من الطلقاء من قريش والمنافقين من الانصار ومن كان في قلبه الارتداد من العرب في المدينة وما حولها ، فتعاقدوا وتحالفوا على أن ينفروا به ناقته ، وكانوا أربعة عشر رجلا.
وكان من عزم رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يقيم عليا عليهالسلام وينصبه للناس بالمدينة إذا قدم فسار رسول الله صلىاللهعليهوآله يومين وليلتين فلما كان في اليوم الثالث أتاه جبرئيل عليهالسلام بآخر سورة الحجر فقال اقرء : « فو ربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون * فاصدع بما تؤمرو أعرض عن المشركين * إنا كفيناك المستهزئين »(١) قال : ورحل رسول الله صلىاللهعليهوآله وأغذ السير مسرعا على دخوله المدينة ، لينصب عليا عليهالسلام علما للناس ، فلما كانت الليلة الرابعة هبط جبرئيل في آخر الليل فقرأ عليه « يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ، والله يعصمك من الناس ، إن الله لا يهدي القوم الكافرين »(٢) وهم الذين هموا برسول الله (ص) فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أما ترانى يا جبرئيل أغذ السير مجدا فيه لادخل المدينة فأفرض ولايته على الشاهد والغايب؟ فقال له جبرئيل : إن الله يأمرك أن تفرض ولايته غدا إذا نزلت منزلك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : نعم يا جبرئيل غدا أفعل إنشاء الله.
وأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله بالرحيل من وقته ، وسار الناس معه حتى نزل بغدير خم وصلى بالناس وأمرهم أن يجتمعوا إليه ودعا عليه عليا السلام ورفع رسول الله (ص) يد علي اليسرى بيده اليمنى ، ورفع صوته بالولاء لعلي عليهالسلام على الناس أجمعين وفرض طاعته عليهم ، وأمرهم أن لا يتخلفوا عليه بعده ، وخبرهم أن ذلك عن أمر الله عزوجل ، وقال لهم : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا بلى يا رسول الله ، قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، ثم أمر الناس أن يبايعوه فبايعه الناس
____________________
(١) الحجر : ٩٢ ـ ٩٥.
(٢) المائدة : ٦٧.