فأطيعوني اليوم في نصرته تنالوا بها شرف الدنيا والآخرة فاني اقسم بالله لا يقتل أحد منكم في سبيل الله مع ابن بنت رسول الله صابرا محتسبا إلا كان رفيقا لمحمد (ص) في عليين قال : فوثب إليه رجل من بني أسد يقال له عبدالله بن بشر فقال : أنا أول من يجيب إلى هذه الدعوة ، ثم جعل يرتجز ويقول :
قد علم القوم إذا تواكلوا |
|
وأحجم الفرسان إذ تناقلوا (١) |
أني شجاع بطل مقاتل |
|
كأنني ليث عرين باسل |
ثم تبادر رجال الحي حتى التأم منهم تسعون رجلا فأقبلوا يريدون الحسين عليهالسلام وخرج رجل في ذلك الوقت من الحي حتى صار إلى عمر بن سعد فأخبره بالحال ، فدعا ابن سعد برجل من أصحابه يقال له الازرق فضم إليه أربعمائة فارس و وجه نحو حي بني أسد ، فبينما اولئك القوم قد أقبلوا يريدن عكسر الحسين عليهالسلام في جوف الليل إذا استقبلهم خيل ابن سعد على شاطئ الفرات ، وبينهم وبين عسكر الحسين اليسير ، فناوش القوم بعضهم بعضا واقتتلوا قتالا شديدا ، وصاح حبيب ابن مظاهر بالازرق ويلك مالك ومالنا انصرف عنا ، ودعنا يشقى بنا غيرك ، فأبى الازرق أن يرجع ، وعلمت بنو أسد أنه لا طاقة لهم بالقوم ، فانهزموا راجعين إلى حيهم ، ثم إنهم ارتحلوا في جوف الليل خوفا من ابن سعد أن يبيتهم ورجع حبيب بن مظاهر إلى الحسين عليهالسلام فخبره بذلك فقال عليهالسلام : لا حول ولا قوة إلا بالله.
قال : ورجعت خيل ابن سعد حتى نزلوا على شاطئ الفرات ، فحالوا بين الحسين وأصحابه وبين الماء ، وأضر العطش بالحسين وأصحابه ، فأخذ الحسين عليهالسلام فأسا (٢) وجاء إلى وراء خيمة النساء فخطا في الارض تسع عشر خطوة نحو القبلة ثم حفر هناك ، فنبعت له عين من الماء العذب ، فشرب الحسين عليهالسلام وشرب الناس بأجمعهم ، وملاوا أسقيتهم ، ثم غارت العين ، فلم ير لها أثر ، وبلغ ذلك ابن زياد
____________________
(١) تناضلوا. خ ل. والظاهر : تثاقلوا.
(٢) الفأس : آلة ذات هراوة قصيرة يقطع بها الخشب وغيره. وقد يترك همزها.