وكان ينازع العباس بعد موتها ويتحاكم إلى عمر بن الخطاب ، فليت شعري هل كان ذلك الترك والإهمال لعدم الاعتناء بشأن بضعته التي كانت يؤذيه (١) ما آذاها ، ويريبه ما رابها؟! أو بأمر زوجها وابن عمه وأخيه المساوي لنفسه ومواسيه بنفسه؟! ، أو لقلة المبالاة بتبليغ أحكام الله وأمر أمته؟! وقد أرسله الله بالحق بشيرا ونذيرا للعالمين ..
السادس : أنا مع قطع النظر عن جميع ما تقدم نحكم قطعا بأن مدلول هذا الخبر كاذب باطل ، ومن أسند إليه هذا الخبر لا يجوز عليه الكذب ، فلا بد من القول بكذب من رواه والقطع بأنه وضعه وافتراه.
أما المقدمة الثانية ، فغنية عن البيان.
وأما الأولى ، فبيانها أنه قد جرت عادة الناس قديما وحديثا بالإخبار عن كل ما جرى بخلاف المعهود بين كافة الناس وخرج عن سنن عاداتهم ، سيما إذا وقع في كل عصر وزمان ، وتوفرت الدواعي إلى نقله وروايته ، ومن المعلوم لكل أحد أن جميع الأمم ـ على اختلافهم في مذاهبهم ـ يهتمون بضبط أحوال الأنبياء عليهمالسلام وسيرتهم وأحوال أولادهم وما يجري عليهم بعد آبائهم ، وضبط خصائصهم وما يتفردون به عن غيرهم ، ومن المعلوم أيضا أن العادة قد جرت من يوم خلق الله الدنيا وأهلها إلى زمان انقضاء مدتها وفنائها بأن يرث الأقربون من الأولاد وغيرهم أقاربهم وذوي أرحامهم ، وينتفعوا بأموالهم وما خلفوه بعد موتهم ، ولا شك لأحد في أن عامة الناس عالمهم وجاهلهم وغنيهم وفقيرهم وملوكهم ورعاياهم يرغبون إلى كل ما نسب إلى ذي شرف وفضيلة ويتبركون به ، ويحرزه الملوك في خزائنهم ، ويوصون به لأحب أهلهم ، فكيف بسلاح الأنبياء وثيابهم (٢). وأمتعتهم؟ ألا ترى إلى الأعمى إذا أبصر في مشهد من المشاهد المشرفة أو توهمت العامة أنه أبصر اقتطعوا ثيابه ، وتبركوا بها ، وجعلوها حرزا من كل بلاء.
__________________
(١) في (س) : تؤذيه.
(٢) في ( ك ) : في ثيابهم.