عقيب آيات الميراث : ( تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ ) (١) ، ولم يقم دليل على خروج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن حكم الآية ، فمن تعدى حدود الله (٢) في نبيه يدخله الله النار خالدا فيها وله العذاب المهين.
وأجاب المخالفون بأن العمومات مخصصة بما رواه أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة (٣).
قال صاحب المغني (٤) : لم يقتصر أبو بكر على رواية حتى استشهد عليه عمر (٥) وعثمان وطلحة والزبير وسعد أو (٦) عبد الرحمن بن عوف فشهدوا به ، فكان لا يحل لأبي بكر وقد صار الأمر إليه أن يقسم التركة ميراثا ، وقد أخبر الرسول (ص) بأنها صدقة وليس (٧) بميراث ، وأقل ما في الباب أن يكون الخبر من أخبار الآحاد ، فلو أن شاهدين شهدا في التركة أن فيها حقا أليس كان يجب أن يصرفه عن الإرث؟ فعلمه بما قال الرسول (ص) مع شهادة غيره أقوى ، ولسنا نجعله مدعيا (٨) ، لأنه لم يدع ذلك لنفسه ، وإنما بين أنه ليس بميراث وأنه صدقة ، ولا يمتنع تخصيص القرآن بذلك كما يخص في العبد والقاتل وغيرهما.
ويرد عليه أن الاعتماد في تخصيص الآيات إما على سماع أبي بكر ذلك الخبر من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويجب على الحاكم أن يحكم بعلمه ، وإما على
__________________
(١) النساء : ١٣ ـ ١٤.
(٢) في (س) : حد الله.
(٣) مرت مصادر الحديث كرارا ، وانظر : الغدير ٦ ـ ١٩٠ مثالا.
(٤) المغني ، الجزء الأول المتمم للعشرين ٣٢٨ ـ ٣٢٩ ، باختلاف يسير.
(٥) في المصدر : لم يقتصر على روايته حتى استشهد أصحاب رسول الله ، فشهد بصدقه عمر ..
(٦) في المغني : الواو بدلا من أو.
(٧) قد تقرأ الكلمة في ( ك ) : ليست ، وهو الظاهر.
(٨) في المصدر : بدعيا.