قوله : ثمّ لو سلّم الترتّب الشرعي بين وجود الكلّي ووجود الفرد في بعض المقامات كترتّب الحدث على الجنابة ، ولكن سقوط الأصل المسبّبي فرع جريان الأصل السببي ... الخ (١).
لا يخفى أنّ السببية التي هي محلّ كلامنا إنّما هي سببية وجود الفرد الطويل لبقاء الكلّي ، بأن يكون حدوث الفرد الطويل سبباً لبقاء الكلّي ، أو يكون عدم حدوثه أو حدوث الفرد القصير سبباً في ارتفاعه ، وهذه الجهة لا دخل لها بكون ترتّب ذلك الفرد على سببه ترتّباً شرعياً ، فلا أثر فيما نحن فيه لكون ترتّب حدث الجنابة على الانزال مثلاً ترتّباً شرعياً ، لأنّ كلامنا إنّما هو في أنّ حدث الجنابة هل يكون سبباً شرعياً لبقاء كلّي الحدث المشترك بينه وبين الحدث الأصغر ، بحيث يكون عدم بقاء ذلك الكلّي مترتّباً شرعاً على عدم تحقّق حدث الجنابة.
وهكذا الحال في مثل الوجوب المردّد بين وجوب صلاة الجمعة ووجوب صلاة الظهر ، فإنّ نفس الوجوب وإن كان شرعياً ، إلاّ أن الكلام فيما نحن فيه إنّما هو في أنّ ترتّب ارتفاع الكلّي المشترك بين الوجوبين بعد الفراغ من صلاة الجمعة على عدم حدوث وجوب صلاة الظهر هل هو شرعي ، أو أنّه عقلي لا شرعي. وبالجملة : أنّ ترتّب الكلّي على الفرد بقاء وارتفاعاً لا شبهة في كونه غير شرعي ، ولا دخل لذلك بكون الفرد بنفسه شرعياً كالوجوب أو الحدث مثلاً.
ومن ذلك يظهر لك أنّ قوله قبيل هذه العبارة : إلاّ أن الترتّب في الوجود بين الكلّي والفرد إنّما هو عقلي الخ (٢) ، لا يخلو عن تسامح ، وكان حقّ التعبير أن يقول : إنّ الترتّب بين بقاء الكلّي ووجود الفرد ، لأنّ هذا هو محلّ توهّم المتوهّم ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤١٨.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٤١٧.