الأُستاذ قدسسره (١) من عدم جريان الاستصحاب في مثل هذا الأخير لعدم اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ قاعدة الطهارة في الماء في أمثال هذه الموارد مستفادة من قولهم : « كلّ شيء طاهر » لا من قولهم : « الماء طاهر » فتأمّل.
وأمّا ثانياً : فلأنّ مجرّد الطهارة بحسب الخلقة الأصلية لا تنفع في تحقّق ما هو الركن الأوّل للاستصحاب ، أعني اليقين السابق ، إذ لا يكون الحكم بالطهارة من باب الاستصحاب إلاّ إذا أُخذ اليقين السابق بالطهارة في موضوع الحكم في لسان الدليل ، والمفروض أنّ الدليل المذكور خال من أخذ اليقين السابق. فالحقّ أنّ قولهم عليهمالسلام : الماء طاهر حتّى يعلم بنجاسته ، لا تعرّض لها لأزيد من الحكم على الماء بالطهارة عند الشكّ فيها ، فيكون حاله حال « كلّ شيء لك طاهر » في عدم دلالته إلاّعلى قاعدة الطهارة.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّه لمّا كانت الطهارة بحسب خلقته الأصلية متيقّنة دائماً أغنى ذلك عن أخذ اليقين بها في لسان الدليل.
وأمّا ثالثاً : فلأنّه يرد عليه ما ورد على الكفاية من لزوم الجمع بين الاستصحاب والطهارة الواقعية الأوّلية ، اللهمّ إلاّ أن يقال بأنّها لا تعرّض لها إلاّ للاستصحاب دون الطهارة الواقعية الأوّلية. وفيه ما لا يخفى.
الثاني : أن يكون مفادها قاعدة الطهارة والاستصحاب ، بأن يكون صدرها متضمّناً للحكم على المشكوك بالطهارة وهو عبارة عن قاعدة الطهارة ، وذيلها متضمّناً لاستمرار الحكم بالطهارة إلى حين العلم بالنجاسة وهو معنى الاستصحاب.
وفيه أوّلاً : أنّه لا معنى لاستصحاب الطهارة الظاهرية المستفادة من قاعدة
__________________
(١) راجع فوائد الأُصول ٤ : ٥١١ وما بعدها.