اليوم نتواقف (١) على حدود الحق والباطل (٢) ، من استودع خائنا فقد غش نفسه ، من استرعى ذئبا فقد ظلم ، من ولي غشوما فقد اضطهد ، هذا (٣) موقف صدق ، ومقام أنطق فيه بحقي ، وأكشف الستر والغمة عن ظلامتي!
يا معشر المجاهدين المهاجرين والأنصار! أين كانت سبقة تيم وعدي إلى سقيفة بني ساعدة خوف الفتنة؟! ألا كانت يوم الأبواء (٤) إذ تكانفت [ تكاثفت ] (٥) الصفوف ، وتكاثرت (٦) الحتوف ، وتقارعت السيوف؟ أم هلا خشيا فتنة الإسلام يوم ابن عبد ود وقد نفخ بسيفه ، وشمخ بأنفه ، وطمح بطرفه؟! ولم لم يشفقا على الدين وأهله يوم بواط (٧) إذا اسود لون الأفق ، واعوج عظم العنق ، وانحل سيل الغرق (٨)؟ ولم يشفقا يوم رضوى إذ السهام تطير ، والمنايا تسير ، والأسد تزأر؟ و هلا بادرا يوم العشيرة إذا (٩) الأسنان تصطك ، والآذان تستك ، والدروع تهتك؟ و هلا كانت مبادرتهما يوم بدر ، إذ الأرواح في الصعداء ترتقي ، والجياد بالصناديد ترتدي ، والأرض من دماء (١٠) الأبطال ترتوي؟ ولم لم يشفقا على الدين يوم بدر
__________________
(١) في العدد القوية : نتوافق.
(٢) في المصدر زيادة هنا ، وهي : من وثق بما لم يضم .. ولا معنى لها.
(٣) في المصدر : هذا هذا.
(٤) في العدد القوية : الإيواء. وسيأتي بيانه ، وأما الأبواء ـ بفتح أوله وسكون ثانيه ومد آخره ـ : مكان بين الحرمين عن المدينة نحوا من ثلاثين ميلا ، قاله في مجمع البحرين ١ ـ ١٨.
(٥) في ( ك ) نسخة : تكاثفت.
(٦) في ( ك ) : نسخة : تكاتفت.
(٧) بواط ـ كغراب ـ جبال جهينة على أبراد من المدينة ، منه غزوة بواط ، اعترض فيها رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم لعير قريش ، قاله في القاموس ٢ ـ ٣٥٢.
(٨) في العدد القوية : العرق ـ بالعين المهملة ـ.
(٩) في المصدر : إذ.
(١٠) في ( ك ) نسخة : رماء.