بعد الفراغ قد علم بأنّه لم يتوضّأ فقد علم بفساد صلاته ، وإن كان يحتمل بأنّه قد توضّأ ودخل في الصلاة ليكون المراد من الغفلة بعد الصلاة احتمال أنّه قد غفل عن الوضوء ، كانت قاعدة الفراغ جارية في حقّه.
نعم ، لو قلنا إنّه يكفي الشكّ التقديري ، وكان في الواقع محكوماً في حال غفلته باستصحاب الحدث ، لم تكن قاعدة الفراغ رافعة وحاكمة على ذلك الاستصحاب الواقعي.
لا يقال : إنّه قد احتمل الآن بعد الفراغ من الصلاة أنّه قد توضّأ لها ، وأنّه لا يكون تركه للوضوء إلاّمن قبيل النسيان والغفلة عن شرط هذه الصلاة ، فتشمله القاعدة ويسقط الاستصحاب بحكومتها عليه وإن كان في الواقع جارياً قبلها.
لأنّا نقول : إنّ هذا تقريب للاستصحاب الجاري بعد الصلاة ، والذي هو محلّ الإشكال هو الاستصحاب الجاري قبلها بالنظر إلى الشكّ المقدّر قبلها (١).
ثمّ لا يخفى أنّ الصور الأربع التي ذكرناها لما إذا كان المنجّز هو استصحاب الحدث ، تجري بتمامها فيما إذا كان المنجّز هو تعارض الحالتين وتساقط الاستصحابين ، كأن تتعاقب عليه حالتان الحدث والوضوء ، فيكون حكمه بعد التعارض والتساقط هو لزوم الوضوء للصلوات الآتية ، ثمّ يدخل في الصلاة وبعد الفراغ منها يحتمل أنّه قد توضّأ ، أو يعلم أنّه لم يتوضّأ إلى آخر الصور الأربع. والظاهر اتّحاد هذه الصور مع صور استصحاب الحدث في الحكم ، فتأمّل جيّداً.
ونظير قاعدة الفراغ من هذه الجهات قاعدة التجاوز فيما لو شكّ في الجزء
__________________
(١) ينبغي مراجعة العروة ص ١٠١ م ٣٨ [ راجع العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ٣ : ٣٧٢ / المسألة : ٣٩ ] ومراجعة ما حرّرناه هناك في التعليق عليها [ منه قدسسره ].