فقلت : بأبي أنت وامي يارسول الله ما هذا المهدي؟ قال : يا عمار إن الله تبارك وتعالي عهد إلي أنه يخرج من صلب الحسين أئمة تسعة والتاسع من ولده يغيب عنهم ، وذلك قوله عزوجل : « قل أرأيتم أن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين (١) » يكون له غيبة طويلة ، يرجع عنها قوم ويثبت عليها آخرون ، فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملا الدنيا قسطا وعدلا ، ويقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل ، وهو سميي وأشبه الناس بي يا عمار سيكون بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك فاتبع عليا وحزبه فإنه مع الحق والحق معه (٢). يا عمار إنك ستقاتل بعدي مع علي صنفين : الناكثين والقاسطين : تقتلك الفئة الباغية (٣) ، قلت : يا رسول الله أليس ذلك على رضى الله ورضاك قال : نعم على رضى الله ورضاي ، ويكون آخر زادك شربة من لبن تشربه.
فلما كان يوم صفين خرج عمار بن ياسر إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فقال له : يا أخا رسول الله أتأذن لي في القتال؟ فقال : مهلا رحمك الله ، فلما كان بعد ساعة أعاد عليه الكلام فأجابه بمثله ، فأعاد عليه ثالثا فبكى أمير المؤمنين عليهالسلام فنظر إليه عمار فقال : يا أمير المؤمنين إنه يوم الذي وصفه رسول الله؟! (ص) ، ونزل (٤) أمير المؤمنين عليهالسلام عن بغلته وعانق عمارا وودعه وقال : يا أبا اليقظان جزاك الله عن نبيك وعن الاسلام خيرا (٥) ، فنعم الاخ كنت ، ونعم الصاحب كنت ، ثم بكى عليهالسلام وبكى عمار ، ثم قال : والله يا أمير المؤمنين ما اتبعتك إلا ببصيرة ، فاني سمعت رسول الله يقول يوم خيبر (٦) : يا عمار ستكون بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك فاتبع عليا وحزبه فإنه مع الحق والحق معه ، و إنك ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين ، فجزاك الله يا أمير المؤمنين عن الاسلام أفضل الجزاء ، لقد أديت وأبلغت ونصحت ، ثم ركب وركب أمير المؤمنين عليهالسلام وبرز إلى القتال
____________________
(١) سورة الملك : ٣٠.
(٢) من هنا إلى آخر الرواية قد سقط عن ( ت ) و ( د ).
(٣) في المصدر : ثم يقتلك الفئة الباغية.
(٤) في المصدر : وصفه لى رسول الله ، فنزل اه.
(٥) في المصدر : جزاك الله عن الله وعن نبيك خيرا.
(٦) في المصدر : يوم حنين.