نحو من التنجّس
بحيث كان نحو هذا التنجّس مغايراً للنحو الآخر ، ليكون الجامع بينهما كلّي النجاسة
، بل إنّما كان منشأ التشخّص خصوصيات أُخر خارجة ، والجامع بين هذه الخصوصيات
الخارجة لا أثر له كي يكون ذلك الجامع مورداً للاستصحاب.
وهذا البحث جار في
جميع أطراف الشبهة المحصورة ، فلا يجري فيها استصحاب الكلّي لو حصل التطهير لبعض
الأطراف ، سواء كان العلم الاجمالي سابقاً أو لاحقاً لذلك التطهّر. نعم فيما لو
كان العلم الاجمالي سابقاً على التطهير ، منع فيما نحن فيه من الصلاة في تلك
العباءة بعد تطهّر طرفها الأسفل ، فتأمّل.
لا
يقال : لابدّ في كلّ علم
إجمالي من قدر جامع بين الطرفين ليكون العلم بذلك القدر الجامع هو المنجّز ، ولأجل
ذلك نقول : إنّ كلّ علم إجمالي يرجع إلى علم تفصيلي متعلّق بالقدر الجامع وشكّ
يتعلّق بكلّ واحد من الأطراف ، وحينئذ نقول إنّ ذلك القدر [ الجامع ] يقع مورداً
للاستصحاب بعد ارتفاع أحد الأطراف ، سواء كان العلم حادثاً قبل الارتفاع أو كان حادثاً
بعده.
لأنّا
نقول : فرق واضح بين
القدر الجامع في باب العلم الاجمالي الذي ادّعينا أنّه معلوم بالتفصيل ، وبين
القدر الجامع الذي نروم أن نجري الاستصحاب فيه ، فإنّ القدر الجامع في باب العلم
الاجمالي يكتفى فيه بالجامع الانتزاعي من الطرفين ، وإن لم [ يكن ] في حدّ نفسه
موضوعاً لحكم شرعي ، مثل القدر الجامع المنتزع من العلم الاجمالي المردّد بين كون
هذا الاناء خمراً أو كون ذلك الاناء مغصوباً ، أو العلم الاجمالي المردّد بين كون
المكلّف نفسه جنباً أو أنّه قد فاته صوم يوم من رمضان ، فإنّ العقل ينتزع منهما
قدراً جامعاً يكون هو المتنجّز ، ولكن لو اتّفق أنّه قد اغتسل مثلاً ثمّ طرأ العلم
المذكور ، لم يكن القدر الجامع