التفاسير (١). ولا خلاف في شرعيتها مع الخوف على النفس من الكفار الغالبين.
وقال الشافعي ـ من العامة ـ بأن الحالة بين المسلمين إذا شاكلت الحال بين المسلمين والمشركين حلت التقية (٢) ، ذكر ذلك الفخر الرازي في تفسير الآية الثانية ، وقال : التقية جائزة لصون النفس ، وهل هي جائزة لصون المال ، يحتمل أن يحكم فيها بالجواز ،لقوله صلى الله عليه وسلم : حرمة مال المسلم كحرمة دمه ،. ولقوله صلى الله عليه وسلم : من قتل دون ماله فهو شهيد ، ولأن الحاجة إلى المال شديدة ، والماء إذا بيع بالغبن سقط فرض الوضوء وجاز الاقتصار على التيمم دفعا لذلك القدر من نقصان المال ، فكيف لا يجوز هاهنا (٣)؟.
وقال في تفسير الآية الأولى :اعلم أن للإكراه مراتب :
أحدها (٤) : أن يجب فعل المكره عليه ، مثل ما إذا أكرهه على شرب الخمر وأكل الخنزير وأكل الميتة ، فإذا أكرهه عليه بالسيف فهاهنا يجب الأكل ، وذلك لأن صون الروح عن الفوات واجب ولا سبيل إليه في هذه الصورة إلا بهذا الأكل ، وليس في هذا الأكل ضرر على حيوان ولا إهانة بحق الله (٥) ، فوجب أن يجب ، لقوله تعالى : ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (٦).
المرتبة الثانية : أن يكون (٧) ذلك الفعل مباحا ولا يصير واجبا ، ومثاله ما إذا
__________________
(١) انظر : التبيان ٢ ـ ١٥٢ ، ومجمع البيان ١ ـ ٢٨٩ ذيل آية ١٩٥ من سورة البقرة ، تفسير نور الثقلين ١ ـ ١٧٩ ، والبرهان ١ ـ ١٩٢ ، وانظر : تفسير الفخر الرازي ٥ ـ ١٥٠ ، ٢٠ ـ ١٢٢ ، والكشاف ١ ـ ٢٣٧ وغيرها.
(٢) كما ذكره في كتابه : الأم ٣ ـ ٢٣٦ ، ٤ ـ ١٨٨ و ١٩٣ و ٢٨٥ بهذا المضمون.
(٣) تفسير الفخر الرازي ٨ ـ ١٣.
(٤) في المصدر : المرتبة الأولى ، بدلا من : أحدها.
(٥) في تفسير الفخر الرازي : ولا فيه إهانة لحق الله تعالى.
(٦) البقرة : ١٩٥.
(٧) توجد في ( ك ) هنا نسخة بدل : أن يصير ، وهي كذلك في المصدر.