أبيضها وأسودها وأحمرها من أين ورثتم ما ليس لغيركم؟ ورسول الله صلىاللهعليهوآله مبعوث إلى الناس كافة وذلك قول الله تبارك وتعالى « ولله ميراث السموات والارض » (١) إلى آخر الآية فمن أين ورثتم هذا العلم وليس بعد محمد نبي ولا أنتم أنبياء؟ فقال : من قوله تبارك وتعالى لنبيه صلىاللهعليهوآله « لاتحرك به لسانك لتعجل به » (٢) الذي لم يحرك به لسانه لغيرنا أمره الله أن يخصنا به من دون غيرنا فلذلك كان ناجى أخاه عليا من دون أصحابه فأنزل الله بذلك قرآنا في قوله « وتعيها اذن واعية » (٣) فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لاصحابه : سألت الله أن يجعلها اذنك يا علي ، فلذلك قال علي بن أبي طالب صلوات الله عليه بالكفوة : علمني رسول الله صلىاللهعليهوآله ألف باب من العلم ففتح كل باب ألف باب ، خصه رسول الله صلىاللهعليهوآله من مكنون سره بما يخص أميرالمؤمنين أكرم الخلق عليه ، فكما خص الله نبيه صلىاللهعليهوآله خص نبيه صلىاللهعليهوآله أخاه عليا من مكنون سره بما لم يخص به أحدا من قومه ، حتى صار إلينا فتوارثنا من دون أهلنا.
فقال هشام بن عبدالملك : إن عليا كان يدعي علمى الغيب والله لم يطلع على غيبه أحدا ، فمن أين ادعى ذلك؟ فقال أبي : إن الله جل ذكره أنزل على نبيه صلىاللهعليهوآله كتابا بين فيه ما كان وما يكون إلى يوم القيامة في قوله تعالى « ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين » (٤) وفي قوله : « وكل شئ أحصيناه في إمام مبين » (٥) وفي قوله : « ما فرطنا في الكتاب من شئ » (٦) وأوحى الله إلى نبيه صلىاللهعليهوآله أن لا يبقي في غيبه وسره ومكنون علمه شيئا إلا يناجي به عليا ، فأمره أن يؤلف القرآن من بعده ويتولى غسله وتكفينه وتحنيطه
____________________
(١) سورة آل عمران ، الاية ١٨٠.
(٢) سورة القيامة ، الاية : ١٦.
(٣) سورة الحاقة ، الاية : ١٢.
(٤) سورة النحل ، الاية : ٨٩.
(٥) سورة يس ، الاية : ١٢.
(٦) سورة الانعام ، الاية : ٣٨.