ومن مولاي!؟ فقال : تتجاهل علي!؟ فقلت : ما أتجاهل ولكني لا أعرف لي مولى.
فقال : هذا أبوالحسن موسى بن جعفر إني أتفقده الليل والنهار ، فلم أجده في وقت من الاوقات إلا على الحال التي اخبرك بها إنه يصلي الفجر فيعقب ساعة في دبر صلاته ، إلى أن تطلع الشمس ، ثم يسجد سجدة ، فلا يزال ساجدا حتى تزول الشمس ، وقد وكل من يترصد له الزوال ، فلست أدري متى يقول الغلام قد زالت الشمس إذ يثب فيبتدئ بالصلاة ، من غير أن يجدد وضوءآ فأعلم أنه لم ينم في سجوده ولا أغفى.
فلا يزال كذلك إلى أن يفرغ من صلاة العصر ، فإذا صلى العصر سجد سجدة فلا يزال ساجدا إلى أن تغيب الشمس ، فاذا غابت الشمس وثب من سجدته فصلى المغرب من غير أن يحدث حدثا ، ولا يزال في صلاته وتعقيبه إلى أن يصلي العتمة فإذا صلى العتمة أفطر على شوي يؤتى به ، ثم يجدد الوضوء ، ثم يسجد ثم يرفع رأسه ، فينام نومة خفيفة ، ثم يقوم فيجدد الوضوء ، ثم يقوم فلا يزال يصلي في جوف الليل ، حتى يطلع الفجر ، فلست أدري متى يقول الغلام إن الفجر قد طلع إذ قد وثب هو لصلاة الفجر ، فهذا دأبه منذ حول إلي.
فقلت : اتق الله ، ولا تحدثن في أمره حدثا يكون منه زوال النعمة ، فقد تعلم أنه لم يفعل أحد بأحد منهم سوء إلا كانت نعمته زائلة ، فقال : قد أرسلوا إلي في غير مرة يأمرونني بقتله ، فلم اجبهم إلى ذلك ، وأعلمتهم أني لا أفعل ذلك ولو قتلوني ما أجبتهم إلى ماسألوني.
فلما كان بعد ذلك حول إلى الفضل بن يحيى البرمكي ، فحبس عنده أياما فكان الفضل بن الربيع يبعث إليه في كل ليلة مائدة ، ومنع أن يدخل إليه من عند غيره ، فكان لايأكل ولايفطر إلا على المائدة التي يؤتى بها ، حتى مضى على تلك الحال ثلاثة أيام ولياليها ، فلما كانت الليلة الرابعة ، قدمت إليه مائدة للفضل