أبي بكر فقلت لكما : إن شئتما قبلتماه على عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده الذي عهد فيه ، فقلتما : نعم ، وجئتماني الآن تختصمان ، يقول هذا : أريد نصيبي من ابن أخي ، ويقول هذا : أريد نصيبي من امرأتي! والله لا أقضي بينكما إلا بذلك.
قال ابن أبي الحديد (١) : قلت : هذا مشكل (٢) ، لأن أكثر الروايات أنه لم يرو هذا الخبر إلا أبو بكر وحده ، ذكر ذلك معظم (٣) المحدثين ، حتى أن الفقهاء في أصول الفقه أطبقوا على (٤) ذلك في احتجاجهم بالخبر برواية الصحابي الواحد.
وقال شيخنا أبو علي : لا يقبل (٥) في الرواية إلا رواية اثنين كالشهادة ، فخالفه المتكلمون والفقهاء كلهم ، واحتجوا عليه بقول الصحابة رواية أبي بكر وحده ، قال : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، حتى أن بعض أصحاب أبي علي تكلف لذلك جوابا ، فقال : قد روي أن أبا بكر يوم حاج فاطمة عليهاالسلام ، قال : أنشد الله امرأ سمع من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذا شيئا؟ فروى مالك بن أوس بن الحدثان ، أنه سمع (٦) من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا الحديث ينطق بأنه استشهد عمر طلحة والزبير وعبد الرحمن وسعدا ، فقالوا :سمعناه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأين كانت هذه الروايات أيام أبي بكر؟! ما نقل أن أحدا من هؤلاء يوم خصومة فاطمة عليهاالسلام وأبي بكر روى من هذا شيئا ، انتهى.
فظهر أن قول هذا القاضي ليس إلا شهادة زور ، ولو كان لما ذكره من
__________________
(١) في شرحه على نهج البلاغة ١٦ ـ ٢٢٧ ـ ٢٢٨ بتصرف.
(٢) في المصدر : وهذا أيضا.
(٣) في شرح النهج : أعظم.
(٤) لا توجد : على ، في (س).
(٥) في المصدر : لا تقبل.
(٦) في شرح النهج : سمعه.