على استصحاب كلّي النجاسة في العباءة كي يثبت بذلك الحكم بنجاسة ملاقي العباءة إلاّبالأصل المثبت.
وبالجملة : أنّ ثبوت كلّي النجاسة في العباءة بالاستصحاب يلزمه ما هو موضوع نجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ أعني اتّصاف العباءة بكونها نجسة ، لا أنّ اتّصاف العباءة بالنجاسة هو عين المستصحب الذي هو كلّي النجاسة في العباءة.
وبتقريب آخر : أنّ تنجّس الملاقي ـ بالكسر ـ تابع للنجاسة الشخصية في الملاقى ـ بالفتح ـ الذي هو العباءة ، دون كلّي النجاسة ، لأنّ الملاقاة إنّما تكون في الشخص لا في نفس الكلّي. نعم يلزم الحكم ببقاء الكلّي كون الشخص نجساً لا أنّه عينه ، ولعلّ هذا هو المراد ممّا حكاه عنه قدسسره في التقرير المطبوع في صيدا بقوله : وأمّا نجاسة الملاقي فهي مترتّبة على أمرين : أحدهما إحراز الملاقاة.
وثانيهما : إحراز نجاسة الملاقى ـ بالفتح ـ ، ومن المعلوم أنّ استصحاب النجاسة الكلّية المردّدة بين الطرف الأعلى والأسفل لا يثبت تحقّق ملاقاة النجاسة الذي هو الموضوع لنجاسة الملاقي ، والمفروض أنّ أحد طرفي العباءة مقطوع الطهارة والآخر مشكوك الطهارة والنجاسة ، فلا يحكم بنجاسة ملاقيهما (١).
وأمّا ما أفاده قبيل هذه العبارة بقوله : لعدم أثر شرعي مترتّب عليها ، إذ عدم جواز الدخول في الصلاة وأمثاله إنّما يترتّب على نفس الشكّ بقاعدة الاشتغال ، ولا يمكن التمسّك بالاستصحاب في موردها (٢). ففيه تأمّل ، لأنّ هذا إنّما يتمّ لو كان العلم الاجمالي قد حصل قبل تطهّر الأسفل ، فإنّ قاعدة الطهارة حينئذ في الأعلى تكون ساقطة ، ومقتضى عدم العلم بالطهارة هو المنع من دخوله في
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٩٥.
(٢) أجود التقريرات ٤ : ٩٤.