لم يكن وجود ذلك الماضي مشكوكاً ، وإنّما كان المشكوك وجوده أمراً متعلّقاً بذلك الماضي من جزئه أو شرطه أو مانعه ، ولو صحّ لنا أن نقول إنّ المشكوك في هذه الكبرى هو نفس الماضي على نحو مفاد كان التامّة لم يحسن نسبة المضي إليه والفراغ منه ، فإنّ مضيّه والفراغ منه لا يجتمع مع الشكّ في وجوده وإن كان منشأ الشكّ في وجوده هو الشكّ في وجود جزئه ، إذ لم يكن الغرض إجراء القاعدة في الشكّ السببي وإلاّ لرجعت إلى قاعدة التجاوز ، وإنّما الغرض هو إجراؤها في الشكّ المسبّبي ، ليكون عبارة عن قاعدة الفراغ ، فلابدّ أن يكون الملحوظ هو الشكّ المسبّبي أعني وجود الكل ، ومع فرض كون الملحوظ هو الشكّ في وجود الكل لا يحسن أن ننسب الفراغ أو المضيّ إلى نفس ذلك الكل.
واعلم أنّ الموجود في تحرير السيّد ( سلّمه الله ) في بيان رجوع الشكّ في قاعدة التجاوز إلى مفاد كان التامّة ، هو أنّ الشكّ في صحّة العمل وفساده بعد الفراغ مسبّب عن الشكّ في تحقّق ما اعتبر فيه شرطاً أو جزءاً ، فما هو المشكوك بالأخرة هو الوجود بنحو مفاد كان التامّة ، من دون فرق بين موارد الشكّ في أثناء العمل وبين موارده بعد الفراغ ، الخ (١).
ولا يخفى أنّه لو تمّ ذلك لم يكن لنا إلاّقاعدة واحدة وهي قاعدة التجاوز غير الجارية فيما لو شكّ في صحّة العمل من ناحية أُخرى مثل الشكّ في زيادة ركوع أو عروض مبطل ونحو ذلك ، مضافاً إلى أنّ الشكّ في الصحّة وإن كان مسبّباً عن الشكّ في وجود الجزء إلاّ أنّ الحكم عليه بعدم الاعتناء إنّما هو وارد على الشكّ في الصحّة لا على سببه ، فلا وجه لإرجاع الحكم إلى قاعدة التجاوز.
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٢١٥ ـ ٢١٦.