معقول. وكأنّه يتخيّل أنّ مراد الشيخ قدسسره هو أنّ الجامع جامع بين واجد الصحّة وفاقدها ، فأورد عليه ما أورده ، ولكن مراد الشيخ قدسسره أنّ الجامع هو الشكّ في وجود الصحيح ، وهذا الشكّ تارةً ينشأ عن الشكّ في أصل وجود الشيء ، وأُخرى ينشأ عن الشكّ في صحّته بعد فرض وجوده ، فالشكّ في وجود الصحيح مسبّب عن أحدهما ، لا أنّه جامع بينهما.
نعم ، يرد عليه ما عرفت من أنّ ظاهر أخبار الفراغ هو مفاد كان الناقصة ، أعني الشكّ في صحّة الموجود ، لا الشكّ في أصل وجود الصحيح.
وأمّا ما أصلح به الإشكال المذكور بقوله : ويندفع أصل الإشكال بأنّ الصحّة لا يراد منها ترتّب الأثر حتّى لا يكون جامع للوجود ولترتّب الأثر على الموجود ، بل المراد من الصحّة استجماع العمل للأجزاء وللشرائط الخ (١) ، وهذا هو الذي أجاب به شيخنا قدسسره بقوله : أمّا الإشكال الأوّل ، ففيه أنّ المراد من الشكّ في الشيء الخ (٢) ، ولعلّه هو الظاهر ممّا أجاب به الأُستاذ العراقي قدسسره بقوله في مقالته : وأيضاً في التعبّد بتمامية الموجود أمكن إرادة الجامع بين التعبّد بالتمامية مقابل النقص الخ (٣).
وعلى كلّ حال أنّك قد عرفت أنّ هذا مجرّد تغيير عبارة ، لأنّ التمامية بمعنى واجدية الأجزاء والشرائط ، وهي صفة زائدة على أصل الوجود ، فلابدّ من
__________________
(١) رسالة في قاعدة الفراغ والتجاوز ( المطبوعة آخر الطبعة القديمة من نهاية الدراية ) : ٢٩٦.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٦٢٥.
(٣) مقالات الأُصول ٢ : ٤٤٩.