والله لو شهدته لأحببت أن لا أفارقه حتى أقتل معه والله إنه لمما يسخى بنفسي عنهما ويعزي عن المصاب بهما أنهما أصيبا مع أخي وابن عمي مواسيين له صابرين معه.
ثم أقبل على جلسائه فقال الحمد لله عز علي مصرع الحسين إن لا أكن آسيت حسينا بيدي فقد آساه ولداي فخرجت أم لقمان بنت عقيل بن أبي طالب حين سمعت نعي الحسين عليه السلام حاسرة ومعها أخواتها أم هانئ وأسماء ورملة وزينب بنات عقيل تبكي قتلاها بالطف وهي تقول :
ما ذا تقولون إذ قال النبي لكم |
|
ما ذا فعلتم وأنتم آخر الأمم |
بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي |
|
منهم أسارى وقتلى ضرجوا بدم |
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم |
|
أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي |
فلما كان الليل في ذلك اليوم الذي خطب فيه عمرو بن سعيد بقتل الحسين عليه السلام بالمدينة سمع أهل المدينة في جوف الليل مناديا ينادي يسمعون صوته ولا يرون شخصه :
أيها القاتلون جهلا حسينا |
|
أبشروا بالعذاب والتنكيل |
كل أهل السماء يدعو عليكم |
|
من نبي ومرسل وقبيل (١) |
قد لعنتم على لسان ابن داود |
|
وموسى وصاحب الإنجيل (٢) |
وقال ابن نما وروي أن يزيد بن معاوية لعنهما الله بعث بمقتل الحسين عليه السلام إلى المدينة محرز بن حريث بن مسعود الكلبي من بني عدي بن حباب ورجلا من يهرا (٣) وكانا من أفاضل أهل الشام فلما قدما خرجت امرأة من بنات عبد المطلب قيل هي زينب بنت عقيل ناشرة شعرها واضعة كمها على رأسها تتلقاهم وهي تبكي ما ذا تقولون إذ قال النبي لكم إلى آخر الأبيات.
__________________
(١) كذا ، والصحيح « وقتيل » يعنى الشهيد.
(٢) الإرشاد ص ٢٣٢ و ٢٣٣.
(٣) كذا في الأصل ، ولعله مصحف بهراء بطن من قضاعة ، وهم بنو بهراء بن عمرو ابن الحافى بن قضاعة ، كانت منازلهم شمالى منازل بلى من الينبع الى عقبة أيلة.