الجامع بدعوى تردّد الحكم في ذلك بين كونه مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع ، لأنّ ذلك الاختلاف لا يكون في شخص الحكم ، بل إنّما يكون في علّته وملاكه ، وهو لا يوجب تعدّداً في ذاته.
نعم ، ربما يقال : إنّه من قبيل الشكّ في المقتضي. ويمكن المنع عن كونه من هذا القبيل ، إذ لا يكون وحدة الملاك موجباً لتحديد في الحكم الناشئ عنه ، بل يكون انعدام ذلك الملاك موجباً لارتفاع ذلك الحكم ، كما لو حكم الشارع بحرمة الكذب في مورد كونه مضرّاً ، وشككنا في أنّ ملاكه هو الضرر وحده فيرتفع بارتفاع الضرر ، أو هو مع كونه قولاً بخلاف الواقع على وجه يكون كلّ واحد منهما لو انفرد كافياً في ملاكية التحريم ، فلو ارتفع الضرر يكون ارتفاعه موجباً لارتفاع الحرمة على الأوّل دون [ الثاني ] فيمكن استصحاب الحرمة ، ولا يكون من قبيل الشكّ في المقتضي ، كلّ ذلك بعد الفراغ عن عدم مدخلية الضرر في موضوع الحكم ، وإن كان له الدخل في علّته وملاكه ، وقد تقدّم بعض الكلام على بعض هذه الجهات فيما علّقناه أخيراً على جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية المستكشفة من الأحكام العقلية ، فراجع (١) وتأمّل.
ثمّ قال في الكفاية ـ في بيان كون الشكّ في كون المذي ناقضاً ، وأنّه من قبيل الشكّ في الرافع الذي لا مجال فيه لاستصحاب العدم بعد حدوث ذلك الذي يشكّ في رافعيته ـ ما هذا لفظه : ضرورة أنّها إذا وجدت بها ( يعني بأسبابها ) كانت تبقى ما لم يحدث رافع لها ، كانت من الأُمور الخارجية أو الأُمور الاعتبارية التي كانت لها آثار شرعية الخ (٢)
__________________
(١) الصفحة : ٢٢ وما بعدها.
(٢) كفاية الأُصول : ٤١٠.