البلقاء (١) فوجدت فيها جبلا أسود مكتوبا عليه بالاندر ما هو من سلب آل عمران (٢) فسألت عمن يقرؤه ، فجاؤوا بشيخ قد كبرت سنه ، قال : ما أعجب ما عليه بالعبراني! مكتوب « باسمك اللهم جاء الحق من ربك بلسان عربي لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله وكتب موسى بن عمران بيده ». (٣)
أقول : قال ابن أبي الحديد : قال نصر بن مزاحم : روى حبة أن عليا عليهالسلام لما نزل إلى الرقة (٤) نزل بموضع يقال له البليخ على جانب الفرات ، فنزل راهب هناك من صومعته فقال لعلي عليهالسلام : إن عندنا كتابا توارثناه عن آبائنا كتبه أصحاب عيسى بن مريم ، أعرضه عليك؟ قال : نعم ، فقرأ الراهب الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم الذي قضى فيما قضى وسطر فيما كتب أنه باعث في الاميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة ويدلهم على سبيل الله ، لافظ ولاغليظ ولاصخاب في الاسواق (٥) ، ولايجزي بالسيئة السيئة بل يعفو ويصفح ، امته الحمادون الذين يحمدون الله على كل نشر وفي كل صعود وهبوط ، تذل ألسنتهم بالتكبير والتهليل والتسبيح ، وينصره الله على من ناواه ، فإذا توفاه الله ، ثم اختلف (٦) امته من بعده ثم اجتمعت فلبثت ما شاء الله ثم اختلفت ، فيمر رجل من امته بشاطئ هذا الفرات ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقضي بالحق ولايركس الحكم (٧) ، الدنيا أهون عليه من الرماد في يوم عاصفة به الريح (٨) والموت أهون عنده (٩) من شرب الماء على الظمأ
____________________
(١) البقاء : كورة من أعمال دمشق بين الشام ووادى القرى ، قصبتها عمان ، وفيها قرى كثيرة ومزارع واسعة. (مراصدالاطلاع ١ : ٢١٩).
(٢) كذافى النسخ ، ولم نفهم المراد
(٣) لم نجده في المصدر المطبوع.
(٤) الرقة : مدينة مشهورة على الفرات من جانبها الشرقى. والرقة السوداء : قرية كبيرة ذات بساتين كثيرة شربها من البليخ (مراصدالاطلاع ٢ : ٢٢٦).
(٥) صخب : صات شديدا.
(٦) في المصدر : فاذا توفاه الله اختلفت ا ه.
(٧) ركس الشى : قلب أوله على آخره.
(٨) في المصدر : عصفت به الريح.
(٩) في المصدر : عليه.