وأصحابه ، ووصاه بالنظر في وقوفه وصدقاته ، وكتب إليه عهدا مشهورا ووصية ظاهرة في معالم الدين وعيون الحكمة والاداب ، وقد نقل هذه الوصية جمهور العلماء واستبصربها في دينه ودنياه كثير من الفقهاء ، ولما قبض أميرالمؤمنين عليهالسلام خطب الناس الحسن وذكر حقه فبايعه أصحاب أبيه على حرب من حارب ، وسلم من سالم.
وروى أبومخنف لوط بن يحيى قال : حدثني أشعث بن سوار ، عن أبي إسحاق السبيعي وغيره ، قال : خطب الحسن بن علي عليهماالسلام في صبيحة الليلة التي قبض فيهاأميرالمؤمنين عليهالسلام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم قال : لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الاولون بعمل ، ولم يدركه الاخرون بعمل لقد كان يجاهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآله فيقيه بنفسه ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يوجهه برايته ، فيكنفه جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن شماله ، ولا يرجع حتى يفتح الله على يديه ، ولقد توفي في الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم ، والتي قبض فيها يوشع بن نون [ وصي موسى ] ، وما خلف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت عن عطائه ، أراد أن يبتاع بها خادما لاهله.
ثم خنقته العبرة فبكى وبكى الناس من حوله معه ، ثم قال : أنا ابن البشير أنا ابن النذير أنا ابن الداعي إلى الله باذنه أنا ابن السراج المنير ، أنا من أهل بيت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا أنا من أهل بيت فرض الله مودتهم في كتابه فقال تعالى : « قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزدله فيها حسنا » (١) فالحسنة مودتنا أهل البيت ثم جلس.
فقام عبدالله بن العباس رحمهالله بين يديه فقال : معاشر الناس هذا ابن نبيكم ووصي إمامكم فبايعوه فاستجاب له الناس فقالوا : ما أحبه إلينا وأوجب حقه علينا وبادروا إلى البيعة له بالخلافة ، وذلك [ في ] يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة.
____________________
(١) الشورى : ٢٢.