ومن كلام له عليهالسلام ـ رواه محمد بن سلام ـ : فنزل بي من وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله ما لم يكن (١) الجبال لو حملته لحملته ، ورأيت أهل بيته بين جازع لا يملك جزعه ، ولا يضبط نفسه ، ولا يقوى على حمل ما نزل به ، قد أذهب الجزع صبره ، وأذهل عقله ، وحال بينه وبين الفهم والإفهام ، وبين القول والاستماع. ثم قال : بعد كلام ـ : وحملت نفسي على الصبر عند وفاته ، ولزمت الصمت والأخذ فيما أمرني به من تجهيزه .. الخبر.
قوله تعالى : ( فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ ) (٢) كان قتل واحدا على وجه الدفع ( فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً ) (٣) ( فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً ) (٤) ( فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ ) (٥) ( رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ ) (٦) فكيف لا يخاف علي وقد وترهم بالنهب ، وأفناهم بالحصد (٧) ، واستأسرهم فلم يدع قبيلة من أعلاها إلى أدناها إلا وقد قتل صناديدهم؟ (٨).
قيل لأمير المؤمنين عليهالسلام في جلوسه عنهم؟ قال : إني ذكرت قول النبي صلىاللهعليهوآله : إني رأيت القوم (٩) نقضوا أمرك ، واستبدوا بها دونك ، وعصوني فيك ، فعليك بالصبر حتى ينزل الأمر ، فإنهم سيغدرون بك وأنت
__________________
(١) في المناقب : لم تكن.
(٢) القصص : ١٥.
(٣) القصص : ١٨.
(٤) القصص : ٢١.
(٥) الشعراء : ٢١.
(٦) القصص : ٣٣ ، وفي المصدر : رب إني قتلت منهم ، رب إني أخاف.
(٧) في المناقب : بالحصيد.
(٨) ثم ذكر ابن شهرآشوب رحمهالله هنا شعرا لمهيار الديلمي رحمهالله وهو :
تركت أمرا ولو طالبته لدرت |
معاطس راغمته كيف تجتدع |
|
صبرت تحفظ أمر الله ما اطرحوا |
ذبا عن الدين فاستيقظت إذ هجعوا |
|
ليشرقن بحلو اليوم مر غد |
إذا حصدت لهم في الحشر ما زرعوا |
(٩) في المناقب : أن القوم.