الأولى : قوله تعالى مخبرا عن زكريا عليهالسلام (١) : ( وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) (٢).
قوله تعالى : « وَلِيًّا » أي ولدا يكون أولى بميراثي ، وليس المراد بالولي من يقوم مقامه ، ولدا كان أو غيره ، لقوله تعالى حكاية عن زكريا : ( رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ) (٣). وقوله : ( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى ) (٤). والقرآن يفسر بعضه بعضا.
واختلف المفسرون في أن المراد بالميراث العلم أو المال؟.
فقال ابن عباس والحسن والضحاك أن المراد به في قوله تعالى : « يَرِثُنِي .. » وقوله سبحانه : ( وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ). (٥) ميراث المال (٦) ، وقال أبو صالح : المراد به في الموضعين ميراث النبوة (٧). وقال السدي ومجاهد والشعبي : المراد به في الأول ميراث المال وفي الثاني ميراث النبوة ، وحكي هذا القول عن ابن عباس والحسن والضحاك (٨) ، وحكي عن مجاهد أنه قال : المراد من الأول العلم ومن الثاني النبوة (٩).
__________________
(١) استدل بهذه الآية الشيخ الطوسي في التبيان ٧ ـ ١٠٦ ، والطبرسي في مجمع البيان ٣ ـ ٥٠٣ ، والسيد المرتضى في الشافي ٤ ـ ٦٠ ـ ٦٥ ، وغيرهم في غيرها.
(٢) مريم : ٦.
(٣) آل عمران : ٣٨.
(٤) الأنبياء : ٨٩ ـ ٩٠.
(٥) مريم : ٦.
(٦) كما في تفسير الفخر الرازي ٢١ ـ ١٨٤.
(٧) جاء في التفسير الكبير ٢١ ـ ١٨٤ ، وأحكام القرآن للجصاص ٣ ـ ٢١٦ ، وتفسير الطبري ١٦ ـ ٣٧.بتغيير في اللفظ.
(٨) حكى هذا القول عنهم في التفسير الكبير ٢١ ـ ١٨٤ ، وعن ابن عباس في أحكام القرآن للجصاص ٣ ـ ٢١٦ ، وفي زاد المسير لابن الجوزي ٥ ـ ٢٠٩.
(٩) كما قاله في تفسير الفخر الرازي ٢١ ـ ١٨٤.