ليتمتعوا بها حتى حين. ثم قال تعالى : « فقال » أي صاحب الجنة « لصاحبه » وهو علي : « أنا أكثر منك مالا » أي دنيا وسلطانا « واعز نفرا » أي عشيرة وأعوانا « ودخل جنته » أي دخل دنياه وانعم فيها وابتهج به وركن إليها « وهو ظالم لنفسه » بقوله وفعله ، ولم يكفه ذلك حتى « قال : ما أظن أن تبيد هذه أبدا » أي جنته ودنياه ثم كشف عن اعتقاده فقال : « وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي » كما تزعمون أنتم مردا إلى الله « لاجدن خيرا منها » أي من جنته « منقلبا » فقال له صاحبه وهو علي عليهالسلام : « أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ، معنى ذلك : أنت كفرت بربك فإني أنا أقول : هو الله ربي وخالقي ورازقي » ولا اشرك بربي أحدا « ثم دله على ما كان أولى لو قاله ، فقال : « ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله » كان في جميع اموري ، ولا قوة لي عليها إلا بالله.
ثم إنه عليه أرجع القول إلى نفسه فقال له : « إن ترن أنا أقل منك مالا و ولدا » أي فقيرا محتاجا إلى الله تعالى ، ومع ذلك « فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك » ودنياك في الدنيا ولدي القائم دولة وملكا وسلطانا ، وفي الآخرة حكما وشفاعة و جنانا ومن الله رضوانا ، « ويرسل عليها » أي على جنتك « حسبانا من السماء » أي عذابا ونيرانا فتحرقها ، أو سيفا من سيوف القائم عليهالسلام فيمحقها « فتصبح صعيدا » أي أرضا لا نبات بها « زلقا » أى يزلق الماشي عليها (١) « واحيط بثمرة » التي اثمرتها جنته ، يعني ذهبت دنياه وسلطانه « فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها » من دينه ودنياه ، وآخرته « وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم اشرك بربي أحدا * ولم تكن له فئة » ولا عشيرة « ينصرون من دون الله وما كان منتصرا ».
ثم إنه سبحانه لما أبان حال علي عليهالسلام وحال عدوه بأنه إن كان له في الدنيا دولة ولولاية من الشيطان فإن لعلي عليهالسلام الولاية في الدنيا والآخرة من الرحمان ، و ولاية الشيطان ذاهبة وولاية الرحمان ثابتة ، وذلك قوله تعالى : « هنالك الولاية لله » وروي
____________________
(١) زلقت القدم : زلت ولم يثبت.