منتزعة من القضية الكلّية المتضمّنة لجعل الوجوب على تقدير الدلوك ، وقد عرفت الكلام على العبارة الأُولى ، كما أنّك قد عرفت أنّ مفاد العبارة الثانية حقّ لو كان المراد هو السببية الحقيقية ، ونعني بها السببية الافاضية ، دون ما لو كان المراد بها السببية الاعتبارية التي هي المراد بقوله : نعم لا بأس باتّصافه بها عناية ، أو التي سمّاها الشيخ وشيخنا قدسسرهما بالسببية الانتزاعية من جعل الحكم على موضوعه ، وهي عبارة عن الاناطة التي عرفت الحال فيها.
قوله : بل هي مجعولة تكويناً بتبع جعل الذات ... الخ (١).
هذا هو ما أفاده في الكفاية في صدر المبحث بقوله : منها ما لا يكاد يتطرّق إليه الجعل تشريعاً أصلاً ، لا استقلالاً ولا تبعاً ، وإن كان مجعولاً تكويناً عرضاً بعين جعل موضوعه كذلك (٢) غايته أنّه في الكفاية سمّاه الجعل التكويني العرضي ، وفي التحرير سمّاه الجعل التبعي ، وقد عرفت شرح هذا الجعل التكويني وأنّه لا دخل له فيما نحن فيه من الجعل الشرعي ، ويمكن أن يكون المراد به أنّ السببية الذاتية غير قابلة للجعل التكويني إلاّعرضاً ، فكيف تقبل الجعل التشريعي الاستقلالي أو التبعي.
قوله : بل هي مجعولة تكويناً بتبع جعل الذات ، وكذا جزء السبب وشرطه ومانعه ، فإنّ جزئية شيء للسبب أو شرطيته أو مانعيته تتبع نفس المركّب ... الخ (٣).
الظاهر أنّ صاحب الكفاية لم يتعرّض لجزئية جزء السبب وشرطه ومانعه ، وإنّما تعرّض لسبب التكليف وشرطه ومانعه ورافعه ، فإنّه قال : أمّا النحو الأوّل
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٩٦.
(٢) كفاية الأُصول : ٤٠٠.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٣٩٦.