أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل الختر والغدر والحدل (١) ألا فلا رقأت العبرة ولا هدأت الزفرة إنما مثلكم مثل التي ( نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ) هل فيكم إلا الصلف والعجب والشنف والكذب وملق الإماء وغمز الأعداء كمرعى على دمنة أو كقصة على ملحودة ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون.
أتبكون على أخي أجل والله فابكوا فإنكم والله أحق بالبكاء فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا فقد بليتم بعارها ومنيتم بشنارها ولن ترحضوها أبدا وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد شباب أهل الجنة وملاذ حربكم ومعاذ حزبكم ومقر سلمكم وآسي كلمكم ومفزع نازلتكم والمرجع إليه عند مقالتكم ومدرة حججكم ومنار محجتكم ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم وساء ما تزرون ليوم بعثكم فتعسا تعسا ونكسا نكسا لقد خاب السعي وتبت الأيدي وخسرت الصفقة وبؤتم ( بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ) وضربت عليكم ( الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ ).
أتدرون ويلكم أي كبد لمحمد صلى الله عليه واله فريتم وأي عهد نكثتم وأي كريمة له أبرزتم وأي حرمة له هتكتم وأي دم له سفكتم ـ ( لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا ) لقد جئتم بها شوهاء صلعاء عنقاء سوءاء فقماء خرقاء طلاع الأرض وملء (٢) السماء أفعجبتم أن لم تمطر السماء دما ( وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ ) فلا يستخفنكم المهل فإنه عز وجل من لا يحفزه البدار ولا يخشى عليه فوت الثأر كلا إن ربك لنا ولهم بالمرصاد ثم أنشأت تقول :
ما ذا تقولون إذ قال النبي لكم |
|
ما ذا صنعتم وأنتم آخر الأمم |
بأهل بيتي وأولادي ومكرمتي |
|
منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم |
__________________
(١) يقال : حدل عليه حدلا وحدولا : مال عليه بالظلم ، وفي بعض النسخ « الجدل » وفي بعضها « الخذل ».
(٢) ما بين العلامتين زيادة من المصدر ص ١٥٦.