المنبر؟ قلت : لا ، ولكن رأيت شيخا كبيرا يتوكأ على عصاه بين عينيه سجادة شديد التشمير ، صعد المنبر أول من صعد وخر وهو يبكي ويقول « الحمد لله الذي لم يمتنى حتى رأيتك في هذا المكان ، أبسط يدك » فيسط يديه فبايعه ، ثم قال : « يوم كيوم آدم » ثم نزل فخرج من المسجد (١).
فقال على عليهالسلام : يا سلمان أتدري من هو؟ قلت : لا ، ولقد ساءتني مقالته كأنه شامت بموت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال علي عليهالسلام : فان ذلك إبليس لعنه الله ، أخبرني رسول الله صلىاللهعليهوآله أن إبليس ورؤساء أصحابه شهدوا نصب رسول الله (ص) إياى يوم غدير خم بما أمره الله ، فأخبرهم بأني أولى بهم من أنفسهم ، وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب فأقبل إلى إبليس أبا لستة ومردة أصحابه ، فقالوا إن هذه الامة أمة مرحوم معصومة فما لك ولا لنا عليهم سبيل ، وقد أعلموا مفزعهم وإمامهم بعد نبيهم ، فانطلق إبليس كئيبا حزينا.
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : فأخبرني رسول الله صلىاللهعليهوآله أن لو قبض أن الناس سيبايعون أبابكر في ظلة بني ساعدة بعد تخاصمهم بحقنا وحجتنا ، ثم يأتون المسجد فيكون أول من يبايعه على منبري إبليس في صورة شيخ كبير مشمر يقول كذا وكذا ، ثم يخرج فيجمع شياطينه وأبا لسته ; فيخرون سجدا ويقولون ياسيدهم يا كبيرهم أنت الذي أخرجت آدم من الجنة ، فيقول أي امة لم تضل بعد نبيها؟ كلا زعمتم أن ليس لي عليهم سبيل ، فكيف رأيتموني صنعت بهم حين تركوا ما أمرهم الله به من طاعته ، وأمرهم رسول الله صلىاللهعليهوآله (٢) وذلك قوله تعالى « ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين »(٣).
____________________
(١) كأن سلمان رحمهالله رأى ذلك بعين الكشف ، وقد كان خليقا بذلك.
(٢) ترى الحديث من اوله إلى هنا في الكافى ٨ / ٣٤٣ ـ ٣٤٤ باسناده عن على بن ابراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن ابراهيم بن عمر اليمانى عن سليم بن قيس الهلالى.
(٣) سبأ : ٢٠.