النعم كأنه طلب الحمد أو طلب منهم الحمد حقيقة لإجزال النعم ، وعلى التقديرين : التعدية بإلى لتضمين معنى الانتهاء أو التوجه ، وهذه التعدية في الحمد شائع بوجه آخر ، يقال : أحمد إليك الله ، قيل : أي أحمده معك ، وقيل :أي أحمد إليك نعمة الله بتحديثك إياها (١) ، ويحتمل أن يكون استحمد بمعنى تحمد ، يقال : فلان يتحمد علي .. أي يمتن (٢) ، فيكون إلى بمعنى على ، وفيه بعد.
وثنى بالندب إلى أمثالها .. أي بعد أن أكمل لهم النعم الدنيوية ندبهم إلى تحصيل أمثالها من النعم الأخروية أو الأعم منها ومن مزيد النعم الدنيوية ، ويحتمل أن يكون المراد بالندب إلى أمثالها أمر العباد بالإحسان والمعروف ، وهو إنعام على المحسن إليه وعلى المحسن أيضا ، لأنه به يصير مستوجبا للأعواض والمثوبات الدنيوية والأخروية.
كلمة جعل الإخلاص تأويلها .. المراد بالإخلاص جعل الأعمال كلها خالصة لله تعالى ، وعدم شوب الرياء والأغراض الفاسدة ، وعدم التوسل بغيره تعالى في شيء من الأمور ، فهذا تأويل كلمة التوحيد ، لأن من أيقن بأنه الخالق والمدبر ، وبأنه لا شريك له في الإلهية فحق له أن لا يشرك في العبادة غيره ، ولا يتوجه في شيء من الأمور إلى غيره.
وضمن القلوب موصولها .. هذه الفقرة تحتمل وجوها :
الأول : أن الله تعالى ألزم وأوجب على القلوب ما تستلزمه هذه الكلمة من عدم تركبه تعالى ، وعدم زيادة صفاته الكمالية الموجودة وأشباه ذلك مما يؤول إلى التوحيد.
الثاني : أن يكون المعنى جعل ما يصل إليه العقل من تلك الكلمة مدرجا
__________________
(١) كذا في لسان العرب ٣ ـ ١٥٧ ، والنهاية ١ ـ ٤٣٧ ، وغيرهما.
(٢) قاله في لسان العرب ٣ ـ ١٥٧ ، وفي الصحاح ١ ـ ٤١٧ نحوه ، إلا أنه قال : أي يمن.