وبلي وتزعم أنك لقيته الساعة وسلمت عليه؟! فهذا من العجائب ومما لا يكون فغضب علي عليهالسلام ونظر إلي وقال : تكذبني يا ابن الخطاب؟ فقلت : لا تغضب وعد إلى ما كنا فيه فإن هذا مما لا يكون أبدا ، قال : فإن أنت رأيته حتى لا تنكر منه شيئا استغفرت الله مما قلت وأضمرت وأحدثت توبة مما أنت فيه وتركت حقا لي؟ فقلت : نعم ، فقال : قم ، فقمت معه فخرجنا إلى طرف المدينة ، وقال لي : غمض عينيك فغمضتهما ، فقال : افتحهما ففعلت ذلك ، فإذا أنا برسول الله صلىاللهعليهوآله معه نفر من الملائكة ، فلما أطلت النظر قال لي : هل رأيته؟ فقلت : نعم ، قال : غمض عينيك فغمضتهما ، ثم قال : افتحهما فإذا لا عين ولا أثر.
فقلت له : هل رأيت من علي عليهالسلام غير ذلك؟ قال : نعم إنه استقبلني يوما وأخذ بيدي ومضى بي إلى الجبانة ، وكنا نتحدث في الطريق ، وكان بيده قوس فلما صرنا في الجبانة رمى بقوسه من يده فصار ثعبانا عظيما مثل ثعبان موسى عليهالسلام وفتح فاه وأقبل ليبتلعني ، فلما رأيت ذلك طار قلبي من الخوف وتنحيت وضحكت في وجه علي عليهالسلام وقلت : الامان يا علي بن أبي طالب واذكر ما بيني وبينك من الجميل ، فلما سمع هذا القول افتر (١) ضاحكا وقال : لطفت في الكلام ونحن أهل بيت نشكر القليل ، فضرب بيده إلى الثعبان وأخذه بيده فإذا هو قوسه الذي كان بيده.
ثم قال عمر : يا سلمان إني كتمت ذلك عن كل أحد وأخبرتك به يا أبا ـ عبدالله ، فإنهم أهل بيت يتوارثون هذه الاعجوبة كابر عن كابر ، ولقد كان إبراهيم يأتي بمثل ذلك وكان أبوطالب وعبدالله يأتيان بمثل ذلك في الجاهلية ، وأنا لا انكر فضل علي عليهالسلام وسابقته ونجدته وكثرة علمه ، فارجع إليه واعتذر عني إليه وأثن عني عليه بالجميل (٢).
١٦ ـ يل : روى عمار بن ياسر رضياللهعنه أنه قال : كان أميرالمؤمنين عليهالسلام
____________________
(١) افتر الرجل : ضحك ضحكا حسنا.
(٢) الفضائل : ٦٥ و ٦٦.