر إلى (العراق) للدراسة الدينية ، ومنها إلى (الهند) للدعوة
والإرشاد فيها ، فمكث بها بقيّة حياته يعمل على توجيه الناس وبثّ علوم أهل البيت
عليهمالسلام.
أثنى عليه
العلماء ، فكان ممّا قاله فيه صاحب ريحانة الأدب : «الشيخ أحمد بن محمّد بن عبد الله الأحسائي السبعي من
أكابر علماء الإمامية ، عالم فاضل فقيه جليل القدر شاعر ماهر ، وآثار قلمه حاكية
عن تبحّر علمه».
وقال الشيخ
محمّد السماوي في كتابه الطليعة واصفاً المترجم : «كان فاضلاً
__________________
في الدين متفنّناً مصنّفاً في أغلب العلوم ، أديباً شاعراً حسن المنثور
والمنظوم ، جاء من بلاد البحرين إلى العراق ، ثمّ سكن في الهند حتّى مات».
تتلمذ وأجيز
بالرواية على عدد من أعلام عصره منهم : الشيخ أحمد بن عبد الله بن محمّد المتوّج
البحراني (بعد ٨٠٢ هـ) ، والشيخ أحمد بن فهد الحلّي (ت ٨٤١ هـ) ، والشيخ محمود
الشهير بابن أمير الحاج العاملي ، كما يروي عنه السيّد كمال الدين موسى الموسوي
الحسيني الأحسائي وغيره.
وتتلمذ عليه
عدد من رجال العلم في الهند منهم : السيّد علي العلوي بن شمس الدين محمّد بن الحسن
الحسيني اللايجي.
من مؤلّفاته :
ـ
سديد الأفهام في شرح قواعد الأحكام.
ـ
الأنوار العلوية في شرح الألفية : وقد ألّفه بطلب من السيّد علي العلوي بن شمس الدين
محمّد بن الحسن الحسيني اللايجي من السادة الأجلاّء الرؤساء بالهند ، فرغ منه في
(منهدري) بالهند في (٢١ جمادى الأوّل ٨٥٣ هـ) ، وفرغ من تبيضه في الهند أيضاً في
(٢٥ صفر ٨٥٤ هـ) .
ـ
الحاشية على الأنوار العلويّة.
ـ
شرح الرسالة الألفية : في الفقه للعلاّمة الحلّي.
__________________
ـ
ديوان شعر.
عرفنا من الكتب
التي قام بنسخها كتاب :
ـ
نضد القواعد الفقهية : لأبي عبد الله المقداد بن عبد الله السيوري الحلّي (ت ٨٢٦ هـ) ، فرغ من
نسخه وتصحيحه في النجف الأشرف ١٦ شوال (٨٤٠ هـ) .
ـ
جوابات المسائل الشامية الأولى : لأبي العباس جمال الدين أحمد بن شمس الدين محمّد بن
فهد الحلّي (٧٥٧ ـ ٨٤١ هـ) ، وقد فرغ من نسخها وكتابتها سنة (٨٤٠ هـ) ، ويظهر أنّه نسخه من نسخة الأصل للمؤلّف ، قال فيها :
«نسخه ورقّمه من نسخة التسويد ... أكثرهم أملاً أحمد بن محمّد السبعي عفى الله عنه
..» وخطّه معتاد ، جيّد وواضح.
كانت وفاته في
الهند بعد (٢٥ رجب سنة ٨٥٤ هـ) .
٣ ـ السيّد عبد الرحيم الحساوي (ت ٩٩٩ هـ) :
نقل صاحب كتاب ملوك حيدر آباد عن النور المسافر قوله : «وقد توفّي بـ : (كولكنده) ، وكان حسن الأخلاق ،
كريم النفس رحمه الله ويظهر أن أصله من
__________________
مدينة الأحساء في الجزيرة العربية» وهو من أعلام عصر محمّد قلي قطب شاه
(٩٧٢ ـ ١٠٢١هـ) .
٤ ـ السيّد حسن بن محمّد الحسيني الجبيلي (كان حياً سنة ١٠٧٢هـ) :
السيّد حسن بن
السيّد محمّد بن السيّد أحمد الحسيني الجمازي المدني الجبيلي الأحسائي الخراساني
التوني الجنابدي ، من أعلام الأحساء الكبار في القرن الحادي عشر ، وينتهي اسمه في
بعض المخطوطات بـ : (الحسيني الأحسائي) ، فهو من أصول مدنيّة قديمة ، ولد في
الأحساء ببلدة (الجبيل) ، كما يعرف في بعض المخطوطات والوثائق بـ : (الجمازي) نسبة
إلى الأمير (جماز) أحد أشراف المدينة المنوّرة ، وهو السيّد جماز بن السيّد مهنّا
بن جماز بن الأمير قاسم المكنّى (أبا فليته) بن الأمير مهنا الأعرج ، إلى أن ينتهي
نسبه إلى الإمام السجّاد عليهالسلام .
هاجر إلى الهند
وسكن لحقبة من الزمن ليست بالقصيرة مدينة (أحمد آباد) ، ومدينة (حيدر آباد) ، ثمّ
انتقل إلى بلاد فارس وسافر بين مدنها (أصفهان) ، و (شيراز) و (خراسان) مجاوراً
مشهد الإمام الرضا عليهالسلام
، ثمّ تنقّل
إلى (تون) ثمّ إلى (جنابد) ، كما أقام لحقبة من الزمن في مدينة شيراز ، آخرها سنة
(١٠٧٢هـ).
يعدّ من أجلاّء
الأعلام وكبار فقهائها ، وأحد الدعاة الذين نذروا أنفسهم
__________________
للإصلاح وهداية الناس ، أمضى معظم حياته متنقّلاً بين مختلف الأصقاع
مستغلاًّ ذلك في الدعوة والإرشاد ، كما أنّه نال مرتبة ومكانة علمية عالية بين
أعلام عصره ، كانت وفاته بعد عام (١٠٧٢هـ) ، يحتمل أن يكون في مدينة (شيراز)
لوجوده بها في هذا التاريخ.
أوْلى نسخ
الكتب عناية خاصّة ، فكان يستغلّ رحلاته وسفراته لبعض الوقت في نسخ وكتابة الكتب
التي تنال استحسانه من أمّهات كتب الطائفة وأعلامها الكبار التي تساعده في مهمّته
الدعوية والإرشادية ، وخطّه جميل جدّاً ومتقن يميل إلى الخطّ الفارسي ، ويتفنّن
فيه ، ومن المصنّفات التي قام بنسخها :
ـ
الرسالة الرضاعية : لمحمّد باقر بن محمّد الميرداماد (ت١٠٤١هـ) ، وقع الفراغ من نسخها (١٤
ربيع الأوّل ١٠٢٩هـ) ، في مدينة (أصفهان) .
ـ
الآداب الدينية للخزانة المعينية : الفضل بن حسن الطبرسي (٤٨٦ ـ ٥٤٨هـ) ، وكان حين
الفراغ من نسخه (ليلة الخميس ١٣ صفر ١٠٤١هـ) ، وقد ختمه باسمه هكذا : «بن محمّد الحسيني حسن المدني
الأحسائي الخراساني التوني الجنابذي مسكناً وذلك في بندر سورت كجرات».
ـ
قواعد الأحكام في معرفة مسائل الحلال والحرام : للعلاّمة الحلّي ، الحسن ابن يوسف الحلّي (٦٤٨ ـ
٧٢٦هـ) ، وقع الفراغ من نسخه وكتابته في (يوم الجمعة
__________________
١٠ رجب سنة ١٠٥٨هـ) ، وقد ختم المخطوطة باسمه : (السيّد الحسن بن محمّد
المدني الجبيلي الحسيني) ، ممّا يشير إلى أنّ مسكنه كان في قرية الجبيل بالأحساء
، ولد فيها من أصول مدنية ، وهي نسخة جيّدة مصحّحه عليها علامات بلاغ.
ـ
الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف : للسيّد علي بن موسى بن طاووس الحلّي (٥٨٩ ـ ٦٦٤هـ) ،
وكان الفراغ من كتابته ونسخه في شهر رجب لعام (١٠٦٣هـ) ، في (حيدر آباد بالهند) .
ـ
تنزيه الأئمّة عليهمالسلام : للسيّد المرتضى علي بن الحسين (٣٥٥ ـ ٤٣٦هـ) ، فرغ من
كتابته يوم (الخميس ٢٨ من شهر محرّم الحرام سنة ١٠٤١هـ) ، في (بندر سورت كجرات
بالهند) .
ـ
تنزيه الأنبياء عليهمالسلام : للسيّد المرتضى علي بن الحسين (٣٥٥ ـ ٤٣٦هـ) ، وهي
منسوخة بقلمه فرغ منها (ليلة الخميس ٢٢ محرّم الحرام ١٠٤١هـ) ، في (بندر سورت أحمد آباد بالهند) ، في (يوم الثلاثاء
٤ رجب المرجّب سنة ١٠٧٢هـ ، في دار العلم شيراز) ، كان في الهند ثمّ ذهب إلى شيراز
__________________
والنسخة معه ، في النسخة علامة بلاغ من السيّد الحسن بن محمّد الحسيني ،
قال فيه : «بلغ مقابلة في الجملة في أوقات متعدّدة ، آخرها يوم الثلاثاء رابع من
رجب المرجّب من سنة الثانية والسبعين بعد الألف على يد كاتبه الحقير الضعيف ، حسن
بن محمّد الحسيني في دار العلم شيراز».
٥ ـ الشيخ فرج بن أحمد الأحسائي (كان حياً عام ١٠٨٥هـ) :
الشيخ فرج بن
أحمد بن مفرج بن غانم بن حسين الثرواني العبدلي الأحسائي ، كما ورد أسمه في بعض
المصادر : (محمّد فرج بن أحمد الأحسائي) ممّا يحتمل أن يكون اسمه مركّباً ، كان يعيش بدار
السلطنة (حيدر آباد) ، من رموز العلماء الأحسائيّين المهاجرين إلى الهند ، سكن
مدينة (حيدر آباد) ونسخ عدّة كتب منها :
ـ
قلائد العقيان ومحاسن الأعيان : لأبي نصر الفتح بن محمّد بن عبيد الله القيسي
الإشبيلي الشهير بابن خاقان (ت ٥٣٥هـ) ، فرغ من نسخه (يوم الإثنين ١٤ صفر لسنة
١٠٨٤هـ) ، تملّكها محمّد بن عبد الله بن إبراهيم الأحسائي سنة (١١٨٣هـ) ، كما
تملّكها علي بن عبّاس بن علي بن عثمان الشاملي سنة (١١٣٢هـ) .
ـ
عنوان الشرف الوافي في الفقه والنحو والتاريخ والعروض والقوافي : لشرف
__________________
الدين إسماعيل بن أبي بكر اليمني (ت ٨٣٧ هـ) ، وذلك في ليلة الإثنين ٤ صفر
(١٠٨٥هـ) ، في (حيدر آباد) بالهند ، وهي نسخة مجدولة حسنة الخطّ.
٦ ـ الشيخ محمّد شريف بن عبد الغني لحسائي (عاش خلال سنة ١٠٨١هـ) :
الشيخ محمّد
شريف بن الشيخ عبد الغني بن الشيخ خضر لحسائي ساكن مدينة (حيدر آباد بالهند) ، من
أعلام القرن الحادي عشر الهجري ، وهو من أسرة علمية عريقة ، مهاجرة إلى الهند منذ
حقبة طويلة واستوطنتها ، لا يُعرف مقامه العلمي بصورة دقيقة ، ولكن يظهر أنه من
أصحاب الفضيلة العالية.
من أساتذته :
الشيخ علي خان
بن أحمد المدني ، تتلمذ عليه في الهند ، ودرس عليه بعض مصنّفاته ، يتوقّع أنّه عاش
إلى بدايات القرن الثاني عشر الهجري ، كان حياً سنة (١٠٨١هـ).
عرفنا ممّا نسخ من الكتب :
ـ
الحدائق النديّة في شرح الفوائد الصمدية : للشيخ علي خان بن أحمد المدني (١٠٥٢ ـ ١١١٨هـ) ، وقد
انتهى من نسخه في (٢٣ ربيع الثاني ١٠٨١هـ) ،
__________________
على النسخة حواش مذيّلة بقوله (منه) في إشارة بنقله منه مباشرة أثناء الدرس ، ممّا يؤكّد
أنّه ممّن تتلمذ على المصنّف الشيخ علي خان بن أحمد المدني الذي كانت له رحلات إلى
الهند.
٧ ـ الشيخ موسى بن حسن الأحسائي (كان حياً عام ١٠٨٧هـ) :
الشيخ موسى بن
حسن بن زيد بن علي بن عبد الله الأحسائي ، من أعلام البلاد خلال القرن الحادي عشر
الهجري ، ومن الأعلام الذين نذروا أنفسهم لدعوة الناس في البلاد البعيدة ، مهاجر
إلى الهند ، كان حياً سنة (١٠٨٧هـ) ، نسخ عدّة كتب ، وخطّه نسخ جيّد عرفنا منها :
ـ
رسالة الخراج : للشيخ علي بن أحمد بن هلال العاملي الكركي (ت ٩٨٤هـ) ، فرغ من كتابتها
ونسخها سنة (١٠٨٧هـ) ، وهي من ممتلكات مكتبة (رضا رامبور بالهند).
ـ
مُخْتَلفُ الشيعة في أحكام الشريعة : للشيخ حسن بن يوسف بن علي بن المطهَّر الحلّي (ت
٧٢٦هـ) ، فرغ من كتابته (١٠٨٧هـ) ، وقد كتبت بخط نسخ جيّد ، والنسخة فيها تلف كبير بسبب
الحشرات.
٨ ـ السيّد محمّد بن عبد الحسين بن أبي شبانة الحسيني الهجري (ت بعد
١٠٨٢هـ) :
السيّد محمّد
بن السيّد عبد الحسين بن السيّد إبراهيم بن أبي شبانة
__________________
الحسيني الهجري ذكر في المشجّر
الوافي ، ونقل عن بعض
المصادر في وصفه : «عَلَم العِلْم ومناره ، ومقتبس الفضل ومستناره ، فرع دوحة
الشرف الناضر ، المقرّ بسموّ قدره كلّ مناضل ومناظر. أمّا العلم فهو بحره الذي طما
وزخر ، وأمّا الأدب فهو صدره الذي سما به وفخر ، وهو اليوم نازل بأصبهان ، ورفع من
قدر الأدب ما هان».
هاجر إلى الهند
واتّصل بعلمائها منهم العلاّمة السيّد أحمد نظام الدين الحسيني المقرّب لسلطان
الهند ، ومن علماء القرن الحادي عشر ، ثمّ ترك الهند وسافر إلى إيران حدود سنة
(١٠٧٠هـ) ، وتصدّى بها لما وهبه الله من علم وقابلية في النّظم.
له شعر كثير
منه قصيدة يقارن بين بلده الأحساء (هَجَر) وبين الهند ، جاء فيها :
مضت في حروب
الدهر غاية قوتي
|
|
فأصبحت ذا
ضعف عن الكرِّ والفرِّ
|
إلى مَ بأرض
الهند أُذهِب لذّتي
|
|
ونضرة عيشي
في محاولة النضرِ
|
وقد قنعت
نفسي بأوبة غائب
|
|
إلى أهله
يوماً ولو بيد الصفرِ
|
إذا لم تكن
في الهند أصناف نعمة
|
|
ففي هَجَر
أحظى بصنف من التمرِ
|
على أنّ لي
فيها حماة عهدتهم
|
|
بناة المعالي
بالمثقّفة السمرِ
|
إذا ما أصاب
الدهر أكناف عزهم
|
|
رأيت لهم
غارات تغلب في بكرِ
|
ولي والد
فيها إذا ما رأيته
|
|
رأيت به
الخنساء تبكي على صخرِ
|
__________________
ومن خلال
الأبيات يذكر (تمر) الأحساء بلده التي أحبّها ، ويفضّله على ثمار الهند المعروفة
بالخيرات.
كما يشير إلى
وجود والده في الأحساء وأنّه يحنّ إليه حنين الخنساء إلى أخيها المقتول صخر ، ولا
يغفل الإشارة إلى ربعه وأهله الذين يعزّهم وما لهم من مجد وفخر وغلبة على أعدائهم.
ومن شعره
الكثير قصيدة بعث بها إلى الهند مراسلاً السيّد أحمد نظام الدين المدني ، جاء فيها :
أحمد من
صُعّد كعب أحمد
|
|
وذروة المجد
وهام السؤدد
|
بالعلم
والفضل وطيب المحتد
|
|
وهمّة تدوس
فوق الفرقد
|
السيّد الندب
الجواد الأوحد
|
|
مَن لا يحاط
وصفه بالعدد
|
همّته مصروفة
في مددي
|
|
ولم تفارق
يده قطّ يدي
|
فمن جزيل
فضله المجدّد
|
|
ولطفه بعبده
محمّد
|
بليلة بها
الزمان مسعدي
|
|
قد أسفرت عن
صبح يوم واحدِ
|
أهداؤه العنب
الذي مذاقه
|
|
ألذّ من وصل
الحسان الخردِ
|
أحلى من السكّر في الطعم وإن
|
|
تستشهد الشهد
بذاك يشهد
|
لو قُلت لم
تحوِ الجنان مثله
|
|
طعماً ولوناً
وشذى لم أبعدِ
|
قد كان لطفاً
أن يذوب عندما
|
|
تلمحه العين
كذوب البرد
|
من نال شيئاً
منه في زمانه
|
|
كأنّما نال
حياة الأبد
|
__________________
كأنّما الشمس
إذا ما طلعت
|
|
قد لبست من
لونه المُورّد
|
ترى إذا
رأيته شمس الضحى
|
|
طالعة في كرة
الزبرجدِ
|
قد جاءنا من
دوحة المجد التي
|
|
ما برحت
أثمارها كالعسجدِ
|
٩ ـ السيّد عبد الله بن محمّد آل شبانه الحسيني الأحسائي البحراني (كان
حياً سنة ١٠٨٢هـ) :
السيّد عبد
الله بن السيّد محمّد بن السيّد عبد الحسين بن السيّد إبراهيم بن أبي شبانة
الحسيني الأحسائي البحراني ، من أصول أحسائية هاجر إلى البحرين وأقام بها ، ثمّ
رحل إلى الهند حالاًّ محلّ والده السيّد محمّد ليمارس الدور الديني والتربوي ،
حتّى حظيا بمكانة سامية في المجتمع الهندي.
ذكره صاحب سلافة العصر ، أنّه ممّن اتّصل بوالده في الهند خلال القرن الحادي
عشر ، فكانت بينهم علاقة وصحبة ، كما كان يقرض الشعر كوالده السيّد محمّد ، فكتب
الكثير من القصائد المختلفة.
هاجر من الهند
لطلب العلم فكتب إليه والده يتشوّق إليه ، ويحثّه على الجدّ والاجتهاد وسلوك طريق
الرشاد :
بُليت بدهر
بالأفاضل غادرِ
|
|
وأنت على
خلاّنه غير عاذرِ
|
وبعدك عنّي
إن سلكت طريقة
|
|
تؤدّي إلى
الرشد فليس بضائرِ
|
إن شأت أن
أرضى عليك فلا تكن
|
|
إلى غير
منهاج الصلاح بسائرِ
|
__________________
عسى الدهر
يوماً أن يلمّ شتاتهُ
|
|
ويقطع أسباب
النوى والتهاجرِ
|
وذلك موكولٌ
لرحمة راحم
|
|
ومنّةِ منان
وقدرةِ قادرِ
|
ولله تدبير
وللدهر رجعة
|
|
وللعسر تيسير
بحكم المقادرِ
|
وما غُلقت
أبواب أمر على امرئ
|
|
فصابرَ إلاّ
فتّحت في الأواخرِ
|
تحيّة مشتاق
وتسليم واله
|
|
إلى غائب بين
الجوانح حاضرِ
|
وهي أبيات غاية
في الجمال والروعة والعاطفة الجيّاشة التي تمثّل حنان وعطف الأبوّة ، والخوف على
مستقبل الأبناء ، لذا يغدق عليهم بالنصح والتوجيه ، وفيها يعيش ألم الفراق وشدّة
الشوق.
ولعلّه نستفيد
من الأبيات أنّ السيّد الابن عبد الله كان في رحلة طلب العلم من خلال كلام والده :
وبعدك عنّي
إن سلكت طريقة
|
|
تؤدّي إلى
الرشد فليس بضائرِ
|
كما يمكن تخمين
أمر آخر أنّ الرحلة كانت لبلاد البحرين حيث يتتلمذ على أعلامها ، ومنها أخذ لقب
(البحراني) الذي ارتبط باسمه ، وهو أمر لا نجده في والده ، وإنّما نجد الشوق
والحنين إلى وطنه (هَجَر) الأحساء ، ويذكر تمرها ونخيلها.
قال فيه أحد
معاصريه : «السيّد عبد الله بن محمّد بن عبد الحسين الحسيني البحراني [من]
المعاصرين .. فاضل شاعر أديب».
ومن شعره يصف
جواداً :
__________________
أحجل يعبوب
له غرّة
|
|
تهزأ بالصبح
إذا يسفرُ
|
طلق يمين فيه
باليمن قد
|
|
تطابق
المَخبر والمنظرُ
|
مطهّم أقود
رحب المطا
|
|
فعم طويل
باعه طمرُ
|
مقلّد نهد
سليم الشظا
|
|
مؤدّب ما
راعه محضرُ
|
أطوع للفارس
من نعلهِ
|
|
عاداته
بالسبق لا تنكرُ
|
طرفٌ يراه
الطرفُ في ركضه
|
|
خاطف برق لم
يكد يبصرُ
|
يغادر الريح
إذا ما جرى
|
|
حسرى بأذيل
السفا تعثر
|
١٠ ـ الشيخ عبد الوهّاب بن محمّد الأحسائي (كان حياً سنة ١٠٩٨هـ) :
الشيخ عبد
الوهاب بن محمّد بن عبد الوهاب الأحسائي من أعلام الأحساء في القرن الحادي عشر ،
ومن البيوتات العلمية الأحسائية المهاجرة ، سكن مدينة المنامة بالبحرين لفترة من
الزمن ، كما يحتمل أنّه هاجر إلى مدينة شيراز التي عاش فيها ابنه الشيخ إبراهيم بن
الشيخ عبد الوهاب بن محمّد الأحسائي الشيرازي ، كانت وفاته بعد سنة (١٠٩٨هـ).
يظهر من خلال
تعليقه على عدد من الرسائل العلمية للأعلام الكبار أنّه من أهل العلم البارزين
الذين كانت لهم مكانة في وسطهم الاجتماعي ، تتلمذ على يديه ابنه : الشيخ إبراهيم
بن الشيخ عبد الوهاب الأحسائي الشيرازي ، ومن المؤكّد أنّه تلقّى عليه غيره ولكن
شحّت المعلومات عن حياته فلم نستطِع معرفة أسمائهم.
كما أنّه شخصية
نشيطة وذات همّة عالية ، فقد نسخ مجموعة كبيرة من
الكتب خلال فترة زمنية تمتدّ إلى ثلاثين سنة ، بين عامي (١٠٦٨ ـ ١٠٩٨هـ) ،
وهذا يؤكّد جودة نسخه ، وإتقانه ، وجمال خطّه ، ممّا يجعل هناك طلباً على منسوخاته
لثقة أهل العلم بما تسطّره يداه وتكتبه أنامله.
ويظهر أنّه عاش
لفترة في الهند في منطقة (حيدر آباد) بالهند.
عرفنا ممّا نسخ
عدّة كتب وهي :
ـ
الكافية الشافية : لمحمّد بن مالك الطائي ، وكان الفراغ من نسخه وكتابته سنة (١٠٦٨هـ) .
ـ
اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية : للشهيد الأوّل ، محمّد مكّي العاملي (٧٣٤ ـ ٧٨هـ) ،
انتهى من نسخه (١٤ جمادى الثانية ١٠٥٤هـ) ، وهي نسخة فيها حواش وتعليقات وتصحيحات
من الناسخ.
ـ
غرر الفوائد ودرر القلائد : للسيّد الشريف المرتضى علي بن الحسين (ت ٤٣٦هـ) ،
وتاريخ النسخ (يوم الجمعة ١٢ جمادى الأولى لعام ١٠٧٥هـ) ، في المنامة بالبحرين ،
وعلى النسخة تعاليق للشيخ علي بن عبد الحسين بن عاشور البحراني ، كما عليها عدّة تملّكات لعدد من أعلام البحرين وهم :
__________________
١ ـ محمّد بن
شريف الدين عام (١٢٠٩هـ).
٢ ـ جلال بن
خليفة بن محمّد بن غانم ، ونعمة الله بن مرهون بن حسين بن راشد البلادي البحراني
بتاريخ (١٧ رمضان عام ١١٠٤هـ).
٣ ـ وفي صفحة
أخرى تملّك علي بن هاشم بن علي بن هاشم بن علي الحسيني الموسوي الستراوي البحريني.
ـ
الذريعة إلى أصول الشريعة : للشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي البغدادي (ت
٤٣٦هـ) ، وتاريخ الفراغ من النسخ (ليلة الأحد ١١ صفر لعام ١٠٩٨هـ) ، وهي نسخة
مصحّحة عليها تعليقات ، بعضها من الناسخ ، ممّا يدلّل على علوّ كعبه العلمي ، وعليها حواش من
الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني ، وقد أخذ النسخة أمانة من ابن الناسخ ومالكها
الشيخ إبراهيم بن الشيخ عبد الوهاب الأحسائي.
١١ ـ الشيخ أحمد بن عبد الله الرّبيعي الأحسائي(كان حياً سنة ١١٣٧هـ) :
الشيخ أحمد بن
عبد الله الرّبيعي الأحسائي (من أعلام القرن الثاني عشر) ، ومن الشعراء الأدباء ،
هاجر إلى الهند وسكن مدينة (بندر سورنت) ، والتي يعيش فيها خليط من العرب والفرس
إضافة إلى سكّانها الأصليّين ، وهي من المناطق التي نشط العلماء فيها ومن المدن
التي تستقطب الأعلام إليها.
__________________
ورد ذكره في نزهة الجليس فقال في حقّه : «الشيخ الكامل العالم العامل الصفيّ
الوفيّ الشيخ أحمد بن عبد الله الربيعي الأحسائي» ، وقد رآه المصنّف في مدينة
(بندر سورانت) سنة (١١٣٧هـ) ، وقد سمع منه شعراً وقد ذكر بعضه :
عبدٌ بقيد
الذنب أصبح موثقاً
|
|
يثني على مَن
في يديه عنانه
|
والله ما
استوفى القليل من الثَّنا
|
|
لو أنَّ كلَّ
الكائنات لسانه
|
١٢ ـ الشيخ محمّد الأحسائي (كان حياً سنة ١١٧٥هـ) :
الشيخ محمّد
الأحسائي ، عَلَم أحسائي ينتمي للمذهب الحنفي ، من أعلام الأحساء المهاجرة إلى
الهند ، نسخ كتاباً واحداً في الفقه الحنفي لأحد أعلام الهند خلال القرن الثاني
عشر الهجري هو :
ـ
جامع أشتات الوهم (فقه حنفي) : للشيخ إبراهيم بن حسين بن أحمد ابن بيري زاده (١٠٩٩هـ) ، فرغ من كتابته ونسخه سنة (١١٧٥هـ) ، والنسخة موجودة
في (رضا رامبور).
أبعاد النشاط العلمي في الهند :
تميّز الوجود
الأحسائي في الهند بالإيجابية والفاعلية ، رغم قلّة من عرفنا منهم ممّن كانت له
إقامة في الهند سواء لفترة دائمة أو محدودة ، وقد اتّخذ نشاطهم جوانب وأبعاداً
مختلفة يمكن تلخيصها في النقاط التالية :
__________________
الدراسة والتدريس :
من الأمور
المألوفة في الأوساط العلمية أنّه ما إن تأتي شخصية علمية بارزة حتّى يلتفّ حولها
طلاّب العلم للتتلمذ عليها وينتهلوا من مَعين علومها ، بل إنّ طلاّب العلم في كثير
من الأحيان يرحلون إلى بعض المراكز العلمية والمدارس الدينية ويعطونها أولوية على
غيرها ، لا لكونها الخيار الوحيد لديهم أو الأقرب لمسقط رأسهم ، وإنّما لوجود
عَلَم من الأعلام ، قد شقّت شهرته الآفاق ، فتدفعهم الرغبة للتتلمذ عليه والتوجّه
لهذه البلاد عن غيرها.
والأعلام
الأحسائيّون يشملهم البعدان سواء التدريس كالشيخ أحمد بن محمّد بن عبد الله السبعي
الذي هو من فقهاء الطائفة وأعلامها البارزين ، مضافاً إلى كونه في بلاد بعيدة
كالهند يعطيه حظوة ومكانة كبيرة يجعل العشرات من طلاّب العلم هناك يلتفّون حوله محاولين
استثمار وجود مثل هذه القامة العلمية بينهم ، فكان منهم السيّد علي العلوي بن شمس
الدين محمّد بن الحسن الحسيني اللايجي من السادة الأجلاّء الرؤساء بالهند ، وقد
طلب منه شرح كتاب الألفية والتتلمذ عليه من خلاله ، فكان من ثمار هذا الدرس كتاب الأنوار العلوية في
شرح الألفية.
ونجد إشارات
للمكانة العلمية لعدد من الأعلام الأحسائيين المهاجرين ، ومثل هذه الأمور ممّا
تكشفه عادة الدروس العلمية ومحاضر الدرس ، فكان منهم : السيّد محمّد بن السيّد عبد
الحسين بن السيّد إبراهيم بن أبي شبانة الحسيني
__________________
الهجري الذي قيل في وصفه : «عَلَم العلم ومناره ، ومقتبس الفضل ومستناره ،
فرع دوحة الشرف الناضر ، المقرّ بسموّ قدره كلّ مناضل ومناظر. أمّا العلم فهو بحره
الذي طما وزخر».
وهذا يؤكّد على
علمه ومكانته وأنّه ممّن كشفت دروسه عن علمه وفضله ، فجعله مثار إعجاب العلماء
والفضلاء.
ومنهم الشيخ
محمّد شريف بن الشيخ عبد الغني بن الشيخ خضر لحسائي ساكن مدينة (حيدر آباد) بالهند
، فقد التقى بالسيّد الفقيه الرحّالة علي خان بن أحمد المدني ، وقد تتلمذ عليه في
الهند ، ودرس عليه بعض مصنفاته.
الكتابة والتأليف :
لا نعلم الكثير
عن المصنّفات الأحسائية هناك ، وضياع معظم التراث الأحسائي هناك ، وعدم معرفته ،
وما وصلنا النزر اليسير ، ولكنّ الذي نعلمه إنّ الشيخ أحمد بن محمّد السبعي قد
صنّف الأنوار
العلوية في شرح الألفية ، في الهند ، ولا يبعد أن ترك غيره.
نسخ الكتب :
يعدّ نسخ الكتب
وكتابتها من الأبعاد العلمية التي يوليها العلماء اهتماماً كبيراً في حياتهم
العلمية ، فالكتاب هو حياتهم ومصدر ثقافتهم ، لذا لا غنى للعالم عن
__________________
الكتاب ، ففيه يدرس ومنه يتعلّم ، وبه يبني ثقافته وعلومه.
ونسخ الكتب ما
هو إلاّ لغرض الإحياء والبناء الذاتي الذي دأب عليه العلماء ، وقد مرّ سابقاً
التفصيل في هذا الموضوع.
ـ الاتّصال بالعلماء ومجالسهم :
استطاعت الهند
عبر سلاطينها وملوكها استقطاب عدد من الأعلام من إيران والعراق ولبنان والمدينة
المنوّرة والأحساء وغيرها من المعمورة ، إضافة إلى أعلام الهند المحلّيّين وكان
بينهم الفقهاء والأعلام الكبار. وقد تواصل علماء الأحساء مع بعض هؤلاء الأعلام
الذين ورد ذكر بعضهم هنا وهناك عرفنا منهم :
ـ الشيخ أحمد
بن محمّد السبعي الذي له علاقة بتلميذه السيّد علي العلوي ابن شمس الدين محمّد بن
الحسن الحسيني اللايجي ، الذي هو من أعلام الهند المحلّيّين.
ـ السيّد محمّد
بن عبد الحسين بن أبي شبانه ، وكانت له علاقة وصحبة مع العلاّمة السيّد أحمد نظام
الدين المدني المقرّب من سلطان الهند.
ـ الشيخ محمّد
شريف بن عبد الغني لحسائي ، والذي على علاقة وطيدة مع أستاذه العلم البارز السيّد
علي خان بن أحمد المدني.
هذه العلاقة
وغيرها تتضمّن ملتقيات ثقافية وعلمية حيث تعجّ مجالس العلماء بإثارة المسائل
العلمية فيتمّ النقاش والحوار ، ومثل هذه المجالس عادة ذات فائدة علمية كبيرة لما
يعرضه العلماء من نكات علمية قد لا يراها البعض في
الكتب ، كما أنّها ذات نفع كبير على الطلبة يتعلّمون من خلالها الحوار
العلمي وكيفية النقض والإبرام.
الدعوة والإرشاد :
وهو من أبرز
مهامّ العلماء وأدوارهم ، فمن تكاليفهم الشرعية تعريف الناس بمعالم دينهم ، من
الأحكام الشرعية والأمور المبتلى بها الناس ، إضافة إلى معالجة وحلّ مشاكلهم في
مختلف جوانب الحياة.
الأدب والشعر :
كان للهند
وجمالها الخلاّب أوقع أثر في صقل الروح الأدبية والشعرية في حياة الأعلام
الأحسائيّين ، فكان منهم الشعراء والأدباء ، فكتبوا الشعر في مختلف الحقول الأدبية
والدينية ، نورد نزراً منها :
فممّا قاله
الشيخ محمّد بن عبد الله السبعي في رثاء الإمام الحسين
عليهالسلام
:
أترى وقوفك
في رسوم ديار
|
|
تقضي به
وطراً من الأوطارِ
|
أو أنَّ
مهراقَ الدموع بِمنزل
|
|
عاف تبلّ به
غليلاً واري
|
إنّي أُعيذك
أن تجود بمدمع
|
|
في رسم دار
دارسِ الآثار
|
هيهات ما
إهراق دمك بالذي
|
|
يشفي الغليل
من الزناد الواري
|
أعرفتُ مثلك
في الوقار وفي الحِجا
|
|
يبكي الديار
بلا حجاً وَوَقار!
|
__________________
أرأيت مثلك
بعد شيب عذاره
|
|
يُمسي ويصبح
خالقاً لعذار!
|
أرأيت مثلك
يرتضي الدنيا له
|
|
داراً وما
الدنيا بدار قرار!
|
لا ترتضي
الدنيا وإن هي أقبلت
|
|
نفسُ اللبيب
فكيف في الإدبار
|
سلها عن
الماضين من عشقها
|
|
ماذا بهم
فعلت على التكرارِ
|
ومن شعر السيّد
محمّد بن عبد الحسين بن أبي شبانه الأحسائي ، على طريقة أهل الحال :
لعمري لقد
ضلّ الدليل عن القصد
|
|
وما لاح لي
برق يدلّ على نجدِ
|
فبتُّ بليل
لا ينام ومهجة
|
|
تقلب في نار
من الهمِّ والوجدِ
|
وقلت عسى أن
أهتدي لسبيلها
|
|
بنفحة طيب من
عرار ومن رندِ
|
فلمّا أتيت
الدير أبصرت راهباً
|
|
به ثملٌ من
خمرة الحبِّ والودِّ
|
فقلت له أين
الطريق إلى الحمى
|
|
وهل خبرٌ من
جيرة العلم الفردِ
|
فقال وقد
أعلى من القلب زفرةً
|
|
وفاضت سيول
الدمع منه على الخدِّ
|
لعلّك يا
مسكين ترجو وصالهم
|
|
وهيهات لو
أبلغت نفسك بالكدِّ
|
إذا زمرة
العشّاق في مجلس الهوى
|
|
نشاوى غرام
من كهول ومن مردِ
|
ألم ترَ أنّا
من مدامة شوقهم
|
|
سكارى ولم
نبلغ إلى ذلك الحدِّ
|
فكم ذهبت من مهجة في طريقهم
|
|
وما وصلت
إلاّ إلى غاية البعدِ
|
فقلت أأدنوا
، قال من كلّ محنة
|
|
فقلت أأرجوا
، قال شيئاً من الصدِّ
|
ألم ترَنا
صرعى بدهشة حبّهم
|
|
نقلّب فوق
الترب خدّاً إلى خدِّ
|
__________________
فكم طامع في
حبّهم مات غصّة
|
|
وقد كان يرضى
بالمحال من الوعدِ
|
وهذا البعد
يطول بنا لو أردنا الاسترسال في جوانبه وأبعاده وإنّما أردنا ذكر عيّنات بسيطة تفي
بالغرض.
والنتيجة التي
نختم بها حديثنا إنّ الوجود الأحسائي في الهند أمتاز بالفاعلية والعطاء رغم شحّ
المصادر وقلّة المعلومات ، ولكن أردنا إعطاء نظرة عامّة عن الوجود الأحسائي في
الهند الذي امتدّ لعدّة قرون ، وإبراز ما كان لهم من دور.
المصادر
١ ـ أعلام الأحساء
في العلم والأدب من الماضين في سبعة قرون ، ابتداء من عام ٨٠٠ هـ : آل رمضان ، جواد بن حسين ، الطبعة الأولى : ١٤٢٢هـ /
٢٠٠١م.
٢
ـ أعلام الهند : الطريحي ، محمّد سعيد ، مؤسّسة البلاغ ، الطبعة الأولى: ١٤٢٦هـ ـ ٢٠٠٥م.
٣
ـ أعلام هجر من الماضين والمعاصرين : الشخص ، السيّد هاشم بن محمّد ، مؤسّسة الكوثر للمعارف
الإسلامية : قم المقدّسة ، الطبعة الثالثة : ١٤٣٠هـ ـ ٢٠٠٩م.
٤
ـ البداية والنهاية : ابن كثير ، إسماعيل بن عمر ، دار المعارف : بيروت ، الطبعة الأولى : ١٤١٠هـ
ـ ١٩٩٠م
٥
ـ تنزيه الأنبياء والأئمة عليهمالسلام : المرتضى ، السيّد علي بن الحسين ، تحقيق : فارس حسّون
كريم ، بوستان كتاب : قم ، الطبعة الأولى : ١٤١٨هـ.
٦
ـ تاريخ الخليج وشرق الجزيرة العربية المسمّى إقليم بلاد البحرين في ظلّ حكم
الدويلات العربية (٤٦٩ ـ ٩٦٣هـ / ١٠٧٦ ـ ١٥٥٥م) : خليل ، د محمّد محمود ، مكتبة المدبولي : القاهرة ،
الطبعة الأولى : ٢٠٠٦م.
٧
ـ تاريخ الشيعة في الهند ، أكاديمية الكوفة : الطريحي ، محمّد سعيد ، هولندا ، الطبعة الأولى :
١٤٢٦هـ ـ ٢٠٠٥م.
٨
ـ تاريخ الشيعة في الهند ، ملوك حيدر آباد : الطريحي ، محمّد سعيد ، الطبعة الأولى : ١٤٢٦هـ ـ
٢٠٠٥م ، نشر أكاديمية الكوفة : هولندا.
٩
ـ التراث العربي في خزانة مخطوطات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي الحسيني : جمع وإعداد : الإشكوري ، السيّد أحمد ، نشر مكتبة آية
الله العظمى المرعشي النجفي : قم ، الطبعة الأولى (د. ت).
١٠
ـ الحج إلى مكّة المكرّمة من شبه القارة الهندية (١٥٠٠ ـ ١٨٠٠م) : مايكل ن. بيرسُون ، ترجمة : د. معراج تواب مرزا ، د.
بدر الدين يوسف محمّد أحمد ، مركز تاريخ مكّة المكرّمة والمدينة المنورة : مكّة
المكرّمة ، الطبعة الأولى : ١٤٣١هـ.
١١
ـ درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة : المقريزي ، تقي الدين أحمد بن علي (٦٧٧ ـ ٨٤٥ هـ / ١٣٦٥
ـ ١٤٤٢م) ، حقّقه وعلّق عليه الدكتور محمود الجليلي ، دار الغرب الإسلامي : بيروت
، الطبعة الأولى : ١٤٢٣هـ / ٢٠٠٢م.
١٢
ـ الدويلات العربية (٤٦٩ ـ ٩٦٣هـ / ١٠٧٦ ـ ١٥٥٥م) : خليل ، د محمّد محمود ، مكتبة المدبولي : القاهرة ،
الطبعة الأولى : ٢٠٠٦م.
١٣
ـ العثمانيون وشرق شبه الجزيرة العربية (إيالة الحسا) : الوهبي ، الدكتور عبد الكريم ابن عبد الله المنيف ، ٩٥٤
ـ ١٠٨٢هـ / ١٥٤٧ ـ ١٦٧١م ، مطابع الحميضي : الرياض ، الطبعة الأولى : ١٤٠٥هـ ـ
٢٠٠٤م.
١٤
ـ فتوح البلدان : البَلاذُري ، أحمد بن يحيى بن جابر بن داود ، دار ومكتبة الهلال : بيروت ،
الطبعة الأولى :١٩٨٨م.
١٥
ـ فهرس آل البيت : مؤسّسة آل البيت للفكر الإسلامي ، الأردن : عمان ، الطبعة الأولى : ١٤٢٥هـ
٢٠٠٥م.
١٦
ـ فهرس دنا : درايتي ، مصطفى ، مكتبة موزة ومركز أسناد مركز شورى إسلامي : مشهد ،
الطبعة الأولى : ١٣٨٩هـ. ش.
١٧
ـ فهرس مختصر للمخطوطات في مجلس الشورى الإسلامي ، كتابخانة موزة ومجلس الشورى : السيّد محمّد الطباطبائي ، طهران ، الطبعة الأولى :
١٣٨٦هـ. ش.
١٨
ـ الفهرس الموحّد للمخطوطات الإيرانية (فنخا) : الدرايتي ، إعداد مصطفى ، نشر سازمان أسناد وكتابخانه
ملي جمهوري إسلامي إيران : قم ، الطبعة الأولى : ١٣٩٠هـ. ش.
١٩
ـ مجلّة تراثنا.
٢٠
ـ مجلّة المورد : سنة ١٣٥٨هـ ، العدد (٣٠) ، أسامة ناصر النقشبندي ، مقال : مخطوطات الخزانة العمرية في
مكتبة المتحف العراقي ، بغداد.
٢١
ـ مجلّة الواحة : العدد (٣٧) ، السنة الحادية عشرة ، الربع الثاني : ٢٠٠٥م ، مقال : من نسّاخي الكتب
في الأحساء ، للكاتب : أحمد عبد الهادي محمّد صالح.
٢٢
ـ مسالك الأبصار في ممالك الأمصار : العمري ، أحمد بن يحيى بن فضل الله القرشي العدوي
(المتوفّى : ٧٤٩هـ) ، المجمع الثقافي ، أبو ظبي ، الطبعة الأولى ، ١٤٢٣ هـ.
٢٣
ـ المشجّر الوافي : أبو سعيدة ، السيّد حسين الموسوي ، مؤسّسة البلاغ : بيروت ، الطبعة
الخامسة : ٢٠١١م.
٢٤
ـ معجم المخطوطات النجفية : زوين ، د. محمّد ، د. مشكور العوادي ، د. حسين عبد
العال ، السيّد هاشم المحنك ، مركز دراسات جامعة الكوفة ، منشورات مكتبة آية الله
العظمى المرعشي النجفي : قم ، الطبعة الأولى : ١٤٣٣هـ ـ ٢٠١٢م.
٢٥
ـ معجم المؤلّفات الشيعية في الجزيرة العربية : الشيخ حبيب آل جميع. مؤسّسة البقيع لأحياء التراث :
بيروت. الطبعة الأولى : ١٤١٧هـ ـ ١٩٩٧م.
٢٦
ـ منتظم الدرين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرين : التاجر ، محمّد علي بن أحمد ، تحقيق : الشيخ ضياء بدر
آل سنبل ، مؤسّسة طيبة لإحياء التراث : قم ، الطبعة الأولى : ١٤٣٠هـ.
٢٧
ـ نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس : الموسوي ، السيّد العبّاس المكّي الحسيني ، المطبعة
الحيدرية : النجف الأشرف ، الطبعة الأولى :
١٣٨٧هـ ـ ١٩٦٧م.
من أعلام النجف الأشرف
المولى الإسترآبادي النجفي (ت٨٣٧هـ)
(إجازاته وإنهاءاته)
|
|
ميثم سويدان الحميري الحلّي
بسم الله الرحمن الرحیم
مقدّمة:
عُرفت النجف الأشرف
منذ القدم أنّها جامعة علمية، ضمّت من العلماء الأعلام عدداً كبيراً، فقصدها طلاّب
العلوم ؛ لينهلوا من مَعِينها العذب الذي لا ينضب، فتخرّج فيها عدد غفير جدّاً من
العلماء الأعلام، ممّن تسنّموا مقاليد القيادة في أمور الدين والدنيا، منهم مَن
حاله أشهر من أن تعرف، ومنهم من صار في طيِّ النسيان، ولم يعر ف عن حاله إلاّ
اليسير غير المشهور، ومن هؤلاء الأعلام المغمورين المولى الشيخ علي بن الحسن بن
محمّد الإسترآبادي النجفي (ت٨٣٧هـ)، علَم من أعلام الطائفة الحقّة، ومن رجالات
الإجازة والاجتهاد، أقرأ في علوم شتّى وأجاز عدداً من أعلام طلبته.
ذكَرَتْه كتب
التراجم بنحو الإشارة إلى بعض جوانب حياته العلمية، ذاكرةً بعض إجازاته لتلاميذه،
فلأجل ذلك عزمت على جمع تلك الإشارات، وتقييد ما نالته يدي ممّا له صلة به، عسى أن
أكون قد قدّمت لهذا العَلَم المغمور من الخدمة شيئاً يذكر.
اسمه ولقبه:
هو زين الدين
علي بن الحسن بن محمّد الإسترآبادي (ت٨٣٧ هـ) ، أحد كبار علماء الإمامية في النجف الأشرف في النصف
الأوّل من القرن التاسع الهجري.
قرأ عليه جملة
من أعلام الطائفة، منهم السيّد نظام الدين تركة بن تاج الدين ابن جلال الدين عبد
الله الحسيني (ق٩)، قرأ عليه كتاب إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان للعلاّمة ابن المطهّر الحلّي (ت٧٢٦هـ)، وكذا قرأ عليه
جعفر بن أحمد بن الحسن المكّي (ق٩).
وقرأ عليه كتاب
تحرير
الأحكام الشرعية للعلاّمة الحلّي كلٌّ من: السيّد حسن بن حمزة الموسوي النجفي (كان حيّاً
سنة ٨٦٤هـ)، والسيّد سلطان بن الحسن الحسيني الشجري القمّي النجفي (كان حيّاً سنة
٨٣٨هـ)، وقرأ عليه الأوّل منهما قطعةً من الدروس الشرعية في فقه الإمامية للشهيد الأوّل (ت٧٨٦هـ)، وقرأ
__________________
عليه الثاني كتاب قواعد
الأحكام في مسائل الحلال والحرام للعلاّمة الحلّي، وغيره من الكتب.
وقرأ عليه بعض
تلامذته كتاب الرجال لابن داود الحلّي (كان حيّاً سنة ٧٠٧هـ).
ويروي عنه كلٌّ
من: رضي الدين عبد الملك بن إسحاق الفتحاني القمّي الكاشاني (ق٩)، ومحمّد بن شجاع
الأنصاري الحلّي (كان حيّاً سنة ٨٣٢هـ)، ذكر ذلك في كتابه نهج العرفان.
له حاشية
وإفادات كثيرة على كتاب تحرير
الأحكام الشرعية للعلاّمة الحلّي.
شيوخه:
قرأ ـ رحمه
الله ـ على جملة من أعلام عصره، وشيوخ زمانه، منهم:
١ ـ رضي الدين
أبو سعيد الحسن بن ضياء الدين عبد الله بن مجد الدين أبي الفوارس محمّد بن علي
الأعرج الحسيني (ق٨)، الراوي عن ابن خال والده فخر المحقّقين (ت٧٧١هـ) .
٢ ـ خاتمة
المجتهدين أبو طالب جمال الدين محمّد بن عميد الدين عبد
__________________
المطّلب الأعرجي (ق٨)، أخو ضياء الدين عبد الله .
٣ ـ عزّ الدين
الحسن بن سليمان الحلّي (حيّاً سنة ٨٠٢هـ) .
٤ ـ السيّد
المرتضى علي بن الحسن الحسيني (ق٨) .
وفاته:
قال الميرزا
الأفندي (كان حيّاً سنة ١١٣١هـ) عند ترجمته: «وقد كتب هذا التلميذ [أي: السيّد
تركة] على هامش تلك النسخة [أي: إرشاد العلاّمة] بخطّه أنّه: توفّي مولانا زين
الدين علي بن الحسن الإسترآبادي في صبيحة الجمعة غرّة شهر الله رجب سنة سبْع
وثمانمائة، تغمّده الله بسوابغ رحمته. انتهى .. وهو سهو ظاهر، ولعلّه سقّط قلمه
لفظ (وعشرين)، بأن تكون هذه الإجازة قد كتبها في آخر عمره، أو سقط عدد أكثر من عدد
عشرين، فلاحظ».
أقول: ليس يخفى بأنّ آخر إجازات المولى الإسترآبادي التي عثر
عليها كانت في سنة (٨٣٧هـ)، كما سيأتي، فبقرينتها يكون اللفظ الساقط من كلام
السيّد تركة هو (ثلاثين) لا (عشرين)، فتكون وفاته ـ رحمه الله ـ في سنة (٨٣٧هـ)
تحديداً، وكذا بقرينة لفظ (سبْع) في كلام السيّد تركة الذي أرّخ وفاة شيخه
الإسترآبادي بقوله: «صبيحة الجمعة غرّة شهر الله رجب سنة سبْع وثمانمائة»، إذ
__________________
يتناغم تماماً مع تاريخ آخر إجازة كتبها لتلميذ، فتنبّه.
ما قيل فيه:
١ ـ قال تلميذه
الحسن الموسوي (كان حيّاً سنة ٨٦٤ هـ) في إجازته لعبد علي (كان حيّاً سنة ٨٦٢هـ):
«شيخنا الأعظم، الأزهد الأورع، الأعلم الأعمل، زين الملّة والحقّ والدنيا والدين،
علي بن الحسن بن محمّد الإسترآبادي، طاب ثراه».
٢ ـ وقال فيه
تلميذه السيّد جعفر بن محمّد الملحوس (كان حيّاً سنة ٨٣٨هـ) في آخر كتابه تكملة الدروس: «آخر المجتهدين وقدوة الفضلاء العالمين، مولانا زين
الدين علي بن محمّد الإسترآبادي، عطّر الله رمسه بسحائب الرحمة».
٣ ـ ووصفه ابن
أبي جمهور (توفّي حدود سنة ٨٨٠هـ) عند ذكر طريقه السابع بقوله: «المولى الأعظم،
الأمجد الأكرم، زين الملّة والدين، علي الإسترآبادي».
٤ ـ وقال فيه
الميرزا الأفندي: «فاضل جليل، وعالم نبيل، فقيه نبيه، .. حدّث، وأقرأ الفقه وغيره،
وانتفع به الطلبة».
__________________
إجازاته وإنهاءاته:
ظهر لي من كتب
التراجم التي ترجمت المولى الإسترآبادي، ومن الفهارس العامّة للمخطوطات، أنّ له
إجازات عدّة، كتبها لبعض تلاميذه، وله بعض الإنهاءات على بعض الكتب التي قرئت
عليه، فكانت هذه الإجازات والإنهاءات موزّعةً بين التاريخين: (٨٠٢هـ ـ ٨٣٣هـ)،
فرأيت أن أذكرها لحصول الفائدة بذلك، فجمعتها غير مراع فيها الترتيب الزمني، فجاءت
على النحو الآتي:
الأولى: إجازته لمحمود ابن أمير الحاجّ العاملي، أجازه بها
بتاريخ سنة (٨٠٧هـ)، على نسخة من كتاب شرائع الإسلام للمحقّق الحلّي (ت٦٧٦هـ)، وهي نسخة مصحّحة عليه ، جاء في الإجازة ما نصُّه:
«بلغ قراءةً وبحثاً،
وشرحاً واستشراحاً، من أوّل هذا المجلّد إلى آخره، وسأل في أثناء درسه عمّا استشكل
عليه فأجبته، وأجزت له أن يروي عنّي لمن شاء وأحبّ، وهو الولد العزيز مولانا عماد
الملّة والحقّ والدين محمود ابن المولى الأجلّ المكرّم، كهف الحاجّ والمعتمرين،
حاجّي أمير [الـ]ـحاجّ. وكتب ذلك علي بن الحسن بن محمّد الإسترآبادي سنة سبع وثمان
مائة».
الثانية: إجازته لفضل الله بن شمس الدين محمّد بن زين الدين علي
الصائغ القمّي (كان حيّاً سنة ٨١٤هـ) ، كتبها في آخر نسخة من كتاب قواعد
__________________
الأحكام للعلاّمة الحلّي، وثمّة إجازة أخرى معها كتبها محمّد بن
الحسن بن محمّد الإسترآبادي لفضل الله المذكور.
__________________
__________________
وقد كتب الجزء
الأوّل من هذه النسخة جلال بن محمّد بن علي الصائغ في سلخ شوّال سنة (٨١٤هـ)، ونسخ
الجزء الثاني فضل الله بن محمّد بن علي الصائغ القمّي في يوم الجمعة غرّة ربيع
الآخر سنة (٨١٤هـ)، نسخاهما في الحرم العلوي المطهّر في النجف الأشرف.
أمّا إجازة
المولى علي الإسترآبادي لفضل الله الصائغ فإنّه كتبها في يوم الأربعاء رابع ذي
القعدة سنة (٨١٤هـ)، ونصّها:
«قرأ عليّ المولى
الشيخ الفقيه العالم، الفاضل الكامل، المحقّق المدقّق، جامع فنون الفضائل، مولانا
الأعظم الأفخم، الأمجد الأكرم، جلال الملّة والحقّ والدنيا والدين، فضل الله بن
المولى الشيخ الإمام الأعظم، علاّمة
__________________
العلماء
في العالم، أفضل فضلاء بني آدم، مقصد السالكين، غياث نفوس العارفين، الجامع بين
المعقول والمنقول، والفروع والأصول، ذي النفس القدسية، والأخلاق المرضية، شيخ شيوخ
الإسلام والمسلمين، المخصوص بعناية ربّ العالمين، شمس الملّة والحقّ والدنيا
والدين، حاجي محمّد بن الشيخ الصالح العفيف السعيد المرحوم الشيخ زين الدين علي،
الصائغ تعريفاً، القمّي مولداً ومحتداً ـ أدام الله فضائلهما، وأفاض على المسلمين
بركاتهما ـ هذا الكتاب وهو كتاب قواعد الأحكام في مسائل الحلال والحرام تصنيف
المولى الشيخ، الإمام الأعظم، شيخ الشيعة، وركن الشريعة، قدوة علماء الأنام، وقبلة
العارفين من أهل الإسلام، أفضل المتقدّمين والمتأخّرين، مرجع الحكماء والمتكلّمين،
إمام المجتهدين، ووارث علوم الأوّلين، ومكمّل نفوس الآخرين، أبي منصور جمال الملّة
والحقّ والدنيا والدين، الحسن بن المولى الشيخ العلاّمة السعيد المغفور، سديد
الحقّ والدين، يوسف بن المطهّر ـ قدّس الله نفسه، ونوّر رمسه ـ من أوّله إلى آخره،
قراءةً مهذّبةً مرضيةً، تشهد بفضله، وتنبئ على غزارة علمه، وسأل ـ في أثناء قراءته
وتضاعيف مباحثه ـ عمّا استشكل من فقه الكتاب فبيّنت له ذلك بياناً كافياً، وأوضحته
إيضاحاً شافياً، وقد أجزت له رواية ذلك وغيره من مصنّفات مصنّفه ـ طاب ثراه ـ في
العلوم العقلية والنقلية، عنّي، عن شيخي وإمامي وأستاذي المولى السيّد الفقيه الأعظم،
والإمام المعظّم، الجامع بين الأصول والفروع، المدرّس في المعقول والمشروع، وحيد
دهره، وفريد عصره،
رضي
الملّة والحقّ والدنيا والدين، السيّد أبي سعيد حسن بن محمّد بن عبد الله بن
الأعرج الحسيني ـ طاب ثراه، وجعل الجنّة مثواهـ عن الشيخ المولى الإمام الأعظم، قدوة
علماء الأمم، جامع الفضائل النفسانية، حاوي العلوم العقلية والنقلية، السعيد
المرحوم المغفور، فخر الملّة والحقّ والدين، خاتم المجتهدين، أبي طالب محمّد بن
المولى الشيخ الإمام جمال الحقّ والدين والدنيا أبي منصور الحسن مصنّف الكتاب ـ
قدّس الله نفسه الزكية، وأفاض على تربته المراحم الربّانية ـ عن والده مصنّف
الكتاب، فليروِ ذلك لمن شاء وأحبّ.
وكتب
العبد الفقير علي بن الحسن بن محمّد الإسترآبادي، بصّره الله بعيوب نفسه، وغفر له
ولوالديه ولجميع المؤمنين والمؤمنات، وجرى ذلك في المشهد الشريف الغروي ـ صلوات
الله على مشرِّفه ـ في تاريخ يوم الأربعاء رابع ذي القعدة الحرام من سنة أربع عشرة
وثمانمائة الهلالية الهجرية النبوية. والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على
سيّد الأنبياء محمّد وآله الطيّبين الطاهرين، آمين ربّ العالمين. ربّ اختم بالخير
والظفر، بحقّ محمّد وآله خير البشر».

وأمّا الإجازة
الثانية التي كتبها محمّد بن الحسن الإسترآبادي للمجاز نفسه، فهي أيضاً بتاريخ يوم
الأربعاء رابع ذي القعدة سنة (٨١٤هـ)، أذكرها لحصول الفائدة بذلك، ونصُّها:
«قرأ عليَّ المولى
الشيخ الفقيه العالم، الفاضل الكامل، المحقّق المدقّق، جامع فنون الفضائل، مولانا
الأعظم الأفخم، الأمجد الأكرم، جلال الملّة والدين، فضل الله بن المولى الشيخ
الإمام الأعظم، علاّمة العلماء في العالم، أفضل فضلاء بني آدم، مقصد السالكين،
غياث نفوس العارفين، الجامع بين المعقول والمنقول، والفروع والأصول، ذي النفس
القدسية، والأخلاق المرضية، شيخ شيوخ الإسلام والمسلمين، المخصوص بعناية ربّ
العالمين، شمس الملّة والدنيا والدين، حاجي محمّد بن الشيخ الصالح العفيف السعيد
المرحوم الشيخ زين الدين علي الصائغ تعريفاً، القمّي محتداً ومولداً ـ أدام الله
تعالى فضائلهما، وأفاض على المسلمين بركاتهما ـ هذا الكتاب وهو كتاب قواعد الأحكام
في مسائل الحلال والحرام، تصنيف المولى الشيخ الإمام الأعظم، شيخ الشيعة، وركن
الشريعة، قبلة الدين، وقدوة العارفين، أفضل المجتهدين، وارث علوم الأوّلين، ومكمّل
نفوس الآخرين، أبي منصور جمال الحقّ والملّة والدين حسن بن الشيخ الفقيه العالم
الكامل، سديد الدين يوسف بن المطهّر الحلّي ـ قدّس الله روحه ـ قراءةً مهذّبةً
مرضيةً، تشهد بفضله، وتدلّ على غزارة علمه، وسأل عن مشكلاته، وبحث عن معضلاته،
فحرّرت له مسائله، وقرّرت دلائله، وأظهرت له فوائده، وبيّنت
قواعده،
وقد أجزت له رواية هذا الكتاب وغيره من مصنّفات مصنّفه من المعقول والمنقول، عنّي،
عن شيخي وإمامي وأستاذي، المولى السيّد الفقيه الأعظم، والإمام المعظّم، رضي
الملّة والدين، حسن بن محمّد بن عبد الله بن الأعرج الحسيني، عن الشيخ الفقيه
الإمام الأعظم خاتمة المجتهدين، شيخ شيوخ الإسلام والمسلمين، فخر الملّة والحقّ
والدين، محمّد بن مصنّف هذا الكتاب، الشيخ جمال الملّة والدين، حسن بن يوسف بن
المطهّر ـ قدّس الله أرواحهم ـ فليروِ ذلك عنّي لمن شاء وأحبّ، محافظاً لي وله.
وكتب
ذلك أضعف عباد الله تعالى وأحوجهم إليه، محمّد بن الحسن ابن محمّد الإسترآبادي
محتداً ومولداً، المجاور بالمشهد الشريف الغروي ـ صلوات الله على مشرّفه ـ في
تاريخ يوم الأربعاء رابع ذي القعدة الحرام من سنة أربع عشرة وثمانمائة الهلالية
الهجرية النبوية. والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله
أجمعين، آمين ربّ العالمين».

الثالثة
والرابعة: إنهاء قراءة
كتبهما المولى علي الإسترآبادي لفضل الله الصائغ ـ متقدّم الذكر ـ على نسخة قواعد الأحكام المذكورة في الإجازة السابقة، أحدهما في نهاية الجزء
الأوّل، والثاني في آخر الجزء الثاني، وهذان الإنهاءان مصحوبان بإنهاءين كتبهما محمّد
بن الحسن الإسترآبادي أيضاً لفضل الله الصائغ، وتفصيل الكلام في هذا المقام بالنحو
الآتي:
ورد في آخر
الجزء الأوّل من نسخة القواعد هذه إنهاءان، كتبا لفضل الله الصائغ:
الأوّل: كتبه علي بن الحسن بن محمّد الإسترآبادي في يوم
الثلاثاء ثالث ذي القعدة سنة (٨١٤هـ)، ونصّه:
«أنهاه أيّده الله
تعالى وأدام فضائله قراءةً وبحثاً وضبطاً وفهماً واستشراحاً، وفّقه الله تعالى
وإيّانا لاتّباع مراضيه، وانزجار ما يكرهه ونواهيه، وذلك في مجالس آخرها يوم
الثلاثاء ثالث ذي القعدة الحرام ـ عمّت منافعه ـ سنة أربع عشرة وثمانمائة الهجرية
الهلالية، وكتبه علي بن الحسن بن محمّد الإسترآبادي ـ بصّره الله بعيوب نفسه، وغفر
له ولوالديه ولجميع المؤمنين والمؤمنات ـ وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين، ربّ
اختم بالخير».
والثاني: كتبه محمّد بن الحسن بن محمّد الإسترآبادي في يوم
الأربعاء رابع ذي القعدة من سنة (٨١٤هـ). ونصّه:
«أنهاه أيّده الله
تعالى وأدام فضائله قراءة وبحثاً وضبطاً وفهماً واستشراحاً، وفّقه الله تعالى
وإيّانا لاتّباع مراضيه، وانزجار ما يكرهه ونواهيه،
وذلك
في مجالس متعدّدة آخرها نهار الأربعاء رابع ذي القعدة الحرام ـ عمّت منافعه ـ من
سنة أربع عشرة وثمانمائة الهلالية للهجرة. والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله
على محمّد وآله أجمعين، وكتبه أضعف عباد الله تعالى محمّد بن الحسن بن محمّد
الإسترآبادي، أحسن الله عواقبه بمحمّد وآله أجمعين».

وورد في آخر
الجزء الثاني من نسخة القواعد هذه إنهاءان آخران، كتبهما الإسترآباديّان أيضاً لفضل
الله الصائغ، أمّا إنهاء محمّد بن الحسن الإسترآبادي فكتبه بتاريخ الخميس ١٥ ربيع
الثاني سنة (٨١٤هـ)، جاء فيه ما نصّه:
«أنهاه ـ أيّده الله
تعالى وأدام فضائله ـ قراءة وبحثاً وضبطاً وتقريراً وفهماً ـ وفّقه الله تعالى
لمراضيه وأعانه وإيّانا على اتّباع أوامره واجتناب نواهيه ـ وذلك في مجالس آخرها
يوم الخميس الخامس عشر من ربيع الآخر من سنة أربع عشرة وثمانمائة الهلالية، وكتب
أضعف عباد الله تعالى محمّد ابن الحسن بن محمّد الإسترآبادي، أحسن تعالى الله
عواقبه بمحمّد وآله أجمعين».
وأمّا إنهاء
المولى علي الإسترآبادي فكتبه بتاريخ الأحد ٢٥ ربيع الثاني سنة (٨١٤هـ)، جاء فيه
ما نصّه:
«أنهاه ـ أيّده الله
تعالى وأدام فضائله ـ قراءةً وبحثاً وفهماً وضبطاً ـ وفّقه الله وإيّانا لمراضيه،
وأعانه وإيّانا على اتّباع أوامره واجتناب نواهيه ـ وذلك في مجالس آخرها يوم الأحد
خامس عشْر[يْ] ربيع
الآخر سنة أربع عشرة
__________________
وثمانمائة
هجرية، وكتب العبد الضعيف علي بن حسن بن محمّد الإسترآبادي، عفا الله عنه وعن
والديه وعن جميع المؤمنين. والحمد لله ربّ العالمين، وصلواته على محمّد وآله
أجمعين».
__________________

أقول: يفاد ممّا تقدّم أنّ الجزء الثاني من كتاب القواعد قد تمّ نسخاً وقراءةً على الإسترآباديّين قبل الجزء
الأوّل منه ؛ لأنّ فضل الله الصائغ أتمّ نسخه وأنهى قراءته في ربيع الثاني سنة
(٨١٤هـ)، ثمّ بعد ذاك تمّ نسخ الجزء الأوّل على يد جلال الصائغ في سلخ شعبان سنة
(٨١٤هـ)، ثمّ أتمّ فضل الله الصائغ قراءته على الإسترآباديّين في ذي القعدة سنة
(٨١٤هـ).
وكذلك يفاد أنّ
الأخوين الإسترآباديّين منحا إجازتيهما لفضل الله الصائغ بعد قراءته الجزء الأوّل
من القواعد عليهما بتاريخ ٤ ذي القعدة سنة (٨١٤هـ)، وذلك بعد أن
قرأ عليهما أوّلا الجزء الثاني بتاريخ ربيع الثاني سنة (٨١٤هـ) ؛ لأنّ تاريخ
الإجازتين متّفق مع إنهاء محمّد بن الحسن الإسترآبادي في آخر الجزء الأوّل في
اليوم والشهر والسنة، ومتأخّر يوماً واحداً فقط عن تاريخ إنهاء المولى علي
الإسترآبادي في آخر الجزء الأوّل.
في حين أنّ
تاريخ الإنهاءين في آخر الجزء الثاني متقدّم على تاريخ الإجازتين بمدّة بعيدة،
فالفارق الزمني بين إجازة محمّد بن الحسن الإسترآبادي وإنهائه في آخر الجزء الثاني
هو ستّة أشهر و١٩ يوماً تقريباً، وهو الفارق بعينه بين إنهاءيه.
والفارق الزمني
بين إجازة المولى علي الإسترآبادي وإنهائه في آخر الجزء الثاني هو ستّة أشهر وتسعة
أيّام تقريباً، وما بين إنهاءيه هو ستّة أشهر وثمانية أيّام تقريباً، فتنبّه.
الخامسة: إجازته للسيّد عزّ الدين حسن بن حمزة بن أبي القاسم بن محسن الحسيني الموسوي (كان حيّاً سنة ٨٦٤ هـ) ، بتاريخ
الخميس ٤ ربيع
__________________
الأوّل (٨٢٠
هـ)، على نسخة من كتاب تحرير الأحكام الشرعية للعلاّمة الحلّي، وهذه الإجازة هي
التي ذكر الميرزا عبد الله الأفندي في رياض العلماء أنّه رآها بخطّ المجيز المولى
الإسترآبادي، وأنّ على النسخة إفادات وتعليقات كثيرة منه .
__________________
__________________
السادسة: إجازته للسيّد نظام الدين تركة بن تاج الدين الحسيني
(ق٩)، كتبها له بتاريخ يوم الجمعة ١٤ صفر (٨٢٧هـ)، على ظهر كتاب إرشاد الأذهان للعلاّمة الحلّي، وقد ذكرها الأفندىُّ في رياض العلماء عند ترجمته للمولى علي ابن الحسن الإسترآبادي.
السابعة: وهي إجازة ثانية كتبها للسيّد حسن بن حمزة الموسوي،
بتاريخ الأحد ٩ جمادى الآخرة سنة (٨٢٨هـ)، كتبها له على ظهر نسخة من كتاب الدروس الشرعية في
فقه الإمامية للشهيد الأوّل (ت٧٨٦هـ) بعد أن قرأ عليه بعضه، وهذه النسخة بخطّ السيّد
حسن بن حمزة نفسه، فرغ من مجلّده الأوّل المنتهي إلى كتاب المكاسب في آخر نهار يوم الخميس ٢٠ ذي القعدة سنة (٨٢٨ هـ)،
وذكر الشيخ آقا بزرك رحمه الله أنّها موجودة في مكتبة الإمام آل كاشف
__________________
الغطاء العامّة، صانها الله تعالى من طرائق الحدثان.
وجاء في هذه
الإجازة ما نصُّه:
«بسم الله الرحمن
الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة على خير خلقه محمّد وآله الطيّبين
الطاهرين، وسلّم تسليماً، أمّا بعد، فإنّ السيّد الفاضل الكامل، العالم العامل،
المحقّق المدقّق، الورع، جامع الفروع والأصول، مدرّس المعقول والمنقول، عزّ الملّة
والدنيا والدين، حسن ابن السيّد المعظّم المكرّم، حمزة ابن السيّد المرحوم المغفور
أبي القاسم بن محسن بن الحسين بن الحسن بن علي بن الحسين بن حمزة بن محمّد بن علي
بن الحسين العزيزي بن الحسين بن أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله بن موسى بن
إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب
عليهمالسلام
أدام
الله سيادته وأيّامه، وأسبغ عليه أنعامه، قرأ عليَّ بعض كتاب الدروس في علم الفقه،
من تصنيف الشيخ العالم الكامل، الشهيد شمس الدين محمّد بن مكّي
رحمهالله
وسمع
الباقي إلى تمام ما صنّفه، قراءةً مرضيّةً، وسماعاً مرضيّاً، وسأل عن مشكلاته
فبيّنتها له بياناً وافياً، وأجزت له
__________________
رواية
هذا الكتاب وغيره من مصنّفات علمائنا من العلوم الدينية، عنّي عن مشايخي، منهم
السيّد الفاضل المحقّق، إمام المجتهدين، السيّد رضىِّ الملّة والدين، حسن بن عبد
الله بن محمّد بن علي الأعرج العلوي الحسيني، المكنّى بأبي سعيد، عن شيخه المولى
الإمام الأعظم، فخر الملّة والدين، أبي طالب محمّد، ابن المولى الشيخ الإمام جمال
الحقّ والدين، أبي منصور الحسن، عن نجم الدين أبي القاسم بن سعيد، عن ابن نما، عن
ابن إدريس، عن عربي بن مسافر العبادي، عن الحسن بن رطبة، ومحمّد بن طحال المقدادي،
عن الشيخ أبي علي، عن والده أبي جعفر الطوسي، عن المفيد، عن محمّد بن قولويه، عن
محمّد بن بابويه، عن محمّد بن يعقوب، عن علي ابن إبراهيم، عن الإمام المعصوم الحسن
العسكري ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ، وأجزت له أيضاً بإجازتي بهذا الإسناد
المذكور عن السيّد العالم الفاضل، الفائق على أقرانه، وحيد دهره، وفريد عصره،
السيّد جمال الملّة والدين، خاتمة المجتهدين، محمّد بن عبد المطّلب الحسيني ـ قدّس
الله روحه ـ فليروِ ويدرّس لمن شاء وأحبّ ؛ لأنّه أهل لذلك. وكتب العبد الفقير علي
بن الحسن بن محمّد الإسترآبادي، يوم التاسع من شهر جمادى الآخرة، الأحد، سنة ثمان
وعشرين وثمانمائة، والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة على سيّدنا محمّد وآله
أجمعين، ربّ اختم بالخير».
الثامنة: وهي إجازته الثالثة للسيّد حسن بن حمزة الموسوي، كتبها
بتاريخ
__________________
١٤ رجب سنة ٨٢٩هـ في مسجد السيّد جلال بن شرفشاه الحسيني، على الورقة الأولى من نسخة من كتاب رجال ابن داود
الحلّي تمّ نسخها بتاريخ الأحد ١٩ جمادى الآخرة سنة (٨٢٩هـ)، وهي موجودة في مكتبة
السيّد المرعشي، بالرقم (٣٠٣٧) ، وجاء في الإجازة ما نصُّه:
«بسم الله الرحمن
الرحيم، قرأ عليَّ أسعد السادة، منبع السعادة، العالم الفاضل، الكامل الورع، جامع
الفضائل من المعقول والمنقول، السيّد عزّ الملّة والدين، حسن بن السيّد المعظّم
المكرّم، نقيب نقباء آل [الـ]ـعبا، السيّد
__________________
حمزة
الحسيني ـ أدام الله سيادته ـ هذا الكتاب، وهو أسماء الرجال، من أوّله إلى آخره،
قراءةً مرضيةً، وقد أجزت له أن يروىَ عنّي هذا الكتابَ وغيرَه من كتب أسماء الرجال
لمشايخنا، مثل: كتاب الشيخ أبي جعفر الطوسي، وخلاصة الأقوال للشيخ جمال الدين بن
المطهّر، وغيرهما، ذلك في مجالس آخرها يوم الرابع عشر من شهر رجب المرجّب سنة تسع
وعشرين وثمانمائة، وكتبه الفقير إلى الله علي بن الحسن بن محمّد الإسترآبادي.
والحمد لله ربّ العالمين، وصلواته وسلامه على محمّد وآله أجمعين».


التاسعة: إجازته الرابعة للسيّد حسن بن حمزة الموسوي برواية
ستّة أحاديث من كتاب الخصال للشيخ الصدوق (ت٣٨١هـ) على نسخة رجال ابن داود المذكورة آنفاً، الموجودة في مكتبة السيّد المرعشي
بالرقم ٣٠٣٧، وهي غير مؤرّخة، ذكرت الأحاديث والإجازة فيها بالنحو الآتي:
١ ـ [وفي الخصال:] عن أبي عبد الله
عليهالسلام
قال: «ما من
مؤمن يقترف في يوم وليلة أربعين كبيرةً فيقول وهو نادم: (استغفر الله الذي لا إله
إلاّ هو الحي القيّوم، بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام، وأسأله أن يتوب
عليّ)، إلاّ غفر الله له، ثم قال: ولا خير في من يقارف في يوم وليلة أربعين
كبيرة».
٢ ـ وفيه (لا
تسلّم على اثني عشر): عن جعفر بن محمّد، عن أبيه
عليهالسلام
قال: «لا
تسلّموا على اليهود، ولا على النصارى، ولا على المجوس، ولا على عبدة الأوثان، ولا
على موائد شرب الخمر، ولا على صاحب الشطرنج والنرد، ولا على المخنّث، ولا على
الشاعر الذي يقذف المحصنات، ولا على المصلّي ؛ وذلك لأنّ المصلّي لا يستطيع أن
يردّ السلام ؛ لأنّ التسليم من المسلّم تطوُّع، والردّ عليه فريضة، ولا على آكل
الربا، ولا على رجل جالس على غائط، ولا على الذي في الحمّام، ولا على الفاسق
المعلن بفسقه».
٣ ـ [وفيه]
أيضاً (أسماء زمزم أحد عشر): عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله
عليهالسلام
، قال: «أسماء
زمزم: ركضة جبرئيل، وحفيرة إسماعيل، وحفيرة عبد المطّلب، وزمزم، وبرّة، والمضمومة،
والرواء، وشبعة، وطعام، [و] مطعم، وشفاء
__________________
سقم».
٤ ـ (ثلاثة لا
يسلّمون): عن الصادق عليهالسلام
قال: «ثلاثة لا
يسلّمون: الماشي مع جنازة، والماشي إلى الجمعة، وفي بيت حجّام (الحمّام ـ ض)».
٥ ـ (خير الناس
ثلاثة): عن [ابن] المنكدر بإسناده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
«خيركم من أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلّى والناس نيام».
٦ ـ (ثلاث من
سنن المرسلين): عن علي بن الحكم، رفعه إلى أبي عبد الله (صلى الله عليه وآله) قال:
«ثلاث من سنن المرسلين: العطر، وإحفاء الشعر، وكثرة الطروقة».
«أجزت للسيّد
عزّ الدين بأن يروي عنّي هذه الأحاديث، وكتب علي بن الحسن بن محمّد الإسترآبادي».

العاشرة: إجازته على نسخة من كتاب قواعد الأحكام بتاريخ سنة (٨٢٠هـ)، وهذه النسخة بخطّ السيّد سلطان بن
الحسن بن سلطان الشجري الحسيني،
__________________
القمّي (كان
حيّاً سنة ٨٣٨ هـ)، المجاور بالنجف الأشرف، أتمّ نسخها في منتصف ربيع الثاني سنة
(٨٢١هـ)، وعليها جملة من البلاغات وإنهاءات القراءة لجمع من
__________________
الأعلام، وهي موجودة في مكتبة جامعة طهران بالرقم ١٨٥٧. ويظنّ أنّ هذه الإجازة هي للسيّد سلطان الشجري
الحسيني.
الحادية
عشرة والثانية عشرة: إنهاء قراءة كتبهما للسيّد سلطان الشجري الحسيني على نسخة من تحرير الأحكام
الشرعية للعلاّمة
الحلّي، إذ انتهى السيّد من كتابة الجزء الأوّل من هذه النسخة بتاريخ أوائل ذي
القعدة سنة (٨٣٢هـ)، وأنهى قراءته على شيخه الإسترآبادي بتاريخ الخميس ٣ شعبان سنة
(٨٣٣هـ)، ونصُّ الإنهاء في آخره:
«أنهاه ـ أدام الله
سيادته، وعظّم أجره ـ من أوّله إلى هنا ـ وهو آخر الجزء الأوّل ـ قراءةً مرضيةً،
منبهةً على حسن إدراكه، وكتبه علي بن الحسن الإسترآبادي في تاريخ يوم الخميس ثالث
شعبان ـ عمّت منافعه ـ سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة هجريّة، وصلّى الله على محمّد وآله».
وانتهى من
كتابة الجزء الثاني منها بتاريخ رجب (٨٣٣هـ)، وأنهى قراءته على شيخه الإسترآبادي
بتاريخ ٢٨ ذي الحجّة سنة (٨٣٣هـ)، ونصُّ الإنهاء في آخره:
«أنهاه ـ أدام الله
سيادته، وعظّم أجره ـ من أوّله إلى آخره قراءةً مرضيةً، منبهةً على جودة إدراكه،
في مجالس آخرها يوم الاثنين ثامن وعشرين ذي الحجّة الحرام من سنة ثلاث وثلاثين
وثمانمائة هجرية، وكتبه الفقير إلى الله
__________________
الهادي
علي بن الحسن الإسترآبادي، والحمد لله وحده، وصلّى الله على محمّد وآله أجمعين».
وهذه النسخة
موجودة في مكتبة الآستانة الرضوية بالرقم ٢٢٧٧.
فوائد مهمّة:
السيّد سلطان
بن الحسن بن سلطان الحسيني الشجري، القمّي، كان حيّاً سنة (٨٣٨هـ)، وكان من فقهاء
الإمامية في النجف الأشرف، ذا اعتناء بنسْخ الكتب وتجويد خطّه، نسخ قواعد الأحكام في
مسائل الحلال والحرام للعلاّمة الحلّي في سلخ ربيع الأوّل سنة (٨٢٣هـ) .
وأتمّ نسْخ
كتاب التنقيح
الرائع للمقداد
السيوري (ت٨٢٦هـ) في الأوّل من ربيع الأوّل سنة (٨٣٤هـ)، وهذه النسخة موجودة في
مكتبة ملك في طهران بالرقم ١٣٠٢.
ونسخ أيضاً
كتاب جوامع
الجامع في تفسير
القرآن الكريم للفضل بن الحسن الطبرسي (ق٦هـ) بمشهد أمير المؤمنين (في النجف
الأشرف، ثمّ قرأه على
__________________
السيّد جعفر بن أحمد الملحوس الحلّيّ (كان حيّاً سنة ٨٣٨هـ) في سنة
(٨٣٨هـ).
ولم يذكر أحد
ممّن ترجم السيّد سلطان الشجري تاريخ ولادته، ولا السنة التي توفّي فيها، غير أنّه
كان حيّاً سنة (٨٣٨هـ)، وهذا التاريخ إنّما استفيد من تاريخ قراءته لنسخة جوامع الجامع على السيّد جعفر بن أحمد الملحوس الحلّي في السنة
المذكورة.
وقد ذكر الشيخ
آقا بزرك الطهراني هذه النسخة قائلا: «رأيت بخطّه ـ أي: سيّد جعفر الملحوس ـ
إجازةً لتلميذه سلطان [بن] حسن الحسيني القمّي المجاور للنجف، على ظهر المجلّد
الأوّل من جوامع
الجامع الذي كتبه
المجاز بخطّه له في النجف، فكتب المترجم له ـ أي: سيّد جعفر الملحوس ـ جنب اسم
الكاتب ما صورته:
أنهاه
ـ دامت سيادته ـ في عدّة مجالس، آخرها يوم الخميس ٢١ جمادى الآخرة سنة ثمان
وثلاثين وثمان مائة هجرية نبوية. وكتب الفقير إلى الله تعالى جعفر بن أحمد الملحوس
الحسيني، عفى الله عنه».
يتبيّن ممّا
تقدّم أنّ السيّد سلطان الشجري الحسيني كان يعتني بنسخه للكتب وتجويدها، وقراءتها
على الأعلام في وقته، وهذا الأمر سينفعنا كثيراً في معرفة المجاز بالإجازتين
التاليتين، وفي معرفة ناسخ النسخة التي كتبتا عليها، فتنبّه.
__________________


الثالثة
عشرة والرابعة عشرة: وهما ممّا يستدرك بهما على جملة من ذكر إجازات المولى الإسترآبادي
وإنهاءاته، أحدهما إنهاء قراءة، والثاني إجازة بالتدريس، كتبهما الشيخ زين الدين
علي بن الحسن الإسترآبادي لأحد تلامذته النابهين، في آخر نسخة من كتاب إرشاد المسترشدين
وهداية الطالبين في علم الكلام، لفخر المحقِّقين محمّد بن الحسن بن
المطهّر (ت٧٧١هـ)، بتاريخ ٢٧ شعبان (٨٠٢هـ)، وجاء نصُّ الإنهاء والإجازة هكذا:
«أنهاه أيّده الله من
أوّله إلى آخره قراءةً مرضيةً. وأجزت له أن يدرّس. وكتبه علي بن الحسن بن محمّد
الإسترآبادي في تاريخ سابع والعشرين من شهر شعبان المبارك، سنة اثنتين وثمانمائة،
والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله أجمعين».
أقول: لم أعثر
في جملة المصادر التي بين يدىَّ على كاتب هذه النسخة من إرشاد المسترشدين، ولا على اسم المجاز بهذه الإجازة التي عليها، ولكن
توصّلت من خلال جملة من القرائن إلى أنّ هذه النسخة قد نسخها السيّد سلطان ابن
الحسن بن سلطان الحسيني الشجري القمّي (كان حيّاً سنة ٨٣٨هـ)، تلميذ المولى
الإسترآبادي، وهو المجاز عليها بعد أن أنهى قراءتها على الإسترآبادي بتاريخ ٢٧
شعبان سنة (٨٠٢هـ)، فكتب له الإنهاء المذكور والإجازة بالتدريس في التاريخ نفسه،
ويمكن تلخيص هذه القرائن والأمارات بأمرين:
__________________
١ ـ جملة
الإجازات التي منحها المولى الإسترآبادي لتلاميذه، فإنّه منح بعضهم أكثر من إجازة
على بعض الكتب، وكان منهم السيّد سلطان الشجري.
٢ ـ ما عرف عن
السيّد سلطان الشجري الحسيني من أنّه كان ذا اعتناء بنسْخ الكتب بخطّه، وقراءتها
على شيوخ عصره، ككتاب قواعد
الأحكام في مسائل الحلال والحرام، وكتاب تحرير الأحكام الشرعية، نسخهما وقرأهما على أستاذه الإسترآبادي، وكذا نسخ جوامع الجامع للطبرسي وقرأه على السيّد جعفر ابن الملحوس، وأمّا نسخة إرشاد المسترشدين هذه فمصوّرتها عندي، وهي تتّصف بالضبط والإتقان، وتشكيل
كلماتها صرفيّاً، وإعرابها نحويّاً، وكتابة عناوين فصولها بالمداد الأحمر، وهذا
النحو من الاعتناء ممّا امتاز به السيّد سلطان دون غيره ممّن ذكر من تلامذة
الإسترآبادي ومجازيه.
فجملة هذه
القرائن ترجّح الظنّ عندي أنّ ناسخها والمجاز عليها هو السيّد سلطان الشجري
الحسيني، والله العالم.
__________________

الخامسة
عشرة: إجازته لجعفر
بن أحمد بن مكّي بن الحسن (ق٩)، قرأ عليه كتاب إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان للعلاّمة الحلّي، ثمّ قرأه السيّد عزّ الدين حسن بن
حمزة الحسيني النجفي على جعفر بن مكّي، فكتب له سماعاً وإجازةً أطراه فيها،
مصرّحاً في الإجازة بأنّه أجيز على كتاب الإرشاد من قبل الشيخ زين الدين علي بن
الحسن الإسترآبادي، جاء فيها:
«قرأ عليّ السيّد
المولى، العالم العامل، مفخر آل طه وياسين، الفائق على أقرانه، سلالة آبائه
المعصومين، السيّد عزّ الدين حسن ابن السيّد السعيد الطاهر السيّد حمزة ابن المولى
النقيب الطاهر أبو القاسم بن محسن الحسيني، هذا الكتاب .. من أوّله إلى آخره
قراءةً مهذّبةً مرضيةً، تشهد بفضله، وغزارة علمه، وسأل في أثناء قراءته، وتضاعيف
مباحثته عمّا استشكل عليه من فقه الكتاب، فبيّنت له ذلك بياناً شافياً، وأوضحت له
إيضاحاً كافياً، وقد أجزت له أن يروي عنّي ذلك، كما أجازني شيخي المولى الإمام،
قدوة علماء الأنام، المولى العلاّمة، جامع الفضائل النفسانية، حاوي العلوم العقلية
والنقلية، مولانا زين الدين علي بن حسن بن محمّد الإسترآبادي، نفع الله أهل الملّة
بطول بقائه، عن شيخه المولى الإمام الأعظم، قدوة علماء الأنام، مفخر آل العبا،
جامع الفضائل النفسانية، والعلوم العقلية والنقلية، السيّد السعيد المرحوم أبي
سعيد الحسن ابن السيّد المرحوم ضياء الدين ابن الأعرج، عن شيخه مفخر العلماء،
وملجأ الفضلاء، فخر الملّة والحقّ والدين، ابن المصنّف، عن والده المصنّف، فله أن
يروي عنّي لمن شاء وأحبّ.
وكتب
جعفر بن أحمد بن مكّي بن الحسن».
ويبدو أنّ نسخة
الإرشاد هذه قد كتبت قبل سنة (٨٣٧هـ)، ولعلّها بخطّ السيّد حسن
بن حمزة الحسيني الموسوي، كتبها في حياة شيخهما المولى علي الإسترآبادي ؛ لأنّ
المجيز عليها ـ جعفر بن أحمد ـ قد دعا لأستاذه الإسترآبادي في إجازته هذه بألفاظ
تدلّ صراحةً على حياته، بقوله: «نفع الله أهل الملّة بطول بقائه»، فتنبّه.
السادسة
عشرة: إجازته لشهاب
الدين أحمد بن علاء الدين عرفة بن أحمد بن محمّد العمادي النيلي، بتاريخ ١٤ ربيع
الثاني سنة (٨٣٠هـ)، في بداية نسخة من الدروس الشرعية للشهيد الأوّل (ت٧٨٦هـ)، أتمّ كتابتها محمّد بن الحاج
مقبل بتاريخ الاثنين ١٢ رمضان سنة (٨٤٦هـ)، وهذه النُّسخة موجودة في مكتبة
الكلبايكاني بقمّ المقدّسة، بالرقم ٣٥٢٦ ـ ٤٦/١٨.
ونصُّ الإجازة:
«بسم الله الرحمن
الرحيم، قرأ عليّ العالم الفاضل الكامل، المحقّق المدقّق، جامع الفروع والأصول،
مدرّس المعقول والمنقول، الصالح الورع،
__________________
شهاب
الملّة والدين، أحمد بن المرحوم علاء الدين السعيد المغفور عرفة ابن أحمد بن محمّد
العمادي النيلي ـ أدام الله ظلّه، وأسبغ عليه فضله ـ العلوم العقلية والنقلية، ومن
جملة ذلك قواعد الأحكام، والتحرير، والدروس، واللمعة، والبيان، وغير ذلك، ومن
الأصول: المبادئ، والرسالة السعديّة، والشمسية من المنطق، والتيسير في القراء[ات]
السبعة، وكتب شتّى، وعرفت أمانته وصلاحه، وأجزت له أن يروي عنّي ويدرّس لمن شاء
وأحبّ، كما أجازني مشايخي ـ رحمهم الله ـ ومن جملتهم السيّد ضياء الملّة والدين
أبو سعيد، عن الشيخ فخر الملّة والدين محمّد، عن والده الشيخ الحسن بن المطهّر.
والسيّد
جمال الملّة والدين، عن والده عميد الملّة والدين، عن الشيخ الحسن بن المطهّر.
ورواية مشايخي متّصلة معنعنة بالأسانيد الصحيحة إلى الأئمّة المهديّين
عليهمالسلام. وكتبه أفقر العباد
إلى ربّه الهادي علي بن الحسن بن محمّد الإسترآبادي في تاريخ يوم رابع عشر ربيع
الآخر سنة ثلاثين وثمانمائة. والحمد لله ربّ العالمين، وصلواته على محمّد وآله
أجميعين».

السابعة
عشرة: إنهاء قراءة
على نسخة من إرشاد
الأذهان بتاريخ ٩
شعبان المبارك سنة (٨١٣هـ)، وهذه النسخة تمّ نسْخها بتاريخ يوم الثلاثاء أوّل شهر
جمادى الآخرة سنة (٨١٣هـ) في حضرة مولانا أمير المؤمنين
عليهالسلام
في النجف
الأشرف، وهي موجودة في مكتبة الإمام الحكيم العامّة في النجف الأشرف، جاء فيه ما
نصُّه:
«أنهاه أيّده الله
تعالى قراءةً وبحثاً، وفهماً وضبطاً، وشرحاً واستشراحاً ـ وفّقه الله تعالى
وإيّانا لمراضيه، وأعانه على امتثال أوامره والانزجار عن نواهيه ـ وذلك في عدّة
مجالس آخرها نهار الأحد تاسع شهر شعبان المبارك من سنة ثلاث عشرة وثمانمائة هلالية.
وكتبه العبد الفقير إلى الله تعالى [علي]ابن الحسن بن محمّد الإسترآبادي المجاور
في التاريخ المذكور، أحسن الله تعالى عواقبه».
__________________

الثامنة
عشرة والتاسعة عشرة: وهما إنهاء قراءة كتبهما بخطّه الشريف لبعض تلاميذه على نسخة من كتاب رجال ابن داود (كان حيّاً سنة ٧٠٧هـ) في موضعين منه:
الأوّل: كتبه على آخر النصف الأوّل من النسخة بتاريخ ٢٠ جمادى
الآخرة سنة (٨٢٧هـ)، جاء فيه:
«أنهاه ـ أيّده الله
تعالى وأبقاه ـ من أوّله إلى هنا قراءةً مرضية، وذلك في مجالس آخرها يوم العشرين
من شهر جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وكتب العبد الفقير علي بن الحسن بن
محمّد الإسترآبادي، وصلّى الله على محمّد وآله».
والثاني: كتبه على آخر النصف الأخير من النسخة بتاريخ ١٢ رجب
سنة (٨٢٩هـ)، ونصّه:
«أنهاه ـ أيّده الله
وأسعده ـ قراءةً مرضيةً، وذلك في مجالس آخرها يوم الثاني عشر من شهر رجب المرجّب
سنة تسع وعشرين وثمانمائة، وكتبه علي بن الحسن بن محمّد الإسترآبادي».
العشرون: إنهاء قراءة ذكره السيّد عبد العزيز الطباطبائي، كتبه
الإسترآبادي لتلميذه حسن بن علي بن حسن النجّار في يوم الأحد ٢١ شعبان سنة (٨٣٣هـ)
على نسخة من تحرير
الأحكام الشرعية للعلاّمة الحلّي، أتمّ نسخها تلميذه حسن النجّار في ٢٥ ربيع الآخر سنة
(٨٣٣هـ) . جاء في آخرها:
__________________
«وكان الفراغ منه في
الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة على يد العبد حسن
بن علي بن حسن النجّار».
إلاّ أنّ
الميرزا الأفندي ذكر هذا الإنهاء في رياض العلماء مستظهراً ـ على ما يبدو ـ أنّه ليس للأسترآبادي، وإنّما
هو لأحد أفاضل السادات، كتبه للحسن بن علي النجّار بعد أن قرأ عليه هذه النسخة من التحرير.
الحادية
والعشرون: إنهاء قراءة
كتبه لبعض تلاميذه بتاريخ يوم الأربعاء ٦ شعبان سنة (٨٢٤هـ) على نسخة من كتاب قواعد الأحكام، نسخها محمّد بن محمّد بن حسن بن أيّوب العاملي بتاريخ
يوم الجمعة ٢٥ رمضان سنة (٨٢٣هـ)، وهذه النسخة موجودة في مكتبة مجلس الشورى في
طهران بالرقم ٨٢٤٩، وجاء في الإنهاء ما نصُّه:
«أنهاه ـ أيّده الله
تعالى وأدام فضائله ـ قراءة وبحثاً، واستشراحاً وضبطاً ـ وفّقه الله تعالى وإيّانا
لمراضيه، وأعانه وإيّانا على اتّباع أوامره واجتناب نواهيه ـ وذلك في مجالس آخرها
يوم الأربعاء سادس شهر شعبان ـ عمّت ميامنه ـ من سنة أربع وعشرين وثمانمائة. وكتبه
الفقير إلى الله الغني علي بن الحسن بن محمّد الإسترآبادي، حامداً لله، ومصلّياً
على رسوله محمّد وآله الطيّبين الطاهرين، ومسلّماً تسليماً».
__________________

فوائد مهمّة:
ذكر الميرزا
الأفندي أنّه رأى في بلدة تبريز على ظهر نسخة من كتاب تحرير الأحكام للعلاّمة الحلّي إجازةً وإنهاءين، كتبها جميعاً السيّد
حسن بن حمزة الحسيني الموسوي النجفي لبعض تلامذته، منهم السيّد المرتضى جلال الدين
عبد علي بن محمّد بن أبي هاشم الحسيني (كان حيّاً سنة ٨٦٢هـ) ، كتب له
إجازةً أطراه فيها، ونصّها:
«الحمد لله واجب
الوجود في حقيقته، ومفيض الوجود على كافّة خليقته، ورافع العلماء في الشرق إلى
أعلا ذروته، والباعث على تحصيل العلم وطلبته، والمثيب على نقله وروايته، والصلاة
على أكمل بريّته محمّد وآله الطاهرين من عترته، أمّا بعد: فإنّ المولى السيّد
الفاضل الكامل العالم العامل المحقّق المدقّق الورع جامع الفروع والأصول مدرّس
المعقول والمنقول خلاصة أولاد الرسول شرف ذريّة البتول السيّد المرتضى جلال الدنيا
والدين عبد علي بن المرحوم السعيد محمّد بن أبو هاشم بن زكي الدين يحيى بن محمّد
بن علي بن أبو هاشم ـ وبه يعرف البيت ـ ابن أبو الحسن محمّد بن خلد زين الشرف بن
غايان أبو المكارم بن محمّد أبو الفتح ـ نقيب الكوفة ـ ابن عبد الله بن أبو الفتح
محمّد الأصغر ـ يعرف بصخرة ـ ابن محمّد الأشتر الأمير بالكوفة بن عبدالله الثالث
بن علي بن أبو الحسن ابن عبيد الله الثاني بن علي أبو الحسن الأصغر بن عبد الله
الأعرج بن الحسين الأصغر
__________________
ابن
الإمام زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب مفترض الطاعة على كافّة الأنام،
عليهم السلام، أدام الله سيادته وأيّامه، وأسبغ عليه إنعامه، قرأ عليّ كتاب تحرير
الاحكام الشرعية على مذهب الطائفة الاثني عشرية الإمامية من أوّله إلى آخره قراءة
مرضية مهذّبة تشهد بفضله وغزير علمه، وسأل في أثناء مباحثه عمّا أشكل من حقائقه
وغمض من دفائنه ودقائقه فأجبته بما وصل إليّ فهمه، ورويناه عن مشايخنا، وكانت
الإفادة لي منه أكثر من الإفادة منّي له، وأجزت له أن يروي جميع ما للرواية فيه
مدخل عند العلماء من معقول ومنقول من كتب مشايخنا وعلمائنا عنّي عن شيخنا الأعظم
الأزهد الأورع الأعلم الأعمل، زين الملّة والحقّ والدنيا والدين، علي بن الحسن بن
محمّد الإسترآبادي ـ طاب ثراه ـ عن مشايخه رضوان الله عليهم، منهم السيّد إمام
المجتهدين رضي الملّة والدين ابن عبدالله بن محمّد بن علي الأعرج الحسيني، المكنّى
بأبي سعيد، عن شيخه المولى الإمام الأعظم فخر الملّة والدين أبي طالب محمّد، عن
والده جمال الحقّ والدين أبي منصور الحسن ابن المطهّر مصنّف هذا الكتاب سقى الله
ضريحه صوب الغفران، عن جماعة صدرهم الإمام الأعلم الأفقه نجم الدين أبي القاسم ابن
سعيد، عن جماعة أفضلهم الشيخ نجيب الدين محمّد نما، عن جماعة أمثلهم أبو عبدالله
محمّد ابن منصور بن أدريس، عن عربي بن مسافر العبادي، عن الحسين بن رطبة ومحمّد بن
طحال المقدادي، عن الشيخ أبي علي، عن والده أبي جعفر محمّد ابن الحسن الطوسي.
وأجزت له أيضاً أن يروي عنّي هذا الكتاب وجميع ما
للرواية
فيه مدخل، عن شيخنا ومولانا زين العابدين علي بن الحسن الإسترآبادي، عن شيخه
المولى السيّد خاتمة المجتهدين جمال الدين محمّد ابن المولى السيّد عميد الدين أبي
عبدالله عبدالمطلّب بن محمّد الأعرج الحسيني، الحائري محتداً، الحلّي مولداً، عن
إمام الأئمّة أبي منصور الحسن ابن يوسف بن المطهّر الحلّي ـ إلى آخر ذلك السند
المذكور ـ عن الشيخ أبي جعفر الطوسي قدّس الله روحه .. وكانت القراءة المذكورة في
مجالس متعدّدة آخرها يوم الخميس غرّة شهر ربيع الثاني رابع شهور سنة (٨٦٢ هجرية). وكتب
العبد الفقير إلى الله الغني حسن بن حمزة بن محسن الحسيني الموسوي النجفي، غفر
الله لي وله، ولسائر المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات».
وفي طرف آخر من
تلك النسخة كتب بخطّه إنهاءً للسيّد المجاز بالتاريخ نفسه، هكذا نصّه:
«أنهاه أدام الله
سيادته وسعادته، ومتّع الله المسلمين بحياته، قراءةً وبحثاً واستشراحاً على جهة
المباحثة والمخاوضة، والاستفادة منه أكثر ممّا استفاد من العبد، في مجالس متعدّدة،
آخرها غرّة شهر ربيع الثاني رابع شهور سنة
__________________
اثنتين
وستّين وثمانمائة هجرية، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين. وكتب العبد
حسن بن حمزة بن محسن الحسيني الموسوي النجفي، عفا الله عنهم».
وكان قد كتب
إنهاءً لبعض تلامذته بتاريخ ١٤ رمضان سنة (٨٣٦هـ)، ونصّه:
«أنهاه ـ أدام الله
أيّامه وسيادته، ومتّع الله الطائفة بطول بقائه، بحقّ محمّد وخير آله ـ قراءة
مرضية على جهة المباحثة والمذاكرة، في مجالس متعدّدة، آخرها آخر نهار يوم الثلاثاء
رابع عشر شهر رمضان المبارك لسنة ستّ وثلاثين وثمانمائة هجريّة نبويّة. وكتب العبد
الفقير إلى الله الغني حسن بن حمزة بن محسن الحسيني الموسوي عفا الله عنهم».
ويبدو أنّ
الإنهاء الثاني كان لغير السيّد المرتضى جلال الدين عبد علي بن محمّد الحسيني،
وهذا ما استظهره الميرزا الأفندي، فقال: «ولعلّه قد قرأ عليه هذا السيّد ـ أي:
المرتضى ـ تلك النسخة مرّتين، ولكن يبعد ذلك، مع الفصل بين القراءتين ستّ وعشرين
سنة، ولا يبعد كون هذا القارئ شخصاً آخر من السادات، ولكن ليس هو حسن الكاتب
المذكور، لأنّه ليس بسيّد، فلاحظ».
واحتمل الشيخ
آقا بزرك الطهراني أن يكون مرجع الضمير في الإنهاء الأخير هو السيّد سلطان الشجري،
فقال: «ويأتي احتمال أنّ مرجع الضمير في هذا
__________________
الإنهاء هو السيّد سلطان بن الحسن الذي قرأ التحرير على زين الدين علي بن الحسن الإسترآبادي عام (٨٣٣هـ)،
ثمّ قرأه على صاحب الترجمة ـ السيّد حسن ابن حمزة ـ ٨٣٦هـ»، وهذا الاحتمال ليس ببعيد.
أقول: هذه جملة
من إجازات المولى علي الإسترآبادي وإنهاءاته التي منحها لبعض تلاميذه، فهذا ما
تمكّنت من الحصول عليه، ولا أدّعي تمام استقصائها.
__________________

بعض منسوخاته وتملّكاته:
ورد في بعض
فهارس المخطوطات أنّ المولى علي الإسترآبادي قد نسخ بخطّ يده:
ـ بعض كتاب إيضاح الفوائد لفخر المحقّقين بتاريخ الثلاثاء ١١ ربيع الآخر من سنة
(٨٠٠هـ)، نسخ منه كتاب العتق إلى الديات، سقط من بداية النسخة ونهايتها بضعة
أوراق، وهي مصحّحة، وعليها علامات مقابلة وحواش، تقع في ٣١٧ ورقة، ٢٩ سطر، وزيري،
وهذه النسخة موجودة في مكتبة محمّد هلال في آران كاشان، رقم ٤٢، وثمّة نسخة مصوّرة
عن نسخة الأصل هذه في مركز إحياء التراث في قمّ المقدّسة رقم ١١٨.
ـ وذكر الشيخ
آقا بزرك الطهراني في الذريعة أنّ المولى الإسترآبادي قد نسخ الإجازة الكبيرة
للعلاّمة الحلّي (ت٧٢٦هـ)، التي أجاز بها بني زهرة، وأنّ العلاّمة المجلسي
(ت١١١٠هـ) قد حكاها في إجازات البحار عن نسخة بخطّه الشريف، والحال أنّ هذه الإجازة الموجود في البحار محكيّة عن نسخة منقولة عن خطّ العلاّمة المجيز، أتمّ
محمّد حسن بن محمّد علي بن الحسن الإسترآبادي النجفي كتابتها بتاريخ (١٠٩٦هـ)،
فظهر من ذلك أنّه غير شيخنا المترجم، فتنبّه.
ويبدو أنّ له
تملُّكاً لنسخة من ديوان ابن أبي الحديد المعتزلي (ت٦٥٦هـ)
__________________
المعروف بـ : المستنصريّات، الذي تضمّن جملةً من قصائده التي قالها في مدح الخليفة
العبّاسي المستنصر بالله (ت٦٤٠هـ)، وهذه النسخة موجودة في مكتبة المتحف العراقي
بالرقم ١٤٦٠٦.
وفي الختام
أقول: هذا آخر ما تمكّنت من الحصول عليه من إجازات المولى علي الإسترآبادي، وما
يتعلّق بترجمته، أرجو بذلك أن أكون قد وفّقت لخدمة التراث وأهله، وإحياء ذكر هذا
العالم الجليل.
وقد طال بىَ
المقام في كتابة هذا البحث ـ اتّفاقاً، وبعلم كثير من الباحثين ـ سنةً وعشرة أشهر
تقريباً، ابتداءً من تمّوز (٢٠١٦م)، إلى نهاية أيار (٢٠١٨م)، كانت مشحونةً
بالمشاغل والملهيات، والاهتمام بأعمال أخرى، نأتْ بي عن المباشرة بهذا البحث بنحو
متّصل، إذ عشت هذه المدّة متلقّفاً كلّ ما يقع بيدي ممّا له صلة بهذا العالم
المغمور، إذ من المتعسّر بمكان أن تجتمع لدى الباحث مثل هذه المعلومات في رغد من
العيش وراحة بال، ما لم يكن عرضةً للمنغّصات والمتاعب والمزعجات، لكن بعد هذا وذاك
تمّ ما رسم بتوفيق الله تعالى، فشكراً لكلّ من أسهم فيه بمعلومة أو تصويب أو
تقويم، وجزاهم الله خير جزاء المحسنين.
__________________
والحمد لله على
بلوغ ما قصدته، وحصول ما أردته، أوّلا وآخراً، وظاهراً وباطناً، وعلى كلّ حال،
وصلّى الله على سيّدنا محمّد النبي وآله الطيّبين الطاهرين.
وكتب ميثم
سويدان الحميري الحلّي
في ١٥ رمضان سنة
١٤٣٩هـ
الموافق يوم
الخميس ٣١/٥/٢٠١٨م
في الحلّة
السيفية
صانها الله
وأهلها من كلّ سوء وبلاء

فهرس المصادر
١
ـ إجازات العلماء: براتعلي غلامي مقدّم، إشراف: إدارة المخطوطات، نشر: مكتبة ومركز ووثائق
الآستانة الرضويّة، ط١، ١٣٩٤ش.
٢
ـ الإجازات العلمية عند المسلمين: فيّاض، الدكتور عبد الله، نشر: مطبعة الإرشاد ـ بغداد،
ط١، ١٩٦٧م.
٣
ـ أعيان الشيعة: الأمين العاملي، محسن بن عبد الكريم بن علي (ت١٣٧١هـ)، تحقيق: سيّد حسن
الأمين، نشر: دار التعارف للمطبوعات ـ بيروت، ١٩٨٣م.
٤
ـ بحار الأنوار: العلاّمة المجلسي، محمّد باقر بن محمّد تقي (ت١١١١هـ)، نشر: مؤسّسة الوفاء
ـ بيروت، ط٢، ١٤٠٣هـ.
٥
ـ التراث العربي المخطوط في مكتبات إيران العامّة: الأشكوري، السيّد أحمد الحسيني، نشر: دليل ما ـ قمّ
المقدّسة، ط١، ١٤٣١هـ.
٦
ـ تراجم الرجال: الأشكوري، السيّد أحمد الحسيني، نشر: دليل ما ـ قمّ المقدّسة، ط١، ١٤٢٢هـ.
٧
ـ تكملة الدروس الشرعية: الحسيني، جعفر بن أحمد الملحوس (كان حيّاً سنة ٨٣٨هـ)،
تحقيق: قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلامية ـ مشهد المقدّسة، ط١، ١٤٣٥هـ.
٨
ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة: الطهراني، آقا بزرك (ت١٣٨٩هـ)، نشر: دار الأضواء ـ
بيروت، ط٣، ١٩٨٣م.
٩
ـ رياض العلماء وحياض الفضلاء: الأصفهاني، ميرزا عبد الله بن عيسى الأفندي (كان حيّاً
سنة ١١٣١هـ)، تحقيق: السيّد أحمد الحسيني الأشكوري، نشر: مؤسّسة التاريخ العربي ـ
بيروت، ط١، ٢٠١٠م.
١٠
ـ الشجرة المباركة في أنساب الطالبية: الفخر الرازي، أبو عبد الله محمّد بن عمر (ت٦٠٦هـ)،
تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، إشراف: السيّد محمود المرعشي، نشر: مكتبة آية الله
السيّد المرعشي العامّة ـ قمّ المقدّسة، ط١، ١٤٠٩هـ.
١١
ـ طبقات أعلام الشيعة: الطهراني، آقا بزرك (ت١٣٨٩هـ)، نشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط١،
٢٠٠٩م.
١٢
ـ عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: ابن عنبة، جمال الدين أحمد بن علي الحسني (ت٨٢٨هـ)،
تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، نشر: مكتبة آية الله السيّد المرعشي العامّة ـ قمّ
المقدّسة، ط٢، ١٤٣٣هـ.
١٣
ـ غوالي اللآلي العزيزيّة في الأحاديث الدينية: ابن أبي جمهور، محمّد بن علي بن إبراهيم الأحسائي
(توفّي حدود سنة ٨٨٠هـ)، تحقيق: آقا مجتبى العراقي، قدّم له: السيّد شهاب الدين
المرعشي النجفي، ط١، ١٤٠٣هـ.
١٤
ـ الفخري في أنساب الطالبيّين: المروزي، إسماعيل بن الحسين بن محمّد بن الحسين
الأزورقاني (توفّي بعد ٦١٤هـ)، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، إشراف: السيّد محمود
المرعشي، نشر: مكتبة آية الله السيّد المرعشي العامّة ـ قمّ المقدّسة، ط٢، ١٤٢٨هـ.
١٥
ـ فهرست نسخه هاى خطى كتابخانه عمومى آية الله النجفي المرعشي: إعداد: الأشكوري، السيّد أحمد الحسيني، إشراف: المرعشي،
السيّد محمود، نشر: مكتبة آية الله المرعشي العامّة ـ قمّ المقدّسة، ط٢، (د.ت).
١٦
ـ فهرستكان نسخه هاى خطى ايران (فنخا): إعداد: درايتي، مصطفى، نشر: المكتبة الوطنية في إيران ـ
طهران، ط١، ١٣٩٠ش.
١٧
ـ فهرست كتابخانه مركزى دانشگاه تهران: إعداد: علينقى منزوى تهرانى، وآخرون، نشر: دانشگاه
تهران ـ طهران، ط١، ١٣٤٠ش.
١٨
ـ فهرست نسخه هاى خطّى كتابخانه مجلس شوراى اسلامى: إعداد: أحمد منزوى، إشراف: ايرج أفشار، محمّد تقى دانش
پژوه، علينقى منزوى، نشر: مركز اسناد مجلس شوراى اسلامى ـ طهران، ط١، ١٣٩٠ش.
١٩
ـ فهرست كتابهاى خطّى كتابخانه ملّى ملك: إعداد: ايرج افشار، ومحمّد تقى دانش پژوه، نشر: مؤسّسة
انتشارات ـ طهران، ط١، ١٣٦١ش.
٢٠
ـ فهرستواره دستنوشت هاى إيران (دنا): إعداد: درايتي، مصطفى، نشر: مركز اسناد مجلس شوراى
إسلامى ـ طهران، ط١، ١٣٨٩ش.
٢١
ـ المجدي في أنساب الطالبيّين: العلوي، أبو الحسن علي بن محمّد بن علي النّسّابة (ق٥)،
تحقيق: د. أحمد المهدوي الدامغاني، إشراف: السيّد محمود المرعشي، نشر: مكتبة آية
الله السيّد المرعشي العامّة ـ قمّ المقدّسة، ط٢، ١٤٢٢هـ.
٢٢
ـ مخطوطات الأدب في المتحف العراقي: إعداد: أسامة ناصر النقشبندي، وضمياء محمّد عبّاس، نشر:
معهد المخطوطات العربية، المنظّمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ـ الكويت، ط١،
١٩٨٥م.
٢٣
ـ مستدركات أعيان الشيعة: الأمين، السيّد حسن (ت١٣٩٩هـ)، نشر: دار التعارف
للمطبوعات ـ بيروت، د.ط، ١٤٠٨هـ.
٢٤
ـ مكتبة العلاّمة الحلّي: الطباطبائي، السيّد عبد العزيز (ت١٤١٦هـ)، إعداد ونشر:
مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام
لإحياء التراث
ـ قم المقدّسة، ط١، ١٤١٦هـ.
٢٥
ـ موسوعة طبقات الفقهاء: اللجنة العلمية في مؤسّسة الإمام الصادق
عليهالسلام
، إشراف: الشيخ
جعفر السبحاني، نشر: مؤسّسة الإمام الصادق
عليهالسلام
ـ قمّ
المقدّسة، ط١، ١٤٢٩هـ.
الدوريّات
٢٦
ـ تراث الحلّة: مجلّة فصلية محكّمة تعنى بالتراث الحلّي، تصدر عن مركز تراث الحلّة التابع
لقسم شؤون المعارف في العتبة العبّاسية المقدّسة، السنة الثانية، المجلّد الثاني،
العدد السادس، ربيع الثاني ١٤٣٩هـ / كانون الأوّل ٢٠١٧م.
٢٧
ـ الخزانة: مجلّة علمية نصف سنويّة، تعنى بالتراث المخطوط والوثائق، تصدر عن مركز
إحياء التراث التابع لدار مخطوطات العتبة العبّاسية المقدّسة، السنة الأولى، العدد
الثاني، ربيع الأوّل ١٤٣٩هـ / كانون الأوّل ٢٠١٧م.
شيخ العراقَين
(الشيخ عبد الحسين بن علي الطهراني)
(١٢٢٥ ـ ١٢٨٦هـ)
|
|
السيّد حسن علي مطر
بسم الله الرحمن الرحيم
المدخل :
لقد تعرّفت على
شخصية الشيخ عبد الحسين الطهراني عندما اقترح عَليّ الإخوة في العتبة العبّاسية
المقدّسة ترجمة كتاب يحمل عنوان : (شيخ العراقَين) لمؤلّفة حجّة الإسلام الشيخ حامد رضائي ، وهو كتاب
باللغة الفارسية يبلغ حجمه أربعمائة صفحة تراوحت فصوله ما بين الطويل جدّاً إلى
المقتضب جدّاً ، وقد آلى المؤلّف على نفسه ـ في حدود ما توفّر له من المصادر ـ أن
لا يترك شاردة ولا واردة فيما يتعلّق بسيرة (شيخ العراقَين) إلاّ أتى على ذكرها ،
فكان من هذه الناحية يستحقّ الشكر والثناء والتقدير.
وفي أثناء
التعريب وجدنا من الضروري إضافة بعض التراجم والتعليقات
للأعلام والأحداث والوقائع التي جاء الكاتب على ذكرها دون التعريف بها ،
وكان من شأن تركها دون بيان أو توضيح أن يجعل فهم بعض الأمور متعذّراً على القارئ
الكريم. ثمّ انقدح في ذهني أن أكتب مقالة مختصرة تشتمل على زبدة المخاض من سيرة
حياة (شيخ العراقَين) ؛ فجاءت هذه المقالة معتمدة على القراءة الباحثة والمدقّقة
لهذا الكتاب.
ولد الشيخ عبد
الحسين بن علي الطهراني المعروف بـ : (شيخ العراقَين) في حدود عام (١٢٢٥ للهجرة) ،
ولا نعرف شيئاً عن محلّ ولادته ، سوى أنّ أصوله تعود إلى قرية (نظام آباد) وهي من
القرى الواقعة إلى الشمال من محافظة (همدان) ، ولم يرِدنا شيء حول طفولته ونشأته.
وقد بدأ التاريخ يسلّط الأضواء عليه عندما كان طالباً بارزاً يدرس في النجف الأشرف
عند الشيخ محمّد حسن النجفي صاحب كتاب جواهر الكلام ، وقد فرض تقدّمه العلمي على غيره وبزّ أقرانه حتّى
استحقّ الحصول على إجازة في الاجتهاد من الشيخ النجفي ، وكان (شيخ العراقَين) على
ما ورد في بعض التقارير ربعة في الطول زاده الله بسطة في العلم والجسم ، وكان شخصاً
عصاميّاً بنى نفسه بنفسه رغم الفقر المدقع وشظف العيش الذي عانى منه هو وغيره من
كبار العلماء من زملائه في الحوزة العلمية ، ونورد فيما يلي صورة نكتفي بذكرها
ليقف القارئ الكريم على العصامية التي تحلّى بها علماؤنا الأفذاذ ، فلم تشكّل
العقبات مهما كبرت مانعاً دون تقدّمهم وارتقائهم على المستوى العملي والروحي :
«كان لدى آية
الله الآقا الميرزا زين العابدين مبراة ذات أربع شفرات ، وكان
شديد التعلّق بها. وقد سأله نجله ذات يوم عن سبب تعلّقه بتلك المبراة؟ فقال
له : أثناء دراستي في النجف الأشرف ، كنت أسكن مع الشيخ عبد الحسين الطهراني (شيخ
العراقَين) ، والمولى علي الكني في حجرة واحدة ، وكنّا بأجمعنا نعيش حالة مزرية من
الفقر والفاقة ... وكنّا نحن الثلاثة نتقاسم مبراة ذات شفرة واحدة نبري بها
أقلامنا ، كي نكتب بها تقرير درس الشيخ صاحب الجواهر. وذات ليلة أردت أن أبري قلمي فانكسر نصل المبراة ، فلم
أستطِع كتابة شيء في تلك الليلة ، وحيث كنّا بالإضافة إلى ذلك نواجه الكثير من
البؤس في شتّى أمور الحياة ، فقد مثّل انكسار المبراة القشّة التي قصمت ظهر البعير
، فجنّ جنوني وعِيل صبري ؛ ثمّ رميت بطرفي إلى السماء من كوّة الحجرة ، وأخذت في
تلك الحالة واللحظة من الجنون وفقدان العقل أجأر بالشكوى قائلاً : ربّاه ما هذه
الحياة؟! إنّ الموت لأهون من هذه الحالة التي نحن فيها! ثمّ أخذت أجيل الفكر
منتظراً حلول ساعة السحر ؛ لأخرج فيها وأتشرّف بزيارة الحرم المطهّر ، وأبثّ كلّ
همّي وأشكو حزني إلى أمير المؤمنين علي
عليهالسلام. ولمّا حانت ساعة السحر سارعت إلى المرقد الشريف ، ودخلت
الرواق دون قراءة إذن الدخول ، ولكنّي قبل الوصول إلى باب الحرم المقدّس ، وقبل أن
أفتح فمي بالشكوى والكلام ، اعترضني شخص وناولني هذه المبراة ذات الشفرات الأربع.
وما أن وقع بصري على تلك المبراة ، حتّى زال عنّي ذلك العارض والجنون المفاجئ ،
وأحسست كأنّ ماءً بارداً يُسكب على النار التي كانت تضطرم في صدري ، فزال عنّي
الوهم العارض وعدت إلى صوابي».
__________________
ويبدو أنّ شدّة
الفقر حملت (شيخ العراقَين) على العودة إلى طهران بحثاً عن الانفراج بعد الشدّة ،
فجاء بأسرته واستأجر غرفة متواضعة ، ولم يكن حاله في بداية الأمر بأحسن ممّا كان
عليه عندما كان في النجف إلى حين تحسّن أمره لاحقاً ؛ إذ يروي الأستاذ المحقّق
مرتضى المدرّسي الجهاردهي في مقالة له بعنوان : إيران في العالم العربي (عراق العرب) ، والتي طبعت في شهر مهر سنة (١٣٤٥ هـ ش) في إحدى
المجلاّت الثقافية ، قائلاً :
«روى لي كبار
السنّ من ذوي البصائر في كربلاء أنّ الشيخ عبد الحسين الطهراني بعد إكمال الدراسات
العليا عاد من النجف إلى طهران ، واستأجر هناك غرفة وسكن فيها ، وكان يقترض مبلغاً
لا يتجاوز الشاهي ـ بعملة ذلك الوقت ـ من بقّال يقع حانوته في رأس الشارع ليشتري
به قوت يومه. وذات يوم قال البقّال للشيخ : لم يعد بإمكاني إقراضك أكثر ممّا فعلت!
فاضطرّ الشيخ إلى التفكير في أمر معاشه ، وعند الفجر توجّه إلى مجلس أحد علماء
الدين المعروفين في طهران ، وجلس في زاوية منه ، وصدف أن انتبه إلى أنّ شيخ المجلس
قد كتب حكماً على هامش سؤال تقدّم به أحد الأشخاص ، ولم يكن الجواب مطابقاً
للضوابط العلمية!
__________________
بمعنى : أنّ الجواب لم يكن صحيحاً.
فرأى الشيخ عبد
الحسين أنّ من واجبه الشرعي تنبيه ذلك العالم إلى خطئه ؛ فقال له : إنّ الحكم الذي
كتبتموه على هامش ذلك السؤال غير صحيح ، فهو على خلاف القوانين والتشريعات
الإسلامية. فالتفت جميع من في المجلس إلى الشيخ الوافد حديثاً ، وتساءلوا فيما
بينهم : من يكون هذا الشيخ الذي سمح لنفسه بالإشكال على عالم البلدة؟!! .. وأساءوا
معاملته!
وفي اليوم
التالي من تلك الحادثة ، جاء البقّال برفقة موظّف في الدولة إلى الشيخ ، وقال له :
إنّ الميرزا تقي خان أمير كبير صدر إيران الأعظم يريد زيارتكم ، وسوف يكون عندكم
في مساء الغد!
فقال الشيخ عبد
الحسين : لست أعرف الأمير ، ولا الأمير يعرفني ، وهناك الكثير من الأشخاص الذين
يحملون اسم عبد الحسين في هذه المدينة ، وربّما حصل تشابه في الاسم. فقال مبعوث
الأمير : ألم تكن في مجلس الأمس حيث وقعت تلك الحادثة؟ فقال الشيخ ، بلى ، كنت
هناك ... فقال : إذن أنت الذي سيأتي الأمير إلى لقائك.
فسارع البقّال
يحمل بعض السجّاد من داره وفرش بها غرفة الشيخ وأعدّها للقاء الأمير. وفي مساء
الغد من ذلك اليوم جاء أمير كبير لرؤية الشيخ عبد الحسين ، وقال بعد سؤاله عن وضعه
: من أنت؟ ومن أين أقبلت؟! لقد نقلوا لي حادثة مجلس الأمس ، ورووا لي المعاملة
السيّئة التي تلقّيتها منهم ؛ فهل هناك من يعرفك؟!
فقال الشيخ :
يعرفني الآقا السيّد أسد الله الإصفهاني نجل السيّد محمّد باقر الإصفهاني عالم
الدين في إصفهان جيّداً. فكتب أمير كبير كتاباً إلى إصفهان ، وبعد مدّة قصيرة كتب
السيّد في جواب رسالة صدر إيران الأعظم ، قائلاً : «إنّي أعرف الشيخ عبد الحسين
صاحب القامة الطويلة. له زوجة تنتمي إلى القبائل العربية الحاتمية ، خطبتها له يوم
كنّا معاً في عراق العرب».
وعندما وصل
الكتاب إلى أمير كبير ، أطرق مفكّراً يتعجّب لأمر عالم كبير وتقي وزاهد يعيش على
تلك الحالة من الفقر والفاقة ، وهو يقول : يموت أهل العلم جوعاً ، ويجلس في
الصدارة من ليس له من العلم حظّ؟! أفّ لكِ يا دنيا ، أفّ لكِ يا دنيا.
وفي أحد
الأيّام جاء ناصر الدين شاه القاجاري برفقة أمير كبير لرؤية الشيخ ، فقال الأمير
للشاه : هذا هو الشيخ عبد الحسين ، وهذا هو كتاب الآقا السيّد أسد الله الإصفهاني.
فأصدر الشاه القاجاري أمراً إلى العدلية بقراءة توقيع الشيخ وتنفيذه. وقام الميرزا
محمّد تقي خان الفراهاني (أمير كبير) بتقديم ألف ليرة إلى الشيخ ، وأمره أن يلقي
من يوم الغد درساً في مسجد الشاه ، كي يستفيد فضلاء الحوزة من علمه.
وفي اليوم
الأوّل شرع بتدريس كتاب الرياض في مسجد الشاه ، ولم يتجاوز الحضور سوى اثنين أو
ثلاثة من الطلاّب في حوزة درسه. وفي اليوم الثاني ارتفع عدد الطلاّب إلى عشرة ،
وفي اليوم الثالث صار عددهم ثلاثين طالباً ،
وفي نهاية المطاف أخذ يحضر درسه أفضل طلاّب العلوم في طهران ...».
وهناك رواية
أخرى لهذه الحادثة نقلها الأستاذ عبّاس إقبال آشتياني في كتابه زندگى نامه أمير كبير. على النحو الآتي :
«كان الشيخ في
ضيق من العيش بحيث استأجر حجرة مستطيلة الشكل في الطابق الأعلى من دار تقع في ممرّ
بين الحرمين [في طهران] ، وقد قطعها بسترة إلى نصفين ، وقد أسكن أهله خلف السترة ،
وفرش النصف الآخر بحصيرة يجلس عليها ، دون أن يكون هناك شيء آخر له قيمة باستثناء
بعض الكتب. وكان يحصل من حين لآخر على قروض من بعض التجّار في السوق .. فلم يكن له
مال ينفقه من أيّ جهة. حتّى اطّلع أحد الأصدقاء على وضعه وحالته ، وسعى في إصلاح
أمره ، فقال له : إنّ سبب العسر وضيق العيش الذي تعاني منه يعود إلى اعتزالكم
الناس وعدم التواصل معهم ، وبذلك لم يطّلع أحد على مراتبكم العلمية ، ولم يقف شخص
على ما يتّصف به سماحتكم من التديّن والزهد والأمانة. فمن الأجدر أن تخالط الناس
ولا سيّما العلماء منهم ، لتظهر لهم شيئاً من فضائلك في الأبحاث العلمية. فقال له
الشيخ : لا مانع عندي من مخالطة العلماء ، ولكنّك ترى ما أنا عليه من الضيق الذي
يجعل من استقبال الناس على ما تقتضيه آداب الضيافة أمراً بالغ العسر والتعذّر.
فقال له : يمكن لك في البدء أن تأتي في صبيحة يوم الخميس القادم إلى منزل الشيخ
محمّد تقي القزويني ، وهو من العلماء الأجلاّء ،
__________________
فإنّه يقيم مجلس العزاء هناك ، وحيث جرت العادة في الغالب على إثارة
المسائل العلمية بعد قراءة المراثي ، يمكن لكم التعريف بشخصكم إلى حدّ ما ، فربّما
تعرّف عليكم بعض طلبة العلم الحقيقيّين من الذين يبحثون عن أساتذة كفوئين في
التدريس ، فيطلب الاستفادة العلمية من محضركم ، ويكون في ذلك سبباً لفتح باب الرزق
عليكم.
فقبل الشيخ هذه
النصيحة منه ، وتوجّه في صباح ذلك الخميس إلى مجلس التعزية ، واتّخذ لنفسه مكاناً
دون مقامه ، وبعد الانتهاء من قراءة التعزية ، بدأ الفضلاء يتناقشون في المسائل
العلمية ، وكان الشيخ يستمع ، حتّى وجد فرصة سانحة للكلام والإدلاء بدلوه ، وما أن
بلغ مسامع السادة والمشايخ جانب من فوائده وفضله الزاخر ، اعتذروا منه بأجمعهم ،
وأجلسوه في صدر المجلس.
وعندما عاد إلى
منزله ، قيل له في عصر ذلك اليوم : إنّ على الباب رجلاً يسأل عنك ؛ فنزل الشيخ من
غرفته وفتح الباب ليجد هناك شخصاً في بزّة الموظّفين من رجال الدولة ، فقال له ذلك
الرجل : غداً في الصباح الباكر سيأتي أمير النظام لرؤيتك. فقال له الشيخ : ربّما
حصل خلط ، فلا توجد بيني وبين الأمير معرفة سابقة كي يأتي إلى رؤيتي. فقال الرجل :
ألست الشيخ عبد الحسين الطهراني؟ فقال الشيخ : بلى. ولكن ربّما كنت تعني شخصاً آخر
يحمل اسم الشيخ عبد الحسين أيضاً. فقال الرجل : ألم تكن صباح هذا اليوم في منزل
الشيخ محمّد تقي القزويني؟ فقال الشيخ : بلى ، كنت هناك. فقال الرجل : إذن ليس
هناك خطأ ، وعليك أن تستعدّ لاستقبال الأمير. فقال الشيخ : لا أملك منزلاً يليق
باستقبال
الأمير. فقال الرجل : ألست تسكن في هذه الدار؟ فقال الشيخ : إنّ هذا هو
منزلي ، ولكن عليك أن تصعد معي لكي تراه من الداخل بنفسك ، فتدرك أنّ الأمير لا
يأتي إلى مثله ، ثمّ أرشده إلى الغرفة العليا ، وشاهد الرجل الوضع عن كثب ، ولكنّه
استطرد قائلاً : سيأتي الأمير إلى هذا المكان بالتحديد ، ثمّ غادر المكان. وفي
صبيحة اليوم التالي جاء الأمير بنفسه ، واستقبله الشيخ بما تيسّر له.
وهنالك قال
الأمير : إنّ هذا المنزل لا يليق بكم ، ثمّ أمر له بتأثيث منزل متواضع في منطقة
(عبّاس آباد) ، وأعطاه مائة ليرة ذهبيّة مسكوكة ، وأضاف قائلاً : لقد اطّلعنا على
مقدار ديونك في السوق ، وقد رصدنا هذا المبلغ لتسديدها ، وسوف نأتي إلى زيارتكم ،
وقام بعدها ليغادر المنزل. ومنذ ذلك الحين أخذ يمدّه بالدعم الكافي ويعمل على
التعريف به ، وكان تعلّقه به يزداد يوماً بعد يوم ، حتّى أصبح موضع ثقة الأمير ،
وأخذ يستشيره في بعض الأمور المعقّدة».
إذن هناك
روايتان حول بداية تعرّف أمير كبير على الشيخ ، حيث تشترك كلتا الروايتين في
النقاط الآتية :
١ ـ عودة الشيخ
ـ بعد إكمال دراساته وتحصيل العلوم الحوزوية ـ من العتبات المقدّسة إلى طهران.
٢ ـ في مستهلّ
وصوله إلى طهران كان يعيش حالة من الفقر المدقع ، بحيث لم يكن لديه حتّى سجّادة
يفرش بها أرض الغرفة التي استأجرها ، وكان بالإضافة إلى ذلك يستدين لتوفير لقمة
العيش ، حتّى تراكمت عليه الديون.
__________________
٣ ـ تمّ
التعرّف عليه إثر حادثة حصلت له في منزل بعض المشايخ الكبار ، وعلى إثر ذلك بدأت
تشرئبّ له الأعناق في طهران.
٤ ـ استحواذ
شخصية الشيخ على اهتمام أمير كبير ، الأمر الذي أحدث نقلة نوعية في الوضع
الاقتصادي والمالي للشيخ.
٥ ـ وفي نهاية
المطاف دخل الشيخ منعطفاً جديداً في حياته ، حيث قام بفراسته المعهودة باغتنام هذه
الفرصة وتوظيفها ، ليكون بذلك مصدراً للكثير من أعمال الخير والمنجزات التي سنأتي
على ذكرها.
بالإضافة إلى
نقاط الاشتراك يمكن لنا أن نرصد في المقابل بعض نقاط الاختلاف بين هاتين الروايتين
، أي : الرواية المنقولة في السيرة الذاتية لأمير كبير ، والرواية المنقولة في
مقال مرتضى المدرّسي بعنوان : (عراق
العرب) والمنشور في
مجلّة وحيد ، على النحو أدناه :
١ ـ في الرواية
الثانية تلقّت مناقشة الشيخ للأمور العلمية استحساناً من العلماء والحضور ، وتمّ
تكريمه ورفعه إلى صدر المجلس ، ولكنّه في الرواية الأولى تلقّى صدوداً ، وإساءة في
المعاملة.
٢ ـ في الرواية
الثانية حضر موظّف الدولة بمفرده إلى دار الشيخ ، وأمّا في الرواية الأولى فنجده
برفقة البقّال.
٣ ـ في الرواية
الثانية هناك تصريح بأنّ المنزل الذي قصده (شيخ العراقَين) هو منزل الشيخ محمّد
تقي القزويني ، وفي المقابل لا نجد مثل هذا التصريح في الرواية الأولى ، كما نجد
العكس بالنسبة إلى هويّة الأمير الذي زار (شيخ العراقَين)
في داره بعد تلك الحادثة ، فبينما نجد تصريحاً في الرواية الأولى بأنّ
الأمير الذي جاء لزيارة (شيخ العراقَين) هو شخص أمير كبير ، نجد في الرواية الأولى
إضماراً لشخصية الأمير الذي قصد دار (شيخ العراقَين).
٤ ـ لا يوجد في
الرواية الثانية حضور لناصر الدين شاه بخلاف الرواية الأولى.
٥ ـ في الرواية
الثانية يحصل الشيخ من زائره الأمير على مائة ليرة ذهبية ، بينما نجده في الرواية
الأولى يمنح الشيخ ألف ليرة.
إنّ نقاط
الاشتراك والاختلاف الموجودة في هاتين الروايتين ، قد تساعدنا في الجمع بين
الروايتين دون طرحهما. فنقول في الجمع بينهما : إنّ اللقاء المذكور في الروايتين
يعود تاريخه إلى أواخر عهد محمّد شاه القاجاري ، حيث كان لأمير كبير نوع من الحضور
في البلاط آنذاك بوصفه منشئاً أو مفاوضاً أو مستشاراً سياسيّاً ؛ إذ كان له حضور
فاعل في إبرام (معاهدة أرضروم) ، أو أن يكون الذي حضر منزل (شيخ العراقَين) في
الروايتين أمير آخر غير أمير كبير كان يتمتّع بصفة
__________________
رسمية ، لا سيّما بالنظر إلى أنّ الرواية الأولى لا تصرّح بأنّ الأمير الذي
زار (شيخ العراقَين) هو أمير كبير.
وهكذا فقد
شكّلت هذه المرحلة منعطفاً في حياة (شيخ العراقَين) ، وفيما يلي نسلّط الضوء على
سيرته بوصفه عَلماً من أعلام الشيعة ، اغتَنَم فرصة انفتاح البلاط القاجاري عليه
للقيام بمشاريعه الدينية على أحسن وجه ، مستفيداً في ذلك من الدعم المطلق الذي
أغدقه عليه الصدر الأعظم الميرزا محمّد تقي الفراهاني (أمير كبير) ، وسوف نبحث
المرحلة الثانية من حياة (شيخ العراقَين) عبر المحاور الثلاثة الآتية :
١ ـ السيرة
العلمية (لشيخ العراقَين) ، من خلال ذكر شيوخه وتلاميذه وكتبه ومكتبته.
٢ ـ نشاط (شيخ
العراقَين) في مقارعة الفرق المنحرفة (البابية والبهائية) داخل البلاط القاجاري
وخارجه.
٣ ـ جهود الشيخ
في بناء العتبات المقدّسة في العراق.
السيرة العلمية لشيخ العراقَين
أساتذة وشيوخ (شيخ العراقَين) :
لقد أنهى (شيخ
العراقَين) دراسته في الحوزة العلمية في النجف الأشرف ، حيث نال درجة الاجتهاد.
على ما نجد ذلك في موسوعة
طبقات الفقهاء ؛ إذ يقول :
«عبد الحسين بن
علي الطهراني ، الحائري ، الملقّب بـ : (شيخ العراقَين) ،
أحد أكابر مجتهدي الإمامية. كان فقيهاً ، أصوليّاً ، رجاليّاً ، أديباً ،
حافظاً للشعر العربي ، حاوياً لجملة من الفنون».
وجاء في كتاب أثر آفرينان ما يلي :
«(شيخ
العراقَين الطهراني) ، الشيخ عبد الحسين بن علي الرازي (م : ١٢٨٦ هـ) ، مجتهد ،
عالم ، ومحقّق إمامي. تتلمذ في النجف الأشرف على يد الشيخ محمّد حسن النجفي صاحب
الجواهر ، والشيخ حسن كاشف الغطاء ، والشيخ مشكور الحولاوي ، والشيخ عيسى الزاهد ،
حتّى نال درجة الاجتهاد. ثمّ عاد إلى طهران بوصفه زعيماً دينيّاً ، وتولّى
المرجعية العامّة».
وجاء في كتاب موسوعة طبقات الفقهاء بشأن الأساتذة الذين حضر عندهم (شيخ العراقَين) ، ما
يلي : «ارتحل لطلب العلم من طهران إلى النجف الأشرف ، وحضر على عدّة مشايخ ، منهم
: حسن بن جعفر كاشف الغطاء ، ومشكور بن محمّد بن صقر الحولاوي ، وحصل منه على
إجازة ، وعيسى بن حسين المعروف بالزاهد ، ومحمّد حسن بن باقر النجفي صاحب الجواهر ، وروى عن السيّد محمّد شفيع بن السيّد علي أكبر
الجابلقي ، وأجاز له رفيع بن علي الرشتي».
وقد ورد ذكر
أسماء هؤلاء المشايخ في أكثر الكتب الأخرى الموجودة بين أيدينا. كما نرى أكثر من
هذه الأسماء المذكورة أعلاه ، في كتب من قبيل : فقه
__________________
فتوائي ،
وطبقات أعلام الشيعة ، وچهل
سال تاريخ إيران ، وأثر
آفرينان. وفي كتاب أعيان الشيعة ـ ضمن التعريف بتلاميذ الآقا السيّد إبراهيم الموسوي
القزويني ـ نجد هناك إشارة إلى اسم (شيخ العراقَين) أيضاً ، وفي موضع آخر من هذا
الكتاب القيّم ، يتمّ التعريف بـ : (شيخ العراقَين) بوصفه من التلاميذ
البارزين لـ : (الشيخ حسين علي التويسركاني الملايري) أيضاً.
لا شكّ في أنّ
الذين منحوا (شيخ العراقَين) إجازة في الرواية لم يكونوا أساتذته بالضرورة ، ولكن
حيث يُعتبر المجيزون لشخص ما من جملة مشايخه ، فقد عددناهم ضمن أساتذة الشيخ أيضاً
، وعليه يمكن عدّ شيوخه وأساتذته على النحو الآتي :
١ ـ الشيخ
محمّد حسن النجفي ، المعروف بـ : (صاحب الجواهر).
٢ ـ الشيخ حسن
بن جعفر كاشف الغطاء.
٣ ـ السيّد
محمّد شفيع الجابَلَقي.
٤ ـ الشيخ
مشكور الحولاوي.
٥ ـ الشيخ عيسى
بن حسين ، المعروف بـ : (الزاهد).
__________________
٦ ـ الشيخ رفيع
بن علي الرشتي.
٧ ـ الشيخ حسين
علي التويسركاني الملايري.
٨ ـ السيّد
إبراهيم الموسوي القزويني.
تلامذة (شيخ العراقَين) :
ورد في كتاب (موسوعة طبقات الفقهاء) ما يلي : «أخذ عنه الميرزا حسين النوري ، ولازمه زمناً
طويلاً ، ونوح بن قاسم القرشي الجعفري النجفي ، ومحسن بن محمّد الحائري الشاعر
المعروف بـ : (أبي الحبّ) المتوفّى سنة ١٣٠٥ هـ. وأجاز لأبي المحاسن محمّد بن عبد
الوهّاب الهمداني الحائري».
وجاء في كتاب معارف الرجال : «حضر عليه كثير من الأفاضل والعلماء ، ومنهم : الشيخ
نوح بن الشيخ قاسم القرشي الجعفري النجفي المتوفّى سنة ١٣٠٠ هـ في السماوة ،
والشيخ محسن بن الشيخ محمّد الحائري المعروف بـ : (أبي الحبّ) المتوفّى سنة (١٣٠٥
للهجرة) ، وأجاز أن يروي عنه أبو المحاسن محمّد بن عبد الوهّاب بن داود الهمداني
الحائري صاحب فصوص
اليواقيت».
وفي كتاب مآثر الكبراء في
تاريخ سامرّاء ، ورد التعريف بتلميذ آخر من تلاميذ الشيخ الطهراني ، إذ كان معه في نشاطه
العمراني في سامرّاء ، قائلاً : «وأمّا الشيخ باقر بن الشيخ زين العابدين السلماسي
الكاظمي المتوفّى سنة (١٣٠١ هـ) ،
__________________
ذكره شيخنا
العلاّمة صاحب كتاب الذريعة في كتابه نقباء البشر ، قال : كان من العلماء الأبرار الأخيار ، ومن تلاميذ
العلاّمة (شيخ العراقَين) الشيخ عبد الحسين الطهراني».
وفي كتاب فهرس التراث يتمّ التعريف بتلميذ آخر من تلاميذ (شيخ العراقَين) ؛ إذ
يقول : «السيّد علي بن محمّد علي الميبدي اليزدي ، نزيل كرمانشاه. ممّا قال شيخنا
العلاّمة [الطهراني] : فقيه كامل وعالم عارف كان في كربلاء من تلامذة الشيخ عبد
الحسين (شيخ العراقَين) ، إلخ».
وفي سيرة حياة
(شيخ العراقَين) نرى اسم شخص آخر من العلماء الكبار ، وذلك إذ يقول : «وصل الشيخ
هادي في العقد الثالث من عمره إلى النجف الأشرف ، وأدرك السنوات الأخيرة من عصر
الشيخ مرتضى الأنصاري. وبعد وفاة الشيخ سنة (١٢٨١هـ) ، انتقل إلى كربلاء المقدّسة
، واغترف هناك الكثير من مَعين درس الشيخ عبد الحسين المعروف بـ : (شيخ العراقَين)
، والذي يقال : إنّه كان خاله».
وفي كتاب موسوعة طبقات الفقهاء تعريف بتلميذ آخر من تلاميذ الشيخ ، كان قد حضر عنده في
مستهلّ دراسته ، قائلاً : «حسين قلي بن رمضان الأنصاري الشوندي الدرجزيني الهمداني
النجفي .. سار إلى طهران ، فتعلّم المبادئ وقرأ
__________________
المقدّمات ، وأقبل على دراسة الفقه والأصول ، واختصّ بالفقيه عبد الحسين بن
علي الطهراني».
ومن بين تلاميذ
(شيخ العراقَين) ، (الشيخ عبد الله الزنجاني) ، ففي كتاب أعلام الشيعة : «شاءت إرادة الله أن تمدّه بالتوفيق والعناية ، فحاز
درجة من الفضل أهّلته لحضور بحث الشيخ الطهراني».
ومن بين
الأشخاص الذين لم يرد لهم ذكر بين تلاميذ (شيخ العراقَين) ، ولكنّه حصل منه على
إجازة في الرواية «السيّد محمّد رضا بن محمّد علي الحسيني الكاشاني».
طبقاً لما
تقدّم فإنّ تلاميذ الشيخ الذين أمكن لنا التعرّف عليهم ، عبارة عن :
١ ـ الميرزا
حسين النوري المعروف بـ : (المحدّث النوري) و (خاتم المحدّثين).
٢ ـ الملاّ
حسين قلي الشوندي الهمداني الفقيه الشهير والعارف الكامل.
٣ ـ الشيخ نوح
بن الشيخ قاسم الجعفري القريشي النجفي.
٤ ـ الشيخ محسن
الحائري المعروف بـ : (أبو الحبّ).
٥ ـ أبو
المحاسن محمّد بن عبد الوهّاب الهمداني.
٦ ـ الشيخ
محمّد هادي الطهراني ، ابن أخت (شيخ العراقَين).
__________________
٧ ـ الشيخ باقر
بن زين العابدين السلماسي.
٨ ـ السيّد علي
الميبدي اليزدي.
٩ ـ الشيخ عبد
الله الزنجاني.
١٠ ـ السيّد
محمّد رضا الحسيني الكاشاني.
آثار (شيخ العراقَين) :
التعريف الإجمالي بمؤلّفات (شيخ العراقَين) :
قال الشيخ
الآقا بزرك الطهراني رحمهالله
في طبقات أعلام الشيعة في هذا الشأن : «له رسالة عملية طبعت في سنة (١٢٨٥ هـ).
صرّح في أوّلها بأنّها النخبة للكلباسي بتغيير مواضع خلافه إلى ما يوافق رأيه ، وطبعت
أيضاً ترجمته لـ : نجاة
العباد [لصاحب
الجواهر] ، وله طبقات الرواة في الرجال ، وحواشي وتعليقات ورسائل وكثير غير ذلك».
كما جاء في
كتابي الكنى
والألقاب ، وتكملة أمل الآمل ، ما يلي :
«له كتاب في طبقات الرواة في جدول لطيف ، غير أنّه ناقص».
وممّا كتبه
صاحب موسوعة
طبقات الفقهاء :
«للمترجَم
مؤلّفات ، منها : رسالة فتوائية (مطبوعة) لعمل مقلّديه ، طبقات الرواة لم يتمّ ،
كتاب الإجازات ، ترجمة نجاة العباد يوم المعاد (مطبوعة) ، وهي
__________________
رسالة عملية فتوائية لأستاذه صاحب الجواهر ، وغير ذلك من الحواشي والتعليقات والرسائل».
وكتب صاحب معارف الرجال :
«يؤثر عنه كتاب
في طبقات
الرواة غير تامّ
عثرنا عليه».
وفي كتاب أعيان الشيعة ، جاء ما يلي :
«له كتاب في طبقات الرواة في جدول لطيف غير أنّه ناقص ، وله رسالة عملية مطبوعة ،
وترجمة نجاة
العباد ، وحواش
وتعليقات ورسائل وكتب في الرجال».
وعليه فقد ورد
في مختلف الكتب أنّ له كتاباً في طبقات الرواة وهو ناقص ، ومستندهم في ذلك ما كتبه المحدّث النوري في مستدرك الوسائل ؛ إذ يقول :
«له كتاب في طبقات الرواة ، في جدول لطيف ، غير أنّه ناقص».
وهناك مخطوطة
في أصول الفقه ، يحتمل أن يكون كاتبها (شيخ العراقَين) ، وهي موجودة في (كنسرسيوم
محتواي ملّي ، مسجّلة برقم : ٠٣٦٤١٢ /oai:zakhair.net).
كما أشار آية
الله الأستاذي في مقالة له إلى كتابين آخرين للشيخ ، ونوّه إلى توفّر مخطوطتيهما
حاليّاً ، وهما :
__________________
١
ـ شرح شرائع [الإسلام] للمحقّق الحلّي. توجد نسخة منه في مكتبة مجلس الشورى (انظر : فهرستواره
دست نوشته هاي إيران ، ج ٦ ، ص ٧٩٠).
٢
ـ جواب الطهراني للداماد. وهي رسالة فقهية محفوظة في مكتبة الجامعة.
طبقاً لما
تقدّم فإنّ المؤلّفات التي سطّرها يراع (شيخ العراقَين) ، والتي توصّلنا إليها ،
كالآتي :
١
ـ رسالة عملية.
٢
ـ ترجمة رسالة نجاة العباد.
٣
ـ شرح شرائع المحقّق الحلّي.
٤
ـ طبقات الرواة.
٥
ـ كتاب الإجازات.
٦
ـ باسخ تهراني به داماد (إجابة الطهراني للداماد).
٧
ـ أصول الفقه.
٨
ـ ترجمة رسالة في أحكام الصوم والصلاة.
مكتبة (شيخ العراقَين) في كربلاء :
إنّ من بين
المشاريع القيّمة والمباركة التي قام بها (شيخ العراقَين) المكتبة الزاخرة
بالمخطوطات في كربلاء ، والتي لم يكن الهدف منها مجرّد استفادته
__________________
الشخصية فقط ، بل ترتّبت عليها الكثير من الثمار المباركة من خلال وقفها
بعد ذلك وقفاً عامّاً ، حتّى ورد اسم هذه المكتبة والكتب المتوفّرة فيها مراراً
وتكراراً في الكتب القديمة المعتبرة. وإنّ أشهر شخص اطّلع على بقايا من هذه
المكتبة عن كثب ، وعمد إلى التعريف بها وببعض الكتب المعروفة فيها ، هو الشيخ
الآقا بزرك الطهراني على ما نجده في تضاعيف الذريعة.
وقد نقل عن
السيّد محسن الأمين العاملي ، مؤلّف كتاب أعيان الشيعة ، أنّه تحدّث عن الآقا بزرك الطهراني ، قائلاً :
«عندما كنت
أجوب المدن والبلدان بحثاً عن مصادر ومادّة كتاب أعيان الشيعة ، قصدت مكتبة (شيخ العراقَين) في كربلاء المقدّسة ،
وطلبت من مديرها أن يضع المكتبة تحت تصرّفي لأسبوع واحد ، فقبل ذلك بشرط أن أنزل
ضيفاً عليه مدّة هذا الأسبوع. وفي إحدى الليالي أخبرني أنّ هناك ضيفاً آخر سينضمّ
إلينا ، وكان ذلك الضيف هو الشيخ الآقا بزرك الطهراني ، وقد سبق لي أن سمعت باسمه.
وعندما اجتمعنا وأخذنا نتجاذب أطراف الحديث في مختلف المسائل العلمية ، اتّضح لي
أنّه لم يكن مجرّد مفهرس ، وإنّما يمتلك معلومات واسعة في علوم الفقه والأصول
والفلسفة. ففرحت لذلك كثيراً. وفي بعض الليالي حانت الساعة الرابعة والنصف ؛ فشعرت
بإعياء شديد وغلبني النوم. وبعد أن استيقظت ألفيت الشيخ الآقا بزرك لا يزال
مستيقظاً وهو منهمك بتدوين الملاحظات ؛ فسألته : ألا تنام قليلاً؟ فقال : لا زلت
نشيطاً ولا أجد حاجة إلى النوم. بقينا هناك سبعة أيّام بلياليها ، ولم أجده يأخذ
قسطاً كاملاً ومنتظماً من الراحة ، وكان يقول : لم
نأتِ إلى هنا ابتغاءً للراحة. وعلى الرغم من كوني وافر النشاط والعمل
ولكنّني مع ذلك كنت أغبطه على نشاطه وكثرة اشتغاله».
وقد ورد
التعريف بالكتب في تلك المكتبة في كتاب أعيان الشيعة على النحو الآتي :
«وكان [شيخ
العراقَين] جمّاعاً للكتب ـ خصوصاً المخطوطة منها ـ وله من ذلك مكتبة نفيسة أوقفها
، وقد تلف جملة منها ، وتفرّق باقيها أيدي سبأ ، وكان فيها مجلّدات من رياض العلماء وقد سألنا عنها في زيارتنا العراق سنة (١٣٥٢ [للهجرة])
في كربلاء ؛ فأخبرنا بتلفها واحتراق بعض أجزاء رياض العلماء الذي كان فيها ، وهكذا تذهب آثارنا النفيسة ضحيّة
الإهمال والفوضى».
من خلال البحث
في كتاب الذريعة نشاهد ما يقرب من مائة مورد من موارد الإحالة إلى الكتب
التي وجدها المؤلّف في مكتبة الشيخ عبد الحسين الطهراني في كربلاء ، وهذا الأمر
يحمل دلالة بالغة الأهمّية.
وجاء في كتاب موسوعة طبقات الفقهاء قوله :
«كان [يعني شيخ
العراقَين] جمّاعاً للكتب ـ خصوصاً المخطوطة منها ـ وله من ذلك مكتبة نفيسة
بكربلاء ، ذكرها عدد من المؤرّخين ، منهم : جرجي زيدان في كتابه تاريخ آداب اللغة
العربية. وقد تلف جملة
من كتبها ، وتفرّق باقيها أيدي
__________________
سبأ».
وقال الشيخ
الآقا بزرك الطهراني في كتابه طبقات
أعلام الشيعة : «كانت مكتبة شخصية عظيمة فيها كثير من نفائس الكتب ، فوقفها ولداه الشيخ
علي والشيخ مهدي [سنة] (١٢٨٨ [للهجرة]) ، ثمّ بعد ذلك تفرّقت ، وأرهن بقية هذه
الموقوفة عند الشيخ حسين المازندراني ، ولم تخرج من الرهانة. وهي الآن عند الشيخ
أحمد المازندراني بن حسين المذكور بكربلاء وتفرّق جلّها ، فترى بعضها في القاهرة ،
وبعضها في مكتبة المدرسة الهندية بكربلاء».
وفي مستدركات أعيان
الشيعة ، قال في سياق
التعريف ببعض كتب أحد العلماء الموجودة في مكتبة الشيخ :
«هو السيّد
الميرزا محمّد جعفر بن السيّد محمّد حسين بن الميرزا محمّد مهدي الموسوي
الشهرستاني الحائري من فقهاء كربلاء الأعلام في عصره. رأيت في مكتبة الشيخ عبد
الحسين الطهراني الموقوفة في سنة (١٢٨٨ للهجرة) بعد وفاة صاحبها بعامين عدّة من
رسائل المترجم في جواز البقاء على تقليد الميّت».
كما تمّت
الإشارة إلى هذه المكتبة في مقالة حول الأوقاف الإيرانية في العتبات المقدّسة ،
منشورة في مجلّة (ميراث
جاويدان) أيضاً ، وقد
ورد فيها :
__________________
«لقد ترك
المرحوم الشيخ عبد الحسين الطهراني (م : ١٢٨٦ هـ) الكثير من الموقوفات في العتبات
المقدّسة ... وقد كانت تولية هذه المكتبة تقع على عاتق نجليه الشيخ علي والشيخ
مهدي. وقد احتوت هذه المكتبة على مخطوطات نفيسة وقيّمة ، ومن بينها نسخة حصرية في سيرة الخواجة نصير
الدين الطوسي ، بخطّ كاتب يوناني. وقد سطا لصوص الثقافة على هذا الكتاب وسرقوه من هذه
المكتبة ، وهو محفوظ حاليّاً في المتحف البريطاني. وقد تعرّضت هذه المكتبة لاحقاً
إلى الزوال بسبب إهمال المتولّين عليها ، وتمّ نقل بعض الكتب المتبقّية فيها إلى
المكتبة الجعفرية في مدرسة الهندي في كربلاء».
وقال جرجي
زيدان ، وبتبعه (فيليب دي طرازي) :
«مكتبة الشيخ
عبد الحسين الطهراني : فيها مؤلّفات نادرة الوجود ، وكلّها خطّية وأكثرها بخطّ
مؤلّفيها ، وفيها كتاب العين للخليل ، والمحيط للصاحب بن عبّاد ، وتحرير المجسطي بخطّ خواجة نصير الدين الطوسي ، والتحفة الشاهية وقد قُرئت على مصنّفها ، والتفهيم للبيروني المخطوط في القرن السادس للهجرة ، وليس فيها
من الكتب المطبوعة إلاّ النزر القليل».
__________________
الأمر الآخر
الذي تمّ تجاهله هو أنّ مكتبة (شيخ العراقَين) في كربلاء هي في الحقيقة نتاج
المكتبة التي عكف الشيخ على جمعها في طهران ، ثمّ أخذها معه عند هجرته إلى العتبات
المقدّسة ، وممّا ورد في ذلك :
«جمع في طهران
خزانة جيّدة ، ولمّا جاء العراق جاء بكثير منها ، وأخذ في تزييدها بالنسخ والشراء
وبذل الأموال الكثيرة ، وتحصيل النُسخ النفيسة حتّى صارت أغنى خزانة في العراق.
وأوقفها على القابلين للانتفاع بها وجعل التولية لأولاده وذراريه».
نشاط (شيخ العراقَين) في مقارعة الفرق المنحرفة
(البابية والبهائية) داخل البلاط القاجاري وخارجه
في شتاء عام
(١٢٢٥ للهجرة الشمسية) ، طلب البابيّون مقابلة الملك الإيراني ، فحال (شيخ
العراقَين) دون الاستجابة لهذا الطلب. وقد تزامنت انطلاقة الباب نحو طهران بوفاة
(منوتشهر خان معتمد الدولة) حاكم إصفهان ، الذي كان يحمل في سجلّه إكرام وفادة
وضيافة الباب ، وبعد مجي الحاكم الجديد لم يتلقّ منه الباب الدعم والتعاون الذي
كان يحصل عليه من الحاكم السابق ، بل قام الحاكم الجديد بإرساله إلى طهران تحت
الحراسة. والنقطة الهامّة التي يتمّ تجاهلها ولا
__________________
يُشار إليها إلاّ من طرف خفيّ ، أنّ الشاه نفسه ـ بحسب الظاهر ـ هو الذي
أمر بإحضار الباب إلى طهران. قال (الكونت جوزيف آرثر دي غوبينو) في هذا الشأن :
«طلب السيّد
علي محمّد الباب من محمّد شاه أن يقدّم مع أبرز أتباعه إلى طهران ، وأن يقيم
مناظرة بحضور الشاه وكبار أعضاء المجلس مع جميع علماء إيران ، فإن كانت الغلبة لهم
عليه ـ خلافاً للمتوقّع ـ فإنّه سيسلّم نفسه لإرادة الملك كي يصدر عليه الحكم الذي
يراه. وعندما وصل هذا الطلب مع شكاوى البابيّين وعلماء الدين من شيراز إلى طهران ،
بدا الأمر في الوهلة الأولى وكأنّ الدولة الشاهنشاهية أبدت تعاطفاً مع البابيّين.
وقد وافق الحاجّ الميرزا آقاسي ـ الذي لم يكن ليعترض على الاحتجاجات الدينية ـ على
طلب السيّد علي محمّد بالقدوم إلى طهران ومناظرة العلماء هناك. وحيث كان محمّد شاه
خاضعاً لإرادة الحاجّ لم يبدِ اعتراضاً على هذا الأمر. وكان بعض الدهاة من
الجواسيس يُمنّون النفس بأنّ بعض علماء الدين سيفتضح أمرهم في هذه المناظرة ، وأنّ
بعض التهم المتوجّهة إلى عدد آخر منهم سوف تظهر على الملأ».
لا شكّ في أنّ
السنة الكاملة التي قضاها الباب ضيفاً عند منوتشهر خان ، قد شهدت مفاوضات بين
منوتشهر خان ومحمّد شاه القاجاري ، وحيث كان محمّد شاه يتّصف بنزعة صوفية ، بل
وقام ببعض الأعمال الدعائية للتصوّف ، فإنّ ذلك
__________________
قد شكّل أرضية مناسبة للموافقة على طلب البابية بلقاء الملك. وبطبيعة الحال
كان يمكن لجنوح البلاط نحو البابية أن يشكّل خياراً آخر من الخيارات السيّئة
الأخرى للعصر القاجاري ومتمّماً لنكبات وكوارث ذلك العصر. وكان يكفي أن يأمر محمّد
شاه القاجاري ببناء دور عبادة خاصّة بالبابيّين إلى جانب الخانقاهات التي سبق له
أن أمر ببنائها ، ليكون ذلك بداية لفتنة غشوم لا مثيل لها في التاريخ الإسلامي
لإيران. وهنا برز دور (شيخ العراقَين) ، إذ سارع إلى الاتّصال بالشاه بغية إنقاذ
الوضع والحيلولة دون حصول الكارثة.
وقال (الكونت
جوزيف آرثر دي غوبينو) ـ الوزير الفرنسي المخوّل في إيران إبّان الحقبة الناصرية ـ
ضمن إشارته إلى طلب الباب من محمّد شاه بإقامة مناظرة من قبله ومريديه مع علماء
الدين في العاصمة وفي مجلس الشاه بالتحديد :
«قام الحاجّ
الشيخ عبد الحسين الطهراني ـ وكان رجلاً عاقلاً وكاملاً ـ بمقابلة محمّد شاه
والحاجّ الميرزا آقاسي ، وبيّن لهما مخاطر وأضرار هذه المناظرة بشكل جادّ ،
وأجبرهما على تغيير القرار والخطّة. إنّ الحاجّ الشيخ عبد الحسين الذي كان رجلاً
فقيهاً ومجتهداً ومتديّناً وتقيّاً ، يثق كلّ شخص بفراسته وحكمه الحيادي ، وكان
لذلك محترماً من قبل الجميع ، كان قد قال للملك والوزير وكبار رجال الدولة :
هل تريدون
استبدال الدين الراهن بمذهب جديد لم يتمّ التعرّف عليه إلى هذه اللحظة؟ وأضاف
قائلاً : «إنّ الدولة تعاني حاليّاً من مشاكل وعجز لا تحتاج
معه إلى أن تخلق لنفسها مشكلة جديدة لا ينتج عنها سوى الاقتتال المذهبي. هل
أنتم على ثقة من تبعات ذلك ونتائجه في المستقبل ، ولذلك تقومون بالمساعدة على نشر
هذه العقائد؟ إنّ علماء إيران في مثل هذه الحالة سيخرجون للتصدّي إلى هذه الظاهرة
المنحرفة ، ولن يقتصر تصدّيهم على الباب فقط ، بل ستطال هبّتهم حتّى الدولة التي
يتوقّعون منها أن تقف إلى جانبهم ، ألا تتوقّعون أنّهم يمتلكون مثل هذه السلطة؟
وهل تعلمون ما هي النتائج التي سوف تترتّب على ذلك؟
وباختصار فقد
تركت هذه الكلمات تأثيرها على الحاجّ الميرزا آقاسي وأطراف المناظرة ، واقتنعوا
بها ؛ فقاموا بدورهم بطمأنة الحاجّ الشيخ عبد الحسين بأنّهم سيعملون على منع
الميرزا علي محمّد من المجي إلى طهران ، وأنّهم سيتّخذون الإجراءات اللازمة للعمل
على إسكاته وإسكات أتباعه ومريديه».
لقد كان واضحاً
لفقيه يتمتّع بالفراسة وبُعد النظرة مثل (شيخ العراقَين) بطلان دعوى الباب من خلال
الالتفات إلى مختلف الشواهد والأدلّة ، ومن بينها (التوبة الصريحة) التي أعلنها
الباب نفسه من على منبر شيراز ، بالإضافة إلى الأخطاء الأدبية المضحكة الموجودة في
الألواح الصادرة عنه بشكل واضح. وعليه فإنّ مجيء الباب في حشد من مريديه إلى
العاصمة بذريعة مقابلة السلطان لن يعني سوى منحهم الفرصة لإثبات وجودهم والدعاية
العملية لهم. لا سيّما مع
__________________
وجود شعور بوجود أيد خفيّة من داخل السلطة والجهاز الحاكم ، من أمثال :
حاكم إصفهان (منوتشهر خان معتمد الدولة) ، الذي كان يحمل غايات سياسية تدعوه إلى
إثارة الفتنة بغية الاصطياد في المياه العكرة.
فتنة البهائية في العتبات المقدّسة :
في إطار سياسة
القضاء على البابية من قبل السلطات الإيرانية في عهد (ناصر الدين شاه القاجاري) ،
هربت جماعة منهم إلى بغداد ، وكان بين الهاربين شخصان على شهرة أكبر من الآخرين ،
وهما : الميرزا حسين علي النوري المعروف بـ : بهاء الله ، والميرزا يحيى النوري
المعروف بـ : صبح الأزل. وكان الميرزا يحيى النوري بناء على كلام بعض البابية :
أوّل شخص تمّ تنصيبه من قبل علي محمّد الباب وصيّاً له ، وبحسب تصريح الكونت آرثر
دي غوبينو في كتابه الأديان
والفلسفات في آسيا الوسطى ، وإدوارد براون في مقدّمة نقطة الكاف ، لـ : الميرزا جاني الكاشاني ، كأنّ عموم البابية قاطبة
قد عرفوا [الميرزا يحيى النوري]بوصفه صاحب هذا المقام ، وأنّه مفترض الطاعة ، وأنّ
أوامره واجبة الامتثال.
لُقّب الميرزا
يحيى النوري من قبل علي محمّد الباب بـ : صبح الأزل ، وكان في أيّام البابية يعيش
في مدينة نور من أعمال محافظة مازندران ، وبعد محاولة
__________________
اغتيال الشاه ، تنكّر على هيئة درويش وخرج من إيران متّجهاً إلى بغداد.
وبعد ذلك بأربعة أشهر تمّ إطلاق سراح أخيه الميرزا حسين علي النوري من السجن بطلب
من القنصل الروسي وغيره بعد اعتقاله مع آخرين من البابية في قضية اغتيال ناصر
الدين شاه ، ثمّ أخرج من إيران برفقة خادم من القنصلية وموظّف في الحكومة
الإيرانية ، ليلتحق في بغداد بأخيه صبح الأزل وآخرين. وبذلك أصبحت بغداد معقلاً هامّاً
للبابية ، وأخذت أعدادهم تتزايد هناك يوماً بعد يوم. وفي مستهلّ الإقامة في بغداد
كان هناك إجماع على تأدية فروض الطاعة لـ : صبح الأزل على نحو ما كان في السابق ،
بَيْدَ أنّ الميرزا حسين علي النوري من خلال اتّباع سياسة فرض الاحتجاب على صبح
الأزل ، والقيام على شؤون البابية بنفسه ، أخذ يعمل على تعزيز موقعيّته ومكانته ،
فكان يحجب صبح الأزل عن الأنظار ، ويرسله على الدوام إلى السياحة والسفر ، وبذلك
فقد تولّى بنفسه زعامة وقيادة البابية من الناحية العملية. وبالإضافة إلى ذلك حيث
بدأت تُسمع همهمات جديدة بين أصحاب الباب ، وكان الميرزا حسين علي النوري نفسه
يخطّط لأمر يجيله في دخيلته ، بادر إلى قمع المنافسين له بشدّة ، وأخذ يشيع سياسة
الفوضى والاغتيالات. ممّا أدّى إلى ارتفاع وتيرة الفساد والهرج والمرج في صفوف
البابية. وفي الوقت نفسه نشبت نزاعات بين المسلمين والبابية في بغداد ، وكانت
أسباب هذه النزاعات تعود إلى الممارسات القبيحة والخاطئة للبابيّين في أيّام محرّم
الحرام.
__________________
يعود تاريخ
ميلاد علي محمّد الباب إلى اليوم الأوّل من شهر محرّم ، وقد أصبح هذا اليوم يوماً
مقدّساً وعيداً رسميّاً عند البابية ، وكذلك عند البهائية لاحقاً. فكانوا لذلك
يحيون هذا اليوم بإقامة مجالس الفرح والسرور ، وكانوا يبيحون لأنفسهم ارتكاب جميع
أنواع الشهوات والمتع في ذلك اليوم. ومن ناحية أخرى كان هذا اليوم يوم عزاء ومأتم
عند الشيعة ، حيث يقيمون مجالس العزاء والبكاء. وعلى الرغم من ذلك ، تجمّع
البابيّون في مثل هذا اليوم في حديقة في بغداد عُرفت بينهم بحديقة الرضوان ،
وأحضروا معهم من جميع أنواع المأكولات والمشروبات وأدوات اللهو واللعب والملذّات ،
وأخذوا يظهرون الفرح على نطاق أوسع ممّا كانوا يظهرونه في الأعوام السابقة ،
وقاموا ينشرون الفرح ويتظاهرون بالسكر والعربدة. وقد أدّت هذه الوقاحة ـ بطبيعة
الحال ـ إلى إثارة حفيظة المسلمين بشدّة ، إلى الحدّ الذي لم يجرؤ البابيّون بعدها
على الظهور في المعابر والمحافل العامّة.
مواجهة (شيخ العراقَين) للبهائية في العتبات المقدّسة :
إنّ هذه الفوضى
المتفشّية استدعت تدخّلاً من الحكومة الإيرانية والسلطات العثمانية ، واقترن ذلك
بوجود (شيخ العراقَين) رحمهالله في العراق. وكان ممثّل إيران في حينها هو الميرزا بزرك
خان. وكان الناس ينقلون له أخبار الوقائع. وكان بدوره يستشير الشيخ ، وليست هناك
حاجة إلى السؤال عن طبيعة الموقف
__________________
الذي يتّخذه شخص مثل (شيخ العراقَين) في هذه المسائل. وقد تركت مفاوضات
الشيخ تأثيرها واتّخذ القرار الحاسم بإجلاء هذه الجماعة الضالّة والمنحرفة إلى
تركيا ، وبذلك تجلّت عظمة الشيخ ، التي لم يقتصر تأثيرها على البلاط الإيراني فحسب
، إذ امتدّ هذا التأثير حتّى إلى الدولة العثمانية ، ولم يكن انقيادها لآراء الشيخ
بأقلّ من انقياد البلاط الإيراني. وبالتالي فقد عبّرت السلطات العثمانية عن رغبتها
بالتعاون ، وصدر الحكم من السلطات العثمانية ، وتمّ جمع كافّة البابيّين وإيقافهم
في حديقة نجيب باشا لـ : اثنتي عشرة ليلة ، ثمّ تمّ إجلاؤهم من طريق الموصل وحلب
والإسكندرية إلى إسطنبول.
وقد عمد شوقي
أفندي في كتابه القرن
البديع ـ ضمن إشارته
إلى جهود الشيخ في إجلاء البهائيّين من العتبات المقدّسة ـ إلى مهاجمة الشيخ الذي
تسبّب بعملية نفيهم ، وقد استعمل في حقّ الشيخ أقذع أنواع السباب والشتائم ، بحيث
يمكن لكلّ شخص سليم الطويّة أن يدرك من خلالها تفاهة وخواء ماهيّة هذه الفرقة. ولا
ريب في أنّ بهاء الله ـ زعيم البهائيّين ـ عندما لا يرعوي عن استخدام الكلمات الفاحشة
ضدّ خصومه ومناوئيه ، فإنّه بذلك يعدّ أرضيّة خصبة لإثارة المزيد من السخرية
بالدعوة التي تزعّمها. وفيما يلي ننقل من كتاب القرن البديع المقطع المرتبط ببحثنا :
«لم يعد الصراع
بين سناء مجده الصاعد وقوى التعصّب الديني الغاشمة يحتمل التأجيل ولا الإرجاء ، خاصّة
وأنّه أصبح يُقيم على مقربة من معاقل الشيعة ،
__________________
وأصبح يتّصل كلّ يوم اتّصالاً مباشراً بالزوّار المتعصّبين المتدفّقين على
المزارات المقدّسة في النجف وكربلاء والكاظمين. وكان كلّ ما يتطلّبه الموقف شرارة
واحدة لتشعل تلك المادّة السريعة الالتهاب ، ونعني بها الأحقاد والحزازات والمخاوف
التي أثارها استئناف البابيّين لنشاطهم. ولقد تكفّل بإشعال هذه الشرارة رجل يُدعى
الشيخ عبد الحسين ، وهو شيخ لئيم عنيد لم يفُق حسده الشديد لحضرة بهاء الله إلاّ
قدرته على إثارة القلاقل والفتن بين ذوي المناصب العالية وبين سفلة القوم من العرب
والعجم الذين كانت تزدحم بهم الشوارع والأسواق في الكاظمين وكربلاء وبغداد. وقد
وصفه حضرة بهاء الله في ألواحه بـ : الخسيس ، والدسّاس ، والخبيث ، الذي جرّد سيف
نفسه على وجه الله ، ووسوس الشيطان في نفسه ، والذي يفرّ الشيطان عن كفره ،
والفاجر ، وما من ظلم وما من فسق إلاّ وقد بدأ من هذا الشقي وسيعود كلّ ذلك إليه.
وكان الصدر الأعظم يريد التخلّص من هذا المجتهد المزعج ؛ فكلّفه الشاه بالتوجّه
إلى كربلاء ؛ ليصلح من شأن الأماكن المقدّسة فيها. فانتهز الفرصة وتحالف مع ميرزا
بزرك خان قنصل إيران العامّ الجديد. فوقع هذا تحت تأثير ذلك المتآمر الخسيس ،
وأصبح أداة طيّعة لمكائده وخططه. وقد جمع بينهما الاتّجاه إلى النوايا الشرّيرة».
وقد أشار محمّد
علي فيضي ـ الكاتب والمبلّغ البهائي المعروف ـ إلى مساعي البهاء والبابيّين في
العراق ، ومعارضة الشيعة والسنّة في تلك البقاع ، قائلاً :
«كان انتقال
الشيخ عبد الحسين ـ المجتهد الشهير ـ إلى العتبات المقدّسة
__________________
بداعي إعمارها ، قد أدّى إلى إثارة العصبيّات الجاهلة لعوامّ الناس ،
واتّفق مع الميرزا حسين خان سبهسالار ممثّل إيران في البلاط العثماني على استرضاء
السلطان العثماني بنقل بهاء الله وأتباعه إلى إسطنبول ، فوصل كتاب السلطان إلى
نامق باشا فأرسل كاتبه لإبلاغ البهاء به ، فأعرب البهاء عن استعداده للتوجّه إلى
إسطنبول».
وقال مؤلّف
كتاب مقال
مختصر حول المذهب البهائي في الصفحة التاسعة والعشرين منه :
«بتأثير من
جهود الشيخ عبد الحسين الطهراني المعروف (بشيخ العراقَين) ومؤيّديه الميرزا سعيد
خان وزير الشؤون الخارجية و ... تمّ إبعاد البهاء ـ بعد اثنتي عشرة سنة من الإقامة
في بغداد ـ مع أسرته إلى إسطنبول ... إلخ».
وعلى حدّ تعبير
آواره ـ وهو المُبلّغ البهائي الشهير الذي عاد إلى الإسلام لاحقاً ، وألّف كتاب كشف الحيَل ضدّهم ـ فقد اعتبر الشيخ عبد الحسين اجتثاث البابية
والبهائية فرضاً عليه ، وكان على رأس العلماء المقيمين في العتبات المقدّسة
نشاطاً في مناوءة حسين علي البهاء ، وكان يمارس نشاطاً كاملاً في
__________________
مخالفة بهاء الله .
إنّ نشاط (شيخ
العراقَين) قد أثار عليه حقد قادة مسلك الباب والبهاء. إلى الحدّ الذي قام معه
حسين علي البهاء بإصدار لوح باسم الشيخ هاجمه فيه ووصفه بـ : الغافل المرتاب
والعنصر المكّار! كما تعرّض شوقي أفندي ـ وهو نجل سبط البهاء وخليفة عبّاس أفندي ـ
في قائمة سباب له تحت عنوان لوح
القرن ، لوصف الشيخ
مراراً وتكراراً بألفاظ جارحة ، من قبيل : الشيخ الخبيث والمردود في الدارين
ومبغوض الثقلين. من الواضح أنّ الذي ينذر حياته في سبيل الإسلام لن يضرّه هذا
الكلام شيئاً ، بل إنّ استياء الأعداء من هؤلاء الأشخاص يُعدّ فضيلة يعتزّون بها ،
ولا يخفى ما في ذلك من الدروس والعبر في عصرنا الراهن ، فحيث يقوم المؤثّرون
والنافذون في كلّ مجتمع بأداء في الأمور التنفيذية ، ويستدعي ثناء الأعداء عليهم ،
فإنّهم بذلك يلعبون دور البيادق الحيوية للأعداء سواء علموا بذلك أو لم يعلموا ،
ويجب أن يشكّل هذا المديح والثناء جرس إنذار لهم ولأتباعهم وأفراد حاشيتهم.
جهود الشيخ في بناء العتبات المقدّسة في العراق :
لقد تمخّض
استشهاد أمير كبير ـ صديق (شيخ العراقَين)
رحمهالله
، وأكبر رفاق
دربه وحُماته ـ عن أحداث مريرة في تاريخ إيران وشعبها. لا شكّ في أنّ الطاغية الذي
لا يتورّع عن سفك دم مثل دم أمير كبير ، لن يتحمّل بقاء وصيّه إلى جواره.
__________________
ومن هنا نشاهد سعياً من البلاط ، إلى العمل على إبعاد الشيخ من جواره. لقد
أدرك ناصر الدين شاه أنّ قتل المعارضين من أمثال أمير النظام ليس هو الخيار الأمثل
دائماً لمكافحة الأفكار المخالفة والتيّارات المعارضة. وأنّ إعادة سيناريو حمّام
فين كاشان بحقّ (شيخ العراقَين)
رحمهالله
وأمثاله ، لم
يكن ليحمل أيّ فائدة لبلاط متداع مثل البلاط القاجاري. لأنّ الدعامة الشعبية التي
يتمتّع بها العلماء الربّانيّون ، تعدّ من الحصون العظيمة التي لا قبل لأيّ طاغية
على الاقتراب منها. ومن هنا صار البلاط إلى خطّة بديلة يضرب بها عصفورين بحجر واحد.
حيث عمد ناصر الدين شاه إلى إبقاء (شيخ العراقَين) [الذي كان قد ذهب إلى العراق
لأسباب سنأتي على ذكرها] في العتبات المقدّسة ، للإشراف على بعض أعمال عمارة
العتبات والقباب والمنارات لمراقد الأئمّة المعصومين
عليهمالسلام
التي تعرّضت
للتخريب والتدنيس إثر هجمات الوهّابيّين ، فضمن للشيخ بذلك نفياً محترماً إلى
العراق الذي كان في حينها خاضعاً للسيطرة العثمانية.
أسباب هجرة (شيخ العراقَين) إلى العتبات المقدّسة :
بعد أن رسّخ
الميرزا آقا خان النوري ـ الصدر الأعظم في سلطة ناصر الدين شاه ، إثر عزل أمير
كبير من هذا المنصب ، وكان له تأثير كبير في إقالة أمير كبير وقتله ظلماً ـ دعائم
سلطته ، أخذ يستهدف أنصار أمير كبير ، ولم يترك فرصة إلاّ واغتنمها في مطاردتهم
والتنكيل بهم والإجهاز عليهم. وكان الشيخ عبد الحسين
__________________
الطهراني رحمهالله
من بين الذين
نالوا قسطهم من حقد وعداوة الميرزا خان النوري ، وكما يلوّح من خلال التاريخ ،
فإنّ مهمّة الشيخ الطهراني في إعمار العتبات المقدّسة للأئمّة الأطهار
عليهمالسلام
في العراق ،
كانت تمثّل صيغة محترمة للنفي والإبعاد.
قال شوقي أفندي
البهائي ، الذي كان صدره ـ مثل سائر البهائيين ـ مشحوناً بالحقد على الشيخ
الطهراني : «وكان الصدر الأعظم [الميرزا آقا خان النوري]يريد التخلّص من هذا
المجتهد المزعج ؛ فكلّفه الشاه بالتوجّه إلى كربلاء ؛ ليصلح من شأن الأماكن
المقدّسة فيها».
وفي فهرس التراث ، تمّ نقل صيغة هذا النفي على النحو الآتي :
«وعاد إلى
طهران فأصبح زعيماً دينيّاً كبيراً في طهران ، له مرجعية عظيمة وعارض ناصر الدين
شاه القاجاري ، وتخلّص منه [الأخير] بتكليفه تذهيب قبّة الإمامين العسكريّين في
سامرّاء».
إنّ المرّة
الأولى التي توجّه فيها الشيخ إلى العتبات المقدّسة بعد مقتل أمير كبير ، كان
سببها كما صرّح الشيخ نفسه بذلك على ما ذكره صاحب كتاب (تكملة أمل الآمل) بقوله : سمعته [يعني : شيخ العراقَين] يقول للسيّد
الوالد (قدّس الله سرّهما) :
«إنّي إنّما
تركت طهران وجئت إلى العتبات ؛ لأنّي استشكلت في جملة من المسائل العلمية الفقهية
، ولم يكن هناك من أذاكره في حلّ تلك المسائل
__________________
المشكلات وتحقيق تلك المعضلات ، وعهدي بالعراق أنّه مجمع أهل الفضل ، فقصدت
أوّلاً وبالذات مذاكرة الفضلاء في تلك المعضلات وثانياً تعمير المشاهد المشرّفة».
ومن هنا يتّضح
ويفهم من كلام الشيخ أنّه لم يخرج أوّل الأمر من إيران بفعل ضغوط مورست عليه ،
وإنّما كان دافع ذهابه إلى العتبات المقدّسة ـ على ما يبدو ـ هو إكمال مراتبه
العلمية ، وقام في الوقت نفسه بالحفاظ على أموال أمير كبير ، وإنفاقها في بعض
الأمور التنفيذية الضرورية ، وعندما وجد الفرصة مؤاتية ، عمد بفراسته الخاصّة
والمعهودة منه إلى إدخال البلاط الإيراني ومليكه غير الكفوء في بلبلة ، واستثمر
الثروات الخاصّة والحكومية ـ التي كان من المقرّر أن تنفق في نهاية المطاف على
المجون والملذّات المحرّمة أو السفر والانتجاع في المدن والعواصم الغربية ـ لبناء
وعمارة العتبات المقدّسة التي تمثّل صرحاً هامّاً لعالم التشيّع ، وفيما يتعلّق
بهذا التدبير الحكيم من قبل الشيخ الطهراني ، نجد مؤلّف كتاب (روح وريحان) ، قد كتب في هذا الشأن :
«لقد اتّبع [الشيخ
الطهراني] سياسة في بناء وعمارة المراقد المطهّرة للأئمّة الأطهار
عليهمالسلام
بحيث عمد إلى
تحريك وتحفيز هذه الدولة الخالدة ، لتشرف على جميع المصارف والنفقات اللازمة لبناء
هذه العتبات السامية ، حتّى أنفقت على مدى الشهور والأعوام ما يقرب من خمسمائة ألف
تومان من خزينتها العامرة
__________________
والبهيّة».
هجرة (شيخ العراقَين) :
كان حجم الخراب
الذي طال العتبات المقدّسة في العراق كبيراً جدّاً ، إلى الحدّ الذي استمرّ الناس
معه في عملية الإعمار على مدى نصف قرن من الزمن بعد هجوم الوهابية ، قبل أن يصل
(شيخ العراقَين) إلى العراق قادماً من إيران لمواصلة هذه العملية. في هذه الفترة
بالتحديد كان الشيخ قد شدّ الرحال إلى العراق للإشراف على عملية رئيسة لعمارة
العتبات المقدّسة ، رغم أنّ هذه الرحلة كانت ـ كما سبق أن ذكرنا ـ تستبطن نفياً
وترحيلاً قسريّاً للشيخ من إيران. وعلى كلّ حال كانت هذه الرحلة أو الترحيل فرصة
مغتنمة بالنسبة إلى الشيخ ، حيث قام باستثمارها في الإشراف ومباشرة العمل على
إعادة إعمار العتبات المقدّسة ، واستئناف دراسة معمّقة للعلوم الدينية في الحوزة
العلمية في العراق ، حيث كانت تعدّ آنذاك من أهمّ المراكز والمعاقل العلمية للشيعة
في العالم.
الدولة العثمانية و (شيخ العراقَين) :
إنّ النفوذ
العلمي والتأثير الروحي الذي كان يتمتّع به (شيخ العراقَين) [في العراق] كان قد
بلغ حدّاً بحيث لم تجد الدولة العثمانية معه بدّاً من اعتباره واحداً من قادة
التشيّع على أرضها. فقد كانت الدولة العثمانية تبدي احتراماً خاصّاً لشيخ
__________________
العراقَين رحمهالله
، وكان ولاة
العراق وحكّامه يحترمونه ويجلّونه كثيراً.
وقد كتب آية
الله الأستادي في هذا الشأن :
«لقد كان
المرحوم الطهراني منذ عهد محمّد شاه القاجار وحتّى عهد ناصر الدين شاه [القاجاري]
يُعدّ واحداً من أكبر علماء طهران في تلك الحقبة. وقال بعض : كان الشيخ من أوجه
العلماء طُرّاً إذا ما استثنينا الحاجّ المولى علي الكني. وبعد أن حصل الشيخ على
ثلث أموال أمير كبير ، وحظي بدعم مالي كبير من قبل ناصر الدين شاه ، تقرّر أن
يتصدّى لعمارة وبناء العتبات المقدّسة في العراق. وقد حظي بمنزلة ومكانة عظيمة عند
الحكّام العثمانيّين ؛ إذ كان يتمّ الرجوع إليه في مختلف الأمور ، وبالتالي فإنّه
كان يتمتّع بالسؤدد حتّى فيما بينهم ، وتمّ تلقيبه لذلك [من قبل الدولة العثمانية]
بـ : (شيخ العراقَين)».
منجزات (شيخ العراقَين) في العتبات المقدّسة :
لا نمتلك
معلومات دقيقة فيما يتعلّق بالتسلسل التاريخي للمشاريع التنفيذية لشيخ العراقَين
في العتبات المقدّسة ، وإن أمكن تحديد بعض التواريخ من خلال التتبّع والتدقيق في
بعض المعطيات ، ولكن حيث إنّ أغلب المشاريع التنفيذية التي قام بها الشيخ في فترة
ستّة عشر عاماً من إقامته في العتبات المقدّسة
__________________
كانت تجري في مختلف المدن المقدّسة بشكل متزامن قطعاً. من هنا لا نجد ضرورة
إلى بيان تلك المنجزات على أساس الترتيب والتسلسل الزمني.
بناء مدرسة الصدر :
ورد في كتاب أعيان الشيعة أنّ الميرزا النائيني عندما جاء إلى كربلاء لزيارة
المرقد الطاهر ، أقام ـ طبقاً لتقليد أسلافه الزاهدين من علماء الدين ـ في حجرة من
حجرات هذه المدرسة :
«كان [الميرزا
النائيني] عالماً فقيهاً أصوليّاً حكيماً عارفاً أديباً متقناً للأدب الفارسي ،
عابداً مدرّساً مُقلَّداً في الأقطار. ويقال : إنّه كان كثير العدول عن آرائه
السابقة. رأيناه بالنجف أيّام إقامتنا بها من سنة (١٣٠٨) إلى سنة (١٣١٩ [للهجرة])
وكان في تلك المدّة منحازاً عن الناس إلاّ ما قلّ ، ورأيناه مرّة في كربلاء جاءها
للزيارة ؛ فنزل في مدرسة الشيخ عبد الحسين الطهراني في الطابق السفلي».
ذكر المرحوم
المدرّسي : بعد أن اتّضح أنّ أمير كبير قد أودع أمواله عند الشيخ
، قال الصدر الأعظم الميرزا آقا خان النوري للشيخ : «ألا تمنحنا حبوة من ذلك»؟
فقال الشيخ : «سوف أهديك شيئاً من الباقيات الصالحات ، وسوف أبني مدرسة [باسمك] في
كربلاء». وبهذه الحيلة تخلّص الشيخ من سطوة أطماع
__________________
الميرزا آقا خان النوري. وبطبيعة الحال كان هناك من الأشخاص من يعرف
المدرسة باسم الصدر الأعظم النوري ، بيد أنّها كانت تعرف في الأعمّ الأغلب بمدرسة
الصدر.
طبقاً لهذه
الرواية يكون الشيخ قد تمكّن ـ بفراسته الكاملة ـ من تسمية مدرسة كربلاء باسم
الصدر ليتخلّص من جهة من الميرزا آقا خان ، ولا يتّضح في الوقت نفسه ما إذا كان
المعني بالصدر هو الصدر الأعظم الميرزا آقا خان [المشارك في قتل أمير كبير] ، أو
الصدر الأعظم أمير كبير [المقتول] وبذلك يكون قد ترك صدقة جارية لأمير كبير ،
وتخلّص في الوقت نفسه من شرور الميرزا آقا خان.
وقد ورد في رحلة سيف الدولة بشأن المشاريع العمرانية التي أشرف عليها الشيخ في
كربلاء المقدّسة ، ما يلي :
«في تلك الفترة
حيث تعرّضت المراقد المطهّرة للخراب ، توجّه الشيخ عبد الحسين الطهراني بمهمّة من
قبل ناصر الدين شاه ، وقام ببعض أعمال العمارة هناك. ومن جملة ما قام به : إزالة
القبّة المطهّرة ، وإعادة بنائها مجدّداً ، وأعاد إليها طلاءها القديم. وأعيد بناء
حجرات الصحن المطهّر من جديد. وتمّ إعمار الفناء الداخلي من الحرم. وعمل على توسيع
الناحية الغربية من الصحن الشريف شيئاً ما ، وتمّ إحداث أيوان كبير في وسطه ...
إلخ».
وفي كتاب تاريخ كربلاء والحائر
الحسيني ، ضمن بيان
مختلف المشاريع
__________________
المنجزة على مدى العصور في الحائر الحسيني ، يقول في الختام :
«أمّا التذهيب
الثالث للقبّة السامية فإنّه كما تجده مكتوباً على القسم الأسفل من القبّة السامية
فوق الشبابيك المطلّة على داخل الروضة بسطر من ذهب في ضمن الآيات القرآنية
المكتوبة في الكتيبة حول القبّة ، وكذلك توسيع الصحن من ناحية الغرب وتشييد الجامع
الناصري العظيم فوق الرأس ، فكان ذلك كلّه على عهد ناصر الدين شاه حفيد (فتح علي
شاه) ، وذلك في أوائل الربع الأخير من القرن الثالث عشر الهجري ، أي قبل ما يُقارب
التسعين سنة.
وذلك أنّ الشاه
في سنة (١٢٧٦ للهجرة) وجّه كبير علماء إيران المرحوم الشيخ عبد الحسين الطهراني
رحمهالله
بأموال طائلة
إلى كربلاء لإجراء ما يلزم للعتبات المقدّسة من الإصلاح والتجديد والتعمير كما
جاءت خلاصة ذلك في تحفة
العالم : في سنة (١٢٧٦ [للهجرة]) جاء الشيخ عبد الحسين
الطهراني إلى كربلاء بأمر السلطان ناصر الدين القاجاري وجدّد تذهيب القبّة
الحسينية وبناء الصحن الشريف وبناء الأيوانات بالقاشاني الملوّن ، وتوسعة الصحن من
جانب فوق الرأس المطهّر. ولمّا فرغ من ذلك مرض في الكاظمين ، وتوفّي سنة (١٢٨٦ [للهجرة])
ونقل إلى كربلاء.
وهناك مسجد في
حرم أبي عبد الله الحسين عليهالسلام منسوب إلى الشيخ ، ويبدو أنّه كان يؤمّ صلاة الجماعة فيه
:
«قصدت مسجد
جناب العلاّمة الفريد الشيخ عبد الحسين الطهراني
قدسسره
__________________
الواقع في سمت الرأس».
وعلى كلّ حال
يمكن فهرسة المنجزات الرئيسة المسجّلة في حرم سيّد الشهداء ومرقد أبي الفضل
العبّاس عليهماالسلام
على النحو
الآتي :
١ ـ شراء ما
يقرب من ألف ذراع من البيوت المحيطة بالحرم وتجريفها وإلحاقها بالحرم.
٢ ـ بناء
الحجرات التحتية والفوقية حول الصحن الشريف ، للزائرين بقصد الإقامة والاستراحة.
٣ ـ إزالة
القبّة القديمة ونصب قبّة جديدة أكثر إحكاماً مع إعادة الطلاء القديم ـ طبقاً لما
جاء في رحلة
عضد الملك ـ ويحتمل أن يكون قد طلاها بطلاء جديد على ما جاء في
كتاب ناسخ
التواريخ.
٤ ـ بناء الصحن
الشريف وبناء الأيوانات بالقاشاني الملوّن.
٥ ـ بناء أيوان
كبير وسط الصحن الشريف.
٦ ـ القيام
بمختلف أنواع العمارة في الفناء الداخلي من الحرم المطهّر.
٧ ـ إعادة بناء
الحجرات حول الصحن الشريف.
٨ ـ مختلف
أنواع الإصلاح والعمارة في المرقد المقدّس لأبي الفضل العبّاس
عليهالسلام.
__________________
٩ ـ بناء مقبرة
بأمواله الخاصّة في حياته حول الصحن المطهّر في الحجرة المتّصلة بالباب السلطاني ،
حيث دفن هناك بعد وفاته.
١٠ ـ مسجد في
الجزء الواقع فوق جهة الرأس الشريف لأبي عبد الله الحسين
عليهالسلام
، وكان هذا
المسجد معروفاً باسمه.
منجزات (شيخ العراقَين) في الكاظمية :
ورد في بيان
المشاريع المنجزة في العتبة الكاظمية ما يلي :
«وفي عام (١٢٧٠
للهجرة) ، أرسل ناصر الدين شاه القاجاري ملك إيران أحد علماء عصره المعروفين وهو
الشيخ عبد الحسين الطهراني المشتهر بلقبه (شيخ العراقَين) إلى العراق ؛ للإشراف
على تنفيذ مخطّط عمرانيّ واسع للعتبات المقدّسة من تجديد وإصلاح وتجميل ، وخوّله
التخويل الكامل في الصرف والتصرّف.
وبدأت الأعمال
العمرانية في المشهد الكاظمي سنة (١٢٨١ للهجرة) بعد انتهاء أعمال العمران في كربلاء
وسامرّاء. وكان من جملة ما حصل عليه المشهد إحكام أسس جدرانه من قعرها المتّصل
بالماء إلى الأعلى ، وتجديد الواجهة الخارجية من جدران الحرم ، وتغشية الجدران
بالقاشاني ، وتأسيس دكّتين كبيرتين أمام الحرم متّصلتين به من جهتيه الجنوبية
والشرقية وتبليطهما بالمرمر ، وبناء مداخل في أطراف هاتين الدكّتين لإيداع
الزائرين أحذيتهم وأماناتهم فيها.
ثمّ تمّ اختيار
الدكّة الشرقية لرفع سقف عليها يقوم على اثنين وعشرين
عموداً خشبيّاً ، وأطلق على المجموع اسم طارمة باب المراد.
ثمّ ذُهِّب
الأيوان الكبير الواقع في وسط (الطارمة) الشرقية بما زاد من الذهب الذي ذُهِّبت به
قبّة العسكريّين عليهماالسلام
في سامرّاء ،
وانتهى العمل في كلّ ذلك سنة (١٢٨٥ للهجرة)».
وجاء في كتاب
تاريخ الإمامين
الكاظمين لمؤلّفه :
جعفر النقدي ، المطبوع في بغداد ، ما مضمونه :
«تنفيذاً لأمر
ناصر الدين شاه القاجاري ، تمّ في سنة اثنين وثمانين ومائتين وألف للهجرة تذهيب
الأيوان الشرقي للصحن الكاظمي بما فضل من ذهب القبّة في سامرّاء. وقد أنجز ذلك قبل
زيارة الملك القاجاري إلى العتبات المقدّسة. كما تمّ إعمار وترميم السُقُف
والمرايا وزخارف الحرم الشريف ، وتمّ تغليف الجدار الخارجي والرواق بالقاشاني ...
إلخ».
وجاء في هذا
الكتاب أيضاً ما مضمونه :
«في عام ثلاثة
وثمانين ومائتين وألف للهجرة أمر ناصر الدين شاه القاجاري بنصب ضريح من الفضّة فوق
الضريح الفولاذي ، وخطّوا كتيبات الحرم والأماكن الخاصّة من رواق الكاظمين بالذهب
، وفي سنة سبعة وثمانين ومائتين وألف للهجرة زار الملك القاجاري العتبات المقدّسة
، وقد أرّخ المؤرّخون هذه الزيارة بعبارة : «تشرّفنا بالزيارة ١٢٨٧» ، وأتمّ تكميل
عمارة الصحن والحرم
__________________
الكاظمي ، وأعطى العلماء وخازن المفاتيح والعاملين في المرقد الكاظمي هبات
كثيرة من الذهب والفضة ... إلخ».
المشاريع الواسعة لشيخ العراقَين في سامراء :
ربّما أمكن
تصوير ذروة منجزات الشيخ في سامرّاء والتي قام بها في آواخر عمره الشريف من خلال
ما ورد في رحلة
عضد الملك بوصفها مصدراً
هامّاً للتعريف بهذا الجانب من منجزات الشيخ
رحمهالله.
في أواخر عام
(١٢٨٣ للهجرة) أرسل عضد الملك من قبل ناصر الدين شاه لحمل السبائك الذهبية الخاصّة
بالقبّتين الطاهرتين للإمامين العسكريّين (الإمام علي الهادي والإمام الحسن
العسكري عليهماالسلام) ، وتحويلها إلى الشيخ عبد الحسين الطهراني (شيخ
العراقَين) في العتبات المقدّسة.
لقد كتب ناصر
الدين شاه في موضع من نصّ خطابه إلى (عضد الملك) :
«حيث صنعت
سبائك الذهب لجهة القبّة المنوّرة والمطهّرة للإمامين العسكريّين ـ صلوات الله
وسلامه عليهما ـ فإنّنا لما نلمسه فيك يا ابن الكرام من الأمانة والدين ، نوكل
إليك بوصفك مقرّب الخاقان والسلطان أمر حمل هذه السبائك ، مع تفويضك في حملها على
أتمّ أوجه النظم والصحّة ، وتحويلها في الكاظمين إلى مستطاب الفضائل وصاحب الفوائد
والإفاضات والحائز على
__________________
الحقائق والمعارف وقدوة العلماء وزبدة الفقهاء مجتهد العصر والزمان شيخ
المشايخ العظام الشيخ عبد الحسين ـ سلّمه الله تعالى ـ وإذا رأيت في طريقك تقصيراً
أو خلافاً من الخدم والجنود والموظّفين ، لك كامل التخويل والإذن في معاقبتهم بما
يستحقّون. والمطلوب هو أنّ تتعهّد بإنجاز هذه المهمّة على الوجه الأتمّ والأصحّ».
وقال حسن الأمين
مؤلّف دائرة المعارف الإسلامية الشيعية في بيان صفة القبّة المطهّرة للعتبة
المقدّسة في سامرّاء :
«إنّ قبّة الإمامين [العسكريّين] مطليّة
بالذهب الذي تبرّع به السلطان ناصر الدين شاه القاجاري ، وذلك سنة (١٢٨٥ هـ) ، كما
هو مكتوب على القبّة نفسها. وهذه القبّة من أكبر قباب الأئمّة في جميع أنحاء
العالم الإسلامي حيث يبلغ محيطها (٦٨) متراً ، وقطرها (٢٢) متراً و (٤٣) سنتمتراً.
كما يبلغ عدد طابوق الذهب الملصوق بها (٧٢٠٠٠) طابوقة ، وبالجهة الجنوبية من
الحضرة تقع منارتان مُغشّاتان بالقاشاني الأزرق ، يبلغ ارتفاع كلّ واحدة منهما من
الأرض إلى فوق (٣٦) متراً. وأمّا من سطح الحضرة فيبلغ (٢٥) متراً ، وفي داخل الصحن
يوجد (٤٥) إيواناً ، (١٦) من الغرب ، و (٩) من الجنوب ، و (٢٠) من الشرق».
وجاء في كتاب مآثر الكبراء ما يلي :
«رأيت بخطّ
العلاّمة السيّد حسين القزويني الحائري آل صاحب الضوابط ،
__________________
قال : حدّثني العالم الفاضل الشيخ أحمد نجل العلاّمة حجّة الإسلام الشيخ
عبد الحسين الطهراني المعروف بـ : (شيخ العراقَين) ، قال : كنت في عنفوان شبابي مع
والدي المرحوم بـ : (سُرّ من رأى) حين أرسله السلطان ناصر الدين شاه لتذهيب القبّة
المطهّرة ، فبينما هو ناظر في هذا الأمر الخطير وكنّا في خدمته وطوع أوامره
ونواهيه ، إذ أصبح يوماً من الأيّام وقال لي : أدعُ فلاناً وفلاناً من العمّالين ،
فأحضرتهما ، فقام وقمنا معه وقال للعمّالين : خذوا معكم المسحاة والمعول وسيروا
معي .. قال : فسرنا معه إلى مسجد الملويّة ، ولا يجسُر أحدنا أن يسأله عن سبب ذلك.
فلمّا وصل إلى المسجد توجّه نحو القبلة فأتى إلى محراب المسجد ، فأمر العمّال
بحفره ، فحفرا حتّى وصل المعول إلى الحجر ، فأمر برفع الأنقاض فخرج من تحت التراب
والأنقاض رخام بلّوري أخضر اللون كالمرايا ذوات الألوان في غاية اللطافة أكثرها
مربّع الشكل. فأمر بقلعها وحملها إلى الحضرة المقدّسة ، ثمّ أمر بترصيفها حول
الصناديق الثلاثة داخل الشبّاك فرصفوها على أحسن ما يكون كما نراها بالعيان اليوم.
[ثمّ] قال [السيّد القزويني] : قال الشيخ المذكور [يعني : الشيخ أحمد] : كنت في
ذلك الوقت حدث السنّ ، فاستحييت أن أسأل أبي أو يسأله أحد من المشاهدين بأنّك كيف
علمت أنّ في هذا المكان هذه الأحجار البلّورية؟ وبأيّ وجه حفرت المكان المذكور ..
وقال العلاّمة السيّد حسين المذكور [القزويني] : قلت له : لعلّه أخبر بذلك في عالم
الرؤيا أو الشهود .. أقول : وهي إلى يومنا هذا على هيئتها الأولى مع كمال اللطافة
والبهاء والزينة وهذه الأحجار البلّورية الخضراء ، يقال لها في بلاد العجم (مَرمَر
شيم) وهي من أحسن
الأحجار وأغلاها».
وفاته :
توفّي (شيخ
العراقَين) رحمهالله
في شهر رمضان
المبارك سنة (١٢٨٦ للهجرة) الموافق ليوم الأحد متأثّراً بداء (ذات الرئة) في
الكاظمين ، ونقل جثمانه الطاهر إلى كربلاء المقدّسة ؛ ليُدفن في الحجرة التي
أعدّها لنفسه هناك.
وفي كتاب تكملة أمل الآمل ، جاء بشأن مكان دفن الشيخ ، قوله :
«وتوفّي في
بلدة الكاظمية ... وحُمل نعشه الشريف إلى كربلاء ، ودُفن في حجرة متّصلة بالباب السلطاني
من الصحن الشريف كان عيّنها لنفسه ، وقبره مشهور في الصحن الشريف يقصده المؤمنون
للزيارة».
__________________
المصادر
١
ـ أثر آفرينان (المؤلّفون) : محمّد رضا نصيري ، نشر أنجمن آثار ومفاخر فرهنگي ،
طهران ، ١٣٨٤ هـ ش. (مصدر فارسي).
٢
ـ أدبيات وزبان ها : مرتضى مدرّسي چهاردهي ، مجلّة وحيد ، العدد : ٣٤ ، شهر مهر سنة ١٣٤٥ هـ ش.
(مصدر فارسي).
٣
ـ أسناد فعاليت بهائيان در دوره محمّد رضا شاه : ثريا شهسواري ، نشر مركز أسناد انقلاب إسلامي طهران ،
١٣٨٧ هـ ش. (مصدر فارسي).
٤
ـ أعيان الشيعة : محسن الأمين ، دار التعارف للمطبوعات ، بيروت ، ١٤٠٦ هـ / ١٩٨٦ م.
٥
ـ أمير كبير : عبّاس إقبال آشتياني ، نشر مؤسّسة انتشارات نگاه ، ط ٢ ، طهران ، ١٣٩٢ هـ
ش. (مصدر فارسي).
٦
ـ إيران در جهان عرب (عراق العرب) : مرتضى مدرّسي چهاردهي ، مجلّة وحيد ، العدد : ٣٤ ، بتاريخ : شهر مهر ، سنة
١٣٤٥ هـ ش. (مصدر فارسي).
٧
ـ بحثي در عرفان وتصوّف ـ دوره بازگشت أدبي (بحث في العرفان والتصوّف ، مرحلة
العودة الأدبية) : يونس سيف ، مقال منشور باللّغة الفارسية في مجلّة : فلسفة وكلام ، العدد :
٣١ ، ربيع وصيف عام ١٣٩٠ هـ ش. (مصدر فارسي).
٨
ـ تاريخ الإمامين الكاظمين : جعفر النقدي ، المطبعة العربية ، بغداد ، ١٣٦٩ هـ.
٩
ـ تاريخ المشهد الكاظمي : محمّد حسن آل ياسين ، نشر الأمانة العامّة للعتبة الكاظمية المقدّسة ـ
الشؤون الفكرية والثقافية ، بغداد ، ط ٢ ، ٢٠١٤ م.
١٠
ـ تكملة أمل الآمل : حسن الصدر ، دار المؤرّخ العربي ، ط ١ ، بيروت ، ٢٠٠٨ م.
١١
ـ چهل سال تاريخ إيران (أربعة عقود من تاريخ إيران) : حسين محبوبي أردكاني ، تصحيح : إيرج أفشار ، نشر دار
أساطير ، ط ٢ ، طهران ، ١٣٧٤ هـ ش. (مصدر فارسي).
١٢
ـ حسين علي بهاء (دوستان ودشمنان سياسي) : علي أبو الحسني منذر ، مقال منشور باللغة الفارسية في
مجلة : تاريخ معاصر إيران ، العددان : ٤٧ و٤٨ ، خريف وشتاء عام ١٣٨٧ هـ ش. (مصدر
فارسي).
١٣
ـ دائرة المعارف الإسلامية الشيعية : حسن الأمين ، دار التعارف للمطبوعات ، ط ٦ ، بيروت ،
١٤٢٣ هـ / ٢٠٠٢ م.
١٤
ـ دار السلام فيما يتعلّق بالرؤيا والمنام : حسين بن محمّد تقي النوري ، نشر دار البلاغة ، بيروت.
١٥
ـ داستان هايي از فقرايي كه عالم شدند (قصص عن الفقراء الذين أصبحوا علماء) : علي مير خلف زاده ، نشر : دار محمّد وآل محمّد(صلى الله
عليه وآله) ، ط ٢ ، قم ، ١٣٨٥ هـ ش. (مصدر فارسي).
١٦
ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : محمّد محسن ، آقا بزرك الطهراني ، دار الأضواء ، بيروت.
١٧
ـ رساله حق وحكم (السيرة الذاتية للشيخ محمّد هادي الطهراني) : نعمة الله صفري فروشاني ، نامه مفيد ، العدد : ٤ ، شتاء
عام ١٣٧٤ هـ ش. (مصدر فارسي).
١٨
ـ روح وريحان : محمّد باقر الواعظ الطهراني الكجوري ، نشر سازمان چاپ ونشر دار الحديث ، ط
١ ، قم ، ١٣٨٢ هـ ش. (مصدر فارسي).
١٩
ـ سفرنامه سيف الدولة : محمّد ميرزا قاجار ، تصحيح : علي أكبر خدا پرست ، نشر ني ، طهران ، ١٣٦٤
هـ ش. (مصدر فارسي).
٢٠
ـ سفرنامه عضد الملك قاجار به عتبات : (المقدّمة) ، نشر مؤسّسة پژوهش ومطالعات فرهنگي ، طهران
، ١٣٧٠ هـ ش. (مصدر فارسي).
٢١
ـ سياست گران دوره قاجار : أحمد خان ملك ساساني ، تصحيح : مرتضى آل داود ، نشر
مگستان طهران ، ط ١ ، ١٣٧٩ هـ ش. (مصدر فارسي).
٢٢
ـ شيخ العراقَين وكتاب أسرار الصلاة : رضا الأستاذي ، مجلّة : آيينه پژوهش ، العدد : ١٢٩ ،
مرداد وشهريور عام ١٣٩٠ هـ ش ، السنة الثانية والعشرون. (مصدر فارسي).
٢٣
ـ طبقات أعلام الشيعة الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة : محمّد محسن ، آقا بزرك الطهراني ، دار الكتاب العربي ،
ط ١ ، بيروت ، ١٣٩١ هـ / ١٩٧١ م.
٢٤
ـ فقه فتوائي : دبيرخانه علمي كنگره آخوند خراساني ، نشر كنگره آخوند خراساني ، قم ، ١٣٩٠
هـ ش. (مصدر فارسي).
٢٥
ـ فهرس التراث : محمّد حسين الحسيني (الجلالي) ، نشر : دليل ما ، ط ١ ، ١٤٢٢ هـ.
٢٦
ـ القرن البديع : شوقي أفندي ، ترجمة : الدكتور السيد محمّد العزّاوي ، منشورات دار النشر
البهائية في البرازيل ، ٢٠٠٢ م.
٢٧
ـ الكنى والألقاب : عباس القمّي ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم
المشرّفة ، ط ١ ، ١٤٢٥ هـ.
٢٨
ـ مآثر الكبراء في تاريخ سامرّاء : ذبيح الله المحلاّتي ، انتشارات المكتبة الحيدرية ، ط ١
، ١٤٢٦ هـ.
٢٩
ـ مستدركات أعيان الشيعة : حسن الأمين ، نشر دار التعارف للمطبوعات ، بيروت ، ١٤٠٨
هـ.
٣٠
ـ مستدرك الوسائل (الخاتمة) : حسين النوري ، مؤسّسة آل البيت
عليهمالسلام
لإحياء التراث
، ط ١ ، قم ، ١٤١٥ هـ.
٣١
ـ معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء : محمّد حسين حرز الدين ، نشر مكتبة آية الله العظمى
المرعشي النجفي ، مطبعة الولاية ، قم ، ١٤٠٥ هـ.
٣٢
ـ موسوعة طبقات الفقهاء : جعفر السبحاني ، مؤسّسة الإمام الصادق
عليهالسلام
، ط ١ ، قم ،
١٤٢٢ هـ.
٣٣
ـ موقوفات إيرانيان در عراق : محمّد رضا الأنصاري القمّي ، مجلّة : وقف ميراث جاويدان
، العدد : ٧ ، خريف عام ١٣٧٣ هـ ش. (مصدر فارسي).
٣٤
ـ ناسخ التواريخ (تاريخ قاجارية) : محمّد تقي لسان الملك سپهر ، إعداد : جمشيد كيانفر ،
نشر انتشارات أساطير ، طهران ، ١٣٧٧ هـ ش (مصدر فارسي).
٣٥
ـ نجوم أمّت ـ (شيخ آقا بزرك طهراني) : ناصر الباقري البيدهندي ، المنشور في مجلّة (نور علم) ،
العدد ٣٨ ، ص ٥٤. (مصدر فارسي).
٣٦
ـ يك سال در ميان إيرانيان (عام كامل بين الإيرانيين) : إدوارد غرانويل ، ترجمه إلى اللغة الفارسية : ماني صالحي
علامة ، نشر ماه ريز ، ط ١ ، طهران ، ١٣٨١ هـ ش.
(الفَوائِدُ الحِسانُ الغَرائِبُ)
روايةُ الشيخِ الجَليلِ الأَقدمِ محدِّثِ الشيعَةِ في عَصرِهِ
أَبِي الحَسَنِ أَحمَدَ بنِ محمَّدِ بنِ عِمرانَ البَغدادِي
المعروفِ بـ : (ابنِ الجندي)
(٣٠٥ ـ ٣٩٦هـ)
(٢)
|
|
الشيخ أمين حسين پوري
بسم الله الرحمن الرحیم
لقد تناولنا في
العدد السابق دراسة عن شخصية ابن الجندي ومكانته العلمية وأقوال العلماء فيه،
وأضواء على وثاقته ونستأنف البحث هنا
أضواءٌ على مشايخ ابن الجندي :
إنّ ما قدّمناه
لحدّ الآن هو صورة تفصيلية عن منزلة الشيخ ابن الجندي عند معاصريه من العامّة
والإماميّة ولكن تتجلّى الصورة أكثر إذا توقّفنا عند ذكر مشايخه وتلامذته ونطلّ
حينها إطلالة خاطفة على جانب من أحوالهم ممّا بإمكانه أن يكشف عن مدى وثاقتهم
فابقوا معنا.
أ ـ مشايخه :
١ ـ إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم أبو إسحاق البزوري (م ٣٦١ ق) :
قال عنه الخطيب
: «قال محمّد بن أبي الفوارس : كان من أهل القرآن والستر، ولم يكن محموداً في
الرواية، وكان فيه غفلة وتساهل» (تاريخ بغداد ٦ / ١٥ ـ ١٦) وانظر رواية ابن الجندي عنه في(تاريخ بغداد ١١ / ٤١٢).
٢ ـ إبراهيم بن أحمد بن إسحاق بن إبراهيم المخرمي(ق٤هـ) :
هو خال شيخنا
ابن الجندي. قال عنه الخطيب : «حدّث عن أحمد بن فرج المقرئ، والمفضّل بن محمّد
الجندي، والخضر بن داود المكّي، والحسين بن محمّد بن عفير الأنصاري، وعلي بن
العبّاس المقانعي. روى عنه ابن أخته أحمد ابن محمّد بن عمران بن الجندي» (تاريخ بغداد ٦ / ١٥) وانظر رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ٦ / ٥)، (الموضوعات لابن الجوزي ١ / ٣٦٨)، (الجامع لأخلاق الراوي ١ / ٢٦٤)، (مشيخة قاضي المارستان ٢ / ٧٤٤).
٣ ـ إبراهيم بن أحمد الأحول :
روى ابن الجندي
عنه بهذا العنوان في الفوائد برقم ٣٢ ولم نعرف عنه شيئاً، ولا ندري هل هو خاله أم
رجل آخر؟
٤ ـ اِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن يَعْقُوب، أَبُو
إِسْحَاق الشيرجي الخضيب الحَنْبَلي (م٣٣٢ ق) :
قال عنه الخطيب
: «حدّث عن عبّاس الدوري، وعلي بن داود القنطري، يحيى بن أبي طالب. روى عنه أبو
الحسن الدار قطني، وذكر ابن الثلاّج أنّه سمع
منه» (تاريخ
بغداد : ٦ / ٣٩).
راجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ
بغداد ٨ / ٤٨٢).
٥ ـ إبراهيم بن جعفر بن محمّد البصري :
روى ابن الجندي
عن إبراهيم بن جعفر بن محمّد النسري (اللئالي المصنوعة ٢ / ٢٤٤) ولكن لم نجد في رواة العامّة رجلاً بهذا
العنوان حتّى في غير طبقة مشايخ ابن الجندي ولكنّ هناك محدّثاً عنونه الخطيب
قائلاً : «إبراهيم بن جعفر بن محمّد الفقيه المعروف بـ : (ابن المخلص) البصري سكن
بغدادحدّث بها ..» وروى عنه بواسطتين (تاريخ بغداد ٦ / ٤٧ ـ ٤٨) ممّا يعني أنّ طبقته تنطبق تماماً على
طبقة مشايخ ابن الجندي ومن هنا فإنّ من المرجّح أن يكون الصحيح في عنوان من يروي
عنه ابن الجندي (البصري) لا (النسري) ومن القريب جدّاً إمكانية التصحيف هنا نظراً
إلى قرابة اللفظين حروفاً وكتابة ومهما يكن فليست لدينا معلومات عن مدى وثاقة
الرجل.
٦ ـ إبراهيم بن جعفر التستري :
لم نجد عنه
شيئاً. نعم ورد هذا العنوان في إسناد في كتاب : (تاريخ بغداد ١٣ / ٧٩) وطبقته تنطبق على طبقة مشايخ ابن الجندي. وعلى
كلّ فقد سمع ابن الجندي من هذا الراوي بالبصرة كما في : (مشيخة قاضي المارستان ٢ / ٧٤٣).
٧ ـ إبراهيم بن حمّاد الشامي :
هناك في طبقة
مشايخ ابن الجندي محدّث اسمه : إبراهيم بن حمّاد بن إسحاق أبو إسحاق الأزدي (٢٤٠ ـ
٣٢٣ق) الذي ترجم له الخطيب ووثّقه (تاريخ
بغداد ٦ / ٥٨ ـ ٥٩) ولكن لم يصفه بالشامي.
وعلى كلّ فلم
نتأكّد بعد من أنّه هو (إبراهيم بن حمّاد) الذي روى عنه ابن الجندي ملقّباً إيّاه
بـ : (الشامي) في (شرح
أصول اعتقاد أهل السنّة ٧ / ١٤٢٣)، انظر أيضاً : (ج ٨ / ١٤٥٢).
٨ ـ إِبْرَاهِيمُ بن عَبْدِ الصَّمَدِ بن مُوسَى الْهَاشِمِيُّ(م٣٢٥هـ) :
كان أحد بني
العبّاس، يسكن سامرّاء، وترجم له الخطيب فذكر عدداً من شيوخه وتلامذته ولكن لم يذكر
توثيقه . راجع رواية ابن الجندي عنه في (الفوائد برقم : ٤٩).
٩ ـ اِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَرَفَة أَبُو عَبْدِ اللهِ
العَتَكِي، الأَزْدِي، الوَاسِطِي، المَشْهُورُ بنِفْطَوَيْه، النَّحْوِي،
الأَخْبَارِي (م ٣٢٣ ق) :
قال عنه الخطيب
: «كان صدوقاً وله مصنّفات كثيرة منها كتاب كبير في غريب القرآن
وكتاب التاريخ وغيرهما» (تاريخ
بغداد ٦ / ١٥٧ ـ
١٥٨) وانظر رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ١٠ / ٤٤٦)، (الجامع لأخلاق الراوي ١ / ٢٥٥).
١٠ ـ أبو بكر الشبلي الصوفي الشهير (م ٣٣٤ ق) :
ترجمه الخطيب
بالتفصيل (تاريخ
بغداد ١٤ / ٣٩١ وما
بعدها). راجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ١٤ / ٣٩٣).
١١ ـ أبو علي الغماري :
روى عنه ابن
الجندي بهذا التعبير (كنز
العمّال ١٦ / ٢٠٨) ولم
نتمكّن من
__________________
تحديد هويّته كما لم نعثر على شيء من أحواله.
١٢ ـ أحمد بن إسحاق بن البهلول أبوجعفر التنّوخي (٢٣١ ـ ٣١٧ق) :
قال عنه الخطيب
: «أنباريّ الأصل ولي قضاء مدينة المنصور عشرين سنة، وحدّث حديثاً كثيراً .. وكان
ثقة» (تاريخ
بغداد ٤ / ٢٥٠).
وراجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ مدينة
دمشق ١٤ / ١٢٥ ؛ ٤١
/ ١٤٣) ؛ (الجامع
لأخلاق الراوي ١ / ٢٦٥).
١٣ ـ أحمد بن أنس الواسطي :
لم نجد عنه
شيئاً. راجع رواية ابن الجندي عنه في (الجامع لأخلاق الراوي ١ / ٢٦٧).
١٤ ـ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُوْسَى بنِ الوَزِيْر يَحْيَى بنِ خَالِد
بنِ بَرْمَك البَرْمَكِي البَغْدَادِي الشَّاعِر، المعروف بـ : (جَحْظَة)، أَبُو
الحَسَنِ الأَخْبَارِي النَّدِيمُ البَارِعُ : (٢٢٤ ـ ٣٢٤ ق).
قال عنه الخطيب
: «كان حسن الأدب، كثير الرواية للأخبار، متصرّفاً في فنون جمّة، عارفاً من العلوم
بصناعة النجوم، حافظاً لأطراف من النحو واللغة، مليح الشعر ..» (تاريخ بغداد ٤ / ٢٨٥ ـ ٢٨٦) راجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ٤ / ٢٨٨).
١٥ ـ أحمد بن الحسين بن إسحاق، أبو علي البصري المعروف بـ : (شُعبَة) (م
بعد ٣٥٠ ق) :
قال عنه الخطيب
: «كان أحد الحفّاظ المذكورين، ورد بغداد قديماً وحدّث
عن أحمد بن سهل بن أيّوب، و .. كتب عنه ببغداد أبو الحسن بن الجندي». (تاريخ بغداد ٤ / ٣٢٧) وراجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ٤ / ٣٢٧).
١٦ ـ أحمد بن الحسين بن محمّد بن أحمد بن جنيد أبو عبد الله الدقّاق (م ٣٢٤
ق) :
كان من شيوخ
الدارقطني. قال الخطيب : «رواياته متسقيمة» (تاريخ بغداد ٤ / ٣٢٢) وقال الذهبي : «بغدادي صدوق» (تاريخ الإسلام ٧ / ٤٨٦). لاحظ روايته عن ابن الجندي في (مشيخة قاضي المارستان ٢ / ٧٤٢ ـ ٧٤٣).
١٧ ـ أحمد بن خلف بن أيّوب المعروف بالسابح (ق٤ هـ) :
لم نجد معلومات
كثيرة عنه إلاّ في حدود ما قاله الخطيب : «سمع أبا عوف البزوري، وعبد الكريم بن
الهيثم العاقولي، وأحمد بن يحيى الحلواني، وأحمد بن محمّد بن عبد اللّه المنقري
البصري، روى عنه أبو أحمد الفرضي وحدّثنا عنه أبو الحسن بن رزقويه». (تاريخ بغداد ٤ / ٣٥٩) وانظر رواية ابن الجندي عنه في تاريخ بغداد (٧ / ٨٩).
١٨ ـ أحمد بن عبد العزيز أبوبكر الجوهري (م ٣٢٣ ق) :
هو صاحب الكتاب
المعروف الذي نقل ابن أبي الحديد الشيء الكثير منه، قد استخرج المحقّق محمّد هادي
الأميني هذه النصوص وطبعها تحت عنوان : السقيفة وفدك.
ومهما يكن
فلنقتصر لإيضاح مكانة أحمد بن عبد العزيز الجوهري على ما قاله ابن أبي الحديد ـ في
معرض نقله نصوصاً من كتاب السقيفة وفدك ـ : «أبو بكر
الجوهري هذا عالم محدّث كثير الأدب ثقة ورع أثنى عليه المحدّثون ورووا عنه
مصنّفاته» (شرح
نهج البلاغة ١٦ / ٢١٠). للمزيد عنه راجع : (السقيفة وفدك / ١١ ـ ٣٣).
ومهما يكن
فتلاحظ رواية ابن الجندي عن أبي بكر الجوهري في : (مشيخة المحدّثين البغدادية ١ /
٤٧٧ رقم ١١٧٧) وفيه : «أحمد بن عبد العزيز الجوهري».
١٩ ـ أحمد بن عبد الله بن محمّد أبو بكر الوكيل (٢٣٧ ـ ٣٢٥ ق) :
ترجم له الخطيب
فقال : «أحمد بن عبد الله بن محمّد أبو بكر النحّاس المعروف بوكيل أبي صخرة»
ووثّقه (تاريخ
بغداد ٤ / ٤٥٢).
راجع رواية ابن
الجندي عنه في : (ذكر من لم يكن عنده إلاّ حديث واحد : ٢٩) كما روى عنه ابن الجندي
١٩ حديثاً في الفوائد
الحسان ؛ راجع : (نصّ الفوائد : الأحاديث المرقّمة : ١ إلى ١٩).
٢٠ ـ أحمد بن عثمان بن ليث الحفري (٢١٢ ـ بعد ٣٢٠ق) :
قال عنه الخطيب
: «روى أبو الحسن بن الجندي عنه عن محمّد بن سماعة القاضي ... قال أبو الحسن : ذكر
أحمد بن عثمان أنّه ولد سنة اثنتي عشرة ومائتين، ولقيته سنة عشرين وثلاثمائة». (تاريخ بغداد ٥ / ٥٤) وراجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ٥ / ٥٤).
٢١ ـ أحمد بن علي بن العلاء أبو عبد الله الجوزجاني (٢٣٥ ـ ٣٢٨ ق) :
ترجم له الخطيب
ونقل عن الدارقطني أنّه قال : «كان ثقة وأيّ ثقة من
البكّائين» كما نقل عن بعض علمائهم أنّه قال : «الشيخ الصالح الثقة
المأمون» (تاريخ
بغداد ٥ / ٦٨)
راجع رواية ابن
الجندي عنه في (مشيخة
قاضي المارستان ٢ / ٧٤٣) (مشيخة
المحدّثين البغدادية ٢ / ١٩٨ ح ٢٠٩٦).
٢٢ ـ أحمد بن القاسم بن نصر بن زياد أبو بكر المعروف بـ : (أخي أبي الليث
الفرائضي) (٢٢٢ ـ ٣٢٠ ق) :
قال عنه الخطيب
: «نيسابوري الأصل .. وَكَانَ ثِقَةً». (تاريخ بغداد ٥ / ١١٤) وراجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ٨ / ٢٠٨).
٢٣ ـ أحمد بن كامل بن خلف أبو بكر القاضي (٢٦٠ ـ ٣٥٠ق) :
وقال عنه
الخطيب : «هو أحد أصحاب محمّد بن جرير الطبري، وتقلّد قضاء الكوفة من قبل أبي عمر
محمّد بن يوسف، وكان من العلماء بالأحكام، علوم القرآن، والنحو ، والشعر ، وأيّام
الناس ، وتواريخ أصحاب الحديث ، وله مصنّفات في أكثر ذلك ... سمعت أبا الحسن بن
رزقويه ذكر أحمد بن كامل فقال : لم تَرَ عيناي مثله» (تاريخ بغداد ٥ / ١١٩ ـ ١٢٠). راجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ٦ / ٣٥٠).
٢٤ ـ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن آدم بْن أَبِي الرجال،
أَبُو عَبْد اللَّه الصلحي (٢٤٩ ـ ٣٣٠هـ) :
ترجم له الخطيب
فذكر شيوخه وتلامذته ونقل عن الدارقطني أنّه قال عنه :
«ما علمنا إلاّ خيراً». راجع رواية ابن الجندي عنه في : (الفوائد : الحديث المرقّم : ٢٨).
٢٥ ـ أحمد بن محمّد بن بشّار بن رجاء، أبو بكر ويعرف بـ : (ابن أبي العجوز)
(م ٣١١ق) :
قال عنه الخطيب
: «كان ثقة يسكن سوق يحيى من الجانب الشرقي ..» (تاريخ بغداد ٥/١٦٧) والنسبة إليه : (العجوزي) كما ذكره السمعاني في
(الأنساب ٩ / ٢٤٣) وقد روى ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ٥ / ٤١٥ ؛ ١٣ / ٢٠٨).
٢٦ ـ أحمد بن محمّد بن بكر أبو روق الهزّاني (قبل ٢٤٧ ـ بعد ٣٣٢ق) :
شيخ الدارقطني
؛ وقال عنه الذهبي : «مسند البصرة الثقة المعمّر» (سير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٨٥) كما اعتبره صدوقاً في موضع آخر (ميزان الاعتدال ١ / ١٣٣) هذا وقد صرّح ابن الجندي بأخذه عن أبي روق
بالبصرة (تاريخ
مدينة دمشق ٨ / ٦١) وعلى كلّ فتجد بعض ما رواه ابن الجندي عنه في : (تاريخ مدينة دمشق ٨ / ٨٢ ؛ ١٠ / ١٨ ؛ ١٤ / ١٩٦ ؛ ٢٤ / ٣٣٠، ٤٣٢ ؛ ٣٥ /
٢٩٦ ؛ ٣٧ / ٦٤، ٦٧، ٧٠، ٧٤ ؛ ٤٠ / ٢٧٠ ؛ ٤٩ / ٣١٦ ؛ ٥٩ / ٢٤).
٢٧ ـ أحمد بن محمّد بن سالم أبو الحسن البصري (م ح ٣٦٠ ق) من شيوخ الصوفية
:
جعله الذهبي في
وفيات ما بين سنة (٣٥١ إلى ٣٦٠ ق) وقال عنه : «له
__________________
أحوال ومُجَاهَدة وأتباع ومُحِبُّون، وهو شيخ أهل البصرة في زمانه، عُمِّر
دهْراً ، وأدرك سهل بن عبد الله التسْتَرِي وأخذ عنه» (تاريخ الإسلام ٨ / ١٦١) راجع رواية ابن الجندي عنه في (تالي تلخيص المتشابه ٢ / ٤٠٣).
٢٨ ـ أحمد بن محمّد بن سعيد أبو العبّاس الهَمداني المعروف بـ : (ابن عقدة)
(٢٤٩ ـ ٣٣٣ق) :
قال عنه
النجاشي : «هذا رجل جليل في أصحاب الحديث، مشهور بالحفظ، والحكايات تختلف عنه في
الحفظ وعظمه، وكان كوفيّاً زيديّاً جاروديّاً على ذلك حتّى مات، وذكره أصحابنا
لاختلاطه بهم ومداخلته إيّاهم وعظم محلّه وثقته وأمانته». (رجال النجاشي / ٩٤ رقم ٢٣٣) وانظر أيضاً ما قال عنه الشيخ الطوسي في
كتاب الرجال (رجال
الطوسي / ٤٠٩ رقم
٥٩٤٩) (فهرست
كتب الشيعة / ٦٨ رقم ٨٦).
كما أطراه
الخطيب أيضاً بنحو هذه التعابير وترجم له ترجمة مفصّلة في (تاريخ بغداد ٥ / ٢١٧ ـ ٢٢٥) وعلى كلّ فراجع رواية ابن الجندي عنه في
(رجال
النجاشي / ٧٥ رقم ١٨٠
و : ص ٢٠٤ رقم ٥٤٥ وص ٢٢١ رقم ٥٧٩) و (الفوائد برقم : ٣٥).
٢٩ ـ أحمد بن محمّد بن عاصم أبو بكر بن أبي سهل الحلواني (م ٣٣٣ ق) :
قال عنه الخطيب
: «سكن بغداد وحدّث بها ... وكان ثقة من أهل الفهم والأدب. عالماً بالنسب» (تاريخ بغداد ٥ / ٢٨١) وانظر رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ١٢ / ٢١٤).
٣٠ ـ أحمد بن محمّد بن عبيد الله البصري (ق٤هـ) :
روى عنه ابن
الجندي بهذا العنوان (من
فضائل سورة الإخلاص / ٤٣) وفيه : «أحمد بن محمّد بن عبد البصري» وقال : «قدم إلينا» ممّا يعني
أنّه كان قاطناً بمدينة أخرى والظاهر أنّها البصرة نظراً إلى نسبته إليها ولم نجد
في طبقة مشايخه من ينطبق عليه هذا العنوان ويكون منسوباً إلى البصرة.
٣١ ـ أحمد بن محمّد بن موسى أبو بكر المعروف بـ : (ابن أبي حامد صاحب بيت
المال) (م ٣٢١ق) :
قال عنه الخطيب
: «كان ثقة صدوقاً جواداً كريماً» (تاريخ بغداد ٥ / ٢٩٧) وراجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ مدينة دمشق ٣٦ / ١٧٩).
٣٢ ـ أَحْمَد بْن معروف بْن بشر بْن مُوسَى، أَبُو الْحَسَن الخشّاب (م ٣٢١
ق) :
قال عنه الخطيب
: «سمع الحارث بْن أَبِي أسامة وَ .. روى عنه أَبُو عُمَر بْن حيويه، وأحمد بن
محمّد بن عمران بن الجندي، وكَانَ ثقة». (تاريخ بغداد ٥ / ٣٦٨) ؛ وراجع رواية ابن
الجندي عنه في (رجال
النجاشي : ٤ رقم ١).
٣٣ ـ أحمد بن موسى بن العبّاس بن مجاهد أبو بكر المقرئ (٢٤٥ ـ ٣٢٤ق) :
قال عنه الخطيب
: «كان شيخ القرّاء في وقته، والمقدّم منهم على أهل عصره ... وكان ثقة مأموناً» (تاريخ بغداد ٥ / ٣٥٢ ـ ٣٥٣). وراجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ٧ / ٣٩) و (الفوائد برقم : ٦٢).
٣٤ ـ أحمد بن هاشم بن محمّد أبو العبّاس يعرف بـ : (الفيدي) وبـ : (الطريقي)
:
ذكر الخطيب
أنّه قدم بغداد ثمّ أشار إلى بعض مشايخه وتلامذته كما صرّح برواية ابن الجندي عنه
(تاريخ
بغداد ٥ / ٤٠٨).راجع
رواية ابن الجندي عنه في (ذيل تاريخ
بغداد لابن النجّار
٣ / ٧٨).
٣٥ ـ إسحاق بن محمّد بن إبراهيم أبو يعقوب الصيدلاني (م٣٢٥هـ) :
ترجم له الخطيب
قائلاً : «حدّث عن أبي الأشعث أحمد بن المقدام. روى عنه عمر بن إبراهيم الكتاني،
ولم يكن عنده غير حديث واحد، وزعم أبو القاسم ابن الثلاّج أنّه سمعه منه بباب
المحول» (تاريخ
بغداد ٦ / ٣٩٣ ـ
٣٩٤). راجع ما رواه عنه ابن الجندي في (مشيخة قاضي المارستان ٢ / ٧٤٣).
٣٦ ـ إسماعيل بن العبّاس بن عمر أبو علي الورّاق (٢٤٠ ـ ٣٢٣ق) :
ذكر الخطيب
جماعة من شيوخه وتلامذته ونقل توثيقه عن يوسف القوّاس والدارقطني (تاريخ بغداد ٦ / ٢٩٧). راجع رواية ابن الجندي عنه في : (تبيين العجب بما ورد في
شهر رجب لابن حجر : ٦٥)
و (المعجم
المفهرس : ٢٨٨ رقم
١٢٠٩)، (أداء
ما وجب من بيان وضع الوضّاعين في رجب : ٤٧)، و (الفوائد برقم : ٣٨، ٤٤).
٣٧ ـ إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل أبو علي الصفّار النحوي (٢٤٧ ـ ٣٤١ق) :
قال عنه الخطيب
: «صاحب المبرّد» ووثّقه ونقل عن بعضهم أنّه قال : «كان
متعصّباً للسنّة» (تاريخ
بغداد ٦ / ٢٩٩ ـ
٣٠٠) راجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ١ / ١٤٧ ؛ ٤ / ١٠، ١٥٣ / ٥٨).
٣٨ ـ تمّام بن المنتصر :
لم نجد من
ذكره. راجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ٨ / ٤٩٤).
وجدير بالذكر
أنّ هنالك رواية عن ابن الجندي عن (تميم بن المنتصر) (مشيخة المحدّثين
البغدادية ١ / ٤٦٤ رقم
١١٢١) والظاهر أنّ واحداً من (تمّام) أو (تميم) قد تصحّف إلى الآخر وهو محتمل
جدّاً ولكن (تميم بن المنتصر) هو الآخر مجهول لم نعرف عنه شيئاً.
٣٩ ـ ثابت بن عبد الوهّاب أبو عيسى الدوري :
ليس لدينا
معلومات بشأنه سوى أنّ الخطيب عنونه في تاريخه وروى من طريق ابن الجندي عنه
حديثاً. (تاريخ
بغداد ٧ / ١٥٥).
٤٠ ـ جعفر بن محمّد بن نصير أبو محمّد الخوّاص المعروف بـ : (الخَلَدِي) :
من مشايخ الصوفية
المعروفين.
قال عنه السلمي
: «كان المرجع إليه في علوم القوم وكتبهم، وحكاياتهم وسيرهم». وترجم له ترجمة
مفصّلة (طبقات
الصوفية / ٣٢٦). كما
ترجم له الخطيب بالتفضيل (تاريخ
بغداد ٧ / ٢٣٤ ـ
٢٣٨). راجع ما نقله عنه ابن الجندي في (مصارع العشّاق ٢ / ٢٢٥) وفيه : «حدّثنا جعفر الخالدي» وهو تصحيف ؛ و (الفوائد : برقم : ٦١).
٤١ ـ الحسن بن أحمد بن السرّي (ق٤هـ) :
لم نجد من
ذكره. راجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ١٢ / ٢٥).
٤٢ ـ الحسن بن أحمد بن يزيد أبو سعيد الإصطرخي القاضي (٢٤٤ ـ ٣٢٨ ق) :
قال عنه الخطيب
: «قاضي قم ... كان الإصطخري أحد الأئمّة المذكورين، من شيوخ الفقهاء الشافعيّين،
وكان ورعاً زاهداً متقلّلاً» (تاريخ
بغداد ٧ / ٢٧٩) راجع
رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ
بغداد ٧ / ١٥٥).
٤٣ ـ الحسن بن علي بن زكريّا أبو سعيد العدوي البصري (٢١٠ ـ ٣١٨ ق) :
نقل الخطيب عن
ابن عدي الجرجاني (م ٣٦٥ ق) أنّه قال : «يضع الحديث» كما اتّهمه غيره بوضع الحديث
وأطبقت كلمتهم على تضعيفه. (تاريخ
بغداد ٧ / ٣٩٣). هذا
وقد ترجم له ابن الغضائري أيضاً فقال : «ضعيف جدّاً ... وأمره أشهر من أن يذكر» (الرجال لابن الغضائري : ٥٥).
أمّا شيخنا ابن
الجندي فقد نقل عنه أنّه قال : «سمعت سلمة بن شبيب يقول سمعت أحمد بن حنبل يقول : الواقفي لا تشكّ في كفره» (شرح أصول اعتقاد أهل السنّة ٢ / ٣٦٣)، ولا أجد مبرّراً في اتّهام الحسن بن علي بن
زكريّا في ما نقله هنا عن ابن حنبل فإنّ موقف ابن حنبل من مسألة قدم القرآن واضح
لكلّ من عرف
__________________
شيئاً من أفكاره كما ذهب غيره من أهل الحديث أيضاً إلى تكفير من يقف في هذه
المسألة (راجع أقوالهم في شرح
أصول اعتقاد أهل السنّة ٢ / ٣٥٧ وما بعدها) ومن ثمّ فلا غروَ أن يعتمده شيخنا في خصوص ما نقله هنا
، وانظر أيضاً رواية ابن الجندي عنه في (الفوائد برقم : ٤٦).
٤٤ ـ الحسن بن محمّد بن يحيى أبو محمّد المعروف بـ : (ابن أخي طاهر) العلوي
(م ٣٥٨ق) :
قال عنه الشيخ
النجاشي : «روى عن جدّه يحيى بن الحسن وغيره، وروى عن المجاهيل أحاديث منكرة رأيت
أصحابنا يضعّفونه» (رجال
النجاشي / ٦٤ رقم ١٤٩)
وراجع أيضاً : (الرجال لابن الغضائري / ٥٤ رقم ٤١) ؛ كما ذكر الخطيب جماعة من
شيوخه وتلامذته (تاريخ
بغداد ٧ / ٤٣٣).
وعلى كلّ فراجع
رواية ابن الجندي عنه في : (الفوائد
المنتقاة والغرائب الحسان عن الشيوخ الكوفيّين / ٦٢)، (أخبار لحفظ القرآن : ٢٣)، (مائة منقبة / ٥٠ : المنقبة الخامسة والعشرون) وفيه : «الحسن بن
محمّد العسكري» والظاهر أنّه العلوي لأنّ الكراجكي ـ وهو تلميذ ابن شاذان ـ قد روى
هذه الرواية عن ابن شاذان وفيه : (العلوي) بدل (العسكري) .
٤٥ ـ الْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
الضّبّي الْقَاضِي المحاملي (٢٣٥ ـ ٣٣٠ ق) :
قال عنه الخطيب
: «كان فاضلاً صادقاً ، ديّناً .. كان يحضر مجلس المحاملي
__________________
عشرة آلاف رجل ..» (تاريخ
بغداد ٨ / ٢٠) وانظر
رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ
بغداد ٧ / ٤٥٧ ؛ ١٣
/ ٤٥٤)، (مشيخة
قاضي المارستان ٢ / ٧٤٢).
٤٦ ـ الحسين بن القاسم بن جعفر أبوعلي الكوكبي الكاتب (م ٣٢٧ق) :
قال عنه الخطيب
: «صاحب أخبار وآداب .. وما علمت من حاله إلاّ خيراً» (تاريخ بغداد ٨ / ٨٦) وراجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ١٤ / ١٧) ؛ (شرف أصحاب الحديث / ١٠٠)، (مشيخه المحدّثين البغدادية ١ / ٤٣٧ رقم ١٠٤٢).
٤٧ ـ الحسين بن يحيى بن عيّاش أبوعبد الله القطّان (٢٣٩ ـ ٣٣٤ ق) :
ذكر الخطيب
جماعة من شيوخه وتلامذته ونقل توثيقه عن بعضهم (تاريخ بغداد ٨ / ١٤٣) راجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ مدينة دمشق ٣٠ / ٢٦٨ ؛ ٣١ / ١٠٧) وفيه : «الحسين بن يحيى بن عبّاس»
وهو تصحيف ؛ (تاريخ
مدينة دمشق ٣٩ / ١٦٠ ؛ ٤٤ / ١٣٠، ٢٦٢)، (ذمّ الكلام وأهله ١ / ١٤٦، ١٤٨).
٤٨ ـ حمزة بن محمّد بن العبّاس بن الفضل بن الحارث أبو أحمد الدهقان العقبي
(م ٣٤٧ ق) :
ترجم له الخطيب
وذكر جماعة من شيوخه وتلامذته ووثّـقه (تاريخ بغداد ٨ / ١٧٩).
راجع رواية ابن
الجندي عنه في (مشيخة
المحدّثين البغدادية ٢ / ٣٦٠ رقم ٢٥٦٢)، و (الفوائد
برقم : ٥٤).
٤٩ ـ خلف بن محمّد الموازيني الديبلي (ق٤هـ) :
ذكر الخطيب
أنّه نزل بغداد ثمّ روى رواية من طريق ابن الجندي عنه (تاريخ بغداد ٨ / ٣٢٨ ـ ٣٢٩).
٥٠ ـ داوود بن محفوظ البصري ثمّ القرَيعي :
لم نجد عنه
شيئاً. راجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ مدينة دمشق ٣٨ / ١٤١).
٥١ ـ رائع بن عبد الله المقدسي :
لا نعرف عنه
شيئاً إلاّ أنّ الخطيب روى عن شيخه عن ابن الجندي قال : «حدّثني رائع بن عبد الله
المقدسي في مجلس أبي عبيد المحاملي سنة عشرين وثلاثمائة ...» (تاريخ بغداد ٨ / ٤٣٧).
٥٢ ـ رميس بن صالح أبو بكر السامي :
قال عنه الخطيب
: «حدّث عن عبّاس بن عبد اللّه الترقفي، ويحيى بن أبي طالب. روى عنه أبو الحسن ابن
الجندي، ومحمّد بن جعفر النجّار». (تاريخ بغداد ٨ / ٤٣٧) ولم يذكره بمدح ولا قدح.
راجع رواية ابن
الجندي عنه في (المتّفق
والمفترق ٣ / ١٩٣٨) وفيه
«رميش ابن صالح الساجي» ومن الواضح اتّحاد العنوانين ولكن لم أجزم بعد بصحّة
أحدهما حيث إنّ الرجل غير معروف في كتب التراجم والمعلومات عنه ضئيلة جدّاً
ومقصورة على ما ذكره الخطيب.
٥٣ ـ زيدان بن محمّد بن زيدان البرتي الكاتب (م بعد ٣٢٢ ق) :
كان من شيوخ
الدارقطني (المؤتلف والمختلف ١ / ٤٩٠) وقال عنه
الخطيب : «حدّث عن زياد بن أيّوب الطوسي، وأحمد بن منصور الرمادي، إبراهيم
ابن هانئ النيسابوري أحاديث مستقيمة». (تاريخ بغداد ٨ / ٤٨٩).
وراجع رواية
ابن الجندي عنه في (شرح
أصول اعتقاد أهل السنّة ٦ / ١٢٥٦).
٥٤ ـ زيد بن محمّد بن جعفر أبوالحسين العامري الكوفي المعروف بـ : (ابن أبي
اليابس) (م ٣٤١ق).
قال عنه الشيخ
الطوسي : «زيد بن محمّد بن جعفر، المعروف بابن أبي اليابس الكوفي، روى عنه
التلّعكبري، قال : قدم علينا بغداد ونزل في نهر البزّازين، سمع منه سنة ثلاثين
وثلاثمائة وله منه إجازة، وكان له كتاب الفضائل، روى عنه الحسن بن علي بن الحسن
الدينوري العلوي، روى عن علي بن الحسين بن بابويه» (رجال الطوسي : ٤٢٦ ـ ٤٢٧ رقم ٦١٣٣) وقال عنه الخطيب : «وكان صدوقاً»
(تاريخ
بغداد ٨ / ٤٥٠) وعلى
كلّ حال فقد كان من أصحابنا الإمامية. راجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ مدينة دمشق ٦٤ / ٢٢٧).
٥٥ ـ سليمان بن عبد الله الفزاري الدمشقي :
عبّر ابن
الجندي عنه بهذا العنوان ولم نجد عنه شيئاً. وعلى كلّ فقد روى ابن الجندي عن شيخه
هذا بمدينة (هيت) (من
فضائل سورة الإخلاص : ٩١).
٥٦ ـ صالح بن محمّد الصرامي :
ترجم له النجاشي
فقال : «صالح بن محمّد الصرامي، شيخ شيخنا أبي الحسن بن الجندي له كتاب أخبار السيّد ابن
محمّد، وتاريخ الأئمّة عليهمالسلام أخبرنا عنه
أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عمران الجندي». (رجال النجاشي / ١٩٩ رقم ٥٢٨) ويروي عن أخيه صدقة بن محمّد ـ وكان اسم
جدّهما : (صالحاً) ـ (تاريخ
بغداد ٧ / ٤٥٧).
لرواية ابن الجندي عنه راجع : (تاريخ
بغداد ٨ / ٣٠٦، ١٠ /
١٨٤ ؛ تاريخ
مدينة دمشق ٤٨ / ٣٦٩، الأمالي
الخميسية ١ / ٨٦ ؛ تاريخ بغداد ٨ / ٣٠٦ مشيخة قاضي المارستان ٢ / ٧٤٦، الجامع لأخلاق الراوي : ٢ / ٢٤٢، مشيخة المحدّثين البغدادية ٢ / ١٦٧ رقم ١٩٨٢ و١٩٨٣).
٥٧ ـ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدِ بن مُحَمَّدِ بن يَحْيَى أَبُو سَهْل
الْبَلْخِي :
لم نجد ترجمته
إلاّ في تاريخ
بغداد حيث قال الخطيب
: «قدم بغداد حاجّاً وحدّث بها عن نوح بن الحسن بن علي الفارسي، والعبّاس بن ظاهر
بن ظهير، محمّد بن حامد الورّاق، وأحمد بن محمّد بن سهل القاضي، ومحمّد بن محمّد
بن أحيد البلخيّين، وعن محمّد بن أحمد بن زنجويه النيسابوري. كتب عنه أبو الحسن بن
رزقويه».
روى ابن الجندي
عنه في (الفوائد
: الأحاديث
المرقّمة : ٢٠ إلى ٢٢).
٥٨ ـ عبد الصمد بن علي بن محمّد أبو الحسين الوكيل المعروف بـ : (الطستي)
(٢٦٦ ـ ٣٤٦ق) :
قال عنه الخطيب
: «كان ثقة. سمعت البرقاني ذكره فأثنى عليه وحثّنا على كتب حديثه» (تاريخ بغداد ١١ / ٤٢). راجع رواية ابن الجندي عنه في (شرح أصول اعتقاد أهل
السنّة ٧ / ١٤٢٣).
__________________
٥٩ ـ عبد العزيز بن يحيى الجلودي :
نقل عنه ابن
الجندي بهذا العنوان في مائة منقبة كما نجد رواية لابن الجندي عن «عبد العزيز بن يحيى» (البخلاء للخطيب / ١٢٩) والظاهر أنّه الجلودي فإنّا لم نجد في طبقة
مشايخه من ينطبق عليه هذا العنوان غيره وعلى كلّ حال فهو الشيخ الجليل أبو أحمد
عبد العزيز بن يحيى الجلودي (م بعد ٣٣٠ ق) الذي كان من أبرز مؤرّخي الشيعة في عصره
ومن أعلام علمائنا البصريّين. قال عنه ابن النديم : «أخباري صاحب سير وزيادات» (الفهرست / ١٦٧) كما وثّقه الشيخ الطوسي (رجال الطوسي / ٤٣٥ رقم ٦٢٢٤) وقال النجاشي : «شيخ البصرة وأخباريّها»
(رجال
النجاشي / ٢٤٠ رقم ٦٤٠)
وخصّ أكثر من ٣ صفحات بذكر كتبه ممّا يوحي بأهمّية الجلودي وتراثه.
والظاهر أنّ
ابن الجندي قد أخذ عن الجلودي في رحلته إلى البصرة ـ وقد كان الجلودي آنذاك كبير
أصحابنا المورّخين والمحدّثين بها ـ كما أفاد في رحلته عن بعض آخر من مشايخها ،
وستطّلع عليه.
وهناك رواية
رواها ابن الجندي عن (عبد العزيز بن علي الجلودي) (مشيخة المحدّثين البغدادية ٢ / ٢١٠ رقم : ٢١٣٩) سنتحدّث عنها في قسم الملاحظات حول
أساتذة ابن الجندي وسنبيّن أنّه مصحّف عن (عبد العزيز بن يحيى الجلودي).
__________________
٦٠ ـ عبد الغفّار بن عبيد الله بن السري أبو الطيّب الواسطي المقرئ (م ٣٦٧
ق) :
كان عالماً
بالقراءات. قال عنه الذهبي : «وأصله كوفي، سكن واسطاً، وأقرأ بها الناس وكان ثقة»
(تاريخ
الإسلام ٨ / ٢٦٨).
راجع رواية ابن
الجندي عنه في (الجامع
لأخلاق الراوي ٢ / ٢٣٤).
٦١ ـ أبو القاسم عبدالله بن أحمد بن عامر الطائي (م٣٢٤هـ) :
قال عنه
النجاشي : «روى عن أبيه عن الرضا عليهالسلام نسخة ..» ثمّ رواها عن ابن الجندي عن عبد الله عن أبيه
عن الإمام الرضا عليهالسلام
ثمّ أضاف
قائلاً : «ولعبد الله كتب، منها : كتاب قضايا أمير المؤمنين عليهالسلام أخبرنا به إجازة أحمد بن محمّد الجندي عنه». كما ترجم له الخطيب وذكر عدداً من تلامذته والنسخة التي رواها عبد الله عن أبيه عن الإمام الرضا
عليهالسلام
هي التي طبعت
تحت عنوان : صحيفة
الإمام الرضا عليهالسلام «وكانت مشهورة حتّى عند علماء العامّة أيضاً وللعلماء في
روايتها أسانيد كثيرة إلى عبد الله بن أحمد بن عامر».
٦٢ ـ عبد الله بن جعفر بن أحمد بن خشيش (م ٣١٨ هـ)
:
نقل الخطيب توثيقه من يوسف القوّاس والدارقطني وقال الدارقطني :
__________________
«كتبنا عنه حديثاً كثيراً». راجع رواية ابن الجندي عنه في : (تاريخ بغداد ٣ / ٣٥٥ والفوائد برقم : ٥٦).
٦٣ ـ عبد الله بن جعفر بن درستويه أبو محمّد الفارسي النحوي (٢٥٨ ـ ٣٤٧ق) :
قال عنه الخطيب
: «وكان فسويّاً سكن بغداد إلى حين وفاته، وحُمِل عنه من علوم الأدب كتب عدّة
صنّفها .. وسألت أبا سعد الحسين بن عثمان الشيرازي عن ابن درستويه فقال : ثقة ثقة.
حدّثنا عنه أبو عبيد اللّه بن مندة الحافظ بغير شيء، وسألته عنه فأثنى عليه
ووثّقه». (تاريخ
بغداد ٩ / ٤٣٤ ـ
٤٣٥).
وراجع رواية
ابن الجندي عنه في (تاريخ
بغداد ٦ / ٣٥ ؛ ١٣ /
٢٣٦)، (تاريخ دمشق ٢٣ / ٤٧).
٦٤ ـ عبد الله بن سليمان بن أشعث أبو بكر بن أبي داوود الأزدي السجستاني (٢٣٠
ـ ٣١٦ ق) :
قال عنه الخطيب
: «رحل به أبوه من سجستان يطوف به شرقاً وغرباً، سَمعه من علماء ذلك الوقت ...
أخبرنا أبو منصور محمّد بن عيسى الهمذاني، حدّثنا أبو الفضل صالح بن أحمد الحافظ
قال : أبو بكر عبد اللّه بن سليمان إمام العراق، وعَلَم العِلم في الأمصار، نصب له
السلطان المنبر فحدّث عليه لفضله ومعرفته ..».
__________________
وهو من أبرز
شيوخ ابن الجندي في الحقل السنّي ولنماذج من روايته عنه راجع : (تالي تلخيص
المتشابه ١ / ٦٦، ١٠٩، الأمالي الخميسية ٢ / ٥٣٤ ؛ تاريخ بغداد ١٠ / ٢١١، ١١ / ٩٨، ٤١٠ ؛ تاريخ دمشق ١٠ / ٣٥١، ١٥ / ٧٩، ٢٣ / ٨٨ ؛ ٣٥ / ٢٢٥ ؛ ٤٣ / ١١٩ ؛ ٥٥
/ ٤١٤ ؛ ٦٣ / ١٠٧ ؛ ٧١ / ٣٠٦).
٦٥ ـ عبد الله بن محمّد بن سعيد أبو محمّد المعروف بـ : (ابن الجمّال) (م
٣٢٣ق) :
ذكر الخطيب
جماعة من شيوخه وتلامذته ونقل توثيقه عن الدارقطني (تاريخ بغداد ١٠ / ١١٩). راجع رواية ابن الجندي عنه في كتاب : (من فضائل سورة
الإخلاص للخلاّل / ٧٦).
٦٦ ـ عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز أبو القاسم البغوي (٢١٤ ـ ٣١٧ق) :
كان من كبار
مشايخ العامّة المكثرين. ترجم له الخطيب فذكر جماعة كبيرة من مشايخه منهم أحمد بن
حنبل وعلي بن المديني وغيرهما ؛ روى عنه الكثيرون مثل يحيى بن محمّد بن صاعد
والدار قطني وغيرهما وقال عنه الخطيب : «كان ثقة ثبتاً مكثراً فهماً عارفاً».
كما أطراه
الذهبي فقال : «مسند الدنيا وبقية الحفّاظ» ونقل عن الدار قطني أنّه قال عنه : «ثقة،
جليل، إمام، أقلّ المشايخ خَطَأً».
__________________
وعلى كلّ حال
فراجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ
بغداد ٣ / ١٩٩، ١١ /
٤٠١ ؛ تاريخ
دمشق ١٥ / ٢١٥، ١٩
/ ٤١١، ٢٤ / ٤٢١، ٣٠ / ١٦٦ و١٩٣، ٣١ / ١٣٠، ٣٤ / ٢٠٩ و ... ؛ معجم الشيوخ لابن
عساكر ٢ / ٧٣٤ ؛ تلخيص المتشابه ٢ / ٧٢٤) ومواضع كثيرة أخرى.
٦٧ ـ عبد اللّه بن الهيثم بن خالد، أبو محمّد الخيّاط يعرف بالطيني (٢٣٤ ـ
٣٢٦هـ) :
عنونه الخطيب
فذكر عدداً من شيوخه وتلامذته ووثّقه كما نقل توثيقه عن الدارقطني. (تاريخ بغداد ١٠ / ١٩٣ ـ ١٩٤). راجع رواية ابن الجندي عنه في (الفوائد : برقم : ٢٩).
٦٨ ـ عبد الملك بن أحمد بن نصر أبو الحسين الدقّاق (م ٣١٨ / ق) :
ذكر الخطيب
عدداً من شيوخه وتلامذته ووثّقه (تاريخ بغداد ١٠ / ٤٢٦).
راجع رواية ابن
الجندي عنه في : (إتحاف
الزائر وإطراف المقيم : ٤٢).
٦٩ ـ عبد الوهّاب بن عيسى بن عبد الوهّاب أبو القاسم ورّاق الجاحظ : (م ٣١٩
ق) :
قال عنه الخطيب
: «كان صدوقاً في روايته، ويذهب إلى الوقف في القرآن» راجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ٣ / ٤٥٩، والفوائد برقم : ٤٢، ٥٠).
__________________
٧٠ ـ عبيد الله بن أبي زيد أحمد بن يعقوب أبوطالب الأنباري :
قال عنه الشيخ
النجاشي : «شيخ من أصحابنا، يكنّى أبا طالب، ثقة في الحديث، عالم به، كان قديماً
من الواقفة .... قال الحسين بن عبيد الله : قدم أبو طالب بغداد واجتهدت أن يُمَكِّنني
أصحابنا من لقائه فأسمع منه، فلم يفعلوا ذلك. وله كتب كثيرة، منها : ...».
كما ترجم له
الشيخ فقال : «عبد اللّه بن أحمد بن أبي زيد الأنباري، يكنّى أبا طالب، وكان
مقيماً بواسط، وقيل : إنّه كان من الناووسيّة» وعلى كلّ فقد أصبح في أخريات عمره من الإماميّة وكان
ثقة فاضلاً. راجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ٢ / ٣٢٧) كما صرّح ابن النجّار برواية ابن الجندي عنه .
٧١ ـ عبيد الله بن أحمد بن بكير أبوالقاسم التميمي (م ٣٣٤ ق) :
من مشايخ
الدارقطني. ترجم له الخطيب ووثّقه (تاريخ بغداد ١٠ / ٣٥٢) راجع ما نقله ابن الجندي عنه في (الكفاية في علم
الرواية / ٦٥، ٦٧).
٧٢ ـ عبيدالله بن عبد الرحمن بن محمّد أبو محمّد السكّري (م ٣٢٣ق) :
وثّقه الخطيب (تاريخ بغداد ١٠ / ٣٤٩) وراجع رواية ابن الجندي عنه في
__________________
(تاريخ
بغداد ١٤ / ٣١٣) وقد
عبّر فيه عنه بـ : (أبو محمّد بن السكّري) كما روى عنه في (الفوائد : الحديث المرقّم : ٢٥).
٧٣ ـ عبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله أبو عبد الله الهاشمي (م ٣٢٣
ق) :
قال عنه الخطيب
: «كان ثقة وكان يتفقَّه بمذهب الشافعي» (تاريخ بغداد ١٠ / ٣٥٠) راجع رواية ابن الجندي عنه في (ذيل تاريخ بغداد لابن النجّار ٣ / ٢٢٧، والفوائد برقم : ٤٣).
٧٤ ـ عثمان بن أحمد بن عبد الله بن يزيد أبو عمرو الدقّاق المعروف بالسمّاك
(م ٣٤٤ق) :
قال عنه الخطيب
: «وكان ثقة ثبتاً» (تاريخ
بغداد ١١ / ٣٠٠ ـ
٣٠١) وراجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ١٠ / ٢١١، جمال الأسبوع : ٢٢٨).
٧٥ ـ عثمان بن إسماعيل بن بكر أبو القاسم السكّري (٣٢٣ ق) :
نقل الخطيب عن
الدارقطني أنّه : «ثقة مأمون فاضل». راجع رواية ابن الجندي عنه في (تاريخ بغداد ٣ / ٣٥٥ و١٢ / ١٢٦).
وللبحث صلة ...
__________________
المنهج الموسوعي في
الفقه الإمامي
(الحدائق والجواهر
أنموذجاً)
(٢)
|
|
الشيخ مهدي البرهاني
بسم الله الرحمن الرحيم
تناولنا في
العدد السابق المناهج الموسوعية الفقهية في المدرسة الإمامية ونبذة عن كتاب
الحدائق الناضرة ومؤلّفه المحدّث الشيخ يوسف البحراني ونستأنف البحث هنا.
المبحث الثالث
نبذة عن كتاب الجواهر ومؤلّفه
المؤلّف :
أمّا صاحب كتاب
الجواهر ومؤلّفه فهو الشيخ محمّد حسن ابن الشيخ باقر نجل الشيخ
عبد الرحيم نجل آقا محمّد الصغير نجل المرحوم عبد الرحيم الشريف الكبير.
كذا أنهى نسبه
في آخر كتاب القضاء من كتابه الجواهر ، حيث جاء فيه ما نصّه : «وفرغ منه مؤلّفه العبد العاثر
محمّد حسن بن المرحوم الشيخ باقر نجل المرحوم عبد الرحيم نجل المرحوم آقا محمّد
الصغير نجل المرحوم عبد الرحيم الشريف الكبير».
ولم يُعلم من
نسبه إلى أبعد من ذلك ، أعني : عبد الرحيم الشريف.
ولعلّ السبب في
توقّف صاحب الجواهر في ذكر نسبه إلى جدّه الأعلى عبد الرحيم المعروف
بالشريف الكبير ؛ ذلك لأنّه أوّل من بدأ من هذه الأسرة بطلب العلم في النجف وصار
ممّن يشار إليه بالفضيلة.
وأمّا سبب
تلقّب جدّه الأعلى بالشريف فيرى الشيخ آقا بزرك الطهراني
رحمهالله
أنّ لقب
(الشريف) يعطى في تلك العصور لمن كانت أمّه علوية ، ولذا ذكر في كتابه الكرام البررة أنّ الشريف المذكور يرجع نسبه من حيث الأمّ إلى السادة
(الخواتون آباديّين) .
هذا نسب الشيخ
من قبل الآباء ، وأمّا من جهة الأمّ فهو ينتهي من قبل أمّ أبيه إلى الشيخ أبي
الحسن الفتوني العالم الجليل ، ومن قِبَل أمّه إلى السادة العذاريّين المعروفين
بآل حجاب كونها علوية منهم ، ولذا كان الشيخ في أيّام نشأته الأولى يقضي شطراً من
أوقاته في العذارات (من قرى الحلّة) عند أخواله ، وقد ذكر في سبب تأليفه للجواهر
أنّه ألّفه ليكون له مذكّرة فقهية يرجع إليها حيث لاتتهيّأ له
__________________
هناك (العذارات) الكتب للمراجعة عند الحاجة.
فالشيخ محمّد
حسن كان نقطة التقاء الأُسر العلمية من جهة الآباء والأمّهات.
الولادة :
ولد
قدسسره
في مدينة النجف
الأشرف في العراق ، وفيها ترعرع ونشأ وأقام بل وتوفّي ودفن ، ومدينة النجف كما هو
معروف مركز إشعاع علميّ على مدى عدّة قرون ربّما تقرب من ألف عام منذ هجرة الشيخ
الطوسي إليها.
ولم ينصّ
المؤرّخون لحياته على تحديد تاريخ سنة ولادته ، لكن ذكر الشيخ آقا بزرك الطهراني
في كتابه الذريعة أنّ سنة ولادته ليست خارجة عن حدود (١٢٠٠هـ) لبعض
الشواهد التي أشار إليها ، وفي طبقات أعلام الشيعة رجّح أن تكون حدود السنة (١٢٠٢هـ) . وهناك أراء أخرى في هذا المجال ، ككونه ولد سنة
(١١٩٢هـ) ، وهذا ما يظهر من صاحب الروضات وهو ممّن عاصر الشيخ وحضر درسه .
الأسرة :
تزوّج الشيخ
محمّد حسن رحمهالله
أربع نساء
كلّهنّ أعقبن ، وكانت آخر زوجاته
__________________
الأربع العلوية كريمة السيّد رضا بحر العلوم التي توفّيت بعده وكان قد أوصى
أن تدفن معه.
وأمّا أبناؤه ؛
فقد أنجب من زوجاته الأربع ثمانية أولاد ذكور ، أعقب كلّهم إلاّ الشيخ حسين الذي
توفّي في شبابه قبل أن يتزوّج ، ومعظمهم سلكوا طريق أبيهم في طلب العلم ، ومن أبرز
أولاده :
الشيخ محمّد
المشهور بالشيخ حُميد ، أكبر وأبرز الأسرة ، ومات في حياة والده.
الشيخ عبد
الحسين المعروف بالعلاّمة.
الشيخ حسين
الأديب ، وكان شاعراً.
والشيخ حسن ،
كان من العلماء والفقهاء في عصره .
وقد توارث
أولاده وأولادهم كابراً عن كابر العلم والفضيلة وزعامة النجف ، فأصبحت أسرته بعده
من أشهر الأُسر العلمية التي لها مكانتها المرموقة وزعامتها المعترف بها.
الحركة العلمية في عصره :
وكانت قد شهدت
الحوزات العلمية قبل حياة المؤلّف نموّاً وازدهاراً واسعاً لظروف علمية وسياسية
خاصّة بتلك الحُقبة الزمنية ، حيث ساد الأمن ورجع الوئام نسبيّاً إلى الشارع
السياسي ، وتحقّقت النهضة العلمية والدينية التي ترأّسها
__________________
العلاّمة محمّد باقر البهبهاني بتصدِّيه للأخباريّين وإبدائه مقاومة صلبة
تِجاههم مع زملائه.
وقد شارك صاحب الجواهر مراجع عصره في التصدّي للحركة الأخبارية ، وما كتابه جواهر الكلام إلاّ موسوعة فقهية على ضوء المدرسة الأصولية في مقابل
موسوعة الحدائق الناضرة للشيخ يوسف البحراني والتي كتبها على الذوق الأخباري ،
حيث تعرّض في كتابه هذا لآراء صاحب الحدائق وفنّدها في موارد كثيرة ، يذكره أمّا بعنوان صاحب الحدائق أو المحدّث البحراني أو في الحدائق ، وغالباً ما يشير في هذه الموارد إلى آراء صاحب الحدائق والردّ عليها.
المناخ العلمي في عصره :
عاش المؤلّف
فترة امتازت بميزتين من الناحية العلمية :
الأولى : بلوغ الحوزات العلمية ذروة نشاطها في كلّ من مجال
الفقه والأصول والأدب ، وذلك بفضل مساعي تلامذة الوحيد البهبهاني ، فقد ابتدأت
الحركة العلمية في الفقه والأصول في كربلاء على يد مؤسّسها العظيم آقا محمّد باقر
المعروف بالوحيد البهبهاني المتوفّى (١٢٠٥هـ) ، ونازعت النجف كربلاء وشاطرتها الحركة
العلمية بفضل تلاميذ الوحيد البهبهاني ، وهم : السيّد مهدي بحر العلوم (ت١٢١٢هـ)
والشيخ جعفر كاشف الغطاء (ت١٢٢٨هـ) ، إلاّ أنّ كربلاء بقيت محافظة على مركزها حتّى
وفاة شريف العلماء الشيخ محمّد شريف
__________________
المازندراني سنة (١٢٤٥هـ) ، وبفقده فقدت كربلاء تلك المركزية واتّجهت
الأنظار صوب النجف لوجود الشيخ صاحب الجواهر الذي اجتذب طلاّب العلم إليه وإليها بفضل ما كان يمتاز
به من أمور أهَّلته لنيل هذا المنصب الريادي الكبير.
الثانية : خروج عدد من الكتب المفصّلة غير المسبقة في مجالَي
الفقه والأصول إلى حيّز الوجود ، منها : كتاب كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء تأليف الشيخ جعفر النجفي ، كتاب مفتاح الكرامة تأليف السيّد محمّد جواد العاملي ، كتاب القوانين تأليف الميرزا القمّي ، كتاب رياض المسائل تأليف السيّد علي الطباطبائي ، وكتاب الدرّة النجفية تأليف السيّد محمّد مهدي بحر العلوم.
مرجعية صاحب الجواهر :
ويُعدّ
المتَرجَم له من أبرز أعلام الفرقة الإمامية وأكابر فقهاء الاثني عشرية ، وهو
عنوان الأسرة الجواهرية المعروفة في النجف الأشرف ، وبكتابه جواهر الكلام عُرفت، ومنه ابتدأت شهرتها وطار صيتها وانتشرت آثارها.
نعم ، فقد نبغ
الشيخ في النجف الأشرف أواسط القرن الثالث عشر الهجري ، وانتهت إليه مرجعية الشيعة
ورئاسة الطائفة بعد وفاة أستاذه الشيخ موسى كاشف الغطاء سنة (١٢٤٣هـ) ، وقد عاصر
مرجعية الشيخ علي كاشف الغطاء المتوفّى سنة (١٢٥٣هـ) ومرجعية أخيه الشيخ حسن كاشف
الغطاء المتوفّى سنة (١٢٦٢هـ) ، وبعد وفاة الشيخ حسن انفرد صاحب الجواهر بالرئاسة
العامّة للمرجعية الشيعية.
وإليك نصُّ ما
قاله المحقّق آقا بزرك الطهراني متحدّثاً عن مرجعية صاحب الجواهر :
«نبغ المترجم
في النجف الأشرف في أواسط القرن الثالث عشر ... وتقدّم في العلم والفضل حتّى بانت
للملأ مكانته السامية وعلمه الكثير ، فانتهت إليه زعامة الشيعة ورئاسة المذهب
الإمامي في سائر الأقطار ، ونهض بأعباء الخلافة وتكاليف الزعامة والإمامة ، وقد
خضع له علماء عصره وشهدوا له بالتفوّق والتقدّم ، وثنيت له الوسادة زمناً طويلاً».
أساتذته ومشايخه في الرواية :
تَلمَّذ
رحمهالله
في بدء دراسته
في مرحلة المقدّمات ـ شأن كلّ طالب مبتدئ ـ عند جماعة من الأساتذة ، وليس من
العادة أن يذكر مثلهم في ترجمة أحد الأعلام ، ولكن ذكر السيّد حسن الصدر في تكملة أمل الآمل في ترجمة الشيخ حسن محيي الدين العاملي النجفي أنّ
الشيخ محمّد حسن صاحب الجواهر قرأ عليه (حسن محيي الدين) في أوائل أمره المقدّمات.
وفي مرحلة
السطوح تَلمَّذ على الشيخ قاسم محيي الدين المتوفّى سنة
__________________
(١٢٣٨هـ) والسيّد حسين الشقرائي وغيرهم من علماء عصره .
ثمّ وبعد ذلك
التحق في دراسته للبحوث العالية بحلقات دروس كبار علماء النجف في زمنه حتّى بلغ
درجة الاجتهاد ، وكان من أبرز أساتذته في هذه المرحلة :
١ ـ السيّد
محمّد جواد العاملي الحسيني (صاحب كتاب مفتاح الكرامة) ، ذكره في الجواهر وأطراه وقال عنه : «المولى المتبحّر السيّد العماد
أستاذي السيّد محمّد جواد».
٢ ـ الشيخ جعفر
النجفي (صاحب كتاب كشف
الغطاء) ، وكان يجلّه
غاية الإجلال والإكبار ، وعبّر عنه بقوله : «أستاذي النحرير الذي لم يكن في زمانه
أقوى منه حدساً وتنبّهاً». وأيضاً عبّر عنه بـ : (الأستاذ الأكبر) في موارد عديدة
من كتاب الجواهر.
٣ ـ الشيخ موسى
ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء.
وغير هؤلاء من
تلامذة العلاّمة الوحيد البهبهاني والسيّد بحرالعلوم ، كالسيّد المجاهد صاحب المفاتيح.
وتتلمذه على
هذا الرعيل العلمي المتميّز ـ مع قدراته الذاتية ـ أهّله لأن
__________________
يحتلّ موقعاً علمياً استثنائياً على مدى الزمن ، ولايزال اسم الشيخ النجفي
وآراؤه الفقهية تتردّد في الأوساط العلمية على تنوّعها واختلاف مشاربها.
وأمّا روايته :
فقد حصل الشيخ
على إجازة نقل الرواية من السيّد محمّد جواد العاملي والشيخ جعفر كاشف الغطاء ،
وكذا عن الشيخ أحمد الأحسائي ، وغيرهم.
تلامذته :
نشطت الحركة
العلمية في النجف الأشرف في عهد الشيخ المترجم له ، وقد شغل الشيخ النجفي الموقع
الأوّل في مدرسة النجف إن لم يكن في العالم الشيعي برمّته بعد غياب أستاذه الشيخ
جعفر كاشف الغطاء ونجله الشيخ موسى ، وأقبل طلاّب العلم على الهجرة إليها ، وكان
درس الشيخ بالخصوص ملتقى النوابغ والمجتهدين من الطلاّب ، ذلك بفضل براعته
البيانية وحسن تدريسه وبحثه الدؤوب وانكبابه على التدريس والتأليف ، وكان مجلس
درسه يضمّ أكثر من ستّين مجتهداً من المعترف لهم بالفضيلة ، فتخرّج على يديه جماعة
كبيرة من أعلام الفقه انتشر أكثرهم في البلاد ، حتّى قال فيه بعض خوانين إيران :
لم يبقَ بلد من بلدان إيران إلاّ وفيه من خرّيجي مدرسته ، بل قيل : إنّه لم تبقَ بلدة شيعية
__________________
ليس فيها مرجع للناس من تلاميذه ؛ ممّا يعني أنّ عدداً من طلاّبه انتشر في
البلاد الإسلامية لغرض التعليم الديني وتمثيل المرجعية الدينية في تلك الأرجاء ،
ولعلّ ذلك كان من إرشادات الشيخ قدسسره نفسه واهتمامه بتوسيع عمل المرجعية في هذا الإطار.
قال المحقّق
آقا بزرك الطهراني في وصف درس المترجَم له وتلامذته : «وهو مضرب المثل في كثرة من
تخرّج عليه ، ويمتاز عن البعض بأنّ كافّة تلاميذه فطاحل غطارف فحول أعلام ، فقد
خرج من معهد درسه جمٌّ غفير انتشروا في الأنحاء والأرجاء الشيعية ، وهم كثيرون
للغاية ويصعب استقصاؤهم جدّاً».
وقد ذكر الشيخ
المظفّر عدداً كبيراً من أعلام تلامذة الشيخ ممّن هم معروفون بمقامهم العلمي ومكانتهم
الدينية وقد أنهاهم إلى الأربعين ، ومن أبرز أولئك الذين ذكرهم :
الميرزا
إبراهيم شريعتمدار السبزواري العلوي ، والشيخ محمّد باقر الأصفهاني ولد صاحب حاشية
المعالم ، والشيخ جعفر التستري ، والشيخ حسن ابن الشيخ أسد الله الكاظمي صاحب
المقابس ، والشيخ راضي النجفي جدّ الأسرة العلمية المعروفة باسمه .
آثاره ومصنّفاته :
كان للمترجم له
في التأليف والتصنيف ملكة عظيمة ، واشتهرت كتبه
__________________
اشتهاراً كبيراً ، وهو بالتأكيد إنّما يدلّ على غزارة مادّته وتبحّره في
الفقه ، ويكفيه من آثاره ومصنّفاته العلمية كتابه جواهر الكلام الذي هو أحد ركني موضوع البحث في هذه المقالة ، ويأتي
الكلام عنه إن شاء الله.
وأيضاً ممّا
عُرف من تصانيفه هو كتاب نجاة
العباد أو نجاة العباد في يوم
المعاد ، وهي رسالة
عملية فتوائية مجرّدة عن الدليل والمدرك الشرعي كان قد ألّفها لمقلّديه ، وغالباً
ما يكتبها الفقيه لمقلّديه للرجوع إليها لمعرفة فتاواه في المسائل محلّ الابتلاء
وهو ما يعرف اصطلاحاً بـ : الرسالة
العملية ، وقد ذكر
الشيخ آقا بزرك الطهراني أنّ الشيخ صاحب الجواهر انتزع كتابه نجاة العباد من كتابه الكبير جواهر الكلام.
وذكر بعض
المتتبّعين أنّ التفحّص في عبارات نجاة العباد يقضي بأنّها قد انتزعت من كتاب الجواهر ، بل الغالب يجدها عينها فيه ، فيمكن القول بأنّها
خلاصة للجواهر.
وقد علّق عليها
جمع من أكابر الفقهاء ، وذُكر أنّ من أوّلهم كان الشيخ مرتضى الأنصاري ـ الذي
تزعّم مدرسة النجف الأشرف بعد وفاة الشيخ صاحب الجواهر ـ فوقّعها لعمل مقلّديه أيضاً وعلّق على موارد اختلاف
نظره في الحاشية ، وحذا حذوه بقيّة العلماء من بعده ، فكثرت الحواشي على نجاة العباد من أمثال الميرزا الشيرازي قائد ثورة التنباك ، والشيخ
راضي ، والشيخ المامقاني ،
__________________
وغيرهم.
وله أيضاً عدّة
رسائل أخرى في الدماء الثلاثة والزكاة والخمس وأحكام الأموات ، كلّها أُلحقت بنجاة العباد ، وصارت جميعها رسالة واحدة بهذا الاسم.
وله : هداية الناسكين في مناسك الحجّ ، ترجمه الملاّ علي بن ميرزا خليل
الطهراني للفارسية ، وشرحه الملاّ محمّد حسين القمشي.
وله أيضاً
رسالة في الزكاة والخمس ، ورسالة في المواريث ، وهي آخر مؤلّفاته ، وقد فرغ منها
سنة الوباء (١٢٦٤هـ) .
أمّا في أصول
الفقه فله كتاب مستقلّ ، ذكر بعض الباحثين إنّ نسخته الوحيدة التي هي بخطّ مؤلّفه
تَلَفت بوقوعها في البئر بعد أن ألقاها ولد له صغير ، وبعد إخراجه وجدوا أنّه قد
انمحت كلماته ، ولم يكن وقت الشيخ يسمح له يومئذ وهو المرجع للتقليد أن يعيد
تأليفه.
وقد أشار إليه
الشيخ في كتابه الجواهر وأحال عليه في عدّة مواضع من الكتاب ، منها كتاب الصلاة
عند تعرّضه لمعنى الصلاة شرعاً ، وكتاب الصوم في حكم من نسي غسل الجنابة ، وكتاب الحجّ في حكم المستبصر إذا أخلّ
__________________
بركن.
إيصاء الشيخ بالزعامة والمرجعية من بعده إلى الشيخ الأنصاري :
ومن سعة أفق
الشيخ وبُعد نظره، ما كان من تنصيبه للشيخ مرتضى الأنصاري خلفاً له ، فقد دعاه في
مرض موته بحضور أكثر أعلام تلاميذه وأولاده الذين كان يرى ويعتقد كلّ واحد منهم في
نفسه الكفاية لهذا المنصب الرفيع ، ولكنّه عهد إلى الشيخ دونهم بهذا المنصب ،
والأنصاري يومئذ مغمور لا يعرفه أحد ، على أنّه لم يكن معدوداً من تلاميذه وإنّما
كان يحضر درسه في أواخر أيّامه تيمّناً لا حضور التلميذ المستفيد ، ولذا يُعبّر
الشيخ الأنصاري عن صاحب الجواهر في بعض كتبه بـ : (بعض المعاصرين) لا أكثر.
وفاته ومكان دفنه :
توفّي صاحب الجواهر
قدسسره
في غرّة شعبان
يوم الأربعاء عند زوال الشمس سنة (١٢٦٦هـ) في النجف الأشرف بعد أن تجاوز العقد
السابع من عمره الشريف ، ودفن في مقبرته المعروفة والمجاورة لمسجده المشهور في ما
يعرف اليوم بمحلّة (العمارة) ، وقد أرَّخ عام وفاته سبطه الشيخ عبد الحسين ابن
الشيخ عبد علي (مؤلّف آثار
الشيعة) ببيتين وقد
كُتِبا بالحجر الكاشي على صخرة قبره ،
__________________
والبيتان :
ذا مرقد
الحسن الزاكي الذي اندرجت
|
|
أسرار أحمد
فيه بل سرائره
|
أودي ومذ
أيتم الإسلام أرّخه
|
|
بين الأنام
يتيمات جواهره
|
جواهر الكلام في شرح شرائع الاسلام :
أمّا جواهر الكلام فهو مصنَّف استدلاليّ ضخم في الفقه الشيعي الإمامي ، من
تأليف الشيخ محمّد حسن النجفي شرح فيه كتاب شرائع الإسلام للمحقّق نجم الدين جعفر بن الحسن الحلّي (ت٦٧٦هـ) شرحاً
متميّزاً بحيث يصعب على القارئ التفريق عند قراءته بين المتن والشرح.
يتميّز الكتاب
بتقديم موسّع للأبحاث الفقهية وعرض واف ومُسهَب لمختلف آراء الفقهاء الماضين بما
قد يُغني الباحث عن مراجعة غيره من الكتب والمصادر ليزوِّده بالأبحاث والتدقيقات
التي لا مناص منها في عملية الاستنباط الفقهي ، وقد فاق جميع ما سبقه من الموسوعات
سعة وجمعاً وإحاطة بأقوال العلماء وسرد أدلّتهم ومناقشتها مع بُعد نظر وتدقيق ،
فوُفّق الكتاب توفيقاً منقطع النظير في إقبال أهل العلم عليه وأخذهم منه ، وبعد
ذلك توفّق للنشر بعد وفاة المؤلّف بزمن قليل ، فطُبع على الحجر بإيران خمس طبعات
في ستّة مجلّدات ضخام ، ووُقِف منه مئات النسخ على طلاّب العلم بالنجف وكربلاء
وإيران.
والسرّ في هذا
الإقبال ـ كما يوعزه الحجّة الشيخ محمّد رضا المظفّر طاب
__________________
ثراه في مقدّمته على الكتاب ـ يرجع إلى عدّة أمور :
١ ـ أنّه كتاب
لم يؤلّف مثله سعة وإحاطة وتعمّقاً ومناقشة للمطالب.
٢ ـ أنّه كتاب
كامل في أبواب الفقه كلّها جامع لجميع كتبه.
٣ ـ وجود ميزة فيه
قد تفرّد بها ، وهي كونه على نسق واحد وأسلوب واحد وبنفس السعة التي ابتدء بها
انتهى إليها.
٤ ـ إنّ به
الغنى عن كثير من الكتب الفقهية الأخرى ولا يُستغنى بها عنه.
ونُقل عن صاحبه
رحمهالله
أنّه قال : من
كان عنده جامع المقاصد والوسائل والجواهر فلا يحتاج إلى كتاب للخروج عن عهدة الفحص الواجب على
الفقيه في آحاد المسائل الفرعية.
٥ ـ وميزة
خامسة فيه أنّه احتوى على كثير من التفريعات الفقهية النادرة ممّا قد لا تجده في
غيره من الموسوعات الأخرى ، فهو جامع لأمّهات المسائل وفروعها.
جاء في الذريعة : «كتاب الجواهر الذي لا يوجد في خزائن الملوك بعض جواهره ولم يعهد في
ذخائر العلماء شيء من ثماره وزواهره ، لم يكتب مثله ، جامع في استنباط الحلال
والحرام ولم يوفّق لنظيره أحد من الأعلام ، لأنّه محيط بأوّل الفقه وآخره ، محتو
على وجوه الاستدلال مع دقّة النظر ونقل الأقوال ، قد صرف عمره الشريف وبذل وسعه في
تأليفه فيما يزيد على ثلاثين سنة ... وقد
__________________
فرغ منه في سنة (١٢٥٧هـ) ، فأثبت بعمله القيّم المنّة على كافّة المتأخّرين
وجعلهم عيالاً له في معرفة استنباط أحكام الدين».
وقال في طبقات الشيعة الكرام البررة نقلاً عن بعض الفضلاء في وصفه للكتاب ما نصّه :
«لو أراد مؤرّخ زمانه أن يثبت الحوادث العجيبة في أيّامه لم يجد حادثة أعجب من
تصنيف هذا الكتاب في عصره».
وقال المحدّث
النوري في الخاتمة بعد وصف المؤلّف بالشيخ المربّي الفقيه وكونه ممّن
انتهت إليه رئاسة الإمامية في عصره : «صاحب كتاب جواهر الكلام الذي لم يصنّف في الإسلام مثله في الحلال والحرام».
فالجواهر إذن لم يصنّف في الإسلام فيما يخصّ الحلال والحرام مثله
، فهو جواهر بجميع ما تعطي الكلمة من معنى ودلالة ، إنّه اسم وافق مسمّاه ، وهنا
يكمن السرّ في خلوده وتفوّقه وديمومته مرجعاً ومصدراً ومنهلاً للفقهاء ، على طول
الزمان ومرّ الدهور وتعاقب العصور.
وذاع صيت
الكتاب بحيث غلب عنوانه على اسم مؤلّفه ، فباتت تُعرَف شخصية مؤلّفه بـ : (صاحب الجواهر) ، كما صار اصطلاح الفقه الجواهري بين كبار الفقهاء
عنواناً سائداً للتعبير عن النمط الذي تفرضه متطلّبات الاجتهاد الحقيقي في عصر
النهضة الإسلامية ، حيث كان عليهم ملء الفراغ الذي أحدثه الفكر الأخباري
__________________
في الجمود على واقع انقضى أمده ، ليُعطِّل من وجهة نظرهم كثيراً من الأحكام
السياسية والاجتماعية للدين.
الهدف من تأليف الكتاب :
لم ينوِ
المؤلِّف في بدء أمره القيام بشرح كتاب الشرائع بناءً على ما نُقِل عنه ، بل كان
رحمهالله
يقصد تنظيم
ملاحظاته ومراجعاته حول مختلف المباحث الفقهية للاستفادة الشخصية ، وقد بيّن في
مقدّمة كتابه أنّ الدواعي من انتخاب كتاب الشرائع لشرحه كانت هي خصوصيّات الكتاب
في الإحاطة والبيان والإتقان ورجوع المتأخّرين إليه ، وأنّ الهدف من شرحه إنّما
كان إخراج فوائد الكتاب وإيضاح دقائقه ورفع الإجمال وبيان أخطاء الشرّاح والإتيان
على الأقوال ومستنداتها بأوجز العبارات.
ونُقل عن التكملة أنّ الشيخ قال في جملة كلام له مع تلميذه فقيه عصره
الشيخ محمّد حسن آل يس عن كتابه الجواهر في قصّة طويلة : «والله يا ولدي أنا ما كتبته على أن
يكون كتاباً يرجع إليه الناس ، وإنّما كتبته لنفسي حين كنت أخرج إلى العذارات ـ
منطقة تعود إلى أخواله في إحدى مناطق الحلّة ـ وهناك أُسأل عن المسائل وليس عندي
كتب أحملها لأنّي فقير ، فعزمت على أن أكتب كتاباً يكون لي مرجعاً عند الحاجة ،
ولو أردت أن أكتب كتاباً مصنّفاً في الفقه لكنت أحبّ أن يكون على نحو رياض المير السيّد علي».
__________________
وأضاف الشيخ
المظفّر قائلاً : «والحقّ أنّ الكتاب بما فيه من البسط وعدم الترتيب شاهد على صحّة
هذا النقل من أنّه كتبه ليكون مذاكرات ومرجعاً له خاصّة لا على أسلوب التأليفات
المنمّقة ، ومن هنا نعرف السرّ فيما كان يصنعه كثيراً، من اقتطاف نصّ عبارات الرياض وشرح اللمعة من دون الإشارة إلى المصدر ولا إلى ما يشعر بالاقتطاف».
تاريخ البدء بالتأليف :
المعروف أنّ
المؤلّف بادر إلى تأليف الكتاب وهو في الخامسة والعشرين من عمره ، وقد كتب السيّد
محمّد باقر الخوانساري في الروضات أنّ النجفي في سنة (١٢٦٢هـ) كان قد بلغ من العمر سبعين
عاماً ، فيُخمّن أن يكون بدء تأليفه سنة (١٢١٧هـ) .
قال الشيخ
المظفّر : «المعروف أنّه شرع في تأليفه من كتاب الخمس على غير الترتيب ، وكتاب
الخمس فرغ منه بتاريخ (١٢٣١هـ) كما سجّل في آخره بخطّه الشريف ، وآخر ما كتبه منه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وانتهى منه سنة (١٢٥٧هـ) كما سجّل في آخره وبخطّه أيضاً. ولكن الشيخ آقا بزرك الطهراني حفظه الله استنتج أنّ
أوّل كتاب شرع فيه هو كتاب الطهارة ، بدليل أنّه ذكر
__________________
في مبحث أحكام الاستنجاء أستاذه كاشف الغطاء وقال عنه : (سلّمه الله) كما
تنطق به النسخة الأصلية المخطوطة ، ومن المعلوم أنّ الشيخ الكبير توفّي سنة
(١٢٢٨هـ)».
وجاء في كتاب
ماضي النجف وحاضرها: «وقد هنّأه بإتمام الكتاب كثير من شعراء عصره ، كالشيخ موسى
شريف ، والشيخ عبد الحسين ابن الشيخ قاسم محي الدين ، والشيخ إبراهيم قفطان ،
وصهره على ابنته السيّد صالح القزويني ، وتلميذه العلاّمة السيّد حسين بحر العلوم
بقوله من قصيدة له :
لله علمك كم وكم وضحت به
|
|
سنن الهدى
حتّى اهتدى حَيرانُها
|
كم من يد
مشكورة لك في الورى
|
|
ضاف نداها
سابغٌ إحسانُها
|
لو لم تكن
إلاّ جواهرك التي
|
|
أحيى شريعة
أحمد برهانُها
|
لكفتك بين
ذوي العلوم فضيلةً
|
|
شهدت بأنّك
فيهم سلطانُها»
|
الحواشي والتعليقات على الكتاب :
ذُكرت عدّة من
الشروح والتعليقات على كتاب جواهر
الكلام ، منها :
١ ـ حاشية من
تأليف الميرزا محمّد التنكابني المتوفّى (١٣٠٢هـ).
٢ ـ حاشية من
تأليف تلميذه الملاّ علي الكني صاحب تحقيق الدلائل
__________________
المتوفّى (١٣٠٦هـ).
٣ ـ حاشية
للشيخ محمّد طه ابن الشيخ مهدي نجف المتوفّى (١٣٢٣هـ) ، اسمها الإنصاف في تحقيق
مسائل الخلاف من كتاب جواهر الكلام.
٤ ـ حاشية على
كتاب الخمس خاصّة ، تأليف السيّد أبي تراب الخوانساري المتوفّى (١٣٤٦هـ) .
__________________
الفصل الثاني
المنهج الموسوعي لصاحب الحدائق
المبحث الأوّل
معالم المدرسة الأخبارية
تمهيد :
تأسيس وأسُس المدرسة الأخبارية :
شهد عصر صاحب الحدائق مرحلة جديدة من مراحل تطوّر مناهج استنباط الأحكام
الشرعية عند الشيعة الإمامية بلغ فيها الخلاف ذروته بين مدرستين فقهيّتين
إماميّتين عُرف فقهاء إحداهما بالأصوليّين أو المجتهدين وعُرف فقهاء الأخرى
بالأخباريّين أو المحدّثين ، وقد برز هذا الخلاف أوّل مرّة وذاع صيته أواخر النصف
الأوّل من القرن الحادي عشر الهجري بعد ما يربو على قرن وربع قرن من قيام الدولة
الصفوية وعقب انتشار آراء المحدّث محمّد أمين الإسترآبادي (ت ١٠٣٣هـ) والتي أودعها
في كتابه: الفوائد
المدنية في الردّ على القائل بالاجتهاد والتقليد في الأحكام الإلهية والذي يُعدّ أوّل مصدر تبلورت فيه أفكار المدرسة
الأخبارية بصورتها الكاملة والواضحة ، وقد نَظَّر الإسترآبادي في مصنّفه هذا جميع
المرتكزات والمبادئ التي تقوم عليها هذه المدرسة ، وهاجم فيه المدرسة الأصولية
محاولاً نقض منهجها من أساسه ، فأحدث بذلك هزَّة في
الأوساط الشيعية انقسم الفقهاء على إثرها إلى مؤيّد ومعارض ، وصاروا فريقين
معروفين : أخباريّين وأصوليّين.
وقد ردّ نور
الدين العاملي على ما ألّفه الإسترآبادي بكتاب أسماه الفوائد المكّية في مداحض حجج الخيالات
المدنية ونقض أدلّة الأخبارية ، وردّ عليه دلدار علي النقوي اللَكَهنوي بكتاب أسماه: أساس الأصول ، فألّف الميرزا محمّد عبد النبي النيسابوري الهندي
كتاباً أسماه: معاول
العقول لقلع أساس الأصول دافع فيه عن كتاب الفوائد المدنية للإسترآبادي وعنّف القول على مؤلّف أساس الأصول ، فانبرى عدد من تلاميذ علي وهم نظام الدين حسين وأحمد
علي وغيرهما للدفاع عن شيخهم ، فألّفوا كتاب مطارق الحقّ واليقين لكسر معاول
الشياطين.
وهكذا ظلّ
الصراع محتدماً بين الأخباريّين والأصوليّين خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر
الهجريّين ، وكانت المعارك بين الطرفين تدور بشكل خاصّ في مدينة كربلاء حيث كان
للأخباريّين فيها وجود بارز ، ولم يقتصر النزاع على علماء الشيعة من الطرفين بل
انتقل إلى صفوف عوامّهم ، ومن ذلك ما أوغل الأخباريّون في الازدراء بالأصوليّين
وتسفيه منهجهم ومؤلّفاتهم إلى درجة أنّهم كانوا لايلمسون مؤلّفاتهم بأيديهم خوفاً
من نجاستها ، بل كانوا يقبضونها من وراء ملابسهم كما جاء في بعض المصادر.
__________________
مرتكزات المنهج الأخباري :
ويرتكز المنهج
الأخباري الذي عرضه الإسترآبادي في كتابه ودعا إلى إحيائه بوصفه يمثّل حسبما يعتقد
المنهج الأصيل الذي اتّبعه أصحاب الأئمّة
عليهمالسلام
والرعيل الأوّل
من علماء الإمامية على جملة من الأسس والمبادئ يمكن إيجازها فيما يلي :
أوّلاً : انفتاح سبيل العلم بالأحكام الشرعية الفرعية بوجود
الأخبار المروية عن أئمّة أهل البيت
عليهمالسلام
والمقطوع
بصدورها ودلالتها.
ثانياً : حرمة العمل بظواهر القرآن والسنّة النبوية قبل الوقوف
على حالهما في أخبار أهل البيت عليهمالسلام .
ثالثاً : حرمة العمل بالأدلّة الظنّية ـ بما في ذلك الإجماع ـ
والأدلّة العقلية كما هو المعمول به في الطريقة الأصولية ، وعدم مشروعية الاجتهاد
والتقليد بموجب هذه الطريقة.
رابعاً : التوقّف والاحتياط فيما لم يقُم عليه دليل من أخبار
أهل البيت عليهمالسلام
.
وقد ربط
الإسترآبادي نشأة المدرسة الأصولية عند الشيعة الإمامية بالأفكار العقلية التي
نادت بها مدرسة الرأي المقابلة لمدرسة الحديث عند أهل المذاهب
__________________
الأخرى وجسّدتها في علم أصول الفقه ، مقلّصة الاعتماد على الحديث بالاقتصار
على المتواتر منه من دون غيره من أخبار الآحاد المشكوك في صحّتها ، وألقى تَبِعة
القيام بالخطوات الأولى في نشأة هذه المدرسة على ذلك النحو حسب اعتقاده على
الفقيهين القديمين ابن أبي عقيل وابن الجنيد الذين اتّهمهما بالعمل بالقياس ، كما
ألقى بتبعة القيام بالخطوات النهائية التي استكملت بها المدرسة الأصولية جميع
مقوّماتها واستوفت إطارها الكامل على العلاّمة الحلّي ، كما اتّهم فيه محمّد بن
إدريس الحلّي بأنّه أوّل من فتح باب الطعن في صحّة أكثر الأحاديث المتداولة في كتب
الشيعة.
أعلام المدرسة الأخبارية بعد الإسترآبادي إلى عصر صاحب الحدائق :
اقتفى أثر
المحدّث الإسترآبادي أو تأثّر به في منهجه الأخباري ومناهضته للمنهج الأصولي في
القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريّين كثير من الفقهاء الذين عُرفوا
بالمحدّثين أو الأخباريّين ، ولعلّ من أبرز هؤلاء الأخباريّين من الفقهاء هم :
١ ـ الشيخ
محمّد تقي المجلسي المتوفّى (١٠٧٠هـ) ، وهو والد العلاّمة المجلسي محمّد باقر صاحب
كتاب بحار
الأنوار ، له شرح على
كتاب من
لايحضره الفقيه بالفارسية وآخر بالعربية ، وقد صوّب المجلسي في كلا شرحيه
__________________
على الكتاب المذكور طريقة المحدّث الإسترآبادي وأثنى عليه وعلى كتابه
وطريقته الأخبارية ، خصوصاً في شرحه الفارسي على الكتاب.
٢ ـ الشيخ حسين
بن شهاب الدين العاملي المتوفّى (١٠٧٦هـ) ، ذكر له الحرّ العاملي عدّة مؤلّفات ،
منها هداية
الأبرار إلى طريق الأئمّة الأطهار ، وهذا الكتاب من أشهر ما عُرف به ، وقد ضمَّنه منهجه
الأخباري ونقده للمنهج الأصولي.
٣ ـ المولى
محمّد محسن المعروف بالفيض الكاشاني المتوفّى (١٠٩١هـ) ، قال عنه معاصره الحرّ
العاملي في أمل
الآمل : «كان عالماً
فاضلاً ماهراً حكيماً متكلّماً محدّثاً محقّقاً شاعراً أديباً حسن التصنيف من
المعاصرين».
ومن أشهر
مؤلّفاته في الحديث الوافي في خمسة عشر جزءاً ، جمع فيه أحاديث الكتب الأربعة : الكافي ومن لايحضره
الفقيه والاستبصار والتهذيب ، معتقداً بقطعية صدورها عن الأئمّة
عليهمالسلام. وللفيض أيضاً رسالة الحقّ المبين كتبها في تأييد ما ذهب إليه الإسترآبادي.
٤ ـ الشيخ
محمّد بن الحسن الحرّ العاملي المتوفّى (١١٠٤هـ) ، وصفه المحدّث البحراني في الحدائق بأنّه من متصلّبي الأخبارية وأجلاّء المحدّثين.
تبنّى الحرّ
العاملي المنهج الأخباري ودافع عن الإسترآبادي وطريقته في
__________________
كتابه الفوائد
الطوسية بقوله : «إنّه
رجّح طريقة القدماء على طريقة المتأخّرين بالنصوص المتواترة».
وقد ناقش الحرّ
العاملي في هذا الكتاب ضمن الفائدة الحادية والتسعين والفائدة الثانية والتسعين
منه المنهج الأصولي في الاستنباط وحدّد أبرز الفروق بينه وبين المنهج الأخباري في
ثلاثة وعشرين فرقاً ، مؤكّداً أنّ معظمها فروق معنوية وليست لفظية.
وإلى جانب ما
تقدّم كرَّس الشيخ الحرّ جهوده العلمية لترسيخ دعائم المنهج الأخباري ونشره ،
فخصّص قسماً من كتاب الفصول
المهمّة في أصول الأئمّة لبيان الكلّيات المتعلّقة بأصول الفقه وأنهاها إلى ستّة
وثمانين باباً إلى جانب المقدّمة التي بحث فيها جملة من المسائل المتعلّقة بأصول
الفقه أيضاً كحجّية الظواهر والعمومات ، ذلك كلّه من أجل تأصيل قواعد المنهج
الأخباري كما طرحه الإسترآبادي.
كما صنّف الحرّ
العاملي كتاب تفصيل
وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ، وهو أشهر كتبه وأبقاها أثراً وتداولاً بين علماء
المدرستين قاطبة حتّى اليوم.
٥ ـ السيّد
هاشم بن سليمان البحراني التوبلي المتوفّى (١١٠٧هـ) ، أشار
__________________
الشيخ يوسف البحراني إلى أخباريّته بنعته بأنّه كان محدّثاً.
وأمّا مؤلّفاته
فإنّ من أشهرها كتابه البرهان
في تفسير القرآن في ستّة مجلّدات اتّبع فيه المنهج الأخباري في التفسير ، وقد أشار إلى ذلك
الشيخ البحراني في الحدائق فقال : «إنّ من جملة الأخبار الواردة عنهم متّفقة
الدلالة على المنع من تفسيره إلاّ بما ورد عنهم
عليهمالسلام
، ولذلك تصدّى
لذلك جملة من فضلاء المتأخّرين المتبحّرين ، منهم السيّد العلاّمة السيّد هاشم
الكتكاني البحراني في تفسيره المسمّى بالبرهان في تفسير القران ، فجمع تلك الأخبار الواردة في تفسير الآيات عنهم
عليهمالسلام
».
٦ ـ الشيخ
محمّد باقر المجلسي المتوفّى (١١١١هـ) ابن المجلسي الأوّل المتقدّم ذكره ، قال عنه
المحدّث البحراني بعد وصفه بغوّاص بحار الأنوار ـ إشارة إلى كتابه المعروف بحار الأنوار ـ : «شيخ الإسلام بدار السلطنة إصفهان ، رئيساً فيها
بالرئاستين الدينية والدنيوية ، إماماً في الجمعة والجماعة ، وهو الذي روَّج
الحديث ونشره لاسيّما في الديار العجمية ، وترجم له الأحاديث العربية بأنواعها
بالفارسية».
امتاز المجلسي
الابن بالاعتدال في أخباريّته ، فلم يسلك سبيل سلفيه الإسترآبادي والفيض الكاشاني
في شدّة التعصّب لمذهبه والتشنيع على
__________________
الأصوليّين ، حتّى أنّ صاحب الحدائق وصف طريقته بأنّها الطريقة الوسطى كما نقل ذلك أبو علي
الحائري ، ولم يشغل نفسه بالمباحث النظرية كما فعل الفيض وإنّما
وجّه جلّ اهتمامه إلى جمع أحاديث الأئمّة وترويجها في الديار العجمية بعد ترجمتها
إلى الفارسية ، وقد أتيح له بحكم مركزه في الدولة الصفوية اقتناص فرص نادرة في
الحصول على كلّ مايطلبه من الكتب ، حتّى صنّف أبرز آثاره وأهمّها وهو كتاب بحار الأنوار الذي جمع كلّ ما وصل إليه من الأخبار التي رواها محدّثو
الشيعة في أصولهم وكتبهم.
٧ ـ السيّد
نعمة الله بن عبد الله الجزائري المتوفّى (١١١٢هـ) ، ويلقّب أيضاً بالشوشتري ،
وتميّز الجزائري رغم التزامه بمبادئ النهج الأخباري بالدعوة إلى الاعتدال والتوسّط
في مناهضة الأصوليّين والتخفيف من غلواء الانشقاق الذي شطر الفكر والمجتمع إلى
شطرين ، وقد وصفه صاحب روضات
الجنّات بأنّه كان مع
مشرب الأخبارية كثير الاعتناء والاعتدال بأرباب الاجتهاد.
٨ ـ الشيخ عبد
الله بن صالح السماهيجي المتوفّى (١١٣٥هـ) ، وكان على عكس الجزائري متشدّداً في
منهجه الأخباري كثير التشنيع على المجتهدين ، وقد أكثر صاحب الحدائق من التعرّض في كتابه لذكر أقوال السماهيجي في مسائل
كثيرة وبخاصّة ما ورد منها في كتابه منية الممارسين الذي قال عنه في اللؤلؤة بأنّه أحسن ما صنّفه ، وكان يشير إليه غالباً في الحدائق بقوله : «شيخنا المحدّث
__________________
الصالح»
.
وقد واصلت
المدرسة الأخبارية خلال القرن الثاني عشر توسّعها وانتشارها في مجمل الحواضر
العلمية الشيعية في العراق وإيران والبحرين وجبل عامل ، وبلغت أوج اكتمالها
وقوّتها في عهد المحدّث البحراني صاحب الحدائق الذي آلت إليه زعامة هذه المدرسة على إثر حلوله في
كربلا بعد عام (١١٦٥هـ) ، وفي المقابل تراجعت المدرسة الأصولية جرّاء بروز هذه
المدرسة وضعف إنتاجها في علم الأصول رغم صدور بعض الرسائل والحواشي الأصولية التي
لم تخلُ من التجديد في بعض أفكارها ، كالوافية للملاّ عبد الله التوني (ت١٠٧١هـ) ، وشرحها للسيّد صدر
الدين القمّي (ت١١٦٠هـ) ، وحاشية
محمّد بن حسن الشيرواني (ت١٠٩٨هـ) على كتاب المعالم للشيخ حسن ابن الشهيد الثاني (ت١٠١١هـ) ، إنّها وغيرها
ممّا ظهر من بحوث فقهية وأصولية للاُصوليّين في تلك الحقبة الأخبارية لم ترقَ إلى
مستوى مجابهة التيّار الأخباري ، حتّى ظهر الوحيد البهبهاني على رأس مدرسته
الأصولية الجديدة التي طوّرت البحث الأصولي وارتقت به إلى مستوى أعلى مكَّنها من
إيقاف انتشاره وتحجيمه في أضيق الحدود.
الأدلّة التي يستند إليها الفقهاء في المدرسة الأخبارية :
بلور الفكر
الأصولي منذ القرن السادس الهجري أدلّة الأحكام الشرعية في
__________________
أربعة هي : الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، وقد نفى الأخباريّون حجّية
اثنين منها هما : الإجماع والعقل ، واختلفوا مع الأصوليّين في شروط الاستدلال
بالكتاب والسنّة بعد الاتّفاق على أصل حجّيتهما ، حيث اشترط الأخباريّون في
الاستدلال بظواهر الكتاب الرجوع في تفسيرها إلى أخبار أهل البيت
عليهمالسلام
، وأطلقوا صحّة
الأخبار الواردة في الكتب المعتمدة ـ سواء الأربعة منها المشهورة أو غيرها مثل عيون أخبار الرضا
والأمالي والاحتجاج ـ بمعنى القطع بصدورها.
أهمّ معالم المدرسة الأخبارية :
يمكن إيجاز
أهمّ المسائل الأساسية للمدرسة الأخبارية بعد وضوح موقفهم من الأخذ بالكتاب الكريم
بما يلي :
أوّلاً : قطعية صدور كلّ ما ورد في الكتب الحديثية الأربعة من
الروايات ؛ لاهتمام أصحابها بتدوين الروايات التي يمكن العمل والاحتجاج بها ،
وعليه فلا يحتاج الفقيه إلى البحث عن أسناد الروايات الواردة في الكتب الأربعة
ويصحّ له التمسّك بما ورد فيها من الأحاديث.
ثانياً : عدم جريان البراءة في الشبهات الحكمية التحريمية.
__________________
ثالثاً : نفي حجّية الإجماع بلا فرق بين المحصّل والمنقول ،
لأنّه عندهم بدعة أوجدها أهل السنّة ، وهو رأي معروف للأخباريّين.
رابعاً : نفي حجّية حكم العقل ونفي الملازمة بين الحكم العقلي
والحكم الشرعي.
هذا ما يُنسب
إلى الأخباريّين على نحو الإجمال ، أمّا تفصيل مرادهم بالدقّة من نفي دليلية العقل
في مجال الاستنباط ففي الواقع لايمكن استخلاص نظرية واضحة من كلماتهم في ذلك ،
ولذا أفاد الشيخ الآصفي رحمهالله في بعض تحقيقاته بما نصّه : «وتضطرب كلمات الأخباريّين
بشكل يصعب على الباحث أن يستخرج منها شيئاً محدّد المعالم لنسبته إليهم ... ولكن
الذي يستطيع الباحث أن يستخلصه من كلماتهم ويطمئنّ من نسبته إليهم هو القول بلزوم
توسّط الأوصياء سلام الله عليهم في التبليغ ، فكلّ حكم لم يكن فيه وساطتهم فهو
لايكون وأصلا إلى مرتبة الفعلية والباعثية ، وإن كان ذلك الحكم واصلا إلى المكلّف
بطريق آخر فلا يمكن الاعتماد عليه».
أهمّ آراء المدرسة الأخبارية من حيث طريقة الاستنباط ومنهجه :
وأشار بعض
المعنيّين إلى بعض الفروق الجوهرية بين المدرسة الأخبارية
__________________
والأخرى الأصولية فيما يرتبط بطريقة الاستنباط ومنهجه ، ملخِّصاً نظر
الأخباريّين بهذه النقاط الثلاث :
النقطة الأولى : وظيفة الفقيه والمقلّد :
ممّا تفرّد به
الأخباريّون القول بأنّ وظيفة الفقيه هي رواية حكم المعصوم أو فتواه ونقلهما
للعوامّ، ووظيفة الرعية هي تقليد المعصوم ، وأنّ اجتهاد الفقيه في مقابل النصوص
وتقليد العامّي له في ذلك كلاهما غير جائز
قال المحدّث
الإسترآبادي : «عند قدماء أصحابنا الأخباريّين كالشيخين الأعلَمَين الصدوقين
والإمام الثقة محمّد بن يعقوب الكليني كما صرّح به في أوائل كتاب الكافي وكما نطق به باب التقليد وباب الرأي والمقاييس وباب
التمسّك بما في الكتب من كتاب الكافي ، فإنّها صريحة في حرمة الاجتهاد والتقليد وفي وجوب
التمسّك بروايات العترة الطاهرة المسطورة في تلك الكتب المؤلّفة بأمرهم ...».
النقطة الثانية : إطلاق الاجتهاد وتجزّؤه :
أنكر
الأخباريّون إمكان الاجتهاد المطلق فضلاً عن تحقّقه ووقوعه ، وذلك انطلاقاً ممّا
قرّروه في أصول طريقتهم من أنّ لله تعالى في كلّ واقعة حكماً معيّناً وأنّ عليه
دليلا قطعيّاً موجوداً عند أئمّة أهل البيت
عليهمالسلام
، وأنّ قسماً
من أدلّة الأحكام
__________________
بقي مخفيّاً عندهم ، ولذا يجب التوقّف في كلّ واقعة لم يعلم حكمها ،
فالمجتهد عندهم لايكون إلاّ متجزّئاً والاجتهاد المطلق لايمكن تصوّره في اعتقادهم
، وقد عقد المحدّث الإسترآبادي الفصل الثالث من كتابه الفوائد المدنية لإثبات
تعذّر المجتهد المطلق.
النقطة الثالثة : تقليد الفقيه الميّت :
وممّا اختلف
فيه الفريقان من المدرستين هو ما يتعلّق بمسألة تقليد الفقيه الميّت ابتداءً ، وقد
أخذت هذه المسألة حيّزاً كبيراً ، فأفرد لبحثها في القرنين الحادي عشر والثاني عشر
الهجريّين غير واحد من كلّ فريق رسالة خاصّة ، وقد تطابق رأي الأخباريّين على جواز
تقليد الفقيه الميّت إذا كان على طريقتهم المرتكزة على الالتزام بنصوص الأخبار
الواردة عن الأئمّة عليهمالسلام
ونصوص الكتاب
المفسّرة بها دون غيرها من الطرق والدلالات الظنّية والعقلية.
قال في الفوائد المدنية : «ما اشتهر بين المتأخّرين من أصحابنا من أنّ قول
الميّت كالميّت لايجوز العمل به بعد موته المراد به ظنّه المبني على استنباط ظنّي
، وأمّا فتاوى الأخباريّين من أصحابنا فهي مبنية على ماهو صريح الأحاديث أو لازمه
البيّن ، فلا تموت بموت المفتي».
وللبحث صلة ...
__________________
من ذخائر الترّاث
تحقيق في مسألة الرضاع
تأليف
الشيخ بهاء الدين محمّد بن الحسن الأصفهاني
(الفاضل الهندي)
(١٠٦٢ ـ ١١٣٧ هجريّة)
تحقيق
السيّد حسن جبّار الجزائري
مقـدّمة التحقيـق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله
الواحد الأحد، واهب المنن، ومشرّع الأحكام والسنن، جلّ عن وصف الواصفين، وتعالى عن
تنزيه المنزّهين، بادئ الخلق ومعيده، الوهّاب المنّان، خلق الأجناس لا عن فكرة
اقتبسها، ولا عن سابق وجود اقتنصها، بل قال وفعل، وَقدّرَ وقَدَر، حينما كانَ للفظ
الوجود وجود، ولا أثر لحادث أو عدد ومعدود، ثمّ (اسْتَوَى عَلَى
الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا
يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا
كُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) .
والصلاة
والسلام على سيّد الأنام، وبالغ الشكر والامتنان، لطبيب النفوس والأبدان، وهادي
الإنس والجان، وملقّن وصيّه المعارف والأحكام، خاتم الأنبياء، وأبي العترةَ الغرّ
النجباء، ما تَنَفَّسَ صبحٌ، أو عَسْعَسَ ليلٌ، اللهمّ صلّ عليه وعلى آله
__________________
صلاةً لا عَدَدَ ولا أمَدَ لها باقيةً، ناميةً، مُتَتاليةً، مُترادفة، كما
يُحبّ ربّي ويرضى.
وبعد: فقد لفت
ناظري، وأثار همّتي، شيخنا المحقّق العلاّمة عبد الحليم الحلّي (دام تأييده)، لأثر
جليل، وعلم وفير، وموروث فقهيّ دفين، أغنى به مولانا الشيخ بهاء الملّة والدين
(الفاضل الهندي)، مكتبتنا الإسلامية، وخُزانتنا الشيعية، بصحف قيمة، وقراطيس نادرة
يتيمة، ألهمت كلّ باحث ومتتبّع لرياض العلم وحياض المعرفة، فانبرى ثلّة من الصفوة
المحقّقين، في إحياء التراث، ممّن تحرّى المآثر العظيمة، والمطالب المحكمة
المتينة، وخاض غمار التدقيق، ومهنيّة استنطاق النصوص، وفكّ رموز الحواشي والتقريظ،
حتّى أحيوا لنا مجدنا، واستعادوا لنا حوزتنا، التي ما انفكّ أعداء العلم يهدرون
المال الضمار، ويتعمّدون طمس معالمها، ومحو مدادها، والمكر بعلمائها، والوشاية بهم
تزلّفاً للسلطان، لذا عوداً على بدء نقول:
حريّ بنا نحن
طلبة مدرسة أهل البيت عليهمالسلام
شحذ الهمم،
وبري القلم، في وصل ما وصلوا إليه، والاتّكال على ما قصدوا الجزاء لديه، حتّى
يتّصل قليلنا بكثيرهم، لنحيي مآثر ثلّة من أهل العلم والفقاهة والبراعة والصناعة.
وهاهنا نضع بين
يدي المتتبّع، أثراً جليلاً لتراث فقيهنا الفاضل الهندي
قدسسره
، وقد أُرشدنا
لتحقيق رسالة فقهية رضاعية مخطوطة من بعض نتاجه الوافر الوافي، عسى الله (تبارك
وتعالى) أن ينفعنا وإيّاكم بفيض علمه، إنّه نعم المولى ونعم الوكيل.
سيرة المؤلّف
اسمه وألقابه:
هو أبو الفضل بهاء الدين محمّد بن الحسن الأصفهاني، من ألقابه الفاضل
الهندي، بهاء الدين، كاشف اللثام. وُلِد
قدسسره
سنة (١٠٦٢ ـ
١١٣٧ هجريّة) على المشهور. فهو من الشخصيّات العلمية البارزة في العهد الصفوي
الأخير، ومن الفقهاء العظام لمذهب الإمامية في تلك الحقبة الزمنية. وبتأليفه كتاب كشف اللثام عن قواعد
الأحكام رسّخ موقعه
كفقيه بارز في تاريخ الاجتهاد عند الشيعة. كما لا تخفى منزلته العلمية. إنّما
تُعرف منزلة الفاضل الهندي العلمية وأوجها بعد النظر فيما أوفره بعده من آثار
علمية نفيسة. ويكفيه عظمةً وفخراً أنّه شرع في التأليف والتحقيق من نعومة أظافره
كما صرّح بذلك في مقدّمة كشف اللثام، ومنذ ذلك الوقت اشتهر أنّهُ حاز على درجة
الاجتهاد قبل بلوغه.
أبوه العلاّمة
تاج الدين الأصفهاني قدسسره
المشهور بـ :
(ملاّ تاجا) من علماء مدينة أصفهان، وذلك في القرن الحادي عشر. توفّي في الثامن من
رجب سنة (١٠٩٨ هـ)، وكان رجلاً طالباً للعلم، مشتغلاً بالبحث والمطالعة وتصحيح كتب
الحديث، له آثار علمية جليلة.
مشايخه:
ملاحظة آثار
الفاضل الهندي القيّمة، تجعلنا نلتفت إلى أنّه كان قد ترعرع
في أحضان أساتذة عظام، لكنّ البحث عن إحصاء هؤلاء الأساتذة محلّ نظر، لذا
يعتبر أبوه الفاضل تاج الدين قدسسره أستاذه الأوّل. والعلاّمة المجلسي
قدسسره
كذلك كما
ادّعاه الكزي رحمهالله.
تلامذته:
أهمّ تلامذته:
الشيخ أحمد بن
الحسين الحلّي، سيّد محمّد علي الكشميري، السيّد ناصر الدين أحمد بن محمّد
السبزواري، الميرزا بهاء الدين محمّد مختاري، الميرزا عبد الله أفندي، الشيخ محمّد
بن الحاجّ علي بن الأمير محمود الجزائري التستري، ملاّ عبد الكريم بن محمّد هادي
الطبسي، الشيخ علي أكبر بن محمّد صالح الحسني اللاريجاني، الشيخ محمّد صالح
الكزّازي القمّي، السيّد صدر الدين محمّد الحسيني، الشيخ محمّد تقي الأصفهاني
المعروف بـ : (ملاّ تقيا).
آثاره العلمية:
امتازت آثار
الفاضل الهندي بالتنوّع، وموضوعها جميعاً العلوم الإسلامية والأدبية المعروفة في
زمانه. وكان، قد استوعب كلّ ما درسه في بدايات دراساته الحوزوية استيعاباً كاملاً،
مع كون دراسته الأصلية كانت في الفقه والأصول، لكنّه لم يغفل عن الكتابة والتحقيق
في حقل العقائد والكلام والفلسفة والتفسير وعلم النحو والمعاني والبيان، لذا نذكر
منها باختصار:
١ ـ كشف اللثام
عن قواعد الأحكام.
٢ ـ رسالة في
الرضاع.
٣ ـ المناهج
السوية في شرح الروضة البهية.
٤ ـ منبّه
الحريص على فهم شرح التلخيص.
٥ ـ التنصيص
على معاني التمحيص.
٦ ـ الزهرة في
مناسك الحجّ والعمرة.
٧ ـ إجالة
النظر في القضاء والقدر.
٨ ـ تفسير
الفاضل الهندي.
٩ ـ الزبدة في
أصول الدين.
١٠ ـ الحور
البريعة في أصول الشريعة.
١١ ـ شرح
الدرّة البريعة في علم أصول الشريعة.
١٢ ـ خلاصة
المنطق.
١٣ ـ الحاشية
على المواقف.
١٤ ـ
الاحتياطات اللازمة.
١٥ ـ عون إخوان
الصفا على فهم كتاب الشفاء.
١٦ ـ إثبات
الواجب في إثبات الواجب.
١٧ ـ حكمت
خاقانيّه.
١٨ ـ السؤال
والجواب أو جوابات المسائل.
١٩ ـ شرح
العقائد النسفيّة.
٢٠ ـ شرح
العوامل.
٢١ ـ حرمة صلاة
الجمعة في الغَيبة.
٢٢ ـ فهرست
لكنز الفوائد.
٢٣ ـ اللآلئ
العبقرية في شرح العينية الحميرية.
٢٤ ـ النجاة.
٢٥ ـ كليد بهشت
(منسوب إليه).
٢٦ ـ بينش غرض
آفرينش.
٢٧ ـ كاشف
أسرار اليقين من أصول الشرع المبين في شرح معالم الدين.
٢٨ ـ قراح
الاقتراح.
٢٩ ـ موضّح
أسرار النحو.
٣٠ ـ الرسالة
التهليلية.
٣١ ـ الكوكب
الدرّي.
٣٢ ـ حاشية على
الكافية.
٣٣ ـ چهار
آئينة.
٣٤ ـ تطهير
التطهير عن أوهام شبه الحمير.
٣٥ ـ إلزام
العار لصاحب الغار.
٣٦ ـ تحريم
خمر.
٣٧ ـ زبدة
العربية.
٣٨ ـ حاشية على
قرب الإسناد.
٣٩ ـ الرسائل
الكثيرة.
٤٠ ـ تحفة
الصالح.
مكتبته:
دأب الفاضل
قدسسره
كباقي الأعلام،
حينما يجد مكتبته خزانته المعنوية، وآلته الفكرية، فهي المكمّل لكلّ عالم، ونتاج
ردح من الزمن أثرته المثابرة والطموح، فمع كونه فقيراً معوزاً، ويتقوّت بما
يتقاضاه على النسخ والكتابة وأجرة التحكيم، كان يشتري وينسخ كتبه على ما ذكره
التنكابني، وكان بصدد أن تكون له مكتبة تليق بتحصيله، وشأنه العلمي فأصبح هذا
الهدف المحفّز، والموارد أداة لنشأتها، فيوجد بضمن الآثار العلمية المتبقيّة من
زمانه العديد من الكتب التي نسخت وحُرّرَت إمّا بأمره أو كانت داخلة في ملكيّته،
بنحو من الأنحاء.
وقد عدّت
مجموعة من الكتب شوهدت في مكتبته يصعب إحصاؤها، من هنا يظهر لنا مدى اهتمامه
قدسسره
بهذا المجال،
ويظهر جليّاً تأليفه الشهير لكشف
اللثام فإنّه لم
يعتمد فيما نقله من كلمات الأصحاب على الكتب القديمة، بل كان يعتمد على ما لديه من
كتب وينقل كلماتهم من مصادرها الأوّلية.
وفاته ومحلّ دفنه:
وفيه ثلاثة أقوال:
الأوّل: أنّه
توفّي سنة (١١٣١ هجريّة) في أصفهان أبان الحكم الصفوي، وقد يَرِدُ كون ملوك
الصفوية يمجّدون العلماء، فكيف أنّهم لم يبنوا له أثراً أو قبّة على قبره، مع
جلالة قدره وعظيم منزلته، وهو الغالب والشائع عندهم في تمجيد العلماء، وليس هناك
قول معتبر يشير لوفاته فيه.
__________________
الثاني: أنّه
توفّي (سنة ١١٣٤ هجرية) في حادثة هجوم أفاغنة غلزايي على مدينة أصفهان، وقد اختفى
الكثير من العلماء.
الثالث: أنّه
توفّي (١١٣٧ هجرية)، وقد ذكر صاحب الروضات في بيان تاريخ وفاته ما نصّه: وتوفّي
قدسسره
بدار السلطنة
أصفهان في الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة سبع وثلاثين ومائة بعد الألف من
الهجرة، كما وقع التصريح في لوح مزاره المُنيف، وهو مذكور على الصخرة الموضوعة على
قبره الشريف.
أمّا محلّ دفنه
فهو في مقبرة تخت فولاد في أصفهان، وإلى جانبه قبر ملاّ محمّد فاضل المعروف
بالفاضل النائيني، ولهذا السبب اشتهرت هذه المقبرة على ألسن الناس (بمقبرة
الفاضلَين). ومقبرة تخت فولاد هي المقبرة القديمة في أصفهان، وعلى جانب مسجد لسان
الأرض، ولذا كانت تعرف بالأرض المقدّسة.
منهجية التحقيق:
١ ـ تجزئة
المتن وتشخيصه بعلامات كالتنقيط الحديث المعمول به.
٢ ـ ترتيب
المتن ومصادره وتكرار المقابلة مع المخطوط.
٣ ـ تتبّع
استخراج مصادر العبارات التي وردت في متن النسخة بما يتوافق مع المتن إلى المصادر
الأقرب فالأقرب أو ذكر المشابه.
٤ ـ المراجعة
المستفيضة للنصّ تلافياً للاشتباه والتكرار.
ولقد تمّ
الشروع بهذه النسخة المخطوطة الرضاعية الفقهية، لفاضلنا الهندي
قدسسره
، بعد ما منّ
الله (جلّ جلاله) علينا التعرّف إليها، صالحة للتحقيق، كاملة الأسطر، دقيقة النسخ،
لطيفة المباني، مفيدة للفقيه، ومع توفّر الآليّات، والأدوات،
ودراسة النسخة دراسة مستفيضة وجدناها مفيدة ونافعة، تامّة المطالب، ليس
فيها نقص أو تلف، وبعد أن شرعنا في دوّامة المصادر وتخريج الأحاديث من المصادر
المعتبرة، ولم ندّخر الجهد والوقت، تفرّغنا بفضل الله لإحياء هذه الرسالة، والتي
تستحقّ أن تكون ضمن ما حقّق لفقيهنا من تراث، فقد كانت تبتدئ ببسملة وتنتهي
بخاتمة، قد ذيّلها الناسخ بدعاء لوالديه، وأبيات من الشعر الفارسي، ليس فيها مسح
أو سقوط للأحرف، إلاّ ما ندر، وقد أشرنا إليه في محلّه، وهي لم تتعدَّ ثلاث صفحات
ومملوكة للمكتبة المركزية للعتبة الرضوية المقدّسة.
هويّة المخطوطة:
مكان المخطوطة:
كتابخانه مركزي آستان قدس رضوي.
اسم الرسالة:
تحقيق في مسالة الرضاع.
المؤلف: الفاضل
الهندي قدسسره.
تاريخ التحرير:
١١١٠ هجرية.
نوع الخطّ:
النسخ.
عدد الأسطر: ٤٥
سطراً في الصفحة.
المادّة:
الفقه.
اللغة:
العربية.
عدد الصفحات:
ثلاث صفحات.
الأبعاد: ٢٥ ×
١٩ سم.
الرقم: ١٨٦٣٦.
اسم الناسخ:
زين العابدين بن عبد الغفّار (عفا الله عنهما).



تحقيقٌ
في مسألة الرضاع
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا تحقيقٌ حرّ
وتوجيه أثر يتعلّق بالرضاع لا يخلو من غموضة وصعوبة.
رواه الكليني
في الكافي، والشيخ في كتابَي الأخبار بأسانيدهما الصحيحة، عن علي بن مهزيار، قال: سأل عيسى
بن جعفر أبا جعفر الثاني عليهالسلام عن امرأة أرضعت لي صبيّاً، فهل يحلّ لي أن أتزوّج بنت
زوجها؟
فقال لي: «ما
أجود ما سألت، من هاهنا يؤتى أن يقول الناس: حَرُمت عليه امرأته من قِبَلِ لبن
الفحل، هذا هو لبن الفحل لا غيره» فقلت له: إنّ الجارية ليست بنت المرأة التي
أرضعت لي، هي بنت غيرها، فقال: «لو كنّ عشراً متفرّقات ما حلّ لك منهنّ شيء، وكنّ
في موضع بناتك».
__________________
وبهذا المضمون
مكاتبتان صحيحتان: إحداهما عن عبد الله بن جعفر، عن أبي محمّد
عليهالسلام
. والأخرى عن علي بن شعيب عن أبي الحسن
عليهالسلام
.
وقبل الخوض في
الرواية عن الخلاف والنزاع بين العلماء، فنقول:
إذا حصل الرضاع
المحرّم انتشرت الحرمة من المرضعة وفحلها إلى المرتَضِع، ومنه إليها، فصارت
المرضِعة له أمّاً، والفحل أباً، وآباؤهما أجداداً وجدّات، وأولادهما أخوة وأخوات [وإخوتهما
أخوالاً وأعماماً].
والعلاّمة (طاب
ثراه) استثنى في التذكرة من قاعدة: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» صُوَراً:
منها: أخت الولد في النسب حرام عيك ؛ لأنّها إمّا بنتك أو ربيبتك، وإذا أرضعت
أجنبية ولدك، فبنتها أخت ولدك، وليست ببنت ولا ربيبة.
واعترض عليه
الشهيد الثاني قدسسره
في المسالك
بأنّ هذا الاستثناء غير صحيح ؛ لأنّها لم تدخل فيها أصلاً، والاستثناء إخراج ما
لولاه لدخل.
بيانه: إنّ أخت
الولد ليست إحدى المحرّمات بالنسب ومشتركة بين
__________________
المحرّمة بالنسب والمصاهرة مع قطع النظر عن الحيثية، انتهى كلامه (رفع الله مقامه)، وهو متين.
ثمّ اختلفوا في
أنّه هل يجوز أن ينكح أبو المرتَضِع في أولاد صاحب اللبن ولادةً، أو رضاعاً، أو
أولاد زوجته المرضِعة ولادةً، أم يحرم ذلك؟ فذهب الكثير منهم الشيخ في الخلاف، وابن إدريس، والمحقّق في الشرائع والنافعوالعلاّمة في أكثر كُتُبِه إلى التحريم.
وهم أخرجوا
المسألة عن حكم القاعدة السابقة، فإنّ أولاد المرضِعة وأولاد صاحب اللبن إنّما
صاروا أخوة لولده، وأخوة الولد قد يحرمون بالنسب وقد لا يحرمون، كما مرّ.
ومقتضى ذلك أن
لا تحرم أولاد صاحب اللبن، ولا أولاد المرضِعة ـ مطلقاً ـ على أب المرتضِع، مضافاً
إلى قوله (صلى الله عليه وآله): «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب».
__________________
وأخوة الولد من
حيث هم أخوته لا يحرمون بالنسب مطلقاً، وإنّما يحرمون من حيث البنوّة، وهي هنا
منتفية، لكنّهم خرجوا فيها بالتحريم، لورود النصوص الصحيحة الصريحة السابقة بذلك،
فكانت مستثناة لذلك.
وذهب جماعة
منهم: الشيخ في المبسوط والعلاّمة في التذكرة ـ كما مرّ ـ إلى عدم التحريم، وقال في موضع آخر منها، وفي مختلف
الشيعة: إنّ قول
الشيخ في غاية القوّة، ولولا الروايات الصحيحة لاعتمدت عليه .
احتجّ الشيخ
بما مرّ، من أنّ أخت الابن من النسب إنّما حرّمت لكونها بنت الزوجة المدخول بها،
فتحريمها بسبب الدخول بأمّها، وهذا المعنى منتف هنا، والنبيّ(صلى الله عليه وآله)
إنّما قال: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» ولم يقُل يحرم من الرضاع ما يحرم من
المصاهرة، هذا.
لكنّ المعتمد
القول الأوّل، لخصوص الروايات، ولو ظهر لها معارض راجح لكان حملها على الكراهة
قريباً، بقرينة التعليل.
__________________
إذا عرفت ذلك،
فنقول: قال شيخنا العلاّمة (سلمه الله) في توجيه الرواية: إنّ في قوله
عليهالسلام
: «من هاهنا
يؤتى أن يقول الناس» إنّ المصدر بدلٌ من الظرف، أو عطف بيان ؛ يعني: من هاهنا
يأتي الغلط، ويدخل الاشتباه على الناس من قولهم: تحرم على الرجل امرأته بسبب
الرضاع متى اشتبهت إحدى المحرّمات على زوجها نسباً أو مصاهرة، كالصور الثلاث عشرة
وغيرها المذكورة في رسالة الرضاع للشيخ علي [الكركي]
رحمهالله
، وقوله عليهالسلام
: «هذا لبن
الفحل لا غير» يعني هذه الصورة هي التي يحصل التحريم فيها لسبب محض المشابهة في
الجملة لإحدى المحرّمات نسباً أو مصاهرة، ولا تحرم بمحض المشابهة امرأة على زوجها
ولا غيره في غير هذه الصورة. انتهى كلامه (أدام الله تعالى أيّامه).
وقال الفاضل
الورع مولانا أحمد التوني رحمهالله : إنّ قوله
عليهالسلام
: «ما أجود
ممّا سألت» تعجّبٌ عن جودة السائل باعتبار ترتّب حكم غريب على جوابه الذي هو تحريم
بنات صاحب اللبن على أب المرتَضِع، وهو أنّه إذا كانت أمّ المرتَضِع من بنات صاحب
اللبن، فأرضعته أحدى نسائه أو جواريه بلبن الجدّ، صارت أمّ المرتضع في موضع إحدى
بنات أبيه، وصارت عليه حراماً، وانفسخ النكاح، إذ لا فرق بين دوام النكاح في
الرضاع ـ على ما هو المشهور ـ وبين ابتدائه، وإليه
__________________
الإشارة بقوله: «من هاهنا يؤتى» انتهت عبارته، (رفعت درجته).
وقال أستاذنا
الأعلم الأعظم مولانا محمّد باقر المجلسي: (أدام الله تعالى ظلّه العالي).
قوله
عليهالسلام
: «من هاهنا
يؤتى»، إذ أي: من هاهنا يأتون الناس هذا القول، ويقولون به، وهو أنّهم قد يحكمون
على الرجل بأن حرمت عليه امرأته، كما إذا رضعت أمّ امرأة الرجل من لبن أبيها
ولدَه، و زوجة أب المرأة ولدَه، فإنّ المرأة حينئذ من أولاد صاحب
اللبن، فتحرم على زوجها، لأنّه أب المرتضع. أو المعنى: «هاهنا يؤتى» أي: يصاب ويأتي الجهل والغلط على
الناس، ثمّ فسّر ذلك بقوله: «أن يقول الناس» [ثمّ فسّر ذلك]: «حرمت عليه امرأته» يعني يتولّون في تفسير لبن الفحل:
أنّه هو الذي يصير سبباً لتحريم امرأة الفحل عليه، ثمّ أضرب عن ذلك كأنّه قال: ليس
الأمر كما يقولون، بل هذا الذي ذكرت أنت من إرضاع المرأة لصبيّ الرجل ونشره الحرمة إلى (امرأة) زوجها على ذلك الرجل هو لبن الفحل، لا ما يقولون، انتهى كلامه (أطال الله بقاءه).
__________________
وأوّل ما ذكره
من التوجيهين قريبٌ ممّا ذكره الفاضل التوني. وثانيهما قريبٌ من توجيه شيخنا
(سلّمه الله)، ولعلّه الأظهر، وما ذكره الفاضل المشار إليه بعيدٌ جدّاً، من لا وجه
له أصلاً ولا إشعار في السؤال فالجواب به.
وليت شعري على
ذلك التقدير ما محلّ المصدر من إعراب، ولِم نَسب الحكم بالتحريم أوّلاً إلى الناس؟
مشعِراً بضعفه، معرّضاً ببطلانه كما هو المعهود في مثله، ثمّ حَكَمَ أخيراً:
بصحّته؟ وما وجه قوله: «لا غير».
وقوله
رحمهالله
: صارت أمّ
المرتضِع في موضع إحدى بنات أبيه، محلّ نظر، لأنّ في التعليل المذكور في الرواية
إجمالاً ولبساً، لأنّ موضع البنات الحقيقي ومنزلتهنّ في قوله: «وكنّ في موضع
بناتك»، غير مراد قطعاً، إذ لا معنى له، كما قاله المحقّق الشيخ علي
رحمهالله
في رسالته
المشار إليها بالتشبيه بالبنات لعلّه في مجرّد التحريم.
وقال الشهيد في
المسالك:
التحقيق: إنّ
هذه المرأة ليست محرّمة بالنسب ولا بالمصاهرة، وإنّما هي ملائمة للمحرم بهما، انتهى كلامه (أحسن الله مقامه)، وهو جيّدٌ.
ثمّ إنّ شيخنا
البهائي قدسسره
كتب في هوامش التهذيب ما صورته: هذه الرواية لم يعمل بمضمونها العلماء، لأنّ
أخت الابن إنّما تحرم لكونها إمّا بنتاً أو ربيبةً،
__________________
وأخت الابن هنا ليست أحدهما، فلا تحرم، انتهى كلامه (أعلى الله مقامه).
ولعلّه أخذه من
استدلال الشيخ في المبسوط، والعلاّمة في المختلف، وهذا عجيبٌ جدّاً من مثل هذا الشيخ العظيم الشأن
(رُوّح روحه) فإنّ علماء الإمامية عاملون به كما قد عرفت، قائلون بصحّته، لم يخالف
فيه ـ على ما يظهر ـ غير الشيخ في المبسوط، والعلاّمة في موضع من التذكرة، مع أنّهما عملا به في غيره، سيّما الشيخ في الكتابين، حيث أورده ولم يورد له معارضاً، ولا تعرّض لتأويله،
ولا تضعيفه، فظهر الإجماع عليه.
وقوله: لأنّ
أخت الابن إنّما تحرم، إذن عجب، لأنّه بحسب الظاهر ردّ النصّ الصحيح الصريح بشُبهة
ضعيفة.
جوابها: إنّ
التعليل ليس بحقيقيّ، والاستدلال ليس بواقعيّ، بل هو تقريبٌ للحكم إلى فهم السامع،
وتعليمٌ له الاستدلال على العامّة القائلين بالقياس، وأمثاله كثيرة يظهر بالتتبع، والله يعلم.
قد تمّ الفراغ
من تحريره تقرّباً إلى الله، كَتَبه العبد المذنب تراب قدوم أهل الصلاح بن عبد الغفّار
رحمهالله
زين العابدين
(غفر الله عنهما) ولوالده ولجميع المؤمنين والمؤمنات.
__________________
قارءا بر من
مكن قهر وعتاب
|
|
گر خطائي
رفته باشد در كتاب
|
آن خطاي رفته
را تصحيح كن
|
|
از كرم،
والله أعلم بالصواب
|
غريق رحمت يزدان كسي باد. باد آمين آمين
كه كاتب را بحمدي كند ياد. يا ربّ العالمين
__________________
خاتمة التحقيق
يقول المسكين
السيّد حسن بن جبّار بن مطّلب بن طاهر الحسيني الموسوي الجزائري، انتهيت بفضل الله
العزيز في (٢٥ / ذي القعدة / ١٤٣٩هـ) الموافق لمناسبة (دحو الأرض من تحت الكعبة
الشريفة). من تحقيق هذه الرسالة الرضاعية، للشيخ بهاء الدين محمّد بن الحسن
الملقّب بـ : (الفاضل الهندي)، في محلّ إقامتي في مدينة (مشهد المقدّسة)، على
مشرّفها أتمّ التحيّة والإكرام، عندما تشرّفت، متواجداً في مركز الإمام الرضا
عليهالسلام
لتحقيق التراث،
مستفيداً من أساتذة التحقيق هناك، الذين ما انفكّوا عاكفين على تحقيق تراث آل البيت
عليهمالسلام
، بغاية
البراعة والإتقان والإخلاص، فالشكر موصول لهم جميعاً، كما أتمنّى على الله أن
يتمّم ما بيدي من نسخ أخرى، تصدر في حينها والله المستعان.
المصادر
القرآن الكريم.
١
ـ الاستبصار: شيخ الطائفة، أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي
قدسسره
، المتوفّى سنة
(٤٦٠ هـ)، الناشر دار الكتب الإسلامية طهران.
٢
ـ تبصرة المتعلّمين في أحكام الدين: الإمام جمال الدين الحسن بن يوسف المطهّر المعروف
العلاّمة الحلّي قدسسره
، المتوفّى سنة
(٧٢٦ هـ)، انتشارات فقيه، طهران.
٣
ـ تحرير الأحكام: الإمام جمال الدين الحسن بن يوسف المطهّر المعروف (العلاّمة الحلّي
قدسسره)، المتوفّى سنة (٧٢٦ هـ)، الناشر مؤسّسة الإمام الصادق
عليهالسلام
قم المقدّسة.
٤
ـ تذكرة الفقهاء: الإمام جمال الدين الحسن بن يوسف المطهّر المعروف (العلاّمة الحلّي)
قدسسره
، المتوفّى سنة
(٧٢٦ هـ)، الناشر مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث قم.
٥
ـ تهذيب الأحكام: شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي
قدسسره
، المتوفّى
(٤٦٠هـ)، الناشر دار الكتب الإسلامية طهران.
٦
ـ الخلاف: الشيخ أبو
جعفر محمّد بن الحسن الطوسي قدسسره ، المتوفّى سنة (٣٨٥ هـ)، الناشر مؤسّسة النشر الإسلامي
قم المقدّسة.
٧
ـ دعائم الإسلام: أبو حنيفة النعمان بن محمّد بن منصور بن أحمد بن حيون التميمي المغربي،
المتوفّى (٣٦٣ هـ)، الناشر دار المعارف مصر / القاهرة.
٨
ـ الرسائل الرضاعية: المحقّق الثاني الشيخ علي بن الحسين الكركي
قدسسره
، المتوفّى (٩٤٠
هـ)، الناشر مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي قم المقدّسة.
٩
ـ السرائر: الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن منصور بن أحمد (ابن إدريس الحلّي
قدسسره)، المتوفّى (٥٩٨ هـ)، الناشر مؤسّسة النشر الإسلامي قم
المقدّسة.
١٠
ـ سنن ابن ماجه: الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يزيد القزويني (ابن ماجة)، المتوفّى (٢٧٥
هـ)، الناشر دار الفكر بيروت / لبنان.
١١
ـ سنن الترمذي: الحافظ أبو عيسى محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي، المتوفّى (٢٧٩ هـ)،
الناشر دار الفكر للطباعة والنشر بيروت / لبنان.
١٢
ـ الكافي: ثقة الإسلام
أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق (الكليني الرازي)
قدسسره
، المتوفّى سنة
(٣٢٨ / ٣٢٩ هـ)، الناشر دار الكتب الإسلامية طهران.
١٣
ـ كشف اللثام: الشيخ بهاء الملّة والدين محمّد بن الحسن الأصفهاني الملقّب بـ : (الفاضل
الهندي قدسسره)، المتوفّى سنة (١١٣٧ هـ)، الناشر مؤسّسة النشر الإسلامي،
قم المقدّسة.
١٤
ـ المبسوط: شمس الدين السرخسي، المتوفّى (٤٨٣ هـ)، الناشر دار المعرفة بيروت / لبنان.
١٥
ـ مرآة العقول: العلاّمة شيخ الإسلام المولى محمّد باقر المجلسي
قدسسره
، المتوفّى سنة
(١١١١ هـ)، الناشر دار الكتب الإسلامية طهران.
١٦
ـ المختصر النافع: الشيخ أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلّي
قدسسره
، المتوفّى سنة
(٦٧٦ هـ)، الناشر الدراسات الإسلامية في مؤسّسة البعثة طهران.
١٧
ـ مختلف الشيعة: أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (العلاّمة الحلّي
قدسسره)، المتوفّى (٧٢٦ هـ)، الناشر مؤسّسة النشر الإسلامي قم
المقدّسة.
١٨
ـ مسالك الأفهام: الشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي
قدسسره
، (٩١١ - ٩٦٥
هـ)، الناشر مؤسّسة المعارف الإسلامية قم المقدّسة.
١٩
ـ مسند أحمد: أحمد بن حنبل، المتوفّى (٢٤١ هـ)، الناشر دار صادر، بيروت / لبنان.
٢٠
ـ من لا يحضره الفقيه: الشيخ الجليل الأقدم الصدوق أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه
القمّي قدسسره
، المتوفّى سنة
(٣٨١ هـ)، الناشر جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية في قم المقدّسة.
٢١
ـ وسائل الشيعة: الفقيه المحدّث الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي
قدسسره
، المتوفّى سنة
(١١٠٤ هـ)، الناشر مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث قم المقدّسة.
من أنبـاء التـراث
هيئة التحرير
كتب صدرت محقّقة
* منهاج الحقّ واليقين في تفضيل أمير المؤمنين
عليهالسلام.
تأليف: السيّد ولي بن نعمة الله الحسيني الرضوي (من
أعلام القرن العاشر الهجري).
كتاب فضائل، تناول فيه المصنّف الأحاديث الواردة في
مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليهالسلام
عن لسان
الرسول الأعظم محمّد(صلى الله عليه وآله) المصرّحة بخلافته عليهالسلام لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وبتفضيله على سائر
الأنبياء ما عدا النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله)، كما ذكر روائع القصص في
فضائله عليهالسلام ، وقد رتّبه على خمسة عشر
|
|
مطلباً.
تحقيق: مشتاق المظفّر.
الحجم: وزيري.
عدد الصفحات: ١٧٩.
نشر: قسم الشؤون الفكرية والثقافية التابعة للعتبة
الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.
* النُكت البديعة في تحقيق الشيعة.
تأليف: الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني (ت ١١٢١
هـ).
كتاب عقائدي، عرض فيه المصنّف دراسة في الفرق الشيعية،
وقد بيّن فيه معالم الفرقة الناجية، كما بيّن معنى (الشيعة) ومعتقدات الفرقة
الإمامية، وقد ناقش اعتقادات سائر الفرق بالدليل
|
العقلي والنقلي.
اشتمل الكتاب على مقدّمة التحقيق وترجمة المؤلّف، وعلى
ثمانية فصول في: معتقد الفرقة الإمامية، الزيدية، الكيسانية، الناووسية،
الإسماعيلية، الفطحية، الواقفية، الغُلاة.
تحقيق: مشتاق المظفّر.
الحجم: وزيري.
عدد الصفحات: ١٦٤.
نشر: قسم الشؤون الفكرية والثقافية التابعة للعتبة
الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.
* كتاب الكفاية في النصوص على الأئمّة الاثني عشر.
تأليف: أبو القاسم علي بن محمّد بن علي القمّي الخزّاز
(من أعلام القرن الرابع والخامس).
كتاب روائي من سلسلة مصادر بحار الأنوار، عمد فيه
المصنّف إلى تدوين النصوص القائلة بإمامة الأئمّة الاثني
|
|
عشر
عليهمالسلام
، مبتدئاً
بما رواه صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالنصّ عليهم، ثمّ أعقبه بذكر
الأخبار الواردة عن الأئمّة، الموافقة لما رواه الصحابة بالنصّ عليهم، وذلك
درءاً منه للشبهات القائمة آنذاك من المعتزلة في جحدهم النصوص الواردة في
إمامتهم عليهمالسلام.
وقد اعتمد في تحقيق الكتاب على عشر نسخ ذكرت في مقدّمة
التحقيق. كما اشتمل الكتاب على حياة المؤلّف والمقدّمة وأربعين باباً.
تحقيق: رضا الرفيعي.
الحجم: وزيري.
عدد الصفحات: ٧٢٢.
نشر: مكتبة العلاّمة المجلسي، قم ـ إيران.
* كتاب التوحيد للإمام زين العابدين ويليه الندبة.
كتاب التوحيد، من آثار الإمام السجّاد علي بن الحسين عليهالسلام رابع أئمّة الهدى،
|
وجاء هذا الأثر إثر سؤال وجّهه نجدة بن عامر الحروري
للإمام زين العابدين
عليهالسلام
قائلاً: ما
أوّل العبادة وسبيل المعرفة.
وقف المحقّق على هذا الكتاب شارحاً عباراته وما
يتضمّنه من معارف في توحيد الباري وموضّحاً مفرداته اللغوية، وقد أتبعه بموشّحات
شعرية منسوبة للإمام
عليهالسلام
، ويردفها
بالندب السجّادية، كما قدّم مقدّمة عن حياة الإمام السجّاد وعطائه الفكري.
تحقيق: السيّد رحيم الحسيني.
الحجم: وزيري.
عدد الصفحات: ٣٢٠.
نشر: الأمانة العامّة للعتبة الحسينية ـ كربلاء
المقدّسة ـ العراق.
* طبقات الإجازات بالروايات.
تأليف: السيّد حسن الصدر (ت ١٣٥٤هـ).
يأتي هذا الكتاب في عداد كتب الإجازات التي دأب عليها
العلماء في
|
|
تدوين إجازاتهم بالرواية للحديث، حيث يتبيّن من خلالها
طبقات الرواة وسلسلة السند.
وقد اشتمل الكتاب على إجازة آية الله السيّد حسن الصدر
لآية الله السيّد صدر الدين الصدر والشيخ محمّد باقر النجفي الإصفهاني مع
تعليقات آية الله العظمى السيّد موسى الشبيري الزنجاني (دام ظلّه) وهي رسالة
طويلة احتوت على فوائد رجالية عديدة.
تحقيق: ناصر الدين الأنصاري القمّي.
الحجم: وزيري.
عدد الصفحات: ١٦٢.
نشر: المحقّق، قم ـ إيران.
* وفاة النبيّ يحيى بن زكريّا.
تأليف: الشيخ ناصر بن محمّد العرادي (من أعلام القرن
الثاني عشر الهجري).
كتاب في تاريخ الأنبياء
عليهمالسلام
، تناول فيه
المصنّف حياة النبي يحيى بن
|
زكريّا
عليهماالسلام
وسرد قصّته،
وذكر مناقبه، وقد قارنها بقصّة شهادة أبي عبد الله الحسين عليهالسلام.
واعتمد المحقّق في تحقيق الرسالة على نسختين ذكرها في
المقدّمة، واشتمل الكتاب على كلمة المحقّق، ترجمة المؤلّف، كلمة الأستاذ عبد
الزهراء المولاني، تعريف بالنسخ الخطّية المعتمدة، قصيدة نظم الوفاء، من ألّف في
وفاة النبيّ يحيى بن زكريّا من علماء البحرين، كتاب وفاة النبيّ يحيى بن زكريّا،
قصيدة نظم وفاة النبيّ يحيى، نوّاحة النبيّ يحيى للشيخ إبراهيم بن الشيخ علي
النعيمي.
تحقيق: عبد العزيز سلمان محمّد راشد العرادي.
الحجم: وزيري.
عدد الصفحات: ٢٨.
نشر: مطبعة الاتّحاد، البحرين.
|
|
* نوادر الأخبار ج(١ ـ ٢).
تأليف: الشيخ محمّد بن جعفر بن محمّد طاهر الخراساني
(من أعلام القرن الثاني عشر).
واجه المؤلّفون بعد تدوين وتبويب وتصنيف الأحاديث
روايات وأحاديث لا تدخل ـ بحسب مفادها ومضامينها ـ تحت باب من الأبواب المعهودة،
أو تدخل تحت تلك العناوين، لكن لسبب ما أُهملت وغُضَّ الطرف عنها ؛ أمّا لمشكلة
في أسانيدها، أو لتناقض ـ حسب الظاهر ـ بمتونها أو ...
فلذلك عمد المؤلّفون والمحدّثون ـ حرصاً منهم لعدم
ضياع هذا التراث ـ إلى عقد باب في آخر كلّ فصل أو كتاب من كتبهم باسم: النوادر،
أو النادر من الباب، أو باب الزيادات.
قال السيّد المحدّث الجزائري في شرح التهذيب ـ على ما
أورده النوري في
|
خاتمة المستدرك ـ : «إنّ الشيخ الطوسي قدّس الله روحه
قد رُزِق الحظّ الأوفر في مصنّفاته واشتهارها بين العلماء وإقبال الطلبة على
نسخها، وكان كلّ كرّاس يكتبه تبادر الناس على نسخه وقراءته عليه، وتكثر النسخ من
ذلك الكرّاس، ثمّ يطلع بعد ذلك الكرّاس وكتابته على أخبار تناسب الأبواب
السابقة، ولكنّه لم يتمكّن من إلحاقها بها ؛ لسبق الطلبة إلى كتابته وقراءته،
فهو تارة يذكر الخبر في أبواب غير مناسبة له، وتارة أُخرى يجعل له باباً
ويسمّيه: باب الزيادات، أو النوادر، وينقل فيه الأخبار المناسبة للأبواب
السابقة».
وقد جمع بعض العلماء هذه الأحاديث ـ ومن ضمنهم مصنّف
هذا الكتاب ـ في كتاب مستقلّ أسموه بـ : النوادر.
تحقيق: حامد رحمان الطائي.
الحجم: وزيري.
عدد الصفحات: ٤٥٩، ٤٩٢.
|
|
نشر: قسم الشؤون الفكرية والثقافية التابع للعتبة
الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.
كتب صدرت حديثاً
* تأثير الصلح الحسني في الجهاد الحسيني.
تأليف: السيّد جعفر العاملي.
دراسة تاريخية مختصرة في تداعيات الأحداث التي أدّت
إلى صلح الإمام الحسن
عليهالسلام
وجهاد الإمام
الحسين عليهالسلام ، يبيّن فيها تأثير الصلح الحسني في الجهاد الحسيني
وفقاً للبنود التي شرطها الإمام الحسن المجتبى
عليهالسلام
على معاوية
التي تدلّ على شرعية أهل بيت النبوّة وعدم شرعية الطلقاء وأبناء الطلقاء.
الحجم: رقعي.
عدد الصفحات: ٣١.
نشر: مركز الإمام الحسن
عليهالسلام
|
للدراسات التخصّصية التابعة للعتبة الحسينية المقدّسة
ـ النجف الأشرف ـ العراق.
* المجتبى من سيرة الإمام المجتبى
عليهالسلام.
تأليف: آية الله الشيخ الوحيد الخراساني (دام ظلّه).
تاريخ مقتضب ومنتخب لحياة الإمام المجتبى عليهالسلام ، اعتمد فيه المؤلّف كتب الفريقين، يبيّن للقارىء من
خلال هذا المختصر المفيد معنى الإمامة الإلهية ومظلومية الإمام السبط الحسن
المجتبى عليهالسلام.
اشتمل الكتاب على: مقدّمة المركز، ولادته عليهالسلام ، كنيته وألقابه، مناقبه، كراماته، صلحه مع معاوية بن
أبي سفيان، عقد الصلح، شهادته
عليهالسلام.
الحجم: رقعي.
عدد الصفحات: ٤٥.
نشر: مركز الإمام الحسن
عليهالسلام
|
|
للدراسات التخصّصية التابع للعتبة الحسينية المقدّسة ـ
النجف الإشرف ـ العراق.
* صلح الحسن عليهالسلام
وحرب الحسين
عليهالسلام متناقضان؟
تأليف: السيّد جعفر مرتضى العاملي.
تبنّى المؤلّف ردّ الشبهات القائمة حول سيرة أئمّة أهل
البيت عليهمالسلام في مواجهة الأحداث وتعاقبها وتغايرها منذ عهد خلافة
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليهالسلام
وحتّى صلح
الإمام الحسن عليهالسلام وشهادة الإمام الحسين
عليهالسلام
، وقد جاء
هذا الردّ إثر دراسة تاريخية مختصرة تناولها بالأدلّة التاريخية ليزيح عن
الأوهام ما أثارته الشبهات من قتام.
الحجم: رقعي.
عدد الصفحات: ٤٤.
نشر: مركز الإمام الحسن
عليهالسلام
للدراسات
التخصّصية التابع للعتبة الحسينية المقدّسة ـ النجف الأشرف ـ
|
العراق.
* الشيخ الطوسي ج(١ ـ ٢).
تأليف: د. حسن عيسى الحكيم.
كتاب تراجم من سلسلة علماء الشيعة اعتنى به مركز
كربلاء للدراساتوالبحوث في العتبة الحسينية المقدّسة إحياءً لذكرى علماء الشيعة
وذلك من خلال دراسات علمية تسلّط الأضواء على بعض معالم سيرتهم العطرة وقبسات
مختلفة من رؤاهم ومواقفهم المهمّة، فضلاً عن وضع النقاط على بعض الأحوال الشخصية
بسرد مقتطفات سريعة من سيرتهم الذاتية.
الحجم: وزيري.
عدد الصفحات: ٤٣٠، ٤٠١.
نشر: الأمانة العامّة للعتبة الحسينية ـ كربلاء
المقدّسة ـ العراق.
* سامرّاء في مجلّة لغة العرب.
تأليف: مركز تراث سامرّاء.
|
|
تعدُّ سامرّاء من المدن التاريخية الشهيرة وواحدة من
أهمّ العواصم الإسلامية المستحدثة سنة (٢٢١ هـ) بأمر المعتصم بالله، وهي ذات
معالم تاريخية عديدة منها مرقد الإمامين العسكريّين
عليهماالسلام
علي بن محمّد
والحسن ابن علي عليهماالسلام والسيّدتين (نرجس) و (حكيمة)، ومساجد تاريخية ؛ كمسجد
الجمعة ومسجد أبي دلف، وقد جاء ذكر هذه البلدة العريقة في مجلّة لغة العرب وهي
مجلّة عراقية شهرية علمية أدبية تاريخية صدرت أعدادها بين (١٩١١م والعام ١٩٣١م).
وقد اهتمّ مركز تراث سامرّاء التابع للعتبة العسكرية
المقدّسة بسبر أعداد هذه المجلّة بحثاً عمّا يتعلّق بمعالم وآثارهذه المدينة،
وقد جاءت مواضيع الكتاب في ثلاثة فصول: مباحث سامرّاء، ما ورد فيه اسم سامرّاء،
وقائع الأيّام والشهود في العراق وما جاوره.
|
الحجم: رقعي.
عدد الصفحات: ١٦٥.
نشر: مركز تراث سامرّاء التابع للعتبة العسكرية ـ
سامراء ـ العراق.
* الصيغة اللفظية وأثرها في صحّة العقود والإيقاعات (دراسة مقارنة).
تأليف: كاظم حسن جاسم.
دراسة في صيغ العقود، وهي من المواضيع المهمّة في
الفقه الإسلامي المبتنية على الإنشاء والإلزام ورضا المتعاقدين وهي من الأحكام
والمسائل التي يفتقر إليها الإنسان طول حياته في معاملاته التجارية وسائر الأمور
الاكتسابية. اعتمد فيها المؤلّف المقارنة في جمع آراء المذاهب وتبيين رأي المذهب
الإمامي.
اشتمل الكتاب على أربعة فصول في: حقيقة الصيغة
وأركانها، أصناف الصيغة اللفظية وهيئتها، شروط الصيغة اللفظية ومبطلاتها، الصيغة
المستحدثة
|
|
في العقود وصيغة العقد الإلكتروني، نتائج البحث.
الحجم: وزيري.
عدد الصفحات: ٣٣٠.
نشر: مركز العين للدراسات والبحوث المعاصرة ـ النجف
الأشرف ـ العراق.
* الاجتهاد الفقهي بين الأصالة والمعاصرة.
تأليف: حسين كاظم عزيز.
دراسة في تطوّر الاجتهاد الفقهي وسعة قواعده وآليّاته
مواكبة مع التطوّر الحضاري المعاصر، فكان الفقه على عصر المعصومين عليهمالسلام علماً سهلا متاحاً وضرورياً وقد أضحى علماً نظريّاً
استدلاليّاً وأكثر تعقيداً عمّا كان عليه أوّلا، ولذا يستحيل الوصول إلى فقه
خالص دون الاستعانة بعلم أصول الفقه وحركة الاجتهاد، حيث تتلخّص أهمّيته في
تهيئة الأدوات والأسباب اللازمة
|
لاستنباط المسائل الفقهية، كما تابع المؤلّف في البحث
عن مسألة التحوّل والتجدّد في الاجتهاد الفقهي، وهذا يتواكب مع كون الفقه نظاماً
يضبط حركة المجتمع وقضاياه المعاصرة متفاعلا مع تطلّباته.
اشتمل الكتاب على مقدّمة وفصل تمهيدي في الاجتهاد
الفقهي وأربعة فصول في: التأصيل الفقهي، مرجعيّات التأصيل، الأصول العملية،
التجديد الفقهي والمسستحدثات الفقهيّة، الخاتمة نتائج وتوصيات.
الحجم: وزيري.
عدد الصفحات: ٥١٩.
نشر: مركز العين للدراسات والبحوث المعاصرة ـ النجف
الأشرف ـ العراق.
* الترتّب وآثاره الفقهية.
تأليف: ضرغام كريم كاظم الموسوي.
تعدّ مسألة الترتّب من المسائل
|
|
الدقيقة والمعقّدة التي وقع فيها اختلاف الأصوليّين
بين ناف ومثبت، تناول المؤلّف دراستها على الصعيدين: العلمي: يبيّن مسألة
الترتّب، ونشوءها، ودراسة مبادئها، وأسباب القول بها، مع تبيين حدودها وشروطها،
والعملي: وهو توقّف صحّة كثير من العبادات، والمعاملات وكلّ ما يتزاحم مع واجب آخر
أهمّ منه على القول بالترتّب وإلاّ تكون هذه الأعمال كلّها باطلة، ممّا يجعل
العبد في بُعد عن الشريعة، كما أنّ المرونة والتسامح من مبادئ الشريعة وقد بُنيَ
عليهما تشريع كثير من الأحكام كالصلح وغيرها، فالأولى القول بالترّتب حتّى تقع
تلك الأفعال صحيحة.
اشتمل الكتاب على مقدّمة، تمهيد في مفهوم الترتّب،
وعلى ثلاثة فصول في: مبادئ مسألة الترتّب، إمكان الترتّب وشروطه، آثار الترتّب
الفقهية، الخاتمة في: نتائج البحث.
الحجم: وزيري.
|
عدد الصفحات: ٢٧٠.
نشر: مركز العين للدراسات والبحوث المعاصرة ـ النجف
الأشرف ـ العراق.
* مباني الفقه المقارن عند الأمامية وتطبيقاتها (مفتاح الكرامة
إنموذجاً).
تأليف: د. محمّد ناظم محمّد صالح المفرجي.
دراسة أصولية نظرية وتطبيقية عند علماء الإمامية مبنية
على المقارنة فيما بينهم من خلال عرض مبانيهم وأدلّتهم التي استدلّوا بها على
تلك المباني، والتعرّض للإشكالات التي أوردها العلماء عليها، مع بيان الرأي
الراجح والمشهور منها، ودراسة كتاب مفتاح الكرامة الذي يعدّ من أهمّ الكتب
الفقهية الاستدلالية.
اشتمل الكتاب على: المقدّمة والمبحث التمهيدي في مفهوم
المباني والفقه المقارن ونبذة من سيرة السيّد
|
|
جواد العاملي.
وعلى خمسة فصول في: مباني مباحث الألفاظ عند الإمامية
وتطبيقاتها في مفتاح الكرامة، مباني مباحث الحجّة عند الإمامية وتطبيقاتها في
مفتاح الكرامه، مباني المستقلاّت غير العقلية عند الإمامية وتطبيقاتها في مفتاح
الكرامة، مباني الأصول العملية عند الإمامية وتطبيقاتها في مفتاح الكرامة، مباني
التعارض والترجيح عند الإمامية وتطبيقاتها في مفتاح الكرامة. الخاتمة.
الحجم: وزيري.
عدد الصفحات: ٤٥١.
نشر: مركز العين للدراسات والبحوث المعاصرة ـ النجف
الأشرف ـ العراق.
* أحكام الاستئذان في الفقه الإسلامي (دراسة مقارنة).
تأليف: عباس عبد الأمير محمّد صادق الشيباني.
|
دراسة فقهية تناول فيها المؤلّف البحث عن مسألة أحكام
الاستئذان في الفقه الإسلامي بدراسة مقارنة بين المذاهب الإسلامية بما فيها
المذهب الإمامي، حاول فيها جمع شتات آراء المذاهب الإسلامية وإفادة القرّاء
الباحثين.
كما تطرّق للإجابة على أسئلة منها: ما هو الاستئذان؟
ما أهميّتة؟ ما أدلّة مشروعيّته؟ ما هي مقوّماته؟ وما أقسامه؟ ما الحكمة منه؟
متى يجوز تركه؟ ما الآثار الناجمة عن ترك الاستئذان؟ ما هي القواعد الفقهية
المتعلّقة بالاستئذان؟ ما أحكامه
|
|
الشرعية؟ ...
اشتمل الكتاب على: المقدّمة في نبذة مختصرة للموضوع،
وعلى أربعة فصول في: التعريف بمفهوم العنوان ومقوّمات الاستئذان ومفهوم الإذن،
أدلّة مشروعية الاستئذان وحكمته وقواعده الفقهية، الاستئذان في العادات وشؤون
الأسرة، الاستئذان في المعاملات بمفهومها العامّ، الخاتمة.
الحجم: وزيري.
عدد الصفحات: ٤٤٩.
نشر: مركز العين للدراسات والبحوث المعاصرة ـ النجف
الأشرف ـ العراق.
|
|