صحاحهم ، وادعاء الشيعة تواتر ذلك من أول الأمر إلى الآن ، ويستندون في ذلك إلى أنه لو كان حقا لما خفي ذلك لتوفر الدواعي إلى نقله وروايته.
فانظر بعين الإنصاف أن الدواعي لشهرة أمر خاص ليس الشاهد له إلا قوم مخصوصون من أهل قرن معين أكثر أم لشهرة أمر قل زمان من الأزمنة من لدن آدم عليهالسلام إلى الخاتم صلىاللهعليهوآلهوسلم عن وقوعه فيه ، مع أنه ليس يدعو إلى كتمانه وإخفائه في الأمم السالفة داع ، ولم يذكره رجل في كتاب ، ولم يسمعه أحد من أهل ملة.
ولعمري لا أشك في أن من لزم الإنصاف ، وجانب المكابرة والاعتساف ، وتأمل في مدلول الخبر ، وأمعن النظر ، يجزم قطعا بكذبه وبطلانه.
وإن كان القسم الثاني ـ وهو أن يكون اعتماد أبي بكر في تخصيص الآيات بالخبر من حيث رواية الرواة له دون علمه بأنه من كلام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لسماعه بإذنه. ـ فيرد عليه أيضا وجوه من النظر :
الأول : أن ما ذكره قاضي القضاة (١) من أنه شهد بصدق الرواية في أيام أبي بكر : عمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن باطل غير مذكور في سيرة ورواية من طرقهم وطرق أصحابنا ، وإنما المذكورفي رواية مالك بن أوس التي رووها في صحاحهم (٢) أن عمر بن الخطاب لما تنازع عنده أمير المؤمنين عليهالسلام والعباس استشهد نفرا فشهدوا بصدق الرواية ، ولنذكر ألفاظ صحاحهم في رواية مالك بن أوس ـ على اختلافها ـ حتى يتضح حقيقة الحال.
روى البخاري (٣) ومسلم (٤) وأخرجه الحميدي وحكاه في جامع الأصول (٥)
__________________
(١) وقد سلف بيانه ومصدره.
(٢) كما أشار لها إجمالا صاحب الغدير : ٧ ـ ١٩٤ ، وقد مرت منا مصادرها.
(٣) صحيح البخاري ١٢ ـ ٤ و ٥ ، كتاب الفرائض.
(٤) صحيح مسلم ، كتاب الجهاد ، باب حكم الفيء ، حديث ١٧٥٧.
(٥) جامع الأصول ٢ ـ ٦٩٧ ـ ٦٩٨ ، حديث ١٢٠٢ ، باختلاف أشرنا لغالبه ، وقد حكاه عن الحميدي.