فان قيل : لو جاز التقية مع فقد أسباب التقية لم نأمن في اكثرماظهرمن النبى صلىاللهعليهوآله أن يكون على سبيل التقية.
قيل : هذا باطل لانا قد بينا أن أسباب التقية كانت ظاهرة لم تكن مفقودة فأما الرسول صلىاللهعليهوآله فانما لم تجز التقية عليه لان الشريعة لا تعرف إلا من جهته ولا يوصل اليها إلا بقوله ، فمتى جازت التقية عليه ، لم يكن لنا إلى العلم بما كلفناه طريق ، وليس العلم بأن الامام منصوص عليه موقوفا على قول الامام ، ولا يعلم إلا من جهته حتى يكون تقيته دافعة لطريق العلم ، فبان الفرق بين الامرين (١).
ثم قال له (٢) : وقد كان فيمن أنكر وامتنع من البيعة ، مثل خالد بن سعيد بن العاص (٣) وسلمان ، وقوله « كرديد ونكرديد » (٤) ومثل أبي ذر وعمار والمقداد
____________________
(١) تلخيص الشافى ٨٧ ، الشافى ٤٠٠ ، وفيهما بعد ذلك أسولة وأجوبة أضرب عنها المؤلف ، لعدم التناسب بالمقام كثيرا.
(٢) تلخيص الشافى : ٩١ ، الشافى ٤٠١.
(٣) راجع ص ١٩٢ ، وأضف إلى ذلك ما رواه اليعقوبى في تاريخه ٢ / ١١٦ قال : « وكان خالد غائبا فأتى عليا فقال : هلم أبايعك ، فو الله ما في الناس أحد أولى بمقام محمد منك ».
وروى الجوهرى بالاسناد ، عن مكحول ان رسول الله (ص) استعمل خالد بن سعيد بن العاص على عمل [ يعنى صنعاء ] فقدم بعد ما قبض رسول الله (ص) وقد بايع الناس أبابكر فدعاه إلى البيعة فأبى ، فقال عمر : دعنى واياه ، فمنعه أبوبكر حتى مضت عليه سنة ، ثم مر به ابوبكر وهو جالس على بابه ، فناداه خالد يا أبابكر هل لك في البيعة قال : نعم قال : فادن فدنا منه فبايعه خالد وهو قاعد على بابه
أخرجه ابن أبى الحديد في شرح النهج ٢ / ١٧ ، وروى مثله البلاذرى في أنساب الاشراف ١ / ٥٨٨ عن المدائنى وفيه : فقال أبوبكر ما رأيك في البيعة؟ قال : أبايع ، فأتاه ابوبكر فأدخله الدار وبايعه ، قال : وقال غير المدائنى : بايع خالد أبابكر بعد شهرين.
(٤) راجع ص ١٩٣ ـ ١٩٤ وما بعده.