فقالوا : « هذا إلهكم وإله موسى » (١) وقال لهم موسى بعد ذلك « ادخلوا الارض المقدسة » (٢) فكان من جوابهم ما قص الله عزوجل عليهم فقال موسى عليهالسلام : « رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين » (٣).
فما اتباع (٤) هذه الامة رجالا سودوهم وأطاعوهم ، لهم سوابق مع رسول الله ومنازل قريبة منه ، وأصهار مقرين بدين محمد وبالقرآن ، حملهم والكبر والحسد أن خالفوا إمامهم ووليهم ، بأعجب من قوم صاغوا من حليهم عجلا ثم عكفوا عليه يعبدونه ويسجدون له ، ويزعمون أنه رب العالمين واجتمعوا على ذلك كلهم غير هارون وحده.
وقد بقي مع صاحبنا الذي هو من نبينا بمنزلة هارون من موسى من أهل بيته ناس سلمان وأبوذر والمقداد والزبير ، ثم رجع الزبير وثبت هؤلاء الثلاثة مع إمامهم حتى لقوا الله.
وتتعجب يا معاوية أن سمى الله من الائمة واحدا بعد واحد ، قد نص عليهم رسول الله (ص) بغديرخم وفي غير موطن واحتج بهم عليهم وأمرهم بطاعتهم وأخبر أن أولهم علي بن ابي طالب عليهالسلام ولي كل مؤمن ومؤمنة من بعده ، وأنه خليفته فيهم ووصيه ، وقد بعث رسول الله (ص) جيشا يوم موته فقال : عليكم جعفر فان هلك فزيد ، فان هلك فعبدالله بن رواحة ، فقتلوا جمعيا أفتراه يترك الامة ولم يبين لهم من الخليفة بعده ، ليختاروا هم لانفسهم الخليفة ، كأن رأيهم لانفسهم أهدى لهم وأرشد من رأيه واختياره ، وماركب القوم ما ركبوا إلا بعد مابينه ، وما تركهم رسول الله صلىاللهعليهوآله في عمى ولا شبهة.
فأما ما قال الرهط الاربعة الذين تظاهروا على علي عليهالسلام وكذبوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله وزعموا أنه قال : إن الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوة
____________________
(١) طه : ٨٨.
(٢) المائدة : ٢١.
(٣) المائدة : ٢٥.
(٤) مبتدأ خبره بعد سطرين « بأعجب » وفى المصدر « فأما اتباع » وهو تصحيف.