كانت البدرة لك تصدق بها في هذا الموضع الشريف ، وإن لم تجبني عنها أضفعت إلى البدرة بدرة اخرى لاتصدق بها على فقراء الحي من قومي ، فأمر بإيراد اخرى وقال : سل عما بدا لك.
فقال : أخبرني عن الخنفسآء تزق؟ أم ترضع ولدها؟ فحرد (١) هارون و قال : ويحك يا أعرابي مثلي من يسأل عن هذه المسألة؟! فقال : سمعت ممن سمع من رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : من ولي أقواما وهب له من العقل كعقولهم ، وأنت إمام هذه الامة يجب أن لاتسأل عن شئ من أمر دينك ، ومن الفرايض ، إلا أجبت عنها ، فهل عندك له الجواب؟.
قال هارون : رحمك الله لا فبين لي ما قلته ، وخذ البدرتين فقال : إن الله تعالى لما خلق الارض خلق دبابات الارض الذي من غير فرث ، ولا دم ، خلقها من التراب ، وجعل رزقها وعيشها منه ، فاذا فارق الجنين امه لم تزقه ولم ترضعه وكان عيشها من التراب.
فقال هارون : والله ما ابتلى أحد بمثل هذه المسألة ، وأخذ الاعرابي البدرتين وخرج ، فتبعه بعض الناس ، وسأله عن اسمه فإذا هو موسى بن جعفر بن محمد عليهماالسلام فاخبر هارون بذلك فقال : والله لقد كان ينبغي أن تكون هذه الورقة من تلك الشجرة (٢).
قوله عليهالسلام : وفي مستمع أي علم يجب أن يستمع إليه.
١٩ ـ الشريف المرتضى في الغرر (٣) والديلمي في أعلام الدين عن أبي عبدالله باسناده عن أيوب الهاشمي أنه حضر باب الرشيد رجل يقال له : نفيع الانصاري وحضر موسى بن جعفر عليهالسلام على حمار له ، فتلقاه الحاجب بالاكرام ، وعجل له
____________________
(١) فحرد هارون : أى فغضب.
(٢) المناقب ج ٣ ص ٤٢٧.
(٣) الغرر والدرر أمالى المرتضى ج ١ ص ٢٧٥ وأخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج ٣ ص ٤٣١ ، والطبرسى في اعلام الورى ص ٢٩٧.